و الاول هو المنصوص ، لان الصدمة لا تقتل غالبا .
و لو كان كذلك لكان في القصاص قولان ، و لا فرق بين أن يكونا مقبلين أو مدبرين ، أو أحدهما مقبلا و الاخر مدبرا ، إلا أن الاصطدام قد وجد ، و إن كان فعل المقبل أقوى .
و كذلك لا فرق بين أن يكونا فرسين أو حمارين أو بغلين ، أو أحدهما على فرس و الاخر على بغل أو حمار ، لان الاصطدام قد وجد منهما .
و إن كان فعل أحدهما أقوى من فعل الاخر ، كما لو جرح رجل رجلا جراحات و جرحه الاخر جراحة و مات منها .
قال الشافعي رضى الله عنه : و لا فرق بين أن يكونا بصيرين أو أعميين ، أو أحدهما أعمى و الاخر بصيرا لان الاصطدام قد وجد منهما ، و لا فرق بين أن يقعا مكبوبين أو مستلقيين ، أو أحدهما مكبوبا و و الاخر مستلقيا .
و قال المزني : إذا وقع أحدهما مكبوبا على وجهه و الاخر مسلتقيا على ظهره ، فإن القاتل هو المكبوب على وجهه ، فعلى عاقلته جميع الدية للمستلقى و لا شيء على عاقلة المستلقى و المنصوص هو الاول ، لانهما قد اصطدما ، و يحوز أن يقع مسلتقيا على ظهره من شدة صدمته .
ألا ترى أن رجلا إذا طرح حجرا على حجر رجع الحجر إلى خلف من شدة وقوعه و ثبوت الاخر ، فكذلك هذا مثله .
و ان ماتت الدابتان وجب على كل واحد منهما نصف قيمة دابة الاخر ، لانها تلفت بفعله و فعل صاحبه ، و لا تحمله العاقلة ، لان العاقلة لاتحمل المال ، و إن كان أحدهما راكبا و الاخر ماشيا فالحكم فيهما كما لو كان راكبين أو ماشيين و إنما يتصور هذا إذا كان الماشي طويلا و الراكب أقصر ( فرع ) إذا اصطدم صغيران راكبان نظرت فإن ركبا بأنفسهما أو اركبهما ولياهما فهما كالبالغين ، لان للولي أن يركب الصغير ليعلمه ، و ان أركبهما أجنبيان فعلى عاقلة كل واحد منهما من المركبين نصف دية كل واحد منهما لان كل واحد من المركبين هو الجاني على الذي أركبه و على الذي جنى عليه .
و ان كان المصطدمتان حاملتين فماتنا و مات جنيناهما وجبت على عاقلة كل واحد