شرح المحلی

ابن حزم الاندلسی

جلد 6 -صفحه : 271/ 151
نمايش فراداده

الفقير الذي لا مال له أصلا ، لان الله تعالى أخبر أنهم أخرجوا من ديارهم و أموالهم ( 1 ) و لا يجوز أن يحمل ذلك على بعض أموالهم فان قيل : قد قال الله تعالى : ( للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الارض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ) قلنا : صدق الله تعالى ، و قد يلبس المرء في تلك البلاد إزارا و رداءا خلقين غسيلين لا يساويان درهما ، فمن رآه كذلك ظنه غنيا ، و لا يعد ما لا ما لا بدمنه ، و مما يستر العورة ، إذا لم تكن له قيمة .

و ذكروا قول الشاعر : أما الفقير الذي كانت حلوبته وفق العيال فلم يترك لم سبد ( 2 ) و هذا حجة عليهم ، لان من كانت حلوبته وفق عياله فهو غنى ، و إنما صار فقيرا إذا لم يترك له سبد ، و هو قولنا و العاملون عليها : هم العمال الخارجون من عند الامام الواجبة طاعته ، و هم المصدقون ، و هم السعاة قال أبو محمد : و قد اتفقت الامة على أنه ليس كل من قال : أنا عامل عاملا ، و قد قال عليه السلام : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) فكل من عمل من أن يوليه الامام الواجبة طاعته فليس من العاملين عليها ، و لا يجزئ دفع الصدقة اليه ، و هي مظلمة ، و إلا أن يكون يضعها مواضعها ، فتجزى حينئذ ، لانها قد وصلت إلى أهلها و أما عامل الامام الواجبة طاعته فنحن مأمورون بدفعها اليه ، و ليس علينا ما يفعل فيها ، لانه وكيل ، كوصي اليتيم و لا فرق ، و كوكيل الموكيل سواء سواء و المؤلفة قلوبهم : هم قوم لهم قوة لا يوثق بنصيحتهم للمسلمين ، فيتألفون بأن يعطوا من الصدقات و من خمس الخمس و الرقاب : هم الكاتبون و العتقاء ، فجائز أن يعطوا من الزكاة و قال مالك : لا يعطى منها المكاتب و قال غيره : يعطى منها ما يتم به كتابته (

1 - في النسخة رقم ( 14 ) ( و أخرجوا من ديارهم ) ( 2 ) نسبه صاحب اللسان للراعي يمدح عبد الملك بن مروان و يشكو له سعاته ( ج 6 ص 367 وج 12 ص 262 ) و قال : ( يقال حلوبة فلان وفق عياله ، اى لها لبن قدر كفايتهم لا فضلى فيه ، و قيل قدر ما يقوتهم ) .

و السبد بفتح السين المهملة و الباء الوبر ، و قيل الشعر ، و هو كناية عن المال ، يقال ماله سبد و لا لبد ، اى ماله قليل و لا كثير