المنجسة له ثم ينجس بعد ذلك ، و لا جرأة أعظم من أن يقال : هذا ماء طاهر تؤدى به الفرائض ، فإذا تقرب به إلى الله في أفضل الاعمال من الوضوء و الغسل تنجس أو حرم أن يتقرب إلى الله تعالى به ، و ما ندرى من أين وقع لهم هذا التخليط ! و قال بعضهم : قد جاء عن ابن عباس أن الجنب إذا اغتسل في الحوض أفسد ماءه ، و هذا لا يصح بل هو موضوع ، و انما ذكره الحنفيون عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن ابن عباس ، و لا نعلم من هو قبل حماد ، و لا نعرف لابراهيم سماعا من ابن عباس ( 1 ) و الصحيح عن ابن عباس خلاف هذا ( 2 ) قال أبو محمد : و قد ذكرنا عن ابن عباس قبل خلاف هذا من قوله : أربع لا تنجس الماء و الارض و الانسان ، و ذكر رابعا و ذكروا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في تحريمه الصدقة على آل محمد : ( انما هي غسالة أيدي الناس ) و عن عمر مثل ذلك قال أبو محمد : و هذا لا حجة فيه أصلا ، لان اللازم لهم في احتجاجهم بهذا الخبر أن لا يحرم ذلك الا على آل محمد خاصة ، فان عليه السلام لم يكره ذلك و لا منعه أحدا غيرهم ، بل أباحه لسائر الناس .
و أما احتجاجهم بقول عمر فانهم مخالفون له ، لانهم يجيزون في أصل أقوالهم شرب ذلك الماء .
و أيضا فان غسالة أيدي الناس وضوئهم الذي يتقربون به إلى الله تعالى ، و لا عجب أكثر من إباحتهم غسالة أيدي الناس و فيها جاء ما احتجوا به ، و قولهم : إنها طاهرة ، و تحريمهم الماء الذي قد توضأ به قربة إلى الله تعالى ! و ليس في شيء من هذين الاثرين نهي عنه و نعوذ بالله من الضلال و تحريف الكلم عن مواضعه و نسأل أصحاب الشافعي عمن وضأ عضوا من أعضاء وضوئه فقط ينوي به الوضوء في ماء دائم أو غسله كذلك و هو جنب ، أو بعض عضوا أو بعض أصبع أو
1 - هكذا قال حفاظ الحديث : انه لم يسمع من أحد من الصحابة . و قيل إنه رأى عائشة و لم يسمع منها ، و أدرك أنسا و لم يسمع منه . 2 - أنظر السنن الكبرى البيهقي ( ج 1 ص 236 ) فقد روى أثرا عن ابن عباس في ان المستعمل طهور و لا يطهر .