و بين الغسل ؟ و ان كان كذلك ( 1 ) فلم تنكرون مسح الرجلين في الوضوء و تأبون إلا غسلهما ان كان كلاهما يقتضى العموم ؟ و أيضا فانكم لا تختلفون في أن غسل الجنابة يلزم تقصى الرأس بالماء ، و أن ذلك لا يلزم في الوضوء ، فقد أقررتم بأن المسح بالرأس خلاف الغسل ، و ليس هنا فرق إلا أن المسح لا يقتضى العموم فقط ، و هذا ترك لقولكم ( 2 ) .
و أيضا فما تقولون فيمن ترك بعض شعرة ( 3 ) واحدة في الوضوء فلم يمسح عليها ؟ فمن قولهم : إنه يجزيه ، و هذا ترك منهم لقولهم .
فان قالوا : انما نقول بالاغلب ، قيل لهم : فترك شعرتين أو ثلاثا ؟ و هكذا أبدا ، فان حدوا حدا قالوا بباطل لا دليل عليه ، و ان تمادوا صاروا إلى قولنا ، و هو الحق فان قالوا يسن عم رأسه فقد صح أنه توضأ ، و من لم يعمه فلم يتفق ( 4 ) على أنه توضأ ، قلنا لهم ، فأوجبوا بهذا الدليل نفسه الاستنشاق فرضا و الترتيب فرضا ، و غير ذلك مما فيه ترك لجمهور مذهبهم فان قالوا : مسحه عليه السلام مع ناصيته على عمامته يدل على العموم ، قلنا : هذا أعجب شيء ، لانكم لا تجيزون ذلك من فعل من فعله ، فكيف تحتجون بما لا يجوز عندكم ، و أيضا فمن لكم بأنه فعل واحد ؟ بل هما فعلان متغايران على ظاهر الاخبار في ذلك و أما تخصيص أبى حنيفة لربع الرأس أو لمقدار ثلاثة أصابع ففاسد ، لانه قول لا دليل عليه ، فان قالوا : هو مقادر الناصية ، قلنا لهم : و من لكم ( 5 ) بأن هذا هو مقدار الناصية ؟ و الاصابع تختلف ، و تحديد ربع الرأس يحتاج إلى تكسير و مساحة ، و هذا باطل ، و كذلك قولهم في منع المسح بأصبع أو باصبعين .
فان قالوا : انما أردنا أكثر اليد ، قلنا لهم : أنتم لا توجبون المسح باليد فرضا ، بل تقولون انه لو وقف ( 6 )
1 - في المصرية ( و ان كان ذلك ) 2 - في المصرية ( لقولهم ) و هو خطأ لان المقام مقام خطاب 3 - في اليمنية ( فما تقولون ان نقص بعض شعرة ) و ما هنا أحسن 4 - في المصرية ( فلم يتيقن ) و هو خطأ ( 5 ) في اليمنية ( و من أين لكم ) 6 - في اليمنية ( انه ان وقف )