شرح المحلی

ابن حزم الاندلسی

جلد 5 -صفحه : 279/ 56
نمايش فراداده

المسألة 524 ليس للسيد منع عبده من حضور الجمعة وبرهان ذلك

فان قالوا : قد كان أهل العوالي يشهدون مع النبي صلى الله عليه و سلم الجمعة قلنا : نعم و قد كان أهل ذي الحليفة يجمعون معه أيضا عليه السلام ، روينا ذلك من طريق الزهرى .

و لا يلزم هذا عندكم ، و قد كانوا يشهدون معه عليه السلام سائر الصلوات ، و لم يكن ذلك دليلا على أن سائر قومهم لا يصلون الجماعات في مساجدهم ، و لم يأت قط نص بأنهم كانوا لا يجمعون سائر قومهم في مساجدهم ، و لا يحدون هذا أبدا و من البرهان القاطع على صحة قولنا : أن الله تعالى انما افترض في القرآن السمي إلى صلاة الجمعة إذا نودى لها ، لاقبل ذلك و بالضرورة أن من كان على نحو نصف ميل أو ثلثي ميل لا يدرك الصلاة أصلا إذا راح إليها في الوقت الذي أمره الله تعالى بالرواح إليها ، فصح ضرورة أنه لابد لكل طائفة من مسجد يجمعون فيه إذا راحوا اليه في الوقت الذي أمروا بالرواح اليه فيه أدركوا الخطبة و الصلاة ، و من قال : هذا فقد أوجب الرواح حين ليس بواجب ، و هذا تناقص و إيجاب ما ليس عندهم واجبا و من أعظم البرهان عليهم : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أتى المدينة و انما هى قرى صغار مفرقة ، بنو مالك بن النجار في قريتهم حوالى دورهم أموالهم و نخلهم ، و بنو عدى بن النجار في دارهم كذلك ، و بنو مازن بن النجار كذلك ، و بنو سالم كذلك ، و بنو ساعدة كذلك ، و بنو الحارث بن الخزرج كذلك و بنو عمرو بن عوف كذلك ، و بنو عبد الاشهل كذلك ، و سائر بطون الانصار كذلك ، فبنى مسجده في بني مالك بن النجار ، و جمع فيه في قرية ليست بالكبيرة ، و لا مصر هنا لك ، فبطل قول من ادعى أن لا جمعة إلا في مصر ، و هذا امر لا يجهله أحد لا مؤمن و لا كافر ، بل هو نقل الكواف من شرق الارض إلى غربها .

و بالله تعالى التوفيق و قول عمربن الخطاب : ( حيثما كنتم ) إباحة للتجميع في جميع المساجد و روينا عن عمرو بن دينار أنه قال : إذا كان المسجد تجمع فيه للصلاة فلتصل فيه الجمعة و من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج : قلت لعطاء بن ابى رباح : ا رأيت أهل البصرة لا يسعهم المسجد الاكبر ؟ ، كيف يصنعون ؟ قال : لكل قوم مسجد يجمعون فيه ثم يجزئ ذلك عنهم .

و هو قول أبى سليمان ، و به نأخذ 524 - مسألة - و ليس للسيد منع عبده من حضور الجمعة ، لانه إذ قد ثبت انه مدعو إليها فسعيه إليها فرض كما ان الصلاة فرض و لا فرق ، و لا يحل له منعه من شيء من فرائضه ،