فخرجوا فلما نزل ذا الحليفة أحرموا بالعمرة و ساقوا البدن و ساق رسول الله صلى الله عليه و آله ستا و ستين بدنة و أشعرها عند إحرامه ، و أحرموا من ذي الحليفة ملبين بالعمرة قد ساق من ساق منهم الهدي مشعرات مجللات ، فلما بلغ قريشا ذلك بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس كمينا ليستقبل رسول الله صلى الله عليه و آله ، فكان يعارضه على الجبال فلما كان في بعض الطريق حضرت صلاة الظهر فأذن بلال وصلى رسول الله صلى الله عليه و آله بالناس ، فقال خالد بن الوليد : لو كنا حملنا عليهم و هم في الصلاة لاصبناهم فانهم لا يقطعون صلاتهم و لكن تجئ لهم الآن صلاة أخرى أحب إليهم من ضياء أبصارهم فإذا دخلوا في الصلاة أغرنا عليهم ، فنزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه و آله بصلاة الخوف بقوله : " و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلوة " الآية ، و هذه الآية في سورة النساء و قد مضى ذكر خبر صلاة الخوف فيها .فلما كان في اليوم الثاني نزل رسول الله صلى الله عليه و آله الحديبية و هي على طرف الحرم و كان رسول الله صلى الله عليه و آله يستنفر بالاعراب في طريقه معه فلم يتبعه أحد و يقولون : أ يطمع محمد و أصحابه ان يدخلوا الحرم و قد غزتهم قريش في عقر ديارهم فقتلوهم انه لا يرجع محمد و أصحابه إلى المدينة أبدا فلما نزل رسول الله صلى الله عليه و آله الحديبية خرجت قريش يحلفون باللات و العزى لا يدعون محمدا يدخل مكة و فيهم عين تطرف ، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه و آله اني لم آت لحرب و إنما جئت لاقضي نسكي و أنحر بدني و أخلي بينكم و بين لحماتها ، فبعثوا عروة بن مسعود الثقفي و كان عاقلا لبيبا و هو الذي أنزل الله فيه " و قالوا لو لا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " فلما أقبل على رسول الله صلى الله عليه و آله عظم ذلك و قال :