شرح المحلی

ابن حزم الاندلسی

جلد 9 -صفحه : 535/ 147
نمايش فراداده

تلك العطية و الصدقة أحق جائز هى أم باطل جائز ؟ و لا سبيل إلى قسم ثالث فان قالوا : حق جائز أعظموا الفرية اذ أخبروا أنه عليه الصلاة و السلام أبى أن يشهد على الحق و هو الذي اتانا عن ربنا تعالى بقوله تعالى : ( و لا يأبى الشهداء إذا ما دعوا ) و بقوله تعالى : ( و لا يضار كاتب و لا شهيد ) و ان قالوا : انها باطل جائز اعظموا الفرية اذ أخبروا أن النبي صلى الله عليه و سلم ( 1 ) حكم بالباطل و أنفذ الجور و أمر بالاشهاد على عقده وكلا القولين مخرج إلى الكفر بلا مرية و لا بد من أحدهما ؟ و زاد بعضهم ضلالا و فرية فقال : معنى قوله عليه الصلاة و السلام : ( أشهد على هذا غيري ) أى انى امام و الامام لا يشهد فجمعوا فريتين ، احداهما الكذب عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم في تقويله ما لم يقل فليتبوأ من أطلق هذا مقعده من النار ، و الثانية ( 2 ) قولهم : ان الامام لا يشهد فقد كذبوا ( 3 ) و أفكوا في ذلك بل الامام يشهد لانه أحد المسلمين المخاطبين بان لا يأبوا إذا دعوا و بقوله عز و جل : ( كونوا قوامين بالقسط شهداء لله و لو على أنفسكم أو الوالدين و الاقربين ) فهذا أمر للائمة بلا شك و لا مرية ، و العجب من قلة حياء هذا القائل و من قوله و مذهبه ان الامام إذا شهد عند حاكم من حكامه جازت شهادته فلو لم يكن من شأنه يشهد لما جازت شهادته ثم أتى بعضهم بما كان الخرس أولى به فقال : لعل النعمان كان كبيرا و لم يكن قبض النحل و قائل هذا اما في نصاب التيوس جهلا و أما منزوع الحياء و الدين لان صغر النعمان أشهر من الشمس و أنه ولد بعد الهجرة بلا خلاف من أحد من أهل العلم و قد بين ذلك في حديث أبى حيان عن الشعبي عن النعمان و انا يومئذ غلام و لا تطلق هذه اللفظة على رجل بالغ أصلا ، و قال بعضهم لم يكن النحل تم انما كان استشارة و موهوا برواية شعيب بن أبى حمزة بهذا الخبر عن الزهرى فقال فيه عن النعمان نحلنى ابى غلاما ثم جاء بي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : انى نحلت ابنى هذا غلاما فان أذنت لي ان أجيزه أجزته قال أبو محمد : لو لا عمي هؤلاء القوم و ضلالهم ما تمكن الهوى منهم هذا التمكن هم يسمعون في أول الخبر نحلنى أبى غلاما و فى وسطه يا رسول الله نحلت ابنى هذا غلاما و يقولون : لم يتم النحل ، و قال بشير فان أذنت لي أن أجيزه أجزته قول صحيح و قول مؤمن لا يعمل الا ما أباحه له رسول الله صلى الله عليه و سلم على ظاهره بلا تأويل نعم ان أجازه النبي صلى الله عليه و آله اجازه بشير و ان لم يجزه عليه الصلاة و السلام رده بشير و لم يجزه كما فعل و ذكروا أيضا رواية عبد الله بن عون لهذا الخبر عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال : نحلنى أبى نحلا ثم أتى بي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم


1 - في النسخة رقم 16 ( عن النبي صلى الله عليه و سلم ) ( 2 ) في النسخة رقم 16 ( و الثاني ) ( 3 ) في النسخة رقم 16 ( و قد كذبوا ) ( 4 ) في النسخة رقم 14 ( لا يطلق هذا اللفظ )