مبسوط

شمس الدین السرخسی

جلد 12 -صفحه : 219/ 61
نمايش فراداده

هبة فله أن يرجع فيها في قول أبى حنيفة ) و في قول أبى يوسف و محمد رحمهما الله ليس له أن يرجع فيها .

وجه قولهما ان الملك بحكم الهبة وقع لذى الرحم المحرم فلا رجوع فيها كما لو كان وهب للمولى و هذا لانه و ان أضاف العقد إلى العبد فالمقصود المولى و هو قريبه فعرفنا أن مقصوده صلة الرحم ألا ترى أنه لو أوصى لعبد وارثه أو لعبد قاتله كان ذلك كالوصية لمولاه حتى لا يصح و لانه في الرجوع يخاصم المالك و هو قريب له و في مخاصمته في الرجوع فيها قطيعة الرحم و أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول الصلة ما تمت لذى الرحم المحرم عقدا و ملكا فيكون له أن يرجع فيما كما لو كان وهب لاخيه و هو عبد لغيره و هذا لان الرجوع باعتبار العقد و الملك حتى إذا كان العقد معاوضة فليس فيه حق الرجوع و بعد زوال الملك لا رجوع و العقد هنا للعبد ألا ترى أن القبول و الرد يعتبر منه دون المولى و ان المعتبر منه دين العبد حتى إذا كان الموهوب خمرا صحت الهبة إذا كان العبد كافرا و ان كان مولاه مسلما .

و الملك بحكم الهبة يقع للعبد على أحد الطريقين لان الحكم انما يثبت لمن بأشر سببه و لهذا يقدم فيه حاجة العبد حتى يقضي منه ديونه ثم ينتقل إلى المولى عند استغناء العبد عنه لانه مالك لرقبته فيخلفه في كسبه خلافة الوارث المورث .

و على الطريق الآخر الملك يقع للمولى و لكن بطريق الخلافة عن العبد لانه ليس بأهل للملك فيخلف القاتل في ذلك مولاه و هو نظير الطريقين في الوكيل بالشراء إذا ثبت هذا فنقول لما وقع العقد للعبد و هو أجنبي فلا ينفك هذا العقد عن مقصود العوض فيثبت حق الرجوع فيه إذا لم يعوض ( فان قيل ) فإذا وقع الملك للعبد ثم انتقل منه الي المولى ينبغى أن لا يثبت حق الرجوع فيه ( قلنا ) هذا ان لو كان الثابت له ملكا مستقرا و هو ليس من أهل ذلك و عند العقد هذا الانتقال كان معلوما فلا يكون مانعا من الرجوع ( فان قيل ) كيف يقصد بالهبة من العبد العوض و هو ليس من أهل العوض فينبغي أن لا يثبت الرجوع في الهبة من العبد أصلا لعلمنا أنه لم يقصد العوض به كما لا يرجع في الهبة من الفقير ( قلنا ) العبد من أهل أن يعوض بمنافعه و خدمته و من أهل أن يعوض بكسبه عند اذن المولى فكان المقصود بالهبة منه ما هو المقصود بالهبة من الحر و هو العوض و هذا بخلاف الوصية فالبطلان هناك لا يثار بعض الورثة و ذلك بالملك لا بالعقد فاعتبرنا من يقع له الملك وهنا الرجوع لفوات المقصود بالعقد فان العوض مقصود بعقد التبرع أيضا فانما ينظر إلى من وقع العقد أو الملك له فأيهما كان أجنبيا ثبت حق الرجوع له لانه لم