مبسوط

شمس الدین السرخسی

جلد 1 -صفحه : 253/ 240
نمايش فراداده

صلى صلاة المسافر ) لانه من عزم على الانصراف إلى أهله فقد صار مقيما و بعد ما صار مقيما في صلاته لا يصير مسافرا فيها ألا ترى أن المسافر إذا نوى الاقامة في خلال الصلاة يصح و المقيم في السفينة إذا جرت به السفينة لا يصير مسافرا في هذه الصلاة لان السفر عمل و حرمة الصلاة تمنعه عن مباشرة العمل فأما الاقامة ترك السفر و حرمة الصلاة لا تمنع من ذلك فإذا تكلم فقد ارتفعت حرمة الصلاة و هو متوجه أمامه على عزم السفر فصار مسافرا و الاصل أن النية متى تجردت عن العمل لا تكون مؤثرة فإذا نوى الاقامة في موضع الاقامة فقد اقترنت النية بعمل الاقامة فصار مقيما و إذا نوى السفر فقد تجردت النية عن العمل ما لم يخرج فلا يصير مسافرا و هو نظير ما لو نوى في عبد التجارة أن يكون للخدمة صار للخدمة و لو نوى في عبد الخدمة أن يكون للتجارة لا يصير لها ما لم يتجر فيه قال ( مسافر صلى في سفره أربعا أربعا فان كان قعد في كل ركعتين قدر التشهد فصلاته تامة و الاخريان تطوع له و ان كان لم يقعد فصلاته فاسدة عندنا ) و قال مالك رضى الله تعالى عنه يعيد ما دام في الوقت على كل حال و قال الشافعي رضى الله تعالى عنه صلاته تامة و كان الاربع فرضا له و هو بناء على أن القصر عزيمة في حق المسافر عندنا و قال الشافعي رضى الله تعالى عنه رخصة و استدل بقوله تعالى فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة فهو تنصيص على أن أصل الفرض أربع و القصر رخصة و عن على بن ربيعة الوابي قال سألت عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه ما بالنا نقصر الصلاة في السفر و لا نخاف شيئا و قد قال الله تعالى ان خفتم فقال أشكل على ما أشكل عليك فسألت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال انها صدقة تصدق الله عليكم فاقبلوا صدقته فهو تنصيص على أن القصر رخصة و ان عائشة رضى الله تعالى عنها كانت تتم الصلاة في السفر و عثمان رضى الله تعالى عنه صلى بعرفات أربع ركعات و اعتبر الصلاة بالصوم فان السفر مؤثر فيها ثم الفطر رخصة و من صام في السفر كان مؤديا للفرض فكذلك القصر في الصلاة ( و لنا ) حديث عائشة رضى الله تعالى عنها قالت فرضت الصلاة في الاصل ركعتين الا المغرب فانها وتر النهار ثم زيدت في الحضر و أقرت في السفر على ما كانت و عن عمر رضى الله تعالى عنه قال صلاة المسافر ركعتان تام قصر على لسان نبيكم و عن ابن عمر رضى الله تعالى عنه قال صلاة المسافر ركعتان من خالف السنة فقد كفر و ابن عباس رضى الله تعالى عنه قال صلاة المسافر ركعتان و صلاة الفجر