مبسوط

شمس الدین السرخسی

جلد 1 -صفحه : 253/ 238
نمايش فراداده

أرض إلى أرض يكون ضربا في الارض و لو جوزنا نية الاقامة في موضعين جوزنا فيما زاد على ذلك فيؤدى إلى القول بأن السفر لا يتحقق لانك إذا جمعت اقامة المسافر المراحل ربما يزيد ذلك على خمسة عشر يوما و هذا إذا نوى الاقامة في موضعين بمكة و منى و الكوفة و الحيرة فان كان عزم على أن يقيم بالليالي في أحد الموضعين و يخرج بالنهار إلى الموضع الآخر فان دخل أولا الموضع الذي عزم على المقام فيه بالنهار لا يصير مقيما و ان دخل الموضع الذي عزم على الاقامة فيه بالليالي يصير مقيما ثم بالخروج إلى الموضع الآخر لا يصير مسافرا لان موضع اقامة الرجل حيث يثبت فيه ألا ترى أنك إذا قلت للسوقى أين تسكن يقول في محلة كذا و هو بالنهار يكون في السوق و كان سبب تفقه عيسى بن أبان هذه المسألة فانه كان مشغولا بطلب الحديث قال فدخلت مكة في أول العشر من ذي الحجة مع صاحب لي و عزمت على الاقامة شهرا فجعلت أتم الصلاة فلقيني بعض أصحاب أبى حنيفة رحمه الله تعالى فقال أخطأت فانك تخرج إلى منى و عرفات فلما رجعت من منى بدا لصاحبي أن يخرج و عزمت أن أصاحبه فجعلت أقصر الصلاة فقال لي صاحب أبى حنيفة أخطأت فانك مقيم بمكة فما لم تخرج منها لا تكون مسافرا فقلت أخطأت في مسألة في موضعين و لم ينفعنى ما جمعت من الاخبار فدخلت مجلس محمد رحمه الله تعالى و اشتغلت بالفقه قال ( فان لم يعزم على الاقامة مدة معلومة و لكنه مكث أياما في المصر و هو على عزم الخروج لا يصير مقيما عندنا و ان طال مكثه ) و قال الشافعي رضى الله تعالى عنه إذا زاد على ثمان عشرة ليلة أتم الصلاة لان النبي صلى الله عليه و سلم أقام بمكة بعد الفتح ثمان عشرة ليلة و كان يقصر الصلاة و القياس أن السفر ينعدم بالمقام لانه ضده تركناه في هذه المدة للنص فبقى ما رواه على أصل القياس ( و لنا ) ما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه أقام بتبوك عشرين ليلة يقصر الصلاة و ابن عمر أقام بآذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة و أنس أقام بنيشابور شهرا يقصر الصلاة و علقمة بن قيس أقام بخوارزم سنين يقصر الصلاة و لانه لو خرج خلف غريم له لم يصر مسافرا ما لم ينو أدنى مدة السفر و ان طاف جميع الدنيا فكذلك لا يصير مقيما ما لم ينو المكث أدنى مدة الاقامة و ان طال مقامه اتفاقا قال ( و ان خرج من مصره مسافرا بعد ما دخل وقت الصلاة صلى صلاة المسافر عندنا ) و قال ابن شجاع رحمه الله تعالى يصلى صلاة المقيم و قال الشافعي رضي الله تعالى عنه إذا مضى من الوقت مقدار