( أحدهما ) انه محكوم به في الام فيجب الحكم به في ولدها ( الثاني ) أنه معتضد بالاصل فان الاصل الحرية ثم لو لم يترجح هذا الاحتمال لكان الاحتمال الذي صاروا اليه معارضا باحتمالين كل واحد منهما مساو له فترجيحه عليهما تحكم لا يجوز المصير اليه بغير دليل و هذا وارد عليهم في المسألة الاولى أيضا .( فصل ) إذا تزوج معتق بمعتقة فأولدها ولدين فولاؤهما لمولى أبيهما فان نفاهما باللعان عاد و لاؤهما إلى مولى أمهما فان مات أحدهما فميراثه لامه و مواليهما فان اكذب أبوهما نفسه لحقه نسبهما و استرجع الميراث من موالي الام و لو كان أبوهما عبدا و لم ينفهما و ورث موالي الام الميت منهما ثم أعتق الاب أنجر الولاء إلى موالي الاب و لم يكن لهم ولاء و للاب استرجاع الميراث لان الولاء انما ثبت لهم عند إعتاق الاب و يفارق الاب إذا أكذب نفسه لان النسب ثبت من حين خلق الولد ( فصل ) و إذا تزوج عبد معتقة فاستولدها أولادا فهم أحرار و ولاؤهم لموالي أمهم فان اشترى أحدهم أباه عتق عليه و له ولاؤه و يجر اليه ولاء أولاده كلهم و يبقى ولاء المشتري لمولى أمه لانه لا يكون مولى نفسه ، و هذا قول جمهور الفقهاء مالك في أهل المدينة و أبو حنيفة في أهل العراق و الشافعي و شذ عمر بن دينار المدني فقال يجر ولاء نفسه فيصير حرا لا ولاء عليه قال ابن شريح و يحتمله قول الشافعي و لا يعول على هذا القول لشذوذه و لانه يؤدي إلى أن يكون الولاء ثابتا على أبويه دونه مع كونه
(260)
مولودا لهما في حال رقهما أو في حال ثبوت الولاء عليهما و ليس لنا مثل هذا في الاصول و لا يمكن ان يكون مولى نفسه يعقل عنها و يرثها و يزوجها لكن لو اشترى هذا الولد عبدا فأعتقه ثم اشترى العبد أبا معتقه فأعتقه فانه ينجر اليه ولاء سيده فيكون لهذا الولد على معتقه الولاء بإعتاقه إياه و للعتيق ولاء معتقه بولائه على أبيه وجوه ولاءه بإعتاقه إياه و لا يمتنع مثل هذا كما لو أعتق الحربي عبدا فأسلم ثم أسر سيده و أعتقه صار كل واحد منهما مولى الآخر من فوق و من أسفل و يرث كل واحد منهما الآخر بالولاء و كما جاز أن يشتركا في النسب فيرث كل واحد منهما صاحبه به كذلك الولاء ، و إن تزوج ولد المعتقة معتقة فأولدها ولد فاشترى جده عتق عليه و له ولاؤه و يجر اليه ولاء أبيه و سائر أولاد جده و هم عمومته و عماته و ولاء جميع معتقيهم و يبقى ولاء المشتري لمولى أم ابيه ، و على قول عمرو بن دينار يبقى حرا لا ولاء عليه .( فصل ) إذا تزوج عبد معتقة فأولدها ولدا فتزوج الولد بمعتقة رجل فأولدها ولدا فولاء هذا الولد الآخر لمولى أم أبيه في أحد الوجهين لان له الولاء على أبيه فكان الولاء له عليه كما لو كان مولى جده و لان الولاء الثابت على الاب يمنع ثبوت الولاء لمولى الام ( و الوجه الثاني ) ولاؤه لمولى أمه لان الولاء الثابت على ابنه من جهة أمه و مثل ذلك ثابت في
(261)
فصل في دور الولاء
حق نفسه و ما ثبت في حقه أولى مما ثبت في حق أبيه ألا ترى أنه لو كان له مولى و لابيه مولى كان مولاه أحق به من مولى أبيه فان كان له مولى أم و مولى أم أب و مولى أم جد وجدة مملوك فعلى الوجه الاول يكون لمولى أم الجد و على الثاني يكون لمولى الام ( فصل ) و إن تزوج معتق بمعتقة فأولدها بنتا و تزوج عبد بمعتقة فأولدها ابنا فتزوج هذا الابن بنت المعتقين فأولدها ولدا فولاء هذا الولد لمولى أم أبيه لان له الولاء على أبيه ، و إن تزوجت بنت بمملوك فولاء ولدها لمولى أبيها لان ولاءها له فان كان أبوها ابن مملوك و معتقة فالولاء لمولى أم أبي الام على الوجه الاول لان مولى أبي الام يثبت له الولاء على أبي الام فكان مقدما على المعتقين أمها و يثبت له الولاء عليها ( فصل في دور الولاء ) إذا تزوج عبد معتقة فأولدها بنتين فاشترتا أباهما عتق عليهما و لهما عليه الولاء و تجر كل واحدة منهما نصف ولاء أختها إليها لانها أعتقت نصف الاب و لا ينجرالولاء الذي عليها و يبقى نصف ولاء كل واحدة منهما لمولى أمها فان مات الاب فماله لهما ثلثاه بالبنوة و باقيه بالولاء فان ماتت احداهما بعد ذلك فلاختيها النصف بالنسب و نصف الباقي بانها مولاة نصفها فصار لها ثلاثة أرباع مالها و الربع الباقي لمولى أمها فان كانت احداهما ماتت قبل أبيها فما لها لابيها ثم إذا مات الاب فللباقية نصف ميراث
(262)
أبيها فما لها لابيها ، ثم إذا مات الاب فللباقية نصف ميراث أبيها لكونها بنته و نصف الباقي و هو الربع لكونها مولاة نصفه يبقى الربع لموالي البنت التي ماتت قبله فنصفه لهذه البنت لانها مولاة نصف أختها صار لها سبعة أثمان ميراثه و لمولى أم الميتة الثمن فان ماتت البنت الباقية بعدهما فما لها لمواليها نصفه لمولى أمها و نصفه لمولى أختها الميتة و هم أختها و موالي أمها فنصفه لمولى أمها و هو الربع و الربع الباقي يرجع إلى هذه الميتة فهذا الجزء دائر لانه خرج من هذه الميتة ثم دار إليها فقال القاضي يجعل في بيت المال لانه لا مستحق له نعلمه و هذا قول محمد بن الحسن و قياس قول مالك و الشافعي و قال بعض الشافعية و بعض المدنيين هو لمولى أم الميتة و هذا قول الجمهور و هاتان المسئلتان أصل في دور الولاء و فيها أقوال شاذة سوى ما ذكرناه و هذا أصح ما قيل فيها إن شاء الله فان مات الابنتان قبل الاب ورث مالهما بالنسب فان مات بعدهما فماله يقسم على ثمانية أسهم لكل واحدة من ابنتيه أربعة أسهم سهمان لمولى أمها و سهمان لمولى أختها يقسمان أيضا لموالي أمها سهم و سهم دائر يرجع إلى بيت المال فيحصل لبيت المال الربع و لمولى أمها ثلاثة أرباع فان كن ثلاثا ماتت إحداهن قبل الاب و الآخرى بعده فمال الاب على سبعة و عشرين لا بنتيه ثلثاها بالنسب و ثلثا الباقي بولائهما عليه و ثلثا الباقي بولائهما على أختهما و يبقى لمولى الام سهم ، و مال الثانية على ثمانية عشر للحية تسعة بالنسب و ثلاثة بولائها عليها و لمولى أمها ثلاثة و يبقى ثلاثة لموالي الميتة الاولى للحية سهم و لمولى أمها سهم و يبقى سهم دائر فمن جعله لبيت المال دفعه اليه
(263)
و من جعله لمولى الام فهو له و من لم يدفعه قسمه بين الحية و مولى الام نصفين و ترجع بالاختصار إلى أربعة فان كانت أمهاتهن شتى فمن اثنى عشر فان اشترى الابنتان أباهما ثم اشترى أبوهما هو و الكبرى جدهما ثم مات الاب فماله بينهم أثلاثا ثم إذا مات الجد و خلف إبنتي ابنه فلهما الثلثان و للكبرى نصف الباقي لكونها مولاة نصفه يبقى السدس لموالي الاب لانه مولي نصف الجد و هم ابنتاه فيحصل للكبرى ثلث المال و ربعه ، و للصغرى ربعه و سدسه فان كانت بحالها فاشترت الكبرى و أبوها أخاهما لابيهما فالجواب فيها كالتي قبلها باب ميراث الولاء يعني و الله أعلم الميراث بالولاء و أضاف الميراث اليه لانه سببه فان الشيء يضاق إلى سببه كما يقال دية الخطأ ودية العمد و انما قلنا ذلك لان الولاء لا يورث و انما يورث به و هذا قول الجمهور روي نحو ذلك عن عمر و عثمان و على و زيد بن مسعود و ابن عمر و أسامة بن زيد و ابن مسعود البدري و أبي بن كعب و به قال عطاء و طاووس و سالم و الزهري و الحسن و ابن سيرين و قتادة و الشعبي و إبراهيم و مالك و الشافعي واهل العراق و داود و جعل شريح الولاء موروثا كالمال و لنا قول النبي صلى الله عليه و سلم انما الولاء لمن أعتق و قوله الولاء لحمة كلحمة النسب و النسب يورث به و لا يورث فكذلك الولاء و لان الولاء انما يحصل بأنعام السيد على المعتق و هذا
(264)
المعنى لا ينتقل عن المعتق فكذلك الولاء ( مسألة ) قال و لا يرث النساء من الولاء الا ما اعتقن أو أعتق من اعتقن أو كاتبن أو كاتب من كاتبن و قد روي عن أبي عبد الله رحمه الله في بنت المعتق خاصة انها ترث لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم انه ورث بنت حمزة من الذي أعتقه حمزة قوله و لا يرث النساء من الولاء لما قدمنا من ان الولاء لا يورث و لهذا قال الا ما اعتقن nو معتقهن ولاؤه لهن فكيف يرثنه ؟ و الظاهر من المذهب ان النساء لا يرثن بالولاء الا ما اعتقن أو أعتق من أعتقن و جر الولاء إليهن من اعتقن و الكتابة كذلك فانها إعتاق قال القاضي هذا ظاهر كلام احمد و الرواية التي ذكرها الخرقي في ابنة المعتق ما وجدتها منصوصة عنه و قد قال في رواية ابن القاسم و قد سأله هل كان لمولى حمزة أو لابنته ؟ فقال فقد نص على ان ابنة حمزة ورثت بولاء نفسها لانها هي المعتقة و هذا قول الجمهور و هو قول من سمينا في أول الباب من الصحابة و التابعين و من بعدهم شريح و الصحيح الاول لاجماع الصحابة و من بعدهم عليه و لان الولاء لحمة كلحمة النسب و المولى كالنسيب من الاخ و العم و نحوهما فولده من العتيق بمنزلة ولد أخيه و عمه و لا يرث منهم إلا الذكور خاصة فأما رواية الخرقي في بنت المعتق فوجهها ما روى إبراهيم النخعي أن مولى لحمزة مات و خلف بنتا فورث النبي صلى الله عليه و سلم بنته النصف و جعل لبنت حمزة النصف و الصحيح أن المولى كان لبنت حمزة قال عبد الله بن شداد كان لبنت حمزة مولى أعتقته فمات و ترك ابنته و مولاته بنت حمزة فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأعطى ابنته النصف و أعطى مولاته بنت حمزة النصف قال عبد الله بن شداد أنا أعلم بها لانها اختي
(265)
* باب ميراث الولاء * مسائل في ميراث النساء للولاء
من أمي امنا سلمى ، رواه ابن اللبان باسناده و قال هذا أصح مما روى إبراهيم ، و لان البنت من النساء فلا ترث بالولاء كسائر النساء ، فأما توريث المرأة من معتقها و معتق معتقها و من جر ولاء معتقها فليس فيه اختلاف بين أهل العلم ، و قد نص النبي صلى الله عليه و سلم على ذلك فان عائشة أرادت شراء بريرة لتعتقها و يكون ولاؤها لها فأراد أهلها اشتراط ولائها فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( اشتريها و اشترطي لهم الولاء فانما الولاء لمن أعتق ) متفق عليه و قال عليه السلام ( تحوز المرأة ثلاثة مواريث عتيقها و لقيطها و ولدها الذي لاعنت عليه ) قال الترمذي هذا حديث حسن و لان المعتقة منعمة بالاعتاق كالرجل فوجب أن تساويه في الميراث و في حديث مولى بنت حمزة الذي ذكرناه تنصيص على توريث المعتقة ، و أما معتق أبيها فهو بمنزلة عمها أو عم أبيها فلا ترثه و يرثه أخوها كالنسب ( و من مسائل ذلك ) رجل مات و خلف ابن معتقه و بنت معتقه فالميراث لا بن معتقه خاصة و على الرواية الاخرى يكون الميراث بينهما أثلاثا فان لم يخلف إلا بنت معتقه فلا شيء لها و ماله لبيت المال الا على الرواية الاخرى فان الميراث لها ، و إن خلف اخت معتقه فلا شيء لها رواية واحدة و كذلك ان خلف ام معتقه أو جدة معتقه أو غيرهما ، و إن خلف أخا معتقه و أخت معتقه فالميراث للاخ ، و لو خلف بنت معتقه و ابن عم معتقه أو معتق معتقه أو ابن معتق معتقه فالمال له دون البنت الا على الرواية الاخرى فان لها النصف و الباقي للعصبة ، و إن خلف بنته و معتقه فلبنته النصف و الباقي لمعتقه كما في قصة مولى