مبسوط

شمس الدین السرخسی

جلد 12 -صفحه : 219/ 64
نمايش فراداده

قرابته القريبة يثبت هذا القدر من الولاية كقرابة العم لقرابة الاخ ثم تأيدت قرابة العم بكون اليتيم في عياله فتتم الهبة له بقبضه قال و كذلك ان كان له وصى فوهب له هبة و هو في عياله و أشهد على ذلك و أعلمه جاز و قبل مراده وصى الام أو الاخ فأما وصي الاب و الجد فله أن يقبض ما يوهب له سواء كان في عياله أو لم يكن لانه قائم مقام الوصي في الولاية في ماله مطلقا سواء كان هو الواهب له أو غيره .

قال ( فان كان رجل أجنبي يعول يتيما و ليس بوصي له و لا بينهما قرابة و ليس لهذا الوصي أحد سواه جاز له ان يقبض ما يوهب له استحسانا ) و فى القياس لا يجوز لانه لا ولاية له عليه و هو متبرع في تربيته و الانفاق عليه فكان كسائر الاجانب فيما ينبنى على الولاية و لكنه استحسن فقال فيما يتمحض منفعة لليتيم فمن يعوله خلف عن وليه ألا ترى انه أحق بحفظه و تربيته لو أراد أجنبي آخر ان ينتزعه من يده لم يكن له ذلك و أن يسلمه في تعليم الاعمال فيكون في ذلك بمنزلة وليه و الخلف يعمل عمل الاصل عند عدم الاصل .

و انما أثبتنا هذه الخلافة توفيرا للمنفعة على الصغير لانه يقرب إلى المنافع و يبعد عن المضار و فى قبض الهبة محض منفعة له فإذا ثبت أن له أن يقبض هبة الغير له فكذلك إذا كان هو الواهب فاعلمها و أبانها فهو جائز و قبضه له قبض و يستوى ان كان الصبي يعقل أو لا يعقل .

و فيه نوع اشكال لانه إذا كان يعقل فهو من أهل ان يقبض بنفسه فلا حاجة إلى اعتبار الخلف هاهنا و لكن الجواب ان يقول يقبض لا باعتبار الولاية على نفسه فالصغير تبقي ولايته عن نفسه و لكن لتوفير المنفعة عليه و فى اعتبار قبض من يعوله مع ذلك معنى توفير المنفعة أظهر لانه ينفتح عليه بابان لتحصيل هذه المنفعة بخلاف الولد الكبير لانه يقبض هناك بولايته على نفسه و ولاية الغير خلف فلا يظهر عند ظهور الاصل .

قال ( و كل يتيم في حجراخ أو ابن أخ أو عم يعوله فوهب له رجل هبة فانما يقبضها الذي يعوله إذا كان هو صغيرا لا يحسن القبض ) و كذلك ان كان عاقلا يحسن القبض قبض له من يعوله جاز لما بينا و ان قبض الصغير بنفسه ففى القياس لا يجوز قبضه و هو قول الشافعي لانه لا معتبر بقبضه قبل البلوغ خصوصا فيما يمكن تحصيله له بغيره فان اعتبار عقله للضرورة و ذلك فيما لا يمكن تحصيله له بغيره فأما فيما يمكن تحصيله له بغيره فلا تتحقق الضرورة و لهذا لم يعتبر الشافعي رحمه الله عقله في صحة اسلامه و اعتبره في وصيته و اختياره احد الابوين لان ذلك لا يمكن تحصيله له بغيره .

وجه الاستحسان انه انما لا يعتبر عقله لدفع الضرر عنه