كان أو مشتدا لان النار غيرته فهو كماء الباقلا فاما سائر الانبذة فكان الاوزاعى رحمه الله يقول بجواز التوضؤ بها بالقياس على نبيذ التمر و عندنا لا يجوز لان نبيذ التمر مخصوص من القياس بالاثر فلا يقاس عليه غيره و اختلف مشايخنا رحمهم الله تعالى في الاغتسال بنبيذ التمر عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى فمنهم من لم يجوزه لان الاثر في الوضوء خاصة و الاصح أنه يجوز لان المخصوص من القياس بالنص يلحق به ما في معناه من كل وجه قال ( و الاغماء ينقض الوضوء في الاحوال كلها ) لان النبي صلى الله عليه و سلم توضأ في مرضه فلما أراد أن يقوم أغمى عليه فلما أفاق توضأ ثانيا و لان الاغماء في غفلة المرء عن نفسه فوق النوم مضطجعا فان هناك إذا نبه انتبه و هاهنا لا ينتبه و كذلك يقطع الصلاة لو عرض في خلال الصلاة و يمنع من البناء عليها لان البناء على الصلاة عند سبق الحدث مستحسن فيما تعم به البلوى و الاغماء ليس من هذا في شيء .
و كذلك لو مات الامام استقبل القوم الصلاة بإمام آخر لان عمله انقطع بموته قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث و هذا ليس من جملتها و البناء على المنقطع ممكن فلهذا استقبلوا قال ( و ليس الغسل بواجب يوم الجمعة و لكنه سنة ) الا على قول مالك رحمه الله تعالى و حجته ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم قال غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم أو قال حق ( و لنا ) حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال من توضأ يوم الجمعة فبها و نعمت و من اغتسل فالغسل أفضل و لما دخل عثمان رضى الله تعالى عنه المسجد يوم الجمعة و عمر رضي الله عنه يخطب فقال أية ساعة المجئ هذه قال ما زدت بعد أن سمعت النداء على أن توضأت فقال و الوضوء أيضا و قد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمرنا بالاغتسال في هذا اليوم ثم لم يأمره بالانصراف فدل أنه ليس بواجب .
و تأويل الحديث مروي عن عائشة و ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قالا كان الناس عمال أنفسهم و كانوا يلبسون الصوف و يعرقون فيه و المسجد قريب السمك فكان يتأذى بعضهم برائحة البعض فأمروا بالاغتسال لهذا ثم انتسخ هذا حين لبسوا الصوف و تركوا العمل بأيديهم .
و اختلف أبو يوسف و الحسن ابن زياد رحمهما الله تعالى ان الاغتسال يوم الجمعة لليوم أم للصلاة فقال الحسن رحمه الله تعالى لليوم إظهارا لفضيلته كما قال صلى الله عليه و سلم سيد الايام يوم الجمعة و قال أبو يوسف رحمه الله تعالى للصلاة لانها مؤادة بجمع عظيم فلها من الفضيلة ما ليس لغيرها و فائدة هذا