نفحات القرآن

ناصر مکارم شیرازی

جلد 4 -صفحه : 159/ 101
نمايش فراداده

صفات جلال اللّه ( الصفات السلبية )

تمهيد

يعبر عن الصفات السلبية بـ ((صفات الجلال )) عادة , لان اللّه سبحانه ( اجل ) من ان يوصف بمثل هذه الصفات التي تعبر جميعها عن وجود النقائص والعيوب .

وهـذه الـصـفات تقع في مقابل (( صفات الجمال )) التي تدعى بـ((الصفات الثبوتية )) وتحكي عن جمال ومحاسن الذات الالهية المقدسة .

وبـعـبـارة اخـرى يمكن القول بان جميع الصفات السلبية مجموعة في هذه الجملة وهي ( ان اللّه مقدس ومنزه عن كل الوان العيوب والنقائص وعوارض وصفات الممكنات ).

وقد بحثت اقسام مهمة من هذه الصفات في علم الكلام بالاستلهام من الايات القرآنية , منها

انه تعالى ليس (( مركبا)).

ليس له جسم .

لا يرى .

لا يسعه مكان او زمان .

منزه عن كل الوان الفقر والحاجة .

ذاته ليست محلا للحوادث والعوارض والتغير والتحول ابدا.

وصفاته عين ذاته لا زائدة عليها.

وعـليه ينبغي من جهة طرح مسالة ( صفات الجلال ) بشكل كلي وشامل ,ومن جهة اخرى التحقيق في الصفات الحساسة بتفصيل اكثر.

بعد هذا التمهيد نتوجه الى القرآن الكريم ونصغي خاشعين الى الايات التالية

1 ـ (يسبح للّه ما في السموات وما في الارض الملك القدوس العزيزالحكيم ) (الجمعة / 1 ).

2 ـ (هو اللّه لا اله الا هو الملك القدوس ) (الحشر / 23).

3 ـ (سبحان اللّه عما يصفون ) (المؤمنون / 91).

4 ـ (سبحان ربك العزة عما يصفون ) (الصافات / 180) ((117)) .

شرح المفردات

(( القدوس )) صيغة مبالغة من مادة (( قدس )) , وهي في الاصل بمعنى النزاهة والطهارة , وكما قـال صـاحب ( مقاييس اللغة ) فان سبب اطلاق هذه الصفة على اللّه عز وجل هو قداسة ونزاهة ذاته عن الاضداد والاكفا والصاحبة والولد.

ويـسـتـنتج من كلام الراغب في ( المفردات ) , وابن منظور في ( لسان العرب ) , ان هذه الكلمة تـستعمل عادة للتنزيه الالهي او لتطهير عباده وحتى صاحب مقاييس اللغة يقول في الاغلب ان هذه الكلمة من المصطلحات الاسلامية الخاصة .

وسـميت ارض ( القادسية ) بهذا الاسم لان ابراهيم الخليل ( (ع ) ) دعا اللّه عز وجل لتطهيرها وتقديسها.

ومـن الـجدير بالذكر ان الراغب يعتقد بان هذه الكلمة تستعمل فقطبخصوص التطهير المعنوي لا التطهير الظاهري وازالة الخبائث .

وتقديس العباد للّه تعالى بان ينزهوه من كل نقص وعيب .

وكـمـا يـقـول بعض ارباب اللغة فان ( التسبيح ) ذو معنيين , الاول النفي ,وقد ورد في الايات الـقرآنية بمعنى نفي كل الوان العيوب والنقائص عن اللّه تعالى , والثاني بمعنى السباحة والتحرك السريع في الما , ( من مادة سبح وسباحة ).

ولـكـن يـمـكن ارجاع كلا هذين المعنيين الى اصل واحد وهو الحركة السريعة , سوا في طريق العبادة والتعبد , وتنزيه وتقديس اللّه تعالى عن كل عيب ونقص , او في الحركة السريعة في الما , او الهوا , او على الارض لان الحركة تقرب الانسان من شي وتبعده عن شي آخر.

فـفـي الـمـوقـع التي تعني فيه التنزيه عن العيب تاخذ جانب الابتعاد , وفي الموقع التي تاتي بمعنى السباحة وشق الما والهوا تاخذ جانب التحرك ((118)) .

جمع الايات وتفسيرها