شرح المحلی

ابن حزم الاندلسی

جلد 2 -صفحه : 275/ 22
نمايش فراداده

قلنا : نعم ، و هذه آثار صحاح ، وكلها لا خلاف فيها لما قلنا أما قوله عليه السلام : ( من جاء منكم الجمعة فليغتسل ) فهو نص قولنا ، و انما فيه أمر لمن جاء الجمعة بالغسل ، و ليس فيه أي وقت يغتسل ، لا بنص و لا بدليل ، و انما فيه بعض ما في الاحاديث الاخر ، لان في هذا إيجاب الغسل على كل من جاء إلى الجمعة فليس فيه إسقاط الغسل عمن لا يأتى الجمعة ( 1 ) و فى الاحاديث الاخر التي من طريق ابن عمر و أبى هريرة و أبي سعيد و ابن عباس و غيرهم إيجاب الغسل على كل مسلم و على كل محتلم ، فهي زائدة حكما على ما في حديث ابن عمر ، فالأَخذ بها واجب و أما قوله عليه السلام : ( إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل ) فكذلك أيضا سواء سواء و قد يريد الرجل أن يأتى الجمعة من أول النهار ، و ليس في هذا الخبر و لا في غيره إلزامه أن يكون إتيانه الجمعة لا من أول النهار و ليس في هذا الخبر و لا في غيره إلزامه أن يكون أتى متصلا بإرادته لاتيانها ، بل جائز أن يكون بينهما ساعات ، فليس في هذا اللفظ أيضا دليل و لا نص يوجب أن يكون الغسل متصلا بالرواح و أما قوله عليه السلام : ( إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل ) فظاهر هذا اللفظ أن الغسل بعد الرواح ، كما قال تعالى : ( فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ) و مع الرواح كما قال تعالى ( إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ) أو قبل الرواح كما قال تعالى : ( إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجواكم صدقة ) فلما كان كل ذلك ممكنا ، و لم يكن في هذا اللفظ نص و لا دليل على وجوب اتصال الغسل بالرواح أصلا صح قولنا ، و الحمد لله و أيضا فاننا إذا حققنا مقتضى ألفاظ حديث ابن عمر كان ذلك دالا على قولنا لانه انما فيها : ( إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل ) ( أو أراد أحدكم أن يأتى إلى الجمعة ( 2 ) فليغتسل ) .

( من جاء منكم الجمعة فليغتسل ) و هذه ألفاظ ليس يفهم منها الا أن من كان من أهل الرواح إلى الجمعة و ممن يجئ إلى الجمعة و من أهل

1 - في المصرية ( على كل من لم يأت إلى الجمعة )

2 - في اليمنية ( أن يأتي الجمعة )