مصباح الفقیه جلد 3
لطفا منتظر باشید ...
صنف واحد أو صنفان و إن أحدهما أسوء حالا من الاخر ثمرة مهمة في هذا الباب و إنما المهم بيان الحد المسوغ لتناول الزكاة في هذين الصنفين و هو عدم الغنى و هذا على إجماله مما لا خلاف فيه كما عن واحد التصريح به قال العلامة في التذكرة قد وقع الاجماع على أن الغنى لا يأخذ شيئا من الزكاة من نصيب الفقراء للاية و لقوله ( ع ) لا تحل الصدقة الغنى و لكن اختلفوا في الغنى المانع من ألاخذ فللشيخ قولان أحدهما حصول الكفاية حولا له و لعياله و به قال الشافعي و مالك و هو الوجه عندي إلى أن قال و القول الثاني للشيخ أن الضابط من يملك نصابا من ألاثمان أو قيمته فاضلا عن مسكنه و خادمه و به قال أبو حنيفة انتهى و حكى عن المفاتيح أنه إختار قولا ثالثا حاكيا له عن الشيخ في المبسوط و هو أن الفقير من لم يقدر على كفايته و كفاية من يلزمه من عياله عادة على الدوام و المعتمد هو القول ألاول و هو أن الفقير من يقصر ماله عن مؤنة سنة له و لعياله كما هو المشهور بين المتأخرين أو مطلقا على ما أدعاه بعض بل ربما نسب إلى عامة أصحابنا و المراد بماله أعم من المال المملوك له بالفعل أو بالقوة فصاحب الحرفة و الصنعة اللائقة بحاله الوافية بمؤنته غنى لم يجز له تناول الزكاة كما أن المراد بالمال الوافي بمؤنته هو المال الذي من شأنه الصرف في نفقته لا مثل أثاث بيته أو رأس مال تجارته المحتاج اليه في تكسبه أو البستان و الضيعة التي يتعيش بنمائها كما ستعرف أما جواز تناول الزكاة لمن لا يملك فعلا أو قوة مؤنة سنة فيدل عليه صحيحة أبي بصير قال سمعت الصادق عليه السلام يقول يأخذ الزكاة صاحب السبعمائة إذا لم يجد غيره قلت فأن صاحب السبعمائة تجب عليه الزكاة قال زكاته صدقة على عياله و لا يأخذها إلا أن يكون إذا اعتمد على السبعمائة أنفدها في أقل من سنة فهذا يأخذها و لا تحل الزكاة لمن كان محترفا و عنده ما تجب فيه الزكاة أن يأخذ الزكاة و صحيحة على بن إسماعيل الدغشي المروية عن العلل قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن السائل و عنده قوت يوم أ يحل له أن يسئل و إن أعطي شيئا من قبل أن يسئل يحل له أن يقبله قال يأخذ و عنده قوت شهر ما يكفيه لسنته من الزكاة لانها إنما هي من سنة إلى سنة هكذا رواها في الوسائل عن العلل و لكن في نسخة العلل المطبوعة الموجودة عندنا نحوه إلا أن فيها قال يأخذه و عنده قوت شهر و ما يكفيه لستة أشهر من الزكاة و في البحار رواها نقلا عن العلل نحوه و كيف كان فظاهرها إن العلة في جواز إخذ مقدار كفاية السنة أنه لو منع من ذلك لقى محتاجا في بعض السنة و مقتضاه جواز ألاخذ لمن تقصر ماله عن مؤنة السنة مطلقا و لو بمقدار شهر فما دون و يدل عليه أيضا فحوى ما سيجئ من الروايات الدالة على جواز ألاخذ لمن له رأس مال لا يحصل منه ما يفي بمؤنته و مفهوم رواية يونس بن عمار قال سمعت الصادق عليه السلام يقول تحرم الزكاة على من عنده قوت السنة و تجب الفطرة على من عنده قوت السنة و المناقشة فيه بعدم الاعتداد بمفهوم الوصف مدفوعة بوروده بظاهره في مقام التحديد المناسب لارادة إلا نتفاء عند الانتفاء كما لا يخفى و المنساق من لفظ القوت في مثل هذه الموارد أرادة مطلق المؤنة لا خصوص القوت و لعل في بعض ألاخبار الاتية أشارة أليه مع إنه لم ينقل القول بالتفصيل بين القوت و غيره عن أحد و إما عدم جواز تناولها لمن ملك مؤنة سنة و إن لم يملك أزيد من ذلك فيدل عليه منطوق رواية يونس المتقدمة و مفهوم التعليل الوراد في صحيحة علي بن أسماعيل المتقدمة مضافا إلى إن من كان بالفعل مالكا لمقدار من المال الصالح للصرف في نفقته واف بمؤنة سنة له و لعياله لا يعد في العرف فقيرا بل لو لا دلالة النصوص و الفتاوي على أندراج من يقصر ماله عن مؤنة سنته لا شكل الجزم بذلك بالنسبة إلى من كان بالفعل مالكا لمقدار معتد به من المال واف بمؤنة ستة أشهر و سبعة مثلا و إن كان لمؤنة السنة من حيث هو نوع اعتبار و ملحوظية لدى العرف بحيث يرون الشخص محتاجا إلى تحصيلها كما يرونه محتاجا إلى مؤنة يومه و ليله أو مؤنة سفره الذي يتلبس به من حين تلبسه به خصوصا بالنسبة إلى ألاقوات التي من شأنها ألادخار من سنة إلى سنة و لكن يشكل الاعتماد على مثل هذه الملاحظات و الاعتبارات على وجه يورث الجزم بجواز صرف المال الذي جعله الله للفقراء و المساكين إلى من كان بالفعل مالكا لمقدار و معتد به من المال واف بمؤنته عدة أشهر فأنه من أخفى مصاديق الفقير الذي لا يبعد دعوى انصراف إطلاق أسمه عنه لو لا دلالة النصوص و التفاوى على عمومه و دعوى أن من لم يكن له حرفة أو ممر معيشة واف بمؤنته عادة على سبيل ألاستمرار لا يعد في العرف غنيا و إن كان بالفعل مالكا لما يفي بمؤنة سنة أو سنتين بل يرونه محتاجا إلى تحصيل مال كذلك و عنده قصور يد عنه يرونه فقيرا مدفوعة بعدم كون ألاحتياج إلى تحصيل مثل هذا المال مصححا لاطلاق أسم الفقير عليه على الاطلاق بل هو بالفعل غني لدى العرف حال كونه واجدا لمؤنة سنته فالقول بأن الفقير من لم يقدر على كفايته و كفاية من يلزمه من عياله عادة على الدوام كما هو المحكي عن الشيخ في مبسوطة و صريح المحكي عن المفاتيح ضعيف و أما القول بأن الفقير من لم يملك نصابا من ألاثمان أو قيمته فقد أستدل له بالنبوي أنه صلى الله عليه و آله قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن إنك مأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا صلى الله عليه و آله رسول الله فأن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم و الليلة فأن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم إذ ليس لخصوصية النصاب و لا لجامعية شرائط الزكاة كحول الحول عليه إن كان مما يعتبر فيه الحول مدخلية في تسميته بالفعل غنيا فيكشف ذلك عن إن من كان مالكا لهذا المقدار من المال فاضلا عن مسكنه و خادمه الذي يحتاج أليه في تعيشه مثلا من أي جنس يكون هو غني و إن لم يجب عليه الزكاة بالفعل لاختلال شيء من شرائطها أو عدم كون المال زكويا أو كون المالك صغيرا و أستدل له أيضا بالتنافي بين وجوب دفع الزكاة عليه و جواز خذها له و فيه منع التنافي بين لامرين و أما الخبر المزبور فهو جار مجرى الغالب و إلا فقد عرفت في محله أن الدين لا يمنع من وجوب الزكاة فقد يكون مالك النصإب مشغول الذمة بثمنه أو أضعاف أضعافه من الدين مع كونه بالفعل محتاجا إلى نفقة أكثر من قيمة النصاب كما إذا ملك زرعا أو ثمرة نخل بالغة حد النصاب قبل بدو صلاحها بثمن في ذمته مع كونه بالفعل محتاجا إلى مسكن و لباس و طعام لا يفي بحاجته الفعلية أضعاف قيمة ذلك النصاب و هذا مما لا شبهة في فقره و عدم كونه من أغنيائهم لا عرفا و لا شرعا مع أن الرواية عامية فلا تعويل عليها و على تقدير تسليم سندها و تمامية دلالتها فلا يتفاوت الحال بين كون النصاب من ألاثمان أو غيرها مع أن القائل بالقول المزبور