تفسیر القمی جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
الله تبارك و تعالى أمر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقايلة فنادوا لقمان حيث يسمع و لا يراهم فقالوا : يا لقمان هل لك ان يجعلك الله خليفة في الارض تحكم بين الناس ؟ فقال لقمان : إن أمرني الله بذلك فالسمع و الطاعة لانه ان فعل بي ذلك أعانني عليه و علمني و عصمني و إن هو خيرني قبلت العافية فقالت الملائكة يا لقمان لم قلت ذلك ؟ قال : لان الحكم بين الناس من اشد المنازل من الدين و أكثرها فتنا و بلاءا ما يخذل و لا يعان و يغشاه الظلم من كل مكان و صاحبه فيه بين أمرين ان أصاب فيه الحق فبالحري ان يسلم و ان اخطأ اخطأ طريق الجنة و من يكن في الدنيا ذليلا و ضعيفا كان أهون عليه في المعاد ان يكون فيه حكما سريا شريفا ، و من اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتيهما تزول هذه و لا تدرك تلك ، قال فتعجبت الملائكة من حكمته و استحسن الرحمن منطقه ، فلما أمسي و أخذ مضجعه من الليل أنزل الله عليه الحكمة فغشاه بها من قرنه إلى قدمه و هو نائم و غطاه بالحكمة غطاءا فاستيقظ و هو أحكم الناس في زمانه ، و خرج على الناس ينطق بالحكمة و يثبتها فيها .قال : فلما أوتي الحكم بالخلافة و لم يقبلها أمر الله الملائكة فنادت داود بالخلافة فقبلها و لم يشترط فيها بشرط لقمان فأعطاه الله الخلافة في الارض و ابتلي فيها مرة و كل ذلك يهوي في الخطأ يقبله الله و يغفر له ، و كان لقمان يكثر زيارة داود عليه السلام و يعظه بمواعظه و حكمته و فضل علمه و كان داود يقول له : طوبى لك يا لقمان أوتيت الحكمة و صرفت عنك البلية و أعطى داود الخلافة و ابتلي بالحكم و الفتنة .ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : ( و إذ قال لقمن لابنه و هو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) قال فوعظ لقمان لابنه بآثار حتى تفطر و انشق و كان فيما وعظه به يا حماد ! ان قال : يا بني انك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها