مجموع فی شرح المهذب

محیی الدین بن شرف النووی

جلد 15 -صفحه : 521/ 26
نمايش فراداده

أما كراء البقر للحرث فقد ثبت بالنص و العرف قال النبي صلى الله عليه و سلم ( بينما رجل يسوق بقرة أراد أن يركبها فقالت : إنى لم أخلق لهذا ، و إنما خلقت للحرث ، رواه الشيخان ، على أن هذا يحتاج إلى شرطين ، معرفة الارض و تقدير العمل ، فأما الارض فلا تعرف الا بالمشاهدة لاختلافها صلابة و رخاوة وسعة و ضيقا و قد كانت الارض تقدر مساحتها بالجربان جمع جريب و هو ما يبلغ ستين ذراعا مربعا مهيا للزرع و لذلك كانوا يقولون فلان يملك ألف جريب و ألف خريب و يعنون بالخريب المهيأ للزراعة و يحتاج إلى إصلاح حتى يكون جريبا ، و من هنا اختلف كراء الجريب عن الخريب لان الجريب تكون مستوية السطح خالية من الحجارة و الحفر بعكس الخريب لذلك وجب رؤيتها لانها لا تعرف الا بالمشاهدة و أما تقدير العمل فيجوز بأحد شيئين اما بالمدة كيوم و يومين و اما بالارض كهذه القطعة ، أو من هذا المكان أو بالمساحة كقصبة أو قصبتين ( و القصبة 355 س م .

) و الفدان 333 و ثلث قصبة .

أما الدراس أو الدياس و الدياس جعلوها مصدرا لداس يدوس دوسا و دياسا مثل الدراس فمن علماء اللغة من ينكر كون الدياس من كلام العرب ، و منهم من يقول : هو مجاز و كأنه مأخوذ من داس الارض دوسا إذا شدد وطأه عليها بقدمه ، و المدوس الذي تداس به الحنطة بكسر الميم لانه آلة .

و أما المداس الذي ينتعله الانسان فإن صح سماعه فقياسه كسر الميم لانه آلة و الا فالكسر أيضا حملا على النظائر الغالبة من العربية ، و لا أدري وجه صاحب القاموس المحيط في جعله زنة سحاب قلت : أما تأجير البقر للدراس أو البقر فأشبه الحرث في معرفة نوع الزرع المراد دياسه و هل بالنورج أم بدونه و على مدة و معرفة الحيوان ، لان الغرض يختلف باختلافه ، فمن الحيوانات ما يكون نجس البول و الروث فيختلط بالطعام فيحتاج إلى اختياره و تحديد نوعه و كذلك إدارة الرحى للطحن يفتقر إلى شيئين ، معرفة الحجر بالمشاهده ، و اما بصفة تعرف بها حالته من الثقل أو الخفة و تقدير العمل اما بالزمان كيوم و يومين و نوع المطحون فقد يكون عسير الطحن لصلابته .