قلت : ما في هذه الرواية من أمر موسى بن جعفر ( ع ) بالخروج مناف لما تقدم و لما ذكره غيره فلا حظ . و لما ظهر أمره بالمدينة وصلى بالناس و خطبهم على المنبر ، و خرج قاصدا إلى مكة و معه جماعة من أهله و مواليه و أصحابه و كانوا زهاء ثلاثمائة حتى صاروا بفخ ، و هي على سنة أميال من مكة . كما ذكره المسعودي في مروج الذهب ج 3 / 336 ، أو بئر بين مكة و بينه نحو من فرسخ ، أو ذلك ، و هي موضع تجريد الثياب من الصبيان عند إرادة الاحرام بهم كما في جملة من رواياتنا في مواقيت الاحرام . ولقت جيوش السلطان الحسين و أصحابه بفخ يوم التروية وقت صلاة الصبح ، و وجدوه و أصحابه بين مصلي ، و مبتهل ، و ناظر في القرآن و معد للسلاح ، و أخبروا أميرهم بذلك ، فقال : هم و الله أكرم عند الله و أحق بما في أيدينا منا ، و لكن الملك عقيم ، و لو أن صاحب القبر ( يعني النبي صلى الله عليه و آله ) نازعنا الملك ضربنا خيشومه بالسيف يا غلام اضرب بطلبك ثم سار إليهم ، فو الله ما انثنى عن قتلهم ، ثم حملوا عليهم حتى قتلوا و أخذوا رؤوسهم و جاؤا بها إلى موسى و العباس . و ذكر في مروج الذهب انهم أقاموا ثلاثة أياملم يواروا حتى أكلتهم السباع و الطير . و قد رثاء الشعراء ذكرهم بمراثيهم المسعودي و أبو الفرج و غيرهما و منهم دعبل الشاعر بقوله : قبور بكوفان و أخرى بطيبة و أخرى بفخ نالها صلوات و روى أبو الفرج عن جماعة قالوا : و لما بلغ العمري و هو بالمدينة قتل الحسين بن علي صاحب فخ عمد إلى داره و دور أهله فحرقها و قبض أموالهم و نخلهم فجعلها في الصوافي المقبوضة .