مبسوط

شمس الدین السرخسی

جلد 2 -صفحه : 217/ 76
نمايش فراداده

كان يصليها فانجلت الشمس مع فراغه منها و فى الكتاب ذكر حديث إبراهيم رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم صلى ركعتين في الكسوف ثم كان الدعاء حتى تجلت و هو كان مقدما في باب الاخبار فانما يعتمد على ما يصح منها فدل ان الصحيح انها كسائر الصلوات و لو جاز الاخذ بما روت عائشة و ابن عباس رضي الله عنهم لجاز الاخذ بما روى جابر رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم صلى في الكسوف ركعتين بست ركوعات و ست سجدات و قال على رضي الله عنه صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم في الكسوف ركعتين بثمان ركوعات و أربع سجدات و بالاجماع هذا مأخوذ به لانه مخالف للمعهود فكذلك ماروت عائشة و ابن عباس رضى الله عنهما .

و تأويل ذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم طول الركوع فيها فانه عرض عليه الجنة و النار في تلك الصلاة فمل بعض القوم فرفعوا رؤوسهم و ظن من خلفهم ان النبي صلى الله عليه و سلم رفع رأسه فرفعوا رؤوسهم ثم عاد الصف المتقدم إلى الركوع اتباعا لرسول الله عليه الصلاة و السلام فركع من خلفهم أيضا و ظنوا انه ركع ركوعين في كل ركعة و مثل هذا الاشتباه قد يقع لمن كان في آخر الصفوف و عائشة رضى الله عنها كانت واقفة في صف النساء و ابن عباس في صف الصبيان في ذلك الوقت فلهذا نقلا كما وقع عندهما و لو كان هذا صحيحا لكان أمرا بخلاف المعهود فينقلها الكبار من الصحابة الذين كانوا يلون رسول الله صلى الله عليه و سلم و حيث لم يروها أحد منهم دل أن الامر كما قلنا ثم هذه الصلاة لا يقيمها بالجماعة الا الامام الذي يصلى بالناس الجمعة و العيدين فاما ان يصلى كل فريق في مسجدهم فلا لانه أقامها رسول الله صلى الله عليه و سلم و انما يقيمها الآن من هو قائم مقامه و ان لم يقمها الامام صلى الناس فرادى ان شاؤوا ركعتين و ان شاؤوا أربعا لان هذا تطوع و الاصل في التطوع اداؤها فرادى ان شاؤوا ركعتين و ان شاؤوا أربعا و ذلك أفضل ثم ان شاؤوا طولوا القراءة و ان شاؤوا قصروا ثم اشتغلوا بالدعاء حتى تنجلى الشمس فان عليهم الاشتغال بالتضرع إلى أن تنجلى و ذلك بالدعاء تارة و بالقراءة أخرى و صح في الحديث أن قيام رسول الله صلى الله عليه و سلم في الركعة الاولى كان بقدر سورة البقرة و فى الركعة الثانية بقدر سورة آل عمران فالأَفضل أن يطول القراءة فيها قأما كسوف القمر فالصلوة حسنة و كذلك في الظلمة و الريح و الفزع لقوله عليه الصلاة و السلام إذا رأيتم شيئا من هذه الاهوال فافزعوا إلى الصلاة و عاب أهل الادب على محمد رحمه الله تعالى في هذا