قال أبو محمد : و الذى نقول به فهو الذي ذكرنا قبل برهاننا على ذلك ان كل ما ظفر به من ماله فهو مال كافر لا ذمة له و قد قال تعالى : ( و أورثكم أرضهم و ديارهم و أموالهم ) و لا يحرم مال كافر الا بالذمة و هذا لا ذمة له ، فان رجع إلى الاسلام فلم يرجع إلا و قد بطل ملكه له أو عنه و وجب للمسلمين فلا حق له فيه الا كأحد المسلمين ، و أما ما لم يظفر به من ماله فهو باق على ما قد ثبت و صح من ملكه له [ فهو له ] ( 1 ) ما لم يظفر المسلمون به لا فرق بينه و بين سائر أهل الحرب الذين لا ذمة لهم في ذلك ، فان مات أو قتل فهو لورثته الكفار خاصة لقول الله تعالى : ( و الذين كفروا بعضهم أوليآء بعض ) و آيات المواريث العامة للمسلمين و الكفار فلا يخرج عن حكمها الا ما أخرجه نص سنة صحيح فان كانوا ذمة سلم إليهم متى ظفر به لانهم قد ملكوه بالميراث و ان كانوا حربيين أخذ للمسلمين متى ظفر به فان أسلم فهو له يرثه عنه ورثته من المسلمين كسائر المسلمين ، و هذا حكم القرآن و السنن . و موجب الاجماع ، و الحمد لله رب العالمين 1745 مسألة و من مات له موروث و هما كافران ثم أسلم الحى أخذ ميراثه على سنة الاسلام و لا تقسم مواريث أهل الذمة الا على قسم الله تعالى المواريث في القرآن و برهان ذلك قول الله تعالى : ( و من يبتغ الاسلام دينا فلن يقبل منه ) و قوله تعالى : ( أ فحكم الجاهلية يبغون و من أحسن من الله حكما ) و لا أعجب ممن يدع حكم القرآن و هو يقر أنه الحق و انه حكم الله تعالى ويحكم بحكم الكفر و هو يقر أنه حكم الشيطان الرجيم و انه الضلال المبين ، الذي لا يحل العمل به ان هذا لعجب عجيب روينا من طريق ابن وهب عن عمر بن الحارث عن سعيد بن أبى هلال .
أن زيد ابن أسلم حدثه أن يهودية جاءت إلى عمر بن الخطاب فقالت : ان ابنى هلك فزعمت اليهود أنه لا حق لي في ميراثه فدعاهم عمر فقال : ألا تعطون هذه حقها فقالوا : لا نجد لها حقا في كتابنا فقال : أفى التوراة قالوا : بلى في المثناة قال و ما المثناة قولوا : كتاب كتبه أقوام علماء حكماء فسبهم عمر و قال : اذهبو افاعطوها حقها و من طريق ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب ( 2 ) ان عمر بن عبد العزيز كتب إلى حيان بن شريح أن اجعل مواريث أهل الذمة على فرائض الله عز و جل ، و قال أبو حنيفة : مواريث أهل الذمة مقسومة على أحكام دينهم الا أن يتحاكموا إلينا ، و قال مالك : تقسم مواريث أهل الكتاب على حكم دينهم سواء أسلم أحد الورثة قبل القسم أو لم يسلم ، و أما أهل الكتاب فمن أسلم منهم من الورثة بعد القسمة فليس له ما أخذ ، و من أسلم منهم
1 - الزيادة من النسخة رقم 16 ( 2 ) في النسخة رقم 14 زيد بن ابى حبيب و هو غلط