نا محمد بن إسحاق عن الحارث بن فضيل عن سفيان عن أبى العوجاء عن أبى شريح الخزاعي قال :
" قال رسول الله صلى الله عليه و آله : من أصيب بقتل أو خبل - يعنى جراحا - فهو بخير النظرين ان أحب أن يعفو عفا و ان أحب ان يأخذ الدية أخذ " قلنا : هذا لا يصح لانه لم يروه أحد الا سفيان بن أبى العوجاء السلمى و هو مجهول لا يدرى من هو و لا يعرف عنه هذا الحديث فلو صح لقلنا به منشرحة صدورنا بذلك و لما تركناه لقول أحد ، و أما إذا لم يصح فلا يجوز الاخذ به ، ثم لو صح لكان حجة على جميع الحاضرين و مخالفا لقولهم لانه انما جاء في جراح العمد و فيه القصاص منها جملة لم يستثن شيئا وكلهم لا يرى القود منها فيما دون الموضحة و جمهورهم لا يرى القود منها إلا في المواضحة فقد خالفوا هذا الحديث كما ترى ، و أيضا انه قد جاء في العمد فقط كما ذكرنا لان فيه التخيير بين القود والدية و لا خلاف بين أحد من الامة في ان القود ليس إلا في العمد فقط و فيه الخيار في الدية في العمد وكلهم أو جمهورهم لا يرى في قطع الاعضاء في العمد الا القود فقط و قد خالفوا هذا الخبر في هذا الوجه ، و أيضا فان الحنيفيين و المالكيين لا يرون خيارا في قود أو دية في قتل العمد ، و أيضا انه ليس فيه حكم شيء من جراح الخطا فلو صح هذا الخبر لكان وفاقه لنا أكثر من وفاقه لهم و كانوا مخالفين له من كل وجه قال أبو محمد : فبطل كل ما شغبوا به في هذا الباب و الحمد لله رب العالمين فاما جنايات العمد و جراحه فان مالكا لا يرى فيها جملة إلا القود أو العفو فقط و لا يرى فيها ( 1 ) دية فات القود أو لم يفت إلا في قليل منها فيرى فيها الدية لامتناع القود و يرى في سائر جراحات الخطا الدية إلا قليلا منها فانه لا يرى فيها دية لكن حكومة ، و هذا قول ( 2 ) أبى حنيفة . و أصحابه و الشافعي و أصحابه إلا في فروع اختلفوا فيها نبينها ان شاء الله تعالى ، و هو أيضا قول أصحابنا و به نأخذ إلا اننا لا نرى في شيء من ذلك دية و لا حكومة أمكن القود أو لم يمكن إلا أن يأتى به نص عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أو يثبت به إجماع متيقن و حتى لو غاب عنا في شيء من ذلك إجماع لم نعلمه لكنا بلا شك عند الله اعذر و أسلم و أخلص إذ لم نقتحم ما لم ندر و لم نقف ما ليس لنا به علم مما لو علمناه لقلنا به قال على : و نحن ذاكرون الآن ان شاء الله تعالى ما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك ثم ما جاء عن الصحابة رضى الله تعالى عنهم في ذلك ثم ما جاء عن التابعين رحمهم الله في ذلك ثم
1 - في النسخة رقم 14 فيه ( 2 ) في النسخة رقم 45 و هكذا قول