يا رسول لله آسخط على ربي أنا عن ربي راض ) و كررها ثلاثا و من طريق أبى داود نا عثمان بن أبى شيبة نا الفضل بن دكين نا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر ابن الخطاب قال : ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم بالصدقة فأتى أبو بكر ( 1 ) بماله كله فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أبقيت لاهلك ؟ قال : أبقيت لهم الله و رسوله ) و من طريق البزار نا محمد بن عيسى نا اسحق بن محمد الفروى نا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال : ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم بالصدقة فجئت بنصف مالى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أبقيت لاهلك فقلت : مثله قال : و جاء أبو بكر بكل ما عنده ( 2 ) فقال : يا أبا بكر ما أبقيت لاهلك ؟ قال : الله و رسوله ) هذا كل ما يمكن أن يذكروه قد تقصيناه وكله لا حجة لهم في شيء منه ، اما قول الله تعالى : ( الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ) فلم يقل تعالى أموالهم كلها ، و من أنفق ثلاث مرات في سبيل الله أو أنفق ثلاثة بالعدد كذلك فقد أنفق أمواله في سبيل الله تعالى كما أن من أنفق درهما في سبيل الله تعالى أو أقل فقد أنفق ماله في سبيل الله عز و جل لان بعض ماله و ان قل يسمى ماله ، ثم بيان ما يجوز إنفاقه و ما لا يجوز في الايات و الاحاديث التي قدمنا و لا يجوز أن يقال ان هذه الاية ناسخة لتلك و مبيحة لبسط يده كل البسط و للتبذير و السرف فيكون من قال ذلك كاذبا على الله تعالى ، و أما قوله تعالى : ( و الذين لا يجدون الا جهدهم ) مع قوله عليه الصلاة و السلام اذ سئل عن أفضل الصدقة : جهد المقل فان هذين النصين يبينهما ما رويناه من طريق أبى داود نا قتيبة نا الليث بن سعد عن أبى الزبير عن يحيى بن جعدة عن أبى هريرة أنه قال : ( يا رسول الله أى الصدقة أفضل ؟ قال : جهد المقل و ابدأ بمن تعول ) فصح أن هذه الآية . و خبر عبد الله بن حبشي انما هما في جهده و ان كان مقلا من المال مكثر إذا ابقى لمن يعول غنى و لا بد ، و أما قول الله تعالى : ( و يؤثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة ) فحق و لا حجة فهم فيه لان ممن به خصاصة و آثر على نفسه فلا يكون ذلك الا في مجهود و هكذا نقول و ليس فيها أنه مباح له تضييع نفسه و أهله و الصدقة على من هو أغنى منه و أما حديث ابن مسعود ان أحدهم كان يحامل فيأتى بالمد فيتصدق به فهذا حسن و هو أن يكون له غنى و لاهله و لا فضل عنده فيحمل على ظهره فيصيب مدا هو عنه في غنى فيتصدق به و هذا كله مبنى على ابدأ بمن تعول . و أفضل الصدقة ما أبقى غنى . ورده عليه الصلاة و السلام ما زاد على ذلك و أما حديث أبى هريرة ( سبق درهم مائة ألف ) فصحيح و هو مبنى على أنه كان له غنى و فضل له درهمان فقط فتصدق بأجودهما و كانت نسبة الدرهم من ماله أكثر من نسبة المائة الالف من مال الآخر فقط و ليس فيه أنه لم يكن له غنى سواهما و أما حديث
1 - في النسخة رقم 14 ( فجاء أبو بكر ) ( 2 ) في النسخة رقم 16 بكل مال عنده