أبي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حماد قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لقمان ( 1 ) و حكمته التي ذكرها الله عز و جل ، فقال : أما و الله ما أوتي لقمان الحكمة بحسب و لا مال و لا أهل و لا بسط في جسم و لا جمال و لكنه كان رجلا قويا في أمر الله متورعا في الله ساكتا سكينا عميق النظر طويل الفكر حديد النظر مستعيرا بالعبر لم ينم نهارا قط و لم يره أحد من الناس على بول و لا غائط و لا اغتسال لشدة تستره و عمق نظره و تحفظه في أمره و لم يضحك من شيء قط مخافة الاثم ، و لم يغضب قط و لم يمازح إنسانا قط و لم يفرح بشيء ان أتاه من أمر الدنيا و لا حزن منها على شيء قط ، و قد نكح من النساء و ولد له من الاولاد الكثيرة و قدم أكثرهم إفراطا ، فما بكى على موت أحد منهم ، و لم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان إلا أصلح بينهما و لم يمض عنهما حتى يحابا ، و لم يسمع قولا قط من أحد استحسنه إلا سأل عن تفسيره و عمن أخذه ، و كان يكثر مجالسة الفقهاء و الحكماء ، و كان يغشي القضاة و الملوك و السلاطين ، فيرثي للقضاة ما ابتلوا به و يرحم الملوك و السلاطين لعزتهم بالله و طمأنينتهم في ذلك و يعتبر و يتعلم ما يغلب به نفسه و يجاهد به هواه و يحترز به من الشيطان فكان يداوي قلبه بالفكر و يداوي نفسه بالعبر و كان لا يظعن إلا فيما ينفعه فبذلك أوتي الحكمة و منح العصمة ، فان
1 - الاظهر ان لقمان لم يكن نبيا و كان حكيما و قيل كان نبيا ، و قيل خير بين النبوة و الحكمة فاختار الحكمة ، و كان ابن اخت أيوب أو ابن خالته و قيل إنه عاش ألف سنة و أدرك داود عليه السلام و أخذ منه العلم ، و قيل إنه دخل عليه و هو يسرد الدرع و قد لين الله له الحديد فأراد ان يسأل فأدركته الحكمة فسكت فلما أتمها لبسها و قال : نعم لبوس الحرب أنت ، فقال لقمان : " الصمت من حكم و قليل فاعله " . ( جامه الجوامع ) ج . ز