و الا خالات و بنات الاخ و بنات الاخت على الوجه الذي شرحناه في النسب لقول النبي صلى الله عليه و سلم ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) متفق عليه و في رواية مسلم ( الرضاع يحرم ما تحرم الولادة ) و قال النبي صلى الله عليه و سلم في درة بنت أبي سلمة ( انها لو لم تك ربيتي في حجري ما حلت لي ، انها ابنة أخي من الرضاعة أرضعتني و إياها ثوبيه ) متفق عليه ، لان الامهات و الاخوات منصوص عليهن و الباقيات يدخلن في عموم لفظ سائر المحرمات و لا نعلم في هذا خلافا ( مسألة ) قال ( ولين الفحل محرم ) معناه ان المرأة إذا أرضعت طفلا بلبن ثاب ( 1 ) من وطء رجل حرم الطفل على الرجل و أقاربه كما يحرم ولده من النسب لان اللبن من الرجل كما هو من المرأة فيصير الطفل ولد الرجل و الرجل أباه ، و أولاد الرجل إخوته سواء كانوا من تلك المرأة أو من غيرها ، و اخوة الرجل و أخواته أعمام الطفل و عماته ، و آباؤه و أمهاته أجداده و جداته ، قال احمد لبن الفحل أن يكون للرجل إمرأتان فترضع هذه صبية و هذه صبيا لا يزوج هذا من هذا .و سئل ابن عباس عن رجل له جاريتان أرضعت احداهما جارية و الاخرى غلاما فقال لا ، الفحل واحد قال الترمذي هذا تفسير لبن الفحل و ممن قال بتحريمه علي و ابن عباس و عطاء و طاووس و مجاهد و الحسن و الشعبي و القاسم و عروة و مالك و الثوري و الاوزاعي
(477)
و الشافعي و إسحاق و أبو عبيد و أبو ثور و ابن المنذر و أصحاب الرأي قال ابن عبد الله و اليه ذهب فقهاء الامصار بالحجاز و العراق و الشام و جماعة أهل الحديث ، و رخص في لبن الفحل سعيد بن المسيب و أبو سلمة بن عبد الرحمن و سليمان بن يسار و عطاء بن يسار و النخعي و أبو قلابة و يروى ذلك عن ابن الزبير و جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم غير مسمين لان الرضاع من المرأة لامن الرجل و يروى عن زينب بنت أبي سلمة أنها أرضعتها أسماء بنت أبي بكر إمرأة الزبير قالت و كان الزبير يدخل على و أنا امتشط فيأخذ بقرن من قرون رأسي فيقول اقبلي علي فحدثيني أراه والدا و ما ولد فهم إخوتي ثم ان عبد الله بن الزبير أرسل يخطب إلى أم كلثوم إبنتي على حمزة بن الزبير و كان حمزة للكلبية فقلت لرسوله و هل تحل له و انما هي ابنة أخيه فقال عبد الله انما أردت بهذا المنع لما قبلك أما ما ولدت أسماء فهم إخوتك و ما كان من أسماء فليسوا لك باخوة فارسلي فسلي عن هذا فأرسلت فسألت و أصحاب رسول الله صلي الله عليه و سلم متوافرون فقالوا لها ان الرضاعة من قبل الرجل لا تحرم شيئا فأنكحتها إياه فلم تزل عنده حتى هلك عنها و لنا ما روت عائشة رضي الله عنها ان أفلح أخا أبي القعيس استأذن علي بعد ما أنزل الحجاب فقلت و الله لا آذن له حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه و سلم فان أخا أبي القعيس ليس هو أرضعني و لكن أرضعتني إمرأة أبي القيس فدخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت يا رسول الله إن الرجل ليس هو أرضعني
(478)
حرمة الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها
و لكن أرضعتني إمرأته قال ( إئذني له فانه عمك تربت يمينك ) قال عروة فبذلك كانت عائشة تأخذ بقول ( حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب ) متفق عليه و هذا نص قاطع في محل النزاع فلا يعول على ما خالفه فأما حديث زينب فان صح فهو حجة لنا فان الزبير كان يعتقد أنها ابنته و تعتقده أباها و الظاهر أن هذا كان مشهورا عندهم و قوله مع اقرار أهل عصره أولى من قول ابنه و قول قوم لا يعرفون ( مسألة ) قال ( و الجمع بين المرأة و بين عمتها و بينها و بين خالتها ) قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على القول به و ليس فيه بحمد الله اختلاف إلا أن بعض أهل البدع ممن لا تعد مخالفته خلافا و هم الرافضة و الخوارج لم يحرموا ذلك و لم يقولوا بالسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و هي ما روى أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( لا يجمع بين المرأة و عمتها و لا بين المرأة و خالتها متفق عليه و في رواية أبي داود ( لا تنكح المرأة على عمتها و لا العمة على بنت أخيها و لا المرأة على خالتها و لا الخالة على بنت أختها ، لا تنكح الكبرى على الصغرى و لا الصغرى على الكبرى ) و لان العلة في تحريم الجمع بين الاختين إيقاع العداوة بين الاقارب و إفضاؤه إلى قطيعة الرحم المحرم و هذا موجود فيما ذكرنا ، و فان احتجوا بعموم قوله سبحانه ( و أحل لكم ماوراء ذلكم ) خصصناه بما رويناه ، و بلغنا أن رجلين من الخوارج أتيا عمربن عبد العزيز فكان مما أنكرا عليه رحم
(479)
جواز الجمع بين بنتي العم وبين بنتي الخال
الزاني و تحريم الجمع بين المرأة و عمتها و بينها و بين خالتها و قالا ليس هذا في كتاب الله تعالى فقال لها : كم فرض الله عليكم من الصلاة ؟ قالا خمس صلوات في اليوم و الليلة و سألهما عن عدد ركعاتها فأخبراه بذلك و سألهما عن مقدار الزكاة و نصبها فأخبراه فقل فهل تجدان ذلك في كتاب الله ؟ قالا لا نجده في كتاب الله قال فمن أين صرتما إلى ذلك ؟ قالا فعله رسول الله صلى الله عليه و سلم و المسلمون بعده قال فكذلك هذا .ثم لا فرق بين الخالة و العمه حقيقة أو مجازا كعمات آبائها و خالاتهم و عمات أمهاتها و خالاتهن و ان علت درجتهن من نسب كان ذلك أو من رضاع ، فكل شخصين لا يجوز لاحدهما أن يتزوج الآخر لو كان أحدهما ذكرا و الآخر أنثى لاجل القرابة لا يجوز الجمع بينهما لتأدية ذلك إلى قطيعة الرحم القريبة لما في الطباع من التنافس و الغيرة بين الضرائر ، و لا يجوز الجمع بين المرأة و أمها في العقد لما ذكرناه و لان الام إلى ابنتها أقرب من الاختين فإذا لم يجمع بين الاختين فالمرأة و ابنتها أولى ( فصل ) و لا يرحم الجمع بين إبنتي العم و ابنتي الخال في قول عامة أهل العلم لعدم النص فيهما يا لتحريم و دخولهما في عموم قوله تعالى ( و أحل لكم ما وراء ذلكم ) و لان احداهما تحل لها الاخرى لو كانت ذكرا ، و في كراهة ذلك روايتان ( احداهما ) يكره روي ذلك عن ابن مسعود و به قال جابر بن زيد و عطاء و السحن و سعيد بن عبد العزيز و روى أبو حفص باسناده عن عيسى بن طلحة قال نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أن تزوج المرأة على ذي قرابتها كراهية القطيعة ، و لانه مفض إلى قطيعة الرحم
(480)
ما ينتشر اليه التحريم بسبب العقد على المرأة
المأمور بصلتها فأقل أحواله الكراهة ( و الاخرى ) لا يكره و هو قول سليمان بن يسار و الشعبي و حسين بن حسن و الاوزاعي و الشافعي و إسحاق و أبي عبيد لانه ليست بينهما قرابة تحرم الجمع فلا يقتضي كراهته كسائر الاقارب .( مسألة ) قال ( و إذا عقد على المرأة و لم يدخل بها فقد حرمت على ابنه و أبيه و حرمت عليه أمها ، و الجد و ان علا فيما قلت بمنزلة الاب و ابن الابن فيه و ان سفل بمنزلة الابن ) و جملة ذلك أن المرأة إذا عقد الرجل عقد النكاح عليها حرمت على أبيه بمجرد العقد عليها لقول الله تعالى ( و حلائل أبنائكم ) و هذه من حلائل أبنائه و تحرم على أبيه لقول سبحانه ( و لا تنكحوا ما نكح آباؤكم ) و هذه قد نكحها أبوه ، و تحرم أمها عليه لقول سبحانه ( و أمهات نسائكم ) و هذه منهن و ليس في هذا اختلاف بحمد الله الا شيء ذكرناه فيما تقدم ، و الجد كالأَب في هذا و ابن الابن كالا بن فيه لانهم يدخلون في اسم الآباء و الابناء و سواء في هذا القريب و البعد و الوارث و غيره من قبل الاب و الام و من ولد البنين أو ولد البنات و قد تقدم ذلك
(481)
بنات المحرمات من النسب والرضاع كهن
( مسسئلة ) قال ( و كل من ذكرنا من المحرمات من النسب و الرضاع فبناتهن في التحريم كهن إلا بنات العمات و الخالات و بنات من نكحهن الآباء و الابناء فانهن محللات و كذلك بنات الزوجة التي لم يدخل بها ) و جملة ذلك أن كل محرمة تحرم ابنتها لتناول التحريم لها فالامهات تحرم بنانهن لانهن أخوات أو عمات أو خالات و البنات يحرم بناتهن لانهن بنات و يرحم بنات الاخوات و بناتهن لانهن بنات الاخت و كذلك بنات بنات الاخ الا بنات العمات و الخالات فلا يحرمن بالاجماع لقول الله تعالى ( و بنات عمك و بنات عماتك و بنات خالك و بنات خالاتك ) فأحلهن الله لنبيه عليه السلام ، و لانهن لم يذكرن في التحريم فيدخلن في قول الله تعالى ( و أحل لم ماوراء ذلكم ) و كذلك لا يحرم بنات زوجات الآباء و الابناء لانهن حرمن لكونهن حلائل الآباء و الابناء و لم يوجد ذلك في بناتهن و لا وجدت فيهن علة أخرى تقتضي تحريمهن فدخلن في قوله سبحانه ( و أحل لكمم ما وراء ذلكم ) و كذلك بنت الزوجة التي لم يدخل بها محللات لقوله سبحانه ( فان لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ) وهن الربائب و ليس هؤلاء ممن حرمت أمهن و انما ذكرها لانها محللة فيشتبه حكمها ، فان قيل : فلم حرمت ابنة الربيبة و لم تحرم ابنة حليلة الابن ؟ قلنا لان ابنة الربيبة ربيبة و ابنة الحليلة ليست حليلة .و لان علة تحريم الربيبة
(482)
وطء الحرام محرم كما يحرم وطء الحلال والشبهة
انه يشق التحرز من النظر إليها و الخلوة بها بكونها في حجره في بيته ، و هذا المعنى يوجد في بنتها و ان سفلت و الحليلة حرمت بنكاح الاب و الا بن لها و لا يوجد ذلك في ابنتها ( مسألة ) قال ( و وطأ الحرام محرم كما يحرم وطء الحلال و الشبهة ) يعني انه يثبت به تحريم المصاهرة فإذا زنا بإمرأة حرمت على أبيه و ابنه و حرمت عليه أمها و ابنتها كما لو وطئها بشبهة أو حلالا ، و لو وطي أم إمرأته أو بنتها حرمت عليه إمرأته نص أحمد على هذا في رواية جماعة ، و روي نحو ذلك عن عمران بن حصين و به قال السحن و عطاء و طاووس و مجاهد و الشعبي و النخعي و الثوري و إسحاق و أصحاب الرأي و روي عن ابن عباس ان وطء الحرام لا يحرم و به قال سعيد بن المسيب و يحيى بن يعمر و عروة و الزهري و مالك الشافعي و أبو ثور و ابن المنذر لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال ( لا يحرم الحرام الحلال ) و لانه وطء لا تصير به الموطوءة فراشا فلا يحرم كوطء الصغيرة و لنا قوله تعالى ( و لا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ) و الوطء يسمى نكاحا ، قال الشاعر إذا زنيت فأجد نكاحا فحمل في عموم الآية و في الآية قرينة تصرفه إلى الوطء و هو قوله سبحانه و تعالى ( انه كان فاحشة و مقنا و ساء سبيلا ) و هذا التغليظ انما يكون في الوطء ، و روي عن