مجموع فی شرح المهذب

محیی الدین بن شرف النووی

جلد 9 -صفحه : 404/ 346
نمايش فراداده

فرع قال الغزالى في الاحياء اذا قدم لك انسان طعاما ضيافة

من أكل المغصوب ( أما ) إذا أوفى الثمن الحرام ثم قبض المبيع فان علم البائع بان الثمن حرام و أقبض المبيع برضاه سقط حقه من الحبس و بقى الثمن له في الذمة و يكون أكل المشترى المبيع حلالا و ان لم يعلم البائع كون الثمن حراما و كان بحيث لو علم لما رضى به و لما اقبض المبيع لم يسقط حق الحبس بهذا التدليس فالأَكل حينئذ حرام كتحريم أكل طعامه المرهون و الامتناع من الاكل في كل هذا ورع منهم و لو اشترى سلطان شيئا بثمن في الذمة شراء صحيحا و قبضه برضا البائع قبل توفية الثمن ثم وهبه لانسان و كان في مال المشترى حلال و حرام و لم يعلم من أين يوفيه الثمن لم يحرم علي الانسان الموهوب له و لكن الورع تركه و يتأكد الورع أو يخف بحسب كثرة الحرام في يد المشترى و قلته و لو اشتري إنسان شيئا في الذمة و فى ثمنه عنبا لمن عرف باتخاذ الخمر أو سيفا لمن عرف بقطع الطريق و نحو ذلك كره أكل ذلك المشتري و لم يحرم و لو حلف لا يلبس غزل زوجته فباعت غزلها و وهبته الثمن لم يكره أكله فان تركه فليس بورع بل وسواس و من الورع المحبوب ترك ما اختلف العلماء في اباحته اختلافا محتملا و يكون الانسان معتقدا مذهب إمام يبيحه و من أمثلته الصيد و الذبيحة إذا لم يسم عليه فهو حلال عند الشافعي حرام عند الاكثرين و الورع لمعتقد مذهب الشافعي ترك أكله ( و أما ) المختلف فيه الذي يكون في اباحته حديث صحيح بلا معارض و تأويله ممتنع أو بعيد فلا أثر لخلاف من منعه فلا يكون تركه ورعا محبوبا فان الخلاف في هذه الحالة لا يورث شبهة و كذلك إذا كان الشيء متفقا عليه و لكن دليله خبر آحاد فتركه إنسان لكون بعض الناس منع الاحتجاج بخبر الواحد فهذا الترك ليس بورع بل وسواس لان المانع للعمل بخبر الواحد لا يعتد به و ما زالت الصحابة فمن بعدهم على العمل بخبر الواحد قال و لو أوصى بمال للفقهاء فالفاضل في الفقة مدخل في الوصية و المبتدى من شهر و نحوه لا يدخل فيه و المتوسط بينهما درجات يجتهد المفتي فيهما و الورع لهذا المتوسط ترك الاخذ منها و ان أفتاه المفتى بأنه داخل في الوصية قال و كذا الصدقات المصروفة إلى المحتاجين قد يتردد في حقيقة الحاجة و كذا ما يجب من نفقة الاقارب و كسوة الزوجات و كفاية العلماء في بيت المال ( فرع ) قال الغزالي في الاحياء إذا قدم لك إنسان طعاما ضيافة أو أهداه لك أو أردت شراءه منه و نحو ذلك لم يطلق الورع فانك تسأل عن حله و لا يترك السوأل قد يجب و قد يحرم و قد يندب و قد يكره و ضابطه مظنة السوأل هى موضع الريبة و لها حالان ( أحدهما ) يتعلق بالمالك ( و الثاني ) بالملك