و أما الخروج عن المسجد فرب مسجد يكون طوله أزيد من ثلاثمائة خطوة ، و رب مسجد يخرج منه بخطوة واحدة و بالله تعالى التوفيق .
و قد سلم رسول الله صلى الله عليه و سلم ساهيا و تكلم و راجع و خرج عن المسجد و دخل بيته ثم عرف فخرج فأتم ما بقي من صلاته و سجد لسهوه سجدتين فقط .
و قد قال عليه السلام ( من رغب عن سنتي فليس مني ) و بهذا يبطل أيضا قول من قال : لكل سهو في الصلاة سجدتان ) و أما من قال : إن تطاولت المدة على من ترك سجود السهو بطلت صلاته و لزمه إعادتها ، و قول من قال : ان تطاولت المدة عليه سقط عنه سجود السهو و صحت صلاته .
فقولان في غاية الفساد و اول ذلك أنهما قولان بلا برهان ، و ما كان هكذا فهو باطل و الثاني : أنه يلزمهم الفرق بين تطاول المدة و بين قصرها بنص صحيح أو إجماع متيقن مدعى بالكذب ، و لا سبيل إلى ذلك و الحق في هذا : هو أن من أمره رسول الله صلى الله عليه و سلم بسجدتي السهو فقد لزمه اداء ما امره به ، و لا يسقطه عنه رأى ذي رأى ، و عليه ان يفعل ما امره به ابدا : و لا يسقطه عند الا تحديد رسول الله صلى الله عليه و سلم ذلك العمل بوقت محدود الآخر و العجب من قوم اتوا إلى امر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالصلاة في وقت محدود الطرفين ، و بالصيام في وقت محدود الطرفين .
فقالوا : لا يسقط عملهما و إن بطل ذلك الوقت الذي جعله الله تعالى وقتا لهما و لم يجعل ما عدا ذلك الوقت وقتا لهما ! ثم أتوا إلى سجود السهو الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه و سلم إصلاحا لما و هم فيه من فروض الصلاة و أطلق بالامر به و لم يحده : فأبطلوه بوقت حدوه من قبل أنفسهم ! و قولنا هذا هو قول الاوزاعى ، و قال به الشافعي في أول قوليه ( 1 ) 469 مسألة و إذا سها الامام فسجد للسهو ففرض على المؤتمين أن يسجدوا معه ، الا من فاتته معه ركعة فصاعدا ، فانه يقوم إلى قضأ ما عليه ، فإذا أتمه سجد هو للسهو ،
1 - في النسخة رقم ( 16 ) ( و قال به الشعبي أول قوليه ) و هو خطأ فيما نرى فلم نسمع أن للشعبي مذهبين كما للشافعي .