مبسوط

شمس الدین السرخسی

جلد 3 -صفحه : 219/ 17
نمايش فراداده

المائتين ثم الغنى الذي يثبت به حرمة أخذ الصدقة أن يملك مائتي درهم أو ما يساويها فضلا عن حاجته عندنا .

و قال سفيان الثورى أن يملك خمسين درهما و قال الشافعي رحمه الله تعالى إذا كان صاحب عيال لا تغنيه المائتان جاز صرف الزكاة اليه و ان كان يملك المائتين لقيام حاجته كابن السبيل تصرف اليه الزكاة و ان كان مالكا للمال .

و سفيان رحمه الله تعالى استدل بما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال من سأل الناس و هو غنى عن المسألة جاءت مسألته يوم القيامة خدوشا أو خموشا أو كدوشا في وجهه قيل و ما الغنى يا رسول الله قال أن يملك خمسين درهما .

و تأويله عندهما في حرمة السوأل و الطلب و به نقول قال صلى الله عليه و سلم لعمر رضى الله تعالى عنه ما أتاك من هذا المال من طلب و لا استشراف فخذه فانه مال الله تعالى يؤتيه من يشاء و ذم السوأل لقوله صلى الله عليه و سلم السوأل آخر كسب العبد أى يبقى في ذله إلى يوم القيامة و ان كان قادرا على الكسب و ليس له عيال و لا مال يجوز صرف الزكاة اليه عندنا و لا يجوز عند الشافعي رحمه الله تعالى لقوله صلى الله عليه و سلم لا تحل الصدقة لغنى و لا لذى مرة سوى .

و تأويله عندنا حرمة الطلب و السؤال .

ألا ترى إلى ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه كان يقسم الصدقات فقام اليه رجلان يسألانه فنظر إليهما و رآهما جلدين فقال أما انه لا حق لكما فيه و ان شئتما أعطيتكما معناه لا حق لكما في السوأل .

ألا ترى أنه جوز الاعطاء لهما و قيل كان الحكم في الابتداء ان حرمة الاخذ كانت متعلقة بقوة البدن ثم انتسخ بملك خمسين ثم انتسخ ذلك و استقر الامر على ملك النصاب و انما حملناه على هذا ليكون الناسخ أخف من المنسوخ كما قال الله تعالى نأت بخير منها أو مثلها ( قال ) رجل له على رجل دين فتصدق به على آخر عن زكاة ماله و أمره بقبضه فقبضه أجزأه لانه في القبض وكيله فتعين المقبوض ملكا لصاحب المال فكانه قبض بنفسه ثم صرف اليه بنية الزكاة فيكون مؤديا العين دون الدين ( قال ) رجل تصدق على رجل بدراهم من ماله عن زكاة مال رجل بغير أمره ثم علم بعد ذلك و رضي به لم يجزه من زكاته لان رضاه في الانتهاء انما يؤثر فيما كان موقوفا عليه و الصدقة عن المتصدق كان تاما غير موقوف فلا يؤثر فيه رضا الآخر به و ان كان تصدق عليه بأمره أجزأه لانه يصير مستقرضا المال منه ان شرط له الرجوع عليه أو مستوهبا منه ان لم يشترط له ذلك و الفقير يكون نائبا عنه في القبض يقبض له أولا ثم لنفسه بخلاف ما إذا انعدم