عشرين دلوا قال ( و إذا خرجت الفأرة و جاؤا بدلو عظيم يسع عشرين دلوا بدلوهم فاستقوا منها دلوا واحدا أجزأهم و قد طهرت البئر ) لان النجس ما جاوز الفأرة من الماء فلا فرق بين أن يؤخذ ذلك في دلو واحد أو في عشرين دلوا و كان الحسن بن زياد رحمه الله تعالى يقول لا يطهر بهذا النزح لان عند تكرار نزح الماء ينبع من أسفله و يؤخذ من أعلاه فيكون في حكم الماء الجارى و هذا لا يحصل بنزح دلو عظيم منها .
و نحن نقول لما قدر الشرع الدلاء بقدر خاص عرفنا أن المعتبر قدر المنزوح و أن معنى الجريان ساقط لان ذلك يحصل بدونه و يزداد بزيادته و لهذا قلنا لو نزحها عشرة أيام و نحوه يطهر لوجود القدر مع عدم الجريان ثم اللفظ المذكور في الكتاب يدل على أنه يعتبر في كل بئر دلو تلك البئر لقوله بدلوهم و روى الحسن عن أبى حنيفة رحمهما الله تعالى أن المعتبر دلو يسع فيه صاعا من الماء ليتمكن كل أحد من النزح به من رجل أو إمرأة أو صبي قال ( و لو توضأ رجل من هذه البئر بعد ما نحى الدلو الاخير عن رأسها جاز وضوءه لانا حكمنا بطهارة البئر فان صب ذلك الدلو فيها لم يفسد وضوء الرجل لان تنجيس البئر حصل الآن و ان كان الدلو بعد في البئر لم يفصل عن وجه الماء لا يجوز لاحد أن يتوضأ بذلك الماء و ان فصل الدلو عن وجه الماء و هو معلق في هواء البئر فتوضأ رجل منها لم يجزه في قول ابى حنيفة و أبى يوسف رحمهما الله تعالى و قال محمد رحمه الله تعالى أجزأه .
وجه قوله أن الماء الطاهر تميز عن الماء النجس فكأنه نحى عن رأس البئر و كون الماء النجس معلقا في هواء البئر لا يكون أقوى من خمر أو بول في دلو معلق في هواء البئر فلا يحكم هناك بنجاسة البئر بهذا و انما جعل التقاطر عفوا لاجل الضرورة كما بينا و لابي حنيفة و أبى يوسف رحمهما الله تعالى أن الماء النجس متصل بماء البئر حكما بدليل أن التقاطر فيه يجعل عفوا و لو لا الاتصال حكما لما جعل التقاطر عفوا كما في البول و الخمر فصار بقاء الاتصال حكما كبقائه حقيقة و لو كان باقيا حقيقة بان لم يفصل عن وجه الماء فلا يحكم بطهارة البئر و هذا لان البئر موضع الماء فاعلاه كأسفله كالمسجد لما كان موضع الصلاة جعل كله كمكان واحد في حكم الاقتداء قال ( و لو غسل ثوب نجس في اجانة بماء نظيف ثم في أخرى ثم في أخرى فقد طهر الثوب ) و هذا استحسان و القياس أن لا يطهر الثوب و لو غسل في عشر اجانات و به قال بشر بن غياث .
و وجهه أن الثوب النجس كلما حصل في الاجانة تنجس ذلك الماء فانما غسل الثوب بعد ذلك في الماء النجس فلا يطهر