مبسوط

شمس الدین السرخسی

جلد 3 -صفحه : 219/ 196
نمايش فراداده

الحيض و لكن لو أخذنا بهذا كان فيه حرج بين فانها لا تتفرغ عن الاغتسال لشغل آخر ديني أو دنيوي فأمرناها بالاغتسال لكل صلاة لهذا و كان أبو علي الدقاق رحمه الله تعالى يقول هذا قياس أيضا و الاستحسان انها تغتسل لوقت كل صلاة و زعم ان هذا هو قول محمد رحمه الله تعالى لان في أمرنا إياها بالاغتسال لكل صلاة من الحرج ما لا يخفي فكما أن في المستحاضة التي تعرف أيامها يقام الوقت مقام الصلاة حتى يكفيها في كل وقت وضوء واحد فكذلك في الاغتسال و لكن الاصح ما ذكر في الكتاب انها تغتسل لكل صلاة لان اعتبار الحرج فيما لا نص فيه بخلافه و الاثر جاء هنا بالاغتسال لكل صلاة فان حمنة بنت جحش رضى الله تعالى عنها لما استحيضت سبع سنين أمرها رسول الله صلى الله عليه و سلم أن تغتسل لكل صلاة فان كانت فيه قد نسيت أيامها فهو نص و ان كانت تحفظ أيامها فلما أمرنا بالاغتسال لكل صلاة من حفظت أيامها فلمن نسيت أولى و به أمر حمنة بنت جحش و كانت تحت عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه و به أمر سلمة بنت سهيل و كانت تحت أبى حذيفة رضى الله تعالى عنه فشق عليها ذلك فأمرها أن تؤخر الصلاة إلى آخر الوقت ثم تصلى الظهر في آخر الوقت و العصر في أول الوقت بغسل واحد ثم تؤخر المغرب إلى آخر الوقت فتغتسل و تصلى المغرب في آخر الوقت و العشاء في أول الوقت بغسل واحد ثم تغتسل للفجر و به أخذ إبراهيم النخعي رحمه الله تعالى و تأويله عندنا انها تذكرت ان خروجها من الحيض كان يكون في آخر هذه الاوقات .

و قال سعيد ابن جبير رحمه الله تعالى رفع فتوى إلى ابن عباس رضى الله عنهما بعد ما كف بصره فدفعه إلى فقرأته عليه فإذا فيه انى إمرأة من المسلمين ابتليت بالدم و قد سألت عليا رضى الله تعالى عنه فأمرني أن أغتسل لكل صلاة فقال و أنا أرى لها مثل ما رأى على رضى الله تعالى عنه فلهذه الآثار أمرناها بالاغتسال لكل صلاة و كان أبو سهل رحمه الله تعالى يقول تغتسل في وقت و تصلى ثم تغتسل في الوقت الثاني لاداء صلاة الوقت و تعيد ما صلت قبل هذا الوقت لتتيقن أداء أحدهما بصفة الطهارة لان الاحتياط في باب العبادات واجب و انما تصلى المكتوبات و السنن المشهورة لانها تبع للمكتوبات شرعت لجبر النقصان المتمكن فيها و كذلك تصلى الوتر لانها واجبة أو سنة مؤكدة و لا تصلى شيئا من التطوعات سوى هذا لان أداء التطوع في حالة الطهر مباح و في حاله الحيض حرام