الفتاوى و مخالفته للسيرة القطعية و مما يبعد أيضا الشركة الحقيقية اتحاد سياق الروايات الواردة في الزكاة الواجبة و المستحبة كزكاة مال اليتيم و ما عدى الغلات الاربع من المكيلات بل بعض الروايات الواردة في بيان ما ثبت فيه الزكاة مشتملة على الواجب و المستحب مع أنه لا يمكن الالتزام بالشركة الحقيقية في المستحب فالمقصود بثبوت الزكاة فيها كونها متعلقا لحق الفقير الناشي من إيجاب الشارع أو ندبة التصدق بشيء منها عليه كغيرها من الحقوق الثابتة للفقراء في أموال الاغنياء مما عدى الزكاة المبينة في ألاخبار الواردة في تفسير قوله تعالى و آتوا حقه يوم حصاده و قوله تعالى في أموالهم حق معلوم للسائل و المحروم و الذي يقوى في النظر بالنظر ألى مجموع ما ورد في هذا الباب من ألايات و الروايات إن الله تعالى قد جعل للفقراء في أموال الاغنياء ما يكتفون به بمعنى أنه تعالى أوجب على الاغنياء أن يتصدقوا عليهم من أموالهم التي وضع عليها الزكاة بالفريضة التي عينها لهم فصارت الفريضة المقررة في أموالهم بذلك حقا لازما لهم على الاغنياء في أموالهم فهو ملك لهم شأنا لا بالفعل ولدى امتناع المالك عن أداء هذا الحق قد جعل الشارع الحاكم و الساعي بل و ساير المؤمنين بل نفس الفقير عند الحاكم و الساعي وليا على أستفيائه فيؤديه عن المالك من باب الحسبة بقصد القربة و أداء الزكاة الواجبة في هذا المال كغيرها من الحقوق المتعلقة بألاموال لدى امتناع مالكه عن الخروج عن عهدتها و حيث ثبت بألادلة الخارجية جواز إخراج الفريضة من مال أخر بل جواز دفع القيمة كشف ذلك عن أن الحق الذي جعله الشارع للفقير في هذا المال لم يلاحظ فيه خصوصية شخصه و لا نوعه بل كحق غرماء الميت المتعلق بتركته و إن كان بينهما فرق من حيث تعلق حق الغرماء إذا لم يكن الدين مستوعبا بمجموع التركة بحيث لو تلف منها شيء مما زاد عن الحق لم يرد به نقص على الغريم و هذا حق متعلق بجميعه حيث أن الشارع جعل الفقير مستحقا لان يستوفي له من جميع هذا المال البالغ حد النصاب الفريضة التي قررها له عينا أو قيمة كما جعل الزوجة ذات الولد مستحقة لان تستوفي من البناء ثمن قيمتها و ليس حق الزوجية المتعلق بقيمة البناء دينا ثابتا في ذمة الورثة بل حقا معلقا بتركته فهذا قسم من الحق مبسوط على جميع المال فلا ينافيه التوزيع و لا جواز إخراج الزكاة من العين و لا دفع القيمة و لا يكاد يستفاد من أدلة الزكاة و لا من إطلاق فتوى القائلين بوجوب الزكاة في العين أزيد من ثبوت هذا النحو من الحق للفقير و هو كاف في صحة إطلاق لفظ الشركة في قوله عليه السلام في الموثقة المتقدمة إن الله تبارك و تعالى شرك بين الاغنياء و الفقراء في الاموال فهو و إن كان خلاف ظاهر إطلاق لفظ الشركة حيث ظاهرها الشركة الحقيقية و لكنه يكفي قرينة لصرفها عن هذا الظاهر الجمع بينها و بين قوله عليه السلام في صحيحة أبن سنان إن الله عز و جل فرض للفقراء في أموال الاغنياء ما يكتفون فضلا عن غيره مما عرفت حيث أن الصحيحة صالحة لتفسير ما أريد من الشركة في هذه الرواية فإنه إذا لو حظ مجموع الخبرين يصير المجموع بمنزلة ما لو قال إن الله شرك بين الاغنياء و الفقراء في الاموال بإن فرض على الاغنياء في أموالهم للفقراء بأن يتصدقوا عليهم بقدر كفايتهم مع أنه لا يمكن إثبات مثل هذا الحكم المخالف للقواعد بمثل هذا الظهور كما هو واضح و أما رواية أبن أبي حمزة القاضية بأنه إذا أتجر بها في جملة المال فلها الربح بقسطها و ليس عليها الوضيعة فهي بنفسها مخالفة لما يقتضيه الشركة الحقيقية فإن نفوذ تصرف أحد الشريكين في المال المشترك الموجب لانتقال حقه إلى الثمن و أباحة تصرفه فيه و أستحقاقه لقسطه من الربح بغير أجازته مخالف للقواعد أللهم إلا أن يقال إلا حكم الشارع بأن الربح له بمنزلة الاجازة من الولي حقيقة أو حكما بالنسبة إلى المعاملات الواقعة على طبق مصلحة الفقير أي المشتملة على الربح و أما ما عداها مما لا فائدة فيه للفقير بالنسبة إلى حق الشريك باقية على أصالة الفساد فحق الشريك باق في العين و على البايع الخروج عن عهدته فلا وضيعة عليه فلا يعارضها صحيحة عبد الرحمن المتقدمة الدالة على تتبع الساعي المال و عدم لزوم الثمن زاد أم نقص لامكان صرف هذه الصحيحة لو لم نقل بإنصرافها من حيث هي إلى صورة عدم زيادة الثمن عن القيمة بحيث يكون استيفاء حق الشريك من الثمن أصلح بحاله فيجمع بينهما بتخصيص الصحيحة بغير المعاملة المشتملة على الربح التي دلت هذه الرواية على صحتها أو سببيتها لانتقال حق الفقير إلى الثمن نعم ظاهر تلك الصحيحة صحة مطلق المعاملات المتعلقة بالمال بل لزومها مع بقاء المال على ما كان من كونه متعلقا للزكاة الواجبة فيه و أنه إن أداها المالك من مال آخر فهو و إلا أستوفاها الساعي من العين و رجع المشتري بها على البايع من أن يفسخ البيع حتى بالنسبة إلى ما دفعه إلى الساعي و إلا لم يكن له الرجوع إلا بما قابلها من الثمن سواء زاد عن قيمة ما يقع مصداقا للفريضة الواجبة فيه أم نقص و هذه الاحكام كلها منافية للشركة الحقيقية حتى تنزيل حكم الشارع بأن الربح له منزلة أجازته و ليس الالتزام بشيء منها بعد تسليم جواز العمل بهذه الرواية في موردها أولى من الالتزام بأن الشارع الحق ربح الزكاة الحاصل بالتجارة بأصله في إيجاب دفعه إلى الفقير أو ندبه رعاية لحق الفقير الذي جعله الشارع له و قصر المالك في أدائه و قد تلخص من جميع ما ذكر أنه لا دليل يعتد به على الشركة الحقيقية بل هي مخالفة للاصول و القواعد و ظواهر الادلة بل غاية ما يمكن استفادته منها أن الزكاة حق مالي متعلق بالعين فإذا تمكن من إيصالها إلى مستحقها بعد تنجز التكليف به فلم يفعل فقد فرط أي أهمل في أدائها إلى المستحق فإن تلفت و الحال هذه لزمه الضمان بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن التذكرة إنه قول علمائنا أجمع و يدل عليه مضافا إلى ذلك صحيحة محمد بن مسلم أو حسنته قال قلت لابي عبد الله عليه السلام رجل بعث عنت ماله لتقسم فضاعت هل عليه ضمانها حتى تقسم فقال إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها أليه فهو لها ضامن حتى يدفعها و إن لم يجد لها من يدفعها أليه فبعث بها إلى أهلها فليس عليه ضمان لانها قد خرجت من يده و كذلك الوصي الذي يوصي أليه يكون ضامنا لما دفع اليه إذا وجد ربه الذي أمر بدفعه أليه و إن لم يجد فليس عليه ضمان و صحيحة زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل بعث أليه أخ له زكاته ليقسمها فضاعت فقال ليس على ألرسول و لا على المؤدي ضمان قلت فإنه لم يجد لها أهلا ففسدت و تغيرت أ يضمنها قال لا و لكن إذا عرف لها أهلا فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن حتى يخرجها و كذا لو تمكن من إيصالها ألى ألساعي و ألامام عليه السلام لكون ألايصال إليهما أيصالا ألى هلها كما صرح به في الجواهر ثم قال بل الظاهر أن الحكم كذلك في المجتهد و وكيله بالنسبة