مصباح الفقیه

آقا رضا الهمدانی ؛ ناظر: نور الدین جعفریان؛ تحقیق: محمد الباقری، نور علی النوری

جلد 3 -صفحه : 235/ 86
نمايش فراداده

في اضاف المستحيض والفرق بين الفقير والمسكين وحدهما

الحاصرة للزكاة في الاجناس التسعة التي عرفتها في صدر الكتاب .

النظر الثالث : مما يتعلق عنت المال فيمن نصرف اليه و وقت التسليم و النية القول فيمن تصرف اليه و يحصره أقسام القسم ألاول أصناف المستحقين للزكاة في الواقع سبعة و إن كان المترائي من الاية الشريفة و بعض الروايات الورادة عن أهل البيت عليهم السلام المفسرة لها و كذا من كلمات الاصحاب المصرحين بعدد الاصناف إنها ثمانية أصناف الفقراء و المساكين و هم الذين تقصر أموالهم عن مؤنة سنتهم و لو بانتفاء أصل المال بأن لم يكن لهم مال أصلا فأن هذا من أوضح مصاديق العنوانين و لكن الاظهر الاشهر بل المشهور نصا و فتوى إن المسكين أسوء حالا من الفقير لا بمعنى إن بين مفهوميهما المباينة بحيث يصير كل منهما صنفا مغايرا للاخبر بل الفقر الذي هو في ألاصل بمعنى الحاجة و يطلق عرفا في الحاجة الخاصة أي ألاحتياج إلى المال الذي يصرفه في نفقته قد يشتد إلى أن يوقعه في مذلة السوأل و شبهه فيقال له المسكين من المسكنة بمعنى الذلة و لا يطلق في العرف على كل ذليل من أي وجه يكون لفظ المسكين بل على الذليل الذي أصابه الذل من فقره فالمسكين أخص موردا في العرف من الفقير إذ لا يقال على الفقير المتعفف الذي يحسبه الجاهل من تعففه و تعزه غنيا منه لفظ المسكين و كذا على الفقير الذي يتكفل غيره نفقته بعز كأولاد الاغنياء و حواشي الملوك و السلاطين و أتباعهم الذين لا مال لهم من أنفسهم أصلا فضلا عن إن يكفي بمؤنتهم و يؤيد ما ذكرناه من كون المسكين أسوء حالا من مطلق الفقير مضافا إلى ما عرفت ما عن جماعة من القدماء و جمهور المتأخرين من التصريح به و يدل عليه أيضا صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما ( ع ) إنه سئله عن الفقير و المسكين فقال الفقير الذي لا يسئل الناس و المسكين الذي هو أجهد منه الذي يسئل و خبر أبي بصير قال قلت لابي عبد الله عليه السلام قول الله عز و جل إنما الصدقات للفقراء و المساكين قال الفقير الذي لا يسئل الناس و المسكين أجهد منه و البائس أجهدهم و لا يخفى عليك إن المقصود بمثل هذه ألاخبار و كذا في كلمات الاصحاب المصرحين بأن المسكين أسوء حالا من الفقير بيان المائز بين اللفظين بأخصية المسكين من الفقير الموجبة لارادة مورد ألافتراق من الاخير لدى أجتماعه مع ألاول في اللفظ و لذا قالوا إذا اجتمعا افترقا و إلا فمن الواضح عدم صحة سلب أسم الفقير عمن لا يملك شيئا أصلا و ألتجأ إلى تحمل ذل السوأل و يكف كان فقد حكى عن جماعة القول بالعكس و إن الفقير أسوء حالا من المسكين مستدلين على ذلك بما لا ينهض حجة خصوصا في مقابل ما عرفت ثم إن الظاهر المصرح به في كلام واحد عدم ترتب ثمرة مهمة على هذا الخلاف كما سنوضحه إن شاء الله و قيل الفقراء و المساكين من يقصر ماله عن أحد النصب الزكوية و هو ضعيف كما ستعرف ثم من الناس من جعل اللفظين أي الفقراء و المساكين بمعنى واحد أي متساويين في الصدق و إلا فلا ينبغي الارتياب في عدم كونهما مترادفين كما يوهمه بعض عبائرهم و منهم من فرق بينهما في الاية و نظائرها مما اجتمع فيه الكلمتان ففي العبارة إشارة إلى أنه لا خلاف بينهم في تساويهما في الصدق لدى أنفراد كل منهما عن الاخر في اللفظ بمعنى إنه مهما أطلق لفظ المساكين وحدها في كلام لا يراد منه إلا ما يراد من إطلاق لفظ الفقراء كما صرح به واحد و أدعوا الاجماع عليه ففي المسالك قال في شرح العبارة ما لفظه و أعلم أن الفقراء و المساكين متى ذكر أحدهما خاصة دخل فيه الاخر بغير خلاف نص على ذلك جماعة منهم الشيخ و العلامة ( ره ) كما في أية الكفارة المخصوصة بالمسكين فيدخل فيه الفقير و إنما الخلاف فيما لو جمعا كما في أية الزكاة لا و ألاصح إنهما حينئذ متغايران لنص أهل اللغة و صحيحة أبي بصير عن ابي عبد الله ( ع ) قال الفقير الذي لا يسئل الناس و المسكين أجهد منه و لا ثمرة مهمة في تحقيق ذلك لاتفاق على إستحقاقهما من الزكاة حيث ذكر أو دخول أحدهما تحت الاخر حيث بذكر أحدهما و إنما تظهر الفائدة نادرا فيما لو نذر أو وقف أو أوصى لاسوئهما حالا فأن الاخر لا يدخل فيه بخلاف العكس انتهى و أستشكل واحد فيما ذكروه من أنه متى ذكر أحدهما دخل فيه الاخر بغير خلاف بأن هذا بعد ثبوت التغاير بين اللفظين مشكل لان إطلاق لفظ أحدهما و إرادة ما يعم الاخر مجاز لا يصار أليه إلا مع القرينة و مع انتفائها يجب حمل اللفظ على حقيقته و من هنا أستشكل في كفارات القواعد على ما حكي عنه في أجزاء إطعام الفقراء عن المساكين إذا لم يقل بأن الفقير أسوء حالا من المسكين و كذا في الوصية للمساكين أختار في محكي الايضاح و جامع المقاصد عدم الدخول في الوصية و لم يرجح في وصية الدروس على ما حكي عنه شيئا و الذي ينبغي أن يقال في حل هذا الاشكال هوما تقدمت الاشارة أليه من أن إطلاق لفظ المسكين على ألا سوء حالا و كذا الفقير إن قلنا به ليس لاجل كون هذه الخصوصية مأخوذة في مفهوم لفظه بل هما وصفان كليان أخذ أحدهما من الفقر الذي هو بمعنى الحاجة و آلاخر من المسكنة التي هي بمعنى القدرة و هما وصفان متلازمان لذات الممكن من حيث هي قال الله تبارك و تعالى يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله و الله هو الغنى الحميد و قال تعالى و أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر و من الواضح أنه لم يقصد بالمساكين في الاية الذين يسئلون الناس بل ألاذلاء فإطلاق المسكين في العرف على من يسئل بملاحظة ظهور وصف المسكنة و ألالتجاء إلى الغير فيه لا كونه بالخصوص موضوعا له هذه الكلمة فالفقير المتعفف الذي يعد في العرف من ألاعزة و ألاشراف هو في نفسه مسكين و إن لم يظهر عليه أثره إذ الفقر في حد ذاته من أقوى أسباب الذلة فكل من يحتاج في نفقته إلى ألاستعانة بغيره هو في نفسه مسكين و إن أنصرف منه إطلاق لفظه في المحاورات العرفية ما لم يظهر عليه أثره و لكن هذا أي الانصراف العرفي فيما إذا لم يكن المقام مناسبا لارادة الاعم كما في موارد ألامر بالتصدق على المساكين حيث أن المناسبة مقتضية لان يكون نفس الفقر و الحاجة بنفسها هي الملحوظة بهذا التكليف لا خصوصية وصف المسكنة من حيث هو كي يكون عدم بروزه في مورد موجب بألانصراف إطلاق اللفظ عنه فمتى اجتمع الفقراء و المساكين في كلام واحد كما لو أمر المولى عبده بأن يفرق هذا المال على الفقراء و المساكين لا يتبادر من لفظ المساكين إلا إرادة أهل السوأل و نحوهم ممن ظهر عليه أثار المذلة بخلاف ما لو أنفردت ألمساكين بالذكر بأن أمره بالتصدق به على المساكين كما في أية الخمس وأ نظائرها فأن المتبادر من إطلاق المسكين في هذه الموارد و ليس ما يتبادر من إطلاق الفقير و لذا لم يقع الخلاف في ذلك على ما اعترف به واحد عدى ما صدر من بعض من تقدمت الاشارة أليه من التردد فيه و لكن مع ذلك كله لا ينبغي ترك الاحتياط في باب الوصية و الكفارات و نظائرها مما لا شاهد على أرادة مطلق الفقير من لفظ المسكين بألاقتصار على ألا سوء حالا من مطلقه و الله العالم و كيف كان فلما لم يجب البسط على أصناف المستحقين كما ستعرف لا يترتب على تحقيق أن الفقراء و المساكين