مجموع فی شرح المهذب

محیی الدین بن شرف النووی

جلد 16 -صفحه : 454/ 129
نمايش فراداده

لان الصوم لما كان مؤثرا في ضعف شهوة النكاح شبه بالصوم .

و قد يقال : إن الصوم بما فيه من عبادة في ذاته و فيما يلابسه من ترك لشهواته الحسية و المعنوية فإنه صارف عن مقارفة الشهوات أو التجانف للمآثم ، و هو بما يحيط بالمرء من فيض نور الطاعة وقاية من الفحشاء أى وقاية .

( أما الاحكام ) فان النكاح مشروع بالكتاب و السنة كما أوردنا من نصوصهما و قد اختلف الفقهاء في كونه واجبا أو جائزا فمذهبنا جوازه ، و هو المشهور من مذهب أحمد بن حنبل رضى الله عنه إلا أن يخاف أحد على نفسه الوقوع في محظور بتركه فيلزمه إعفاف نفسه .

و حكى عن داود أنه واجب في العمر مرة واحدة للآية و الخبر .

دليلنا أن الله تعالى حين أمر به علقه على الاستطابه بقوله ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) و الواجب لا يقف على الاستطابة ، و قال .

مثنى و ثلاث و رباع .

و لا يجب ذلك بحال بالاتفاق .

قالت عائشة رضى الله عنها كانت مناكح أهل الجاهلية على أربعة أقسام .

( أحدها ) مناكح الرايات و هو أن المرأة كانت تنصب على بابها راية لتعرف أنها عاهرة ، فيأتيها الناس .

( و الثاني ) أن الرهط من القبيلة أو الناحية كانوا يجتمعون على وطء إمرأة لا يخالطهم غيرهم ، فإذا جاءت بولد ألحق بأشبههم ( الثالث ) نكاح الاستخبار ، و هو ان المرأة إذا أرادت ان يكون ولدها كريما بذلت نفسها لعدة من فحول القبائل ليكون ولدها كأحدهم ( الرابع ) النكاح الصحيح و هو الذي قال النبي صلى الله عليه و سلم فيه ولدت من نكاح لا سفاحا ، و تزوج النبي صلى الله عليه و سلم خديجة بنت خويلد قبل النبوة من عمها ورقة بن نوفل ، و كان الذي خطبها له عمه أبو طالب و خطب فقال الحمد لله الذي جعل لنا بلدا حراما و بيتا محجوجا و جعلنا سدنته ، و هذا محمد قد علمتم مكانه من العقل و النبل ، و ان كان في المال قل ، الا ان المال ظل زائل ،