( مسألة ) قال ( و ان كانت ثيبا و ادعى انه يصل إليها أخلي معها في بيت و قيل له أخرج ماءك على شيء فان ادعت انه ليس بمني جعل على النار فان ذاب فهو مني و بطل قولها ، و قد روي عن أبي عبد الله رحمه الله رواية أخرى ان القول قوله مع يمينه ) اختلفت الرواية عن أبي عبد الله رحمه الله في هذه المسألة فحكى الخرقي فيها روايتين ( احداهما ) انه يخلى معها و يقال أخرج ماءك على شيء فان أخرجه فالقول قوله لان العنين يضعف على الانزال فإذا أنزل تبينا صدقه فنحكم به و هذا مذهب عطاء ، فان ادعت انه ليس بمني جعل على النار فان ذاب فهو مني لانه شبيه ببياض البيض و ذاك إذا وضع على النار تجمع و يبس و هذا يذوب فيتميز بذلك أحدهما من الآخر فيختبربه ، و على هذا متى عجز عن إخراج مائه فالقول قول المرأة لان الظاهر معها ( و الرواية الثانية ) القول قول الرجل مع يمينه و بهذا قال الثوري و الشافعي و إسحاق و أصحاب
(617)
الرأي و ابن المنذر لان هذا مما يتعذر اقامة البينة عليه و جنبته أقوى فان دعواه سلامة العقد و سلامة نفسه من العيوب و الاصل السلامة كفان القول قوله كالمنكر في سائر الدعاوي و عليه اليمين على صحة ما قال و هذا قول من سمينا ههنا لان قوله محتمل للكذب فقوبنا قول بيمينه كما في سائر الدعاوي الذي يستحلف فيها فان نكل قضي عليه بنكوله ، و يدل على و جو ب اليمين عليه قول النبي صلى الله عليه و سلم ( و لكن اليمين على المدعى عليه ) قال القاضي و يتخرج أن لا يستحلف بناء على إنكاره دعوى الطلاق فان فيها روايتين كذا ههنا ، و الصحيح ما قال الخرقي لدلالة الخبر و المعنى عليه ، و روي عن أحمد رواية ثالثة ان القول قول المرأة مع يمينها حكاها القاضي في المجرد لان الاصل عدم الاصابة فكان القول قولها لان قولها موافق للاصل و اليقين معها ، و في كل موضع حكمنا بوطئه بطل حكم بمنته فان كان في ابتداء الامر لم تضرب له
(618)
مدة و ان كان بعد ضرب المدة انقطعت و ان كان بعد انقضائها لم يثبت لها خيار ، و كل موضع حكمنا بعدم الوطء منه ثبت حكم عنته كما لو أقربها ، و اختار أبو بكر انه يزوج إمرأة لها حظ من الجمال و تعطى صداقها من بيت المال و يخلى معها و تسئل عنه و يؤخذ بما تقول فان أخبرت انه يطأ كذبت الاولى ، و الثانية بالخيار بين الاقامة و الفسخ و صداقها من بيت المال و ان كذتبه فرق بينه و بينهما و صداق الثانية ، من ماله ههنا لما روي ان إمرأة جاءت إلى سمرة فشكت اليه انه لا يصل إليها زوجها فكتب إلى معاوية فكتب اليه : أن زوجه بإمرأة ذات جمال يذكر عنها الصلاح وسق إليها المرة من بيت المال عنه فان أصابها فقد كذبت و ان لم يصبها فقد صدقت ففعل ذلك سمرة فجاءت المرأة فقالت ليس عنده شيء ففرق بينهما و قال الاوزاعي : يشهده إمرأتان و يترك بينهما ثوب و يجامع إمرأته فإذا قام عنها نظرتا إلى فرجهما فان كان فيه رطوبة الماء فقد صدق و الا فلا ، و حكي عن مالك مثل ذلك الا انه اكتفى بواحدة و الصحيح ان القول قوله كما لو ادعى الوطء في الايلاء و لما قدمنا و اعتبار خروج الماء ضعيف لانه قد
(619)
دعوى الخنثى المشكل أنه رجل وأحكامه
يطأ و لا ينزل و قد ينزل من غير وطء فان ضعف الذكر لا يمنع سلامة الظهر و نزول الماء و قد يعجز السليم القادر عن الوطء في بعض الاحوال ، و ليس كل من عجز عن الوطء في حال من الاحوال أو وقت من الاوقات يكون عنينا ، و لذك جعلنا مدته سنة ، و تزوجه بإمرأة ثانية لا يصح لذلك أيضا و لانه قد يعن عن إمرأة دون أخرى ، و لان نكاح الثانية ان كان مؤقتا أو غير لازم فهو نكاح باطل و الوطء فيه حرام و ان كان صحيحا لازما ففيه إضرار بالثانية و لا ينبغي أن يقبل قولها لانها تريد بذلك تخليص نفهسا فهي متهمة فيه و ليست بأحق أن يقبل قولها من الاولى ، و لان الرجل لو أقر بالعجز عن الوطء في يوم أو شهر لم تثبت عنته بذلك ، و أكثر ما في الذي ذكروه ان يثبت عجزه عن الوطء في اليوم الذي اختبروه فيه فإذا لم تثبت عنته بإقراره بعجزه فلان لا تثبت بدعوى غيره ذلك عليه أولى ( مسألة ) قال ( و إذا قال الخنثى المشكل أنا رجل لم يمنع من نكاح النساء و لم يكن له أن ينكح بغير ذلك بعد و كذلك لو سبق فقال أنا إمرأة لم ينكح إلا رجلا ) و الخنثى هو الذي في قبله فرجان : ذكر رجل و فرج إمرأة لا يخلو من أن يكون ذكرا أو أنثى ، قال الله تعالى ( و أنه خلق الزوجين الذكر و الانثى ) و قال تعالى ( و بث منهما رجالا كثيرا و نساء )
(620)
احكام الخنثى المشكل وميراثه وديته
فليس ثم خلق ثالث ، و لا يخلو الخنثى من أن يكون مشكلا أو مشكل فان لم يكن مشكلا بأن تظهر فيه علامات الرجال فهو رجل له أحكام الرجال أو تظهر فيه علامات النساء فهو إمرأة له أحكامهن ، و إن كان مشكلا فلم تظهر فيه علامات الرجال و لا النساء فاختلف أصحابنا في نكاحه فذكر الخرقي أنه يرجع إلى قوله فان ذكر أنه رجل و أنه يميل طبعه إلى نكاح النساء فله نكاحهن ، و إن ذكر أنه إمرأة يميل طبعه إلى الرجال زوج رجلا لانه معنى لا يتوصل اليه إلا من جهته و ليس فيه إيجاب حق على غيره فقبل قوله فيه كما يقبل قول المرأة في حيضها وعدتها ، و قد يعرف نفسه بميل طبعه إلى أحد الصنفين و شهوته له فان الله تعالى أجرى العادة في الحيوانات بميل ادرك إلى الانثي و ميلها اليه و هذا الميل أمر في النفس و الشهوة لا يطلع عليه غيره و قد تعذرت علينا معرفة علاماته الظاهرة فرجع فيه إلى الامور الباطنة فيما يختص هو بحكمه .و أما الميراث والدية فان أقر على نفسه بما يقلل ميراثه أو ديته قبل منه ، و إن ادعى ما يزيد ذلك لم يقبل لانه متهم فيه فلا يقبل قوله على غيره ، و ما كان من عباداته و سترته و غير ذلك فينبغي أن يقبل قوله فيه لانه حكم بينه و بين الله تعالى قال القاضي و يقبل قوله في الامامة و ولاية النكاح و ما لا يثبت حقا على غيره ، و إذا زوج إمرأة أو رجلا ثم عاد فقال خلاف قوله الاول لم يقبل في التزويج بغير الجنس الذي زوجه أو لا لانه مكذب لنفسه و مدع ما يوجب الجمع بين تزويج الرجال و النساء