اخبار مصر - اسطورة السبئیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اسطورة السبئیة - نسخه متنی

سید مرتضی عسکری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید






مقارنة الخبر :



قال الطبري :(في ذكر عمال عمر (رض) على الامصار وعلى حمص عمير ابن سعد
وعلى دمشق معاوية بن ابي سفيان) (1) .



نتيجة المقارنة :



كان من مؤاخذات الساخطين على الخليفة عثمان توليته بني اميّه على الولايات
بدلاً ممّن ولاّهم الخليفة عمر مثل جمع بلاد الشام لمعاوية فوضع سيف
الروايات الآنفة في سبيل الدفاع عن عثمان وولاته !



* * *



في ذكر اخبار سنة ثلاثين في تاريخ الطبري وقال :



وفي هذه السنة تكاتب المنحرفون عن عثمان بن عفّان للاجتماع لمناظرته فيما
كانوا يذكرون أنّهم نقموا عليه وذكر الخبر عن صفة اجتماعهم لذلك وخبر
الجرعة وقال :



1 - مـمّا كـتب اليّ به السريّ، عين شعيب، عن
سيف، عن المستنير بن يزيد، عن قيس بن يزيد النخعي، قال : لمّا رجع معاوية
المسيّرين، قالوا : إنّ العراق والشام ليسا لنا بدار; فعليكم بالجزيرة.
فأتوها اختياراً. فغدا عليهم عبد الرحن بن خالد، فسامهم الشدّة، فضرعوا له
وتابعوه. وسرّح الأشتر الى عثمان، فدعا به، وقال : اذهب حيث شئت، فقال :
أرجعُ الى عبد الرحمن، فرجع ووفد سعيد بن العاص الى عثمان في سنة إحدى عشرة
من إمارة عثمان. وقبل مخرج سعيد بن العاص من الكوفة بسنة وبعض أخرى، بعث
الأشعث بن قيس على أذربيجان...; وعلى الحرب القعقاع بن عمرو، وعلى حلوان
عتيبة ابن النّهاس; وخلت الكوفة من الرؤساء إلاّ منزوع أو مفتون. فخرج يزيد
بن قيس وهو يريد خلع عثمان، فدخل المسجد، فجلس فيه، وثاب اليه الذين كان
فيهم ابن السوداء يكاتبهم; فانّقضّ عليه القعقاع، فأخذ يزيد بن قيس، فقال :
إنما نستعفي من سعيد، قال : هذا مالا يعرض لكم فيه، لا تجلس لهذا ولا
يجتمعنّ اليك، واطلب حاجتك، فلعمري لتعطينها فـرجع الى بيته واستأجر رجلاً،
وأعطاه دراهم وبغلاً على أن يأتي المسيّرين. وكتب اليهم : لا تضعوا كتابي
من أيديكم حتى تجيئوا، فإنّ أهل المصر قد جامعونا. فانطلق الرجل، فأتى
عليهم وقد رجع الاشتر; فـدفع اليهم الكتاب، فقالوا : ما اسمك؟ قال : بغثر;
قالوا : ممّن؟ قال : من كلب، قالوا : سبع ذليل يبغثر النفوس ; لا حاجة لنا
بك . وخالفهم الأشتر ، ورجع عاصياً، فلـمّا خرج قال أصحابه : أخرجنا أخرجه
الله; لانجد بداً ممّا صنع; إن علم بنا عبد الرحمن لم يصدقنا ولم يستقلّها،
فاتبّعوه فلم يلحقوه; وبلغ عبد الرحمن أنّهم قد رحلوا فطلبهم في السواد،
فسار الأشتر سبعاً والقوم عشراً، فلم يفجإ الناس في يوم جمعة إلاّ والاشتر
على باب المسجد يقول : أيّها الناس; إنّي قد جئتكم من عند أمير المؤمنين
عثمان، وتركت سعيداً يريده على نقصان نسائكم الى (2) مائة درهم. وردّ أهل
البلاء منكم الى ألفين، ويقول : ما بالُ أشراف النساء; وهذه العلاوة بين
هذين العدلين! ويزعم أنّ فيئكم بستان قريش; وقد سايرته مرحلة، فما زال يرجز
بذلك حتّى فارقته; يقول :






  • ويلٌ لأشرافِ النساء منّي
    صمحمحٌ(3) كأنَّني من جنّ



  • صمحمحٌ(3) كأنَّني من جنّ
    صمحمحٌ(3) كأنَّني من جنّ




فاستخفّ الناس، وجعـل أهـل الحـجى ينهـونه فلا يسمع منهم، وكانت نفجة (4)،
فخرج يزيد، وأمر منادياً ينادي : من شاء أن يلحق بيزيد بن قيس لردّ سعيد
وطلب أمير غيره فليفعل . وبقى حلماء الناس وأشرافهم ووجوهم في المسجد وذهـب
مـن سواهم وعـمرو بـن حريث يومئذ الخليفة، فصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى
عليه وقال : َاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنُتمْ
أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنعْمتِهِ إِخْوناً
، بعد أن كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها فلا تعودوا في شرّ قد
استنقذكم اللّه عزّ وجلّ منه. أبعد الاسلام وهديه وسنّته لا تعرفون
حقّا ولا تصيبون بابه ! فقال القعقاع بن عمرو: أتردّ السيل عن عبابه !
فاردد الفرات عن أدراجه هيهات ! لا واللّه لا تسكن الغوغاء الاّ
المشرفيّة (5)ويوشك أن تنتضى، ثم يعجّون عجيج العتدان (6) ويتمنّون ماهم
فيه فلا يردّه اللّه عليهم أبدا. فاصبر ; فقال : أصبر وتحوّل الى منزله
وخرج يزيد بن قيس حتّى نزل الجرعة ومعه الاشتر وقد كان سعيد تلبّث في
الطريق فطلع عليهم سعيد وهم مقيمون له معسكرون ، فقالوا :لا حاجة لنا بك
فقال : فما اختلفتم الآن انّما كان يكفيكم ان تبعثوا الى امير المؤمنين
رجلا وتضعوا اليّ رجلا وهل يخرج الالف لهم عقول الى رجل! ثم انصرف عنهم
وتحسَّوْا بمولى له على بعير قد حسر فقال : واللّه ماكان ينبغي لسعيد ان
يرجع فضرب الاشتر عنقه ومضى سعيد حتى قدم على عثمان فاخبره الخبر، فقال
مايريدون اخلَعوا يداً من طاعة قال : اظهروا انّهم يريدون البدل .قال: فمن
يريدون ؟ قال أبا موسى ; قال :قد أثبتنا أبا موسى عليهم و واللّه لا
نجعل لاحد عذرا ولا نترك لهم حجّة ولنصبرنّ كما أمرنا حتّى نبلغ مايريدون
ورجع من قرب عمله من الكوفة ورجع جرير من قرقيسيا وعتيبة من حلوان. وقام
أبو موسى فتكلّم بالكوفة فقال: أيّها الناس لاتنفروا في مثل هذا ولا تعودوا
لمثله الزموا جماعتكم والطاعة وايّاكم والعجلة أصبروا فكانّكم بأمير قالوا
فصلّ بنا قال لا الاّ على السمع والطاعة لعثمان بن عفّان ; قالوا على السمع
والطاعة لعثمان (7).



دراسة السند :



روى سيف عن :



1 - المستنير بن يزيد عن



2 - قيس بن يزيد النخعي



وهما من مختلقات سيف من الرواة(8)



ب - مقارنة الرواية ونتيجتها :



ذكر سيف وقال ماموجزه لمّا ارجع معاوية المسيّرين قالوا: (ان العراق
والشام ليست لنا بدار فعليكم بالجزيرة فاتوها اختياراً فسار بهم عبد
الرحمن بن خالد فضرعوا له وانّ عثمان ولّى زعماء الكوفة على البلاد وخلت
الكوفة من الزعماء الاّ منزوع او مفتون واجتمع في مسجدها مع يزيد بن قيس من
اغواهم ابن السوداء وكاتبهم فانقض عليه القعقاع وكان على الحرب وقال له
نستعفي من سعيد - اي نطلب عزله - فكتب يزيد الى المسيّرين ان يرجعوا الى
الكوفة فرجع الاشتر ومن معه الى الكوفة ودخل المسجد وكذب على الخليفة وقال
قد جئتكم من عنده ووجدت سعيدا يطلب منه نقصان راتبكم وجمع هو ومن معه
الرجال لمنع الوالي سعيد من دخول الكوفة وعسكروا على طريق الكوفة ومنعوه من
دخول الكوفة .



وقد سبق ذكرنا الصحيح من خبر اهل الكوفة مع سعيد ولا حاجة لاعادة ذكره
وانما ندرس في ماياتي بحوله تعالى اخبار مصر في روايات سيف وغيره .



اخبار مصر



أ - في رواية سيف



ب - دراسة اسناد روايات سيف



ج - مقارنة روايات سيف بروايات غيره



د - نتيجة المقارنة



ا لف - في كتاب فتوح سيف



1 - حدثنا السريّ قال حدثنا شعيب قال حدثنا سيف
عن عطيّة عن يزيد الفقعسي قال (9): لمّا خرج ابن السوداء الى مصر اغتمر
فيهم فأقام ;فنزل على كنانة ابن بشر مرّة وعلى سودان بن حمران مرة وانقطع
الى الغافقي (10) فشجّعه الغافقي فتكلّم وأطاف به خالد بن ملجم وعبد اللّه
بن زرير وأشباه لهم فصرف لهم القول، فلم يجدهم يجيبون الى شيء ما يجيبون
الى الوصيّة فقال لهم: عليكم ناب العرب وحجرهم ولسنا من رجاله فأروه انّكم
تزرعون ولا تزرعون العام شيئا حتّى تنكسر مصر فتشكونه فيعزل عنكم ونسأل من
هو أضعف منه ونخلو بما نريد ونظهر الامر بالمعروف ; وكان أسرعهم الى ذلك
وأعملهم فيه مـحمـد ابـن ابـي حـذيفة - وهـو ابـن خال معاوية وكان يتيماً
في حجر عثمان -. فلمّا ولي أستأذنه في الهجرة الى بعض الامصار فخرج الى مصر
فكان الّذي دعـاه أنـّه سأل الـعمل فقال : لست هناك ففعلوا ما أمرهم به ابن
السوداء .ثمّ انّهم خرجوا ومن شاء اللّه منهم فشكوا عمرا واستعفوا
منه ; فكلّما نهنه عثمان عن عمرو قوما وسكّتهم وأرضـاهم وقـال :انّما
هو أميني ، إنبعث آخرون بشيء آخر (11) وكلّهم يـطلب عبـد اللّه بـن
سعد بن أبي سرح فقال لهم عثمان : أما عمرو فسننزعه عنكم الى مازعمتم أنّه
أفسد ، وأما الحرب فسنقرّه عليها ونولّي من سألتم فولّى عبد اللّه بن سعد
خراجهم ; خراج مصر وترك عمرا على صلاتها فمشى في ذلك سودان بن حمران وكنانة
بن بشر وخارجة وأشباههم فيما بين عمرو وعبد اللّه ابن سعد وأغروا بينهما
حتّى احتمل كلّ واحد منهما على صاحبه وتكاتبا على قدر ما أبلغوا كلّ واحد
منهما .فكتب عبد اللّه بن سعد أنّ خراجي لا يستقيم مادام عمرو على
الصلاة وخرجوا فصدّقوه واستعفوا من عمرو وسألوا عبد اللّه فكتب عثمان الى
عمرو: أنّ لا خير لك في صحبة من يكرهك فأقبل! وجمع مصر لعبد اللّه (12)
صلاتها وخراجها. فقدم عمرو فقال له عثمان: أبا عبد الله! ماشأنك أستحيل
رأيك؟ فقال: يا أمير المؤمنين! دعني فواللّه ما أدري من اين أتيت وما
أتهّم عبد اللّه بن سعد وان كنت لاهل عملي كالوالدة ; وما قدر العارف
الشاكر على معونتي.



2 - حدثنا السريّ قال حدثّنا شعيب قال حدثّنا سيف
عن أبي حارثة وأبي عثمان قالا: لمّا قدم ابن السوداء مصر عجمهم فاستحلاهم
واستحلوه فعرض لهم بالكفر فابعدوه وعرض لهم بالشقاق فاطمعوه. فبدأ فطعن على
عمرو بن العاص وقال: ما باله أكثركم عطاء ورزقا؟ الاينصب رجلا من قريش
يسوّي بيننا؟ فاستحلّوا ذلك منه وقالوا: كيف نطيق ذلك مع عمرو وهو رجل
العرب؟ قال: تستعفون منه ثم نعمل عملنا ونظهر الائتمار بالمعروف والطعن فلا
يردّ علينا أحدّ فاستعفوا منه وسألوا عبد اللّه بن سعد فأشركه مع
عمرو فجعله على الخراج وولّى عمراً على الحرب ولم يعزله. ثمّ دخلوا بينهما
حتّى كتب كلّ واحد منهما الى عثمان بالّذي يبلغه عن صاحبه وركب أولئك
فاستعفوا من عمرو وسألوا عبد اللّه فأعفاهم. فلّما قدم عمرو على عثمان قال:
ما شأنك يا أبا عبد اللّه؟ قال: واللّه ياأمير المؤمنين ماكنت منذ وليتهم
أجمع أمرا ولا رأيا مني منذ كرهوني ولا أدري من أين اُتيت؟ فقال عثمان :
ولكنّي أدري لقد دنا أمرٌ هو الّذي كنت أحذره ، ولقد جاءني نفر من ركب
تردّد عنهم عمر وكرههم الاّ أنّه لا بدّ لما هو كائن أن يكون ، فان
كابرتهم كذّبـوا واحتجّوا وان كفكفتهم مالم ينتهكوا محرما كان لهم ولم
تـثبت لـهم حـجّة ووالـلّه لأسيرنّ فيهم بالصبر ولنتابعنّهم مالم يعص
اللّه عزّ وجلّ (13).



دراسة الاسناد .



في الرواية الاولى روى سيف عن



1 - عطية عن



2 - يزيد الفقعسي



ومرّ قولنا فيهما في دراسة الرواية الاولى من الاسطورة السبأية(14) .



وفي الرواية الثانية روى سيف عن



1، 2 - ابي حارثة وابي عثمان



وقد مرّ قولنا فيهما ايضاً(15).



مقارنة الروايات :



قال الطبريّ بعد ايراده رواية سيف الآنفة:



وأما الواقدي فانّه ذكر أن ابن أبي سبرة حدّثه عن محمّد بن أبي حرملة عن
كريب ، قال: لّما نزع عثمان عمرو بن العاص عن مصر غضب عمرو غضبًا شديداً
وحقد على عثمان فوجّه عبد اللّه بن سعد وأمره أن يمضي الى افريقية ;
وندب عثمان الناس الى افريقيّة ; فخرج اليها عشرة آلالف من قريش والانصار
والمهاجرين .



قال الواقدي : وحدّثني أسامة بن زيد الليثي عن ابن كعب ، قال: لمّا وجّه
عثمان عبداللّه بن سعد الى افريقية، كان الّذي صالحهم عليه بطريق
افريقية جـرجير ألفي ألف دينار وخمسمائة ألف دينار وعشرين ألف دينار، فبعث
ملك الـروم رسولا وأمره أن يأخذ منهم ثلثمائة قنطار ; كما أخذ منهم عبد
اللّه بن سعد ; فجمع رؤساء افريقية فقال: انّ الملك قد أمرني أن آخذ
منكم ثلثمائة قنطار ذهب مثل ما أخذ منكم عبد اللّه بن سعد ; فقالوا:
ماعندنا مال نعطيه ; فأمّا ماكان بأيدينا فقد افتدينا به أنفسنا،
وأمّا الملك فانه سيّدنا فليأخذ ما كان له عندنا من جائزة كما كنّا نعطيه
كلّ سنة .فلمّا رأى ذلك أمر بحبسهم فبعثوا الى قوم من أصحابهم ، فقدموا
عليه فكسروا السجن فخرجوا وكان الّذي صالحهم عليه عبد اللّه بن سعد
ثلثمائة قنطار ذهب ; فأمر بها عثمان لآل الحكم. قلت :أولمروان؟ قال: لا
أدري.



قال ابن عمر: وحدّثني أسامة بن زيد عن يزيد بن أبي حبيب، قال: نزع عثمان
عمرو بن العاص عن خراج مصر، واستعمل عبد اللّه بن سعد على الخراج،
فتباغيا، فكتب عبد اللّه بن سعد الى عثمان يقول : أنّ عمرا كسر
الخراج. وكتب عمرو: انّ عبد اللّه كسر عليَّ حيلة الحرب فكتب عثمان
الى عمرو: انصرف ; وولّى عبد اللّه بن سعد الخراج والجند، فقدم عمرو
مغضبا فدخل على عثمان وعليه جبّة يمانيّة محشوّة قطنا فقال له عثمان :
ماحشو جبّتك؟ قال: عمرو، قال عثمان قد علمت أنّ حشوها عمرو ولم أرد هذا،
انّما سألت : أقطن هو أم غيره؟.



قال الواقدي : وحدّثني أسامة بن زيد عن يزيد بن أبي حبيب قال: بعث عبد
اللّه بـن سعد الـى عثمـان بمال مـن مصر ، قد حشد فيه ، فدخل عمرو
على عثمان ; فقال عثمان :ياعمرو، هل تعلم انّ تلك اللقاح درّت بعدك! فقال
عمرو انّ فصالها هلكت (16) .



نتيجة المقارنة :



قال سيف في سبب عزل الخليفة الوالي عمرو بن العاص عن مصر :انّ ابن سبأ
اغرى بينه وبين سكان مصر وسمّى منهم خالد بن ملجم وقصد به عبد الرحمن بن
ملجم قاتل الامام عليّ (ع) وحرّف اسمه الى خالد وقال ان ابن سبأ اشار عليهم
الاّ يزرعوا شيئاً حتى تنكسر مصر فيشكون عمرواً الى الخليفة عثمان فيعزله
عنهم ووافقهم على ذلك محمد بن ابي حذيفة .



بينما كان سبب عزله تعيين ابن خال الخليفة محمّد بن ابي حذيفة بديلا عنه
لامارة مصر والبلاد الافريقية .



* * *



وبسبب مافعلته عصبة الخلافة على عهد الخليفة عثمان ثار
المسلمون عليه في البلاد كما سنذكر خلاصة اخبار الفتنة بحوله تعالى
بلداً بعد بلد في مايأتي ونبدأ اولاً بذكر روايات سيف المحرفة للواقع
التاريخي ونذكر بعدها الواقع التاريخي الذي حرَّفه سيف ثمّ نقارن بينهما
ونذكر نتيجه المقارنة .






خلاصة


اخبار


الفتنة في روايات سيف


اخبار الفتنه في رواية سيف


أ - دراسة السند


ب - مقارنة الخبر


ج - نتيجة المقارنة


اخبار الفتنة في روايات سيف :


الف : روى الطبري(17) وقال في ذكر حوادث سنة خمس وثلاثين
هجرية من تاريخه وقال :


ثمّ دخلت سنة خمس وثلاثين ذكر ماكان فيها من الاحداث .


ذكـر مسير من سار الى ذي خشب (18) من اهل مصر وسبب مسير من سار الى ذى
المروة من اهل العراق .


1 - كتـب اليّ السري، عن شعيب ،عن سيف، عن محمد
وطلحة وعطية، قالوا: كتب عثمان الى أهل الامصار : أمّا بعد ، فانّي آخذ
العمّال بموافاتي في كلّ موسم، وقد سلّطت الامّة منذ وَليتُ على الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر ، فلا يرفع عليّ شئ ولا على أحد من عمّالي الاّ
أعطيته ، وليس لي ولعيالي حقّ قبل الرعيّة الاّ متروك لهم وقد رفع اليّ أهل
المدينة أنّ أقواما يشتمون ، وآخرون يضربون ، فيامن ضرب سرّاً ، وشتم سرّاً
، من ادّعى شيئاً من ذلك فليواف الموسم فليأخذ بحقّه حيث كان ; منيّ
أو من عمّالي أو تصدقوا فانّ اللّه يجزي المتصدقين. فلمّا قرئ في
الامصار أبكى الناس، ودعوا لعثمان وقالوا : انّ الامّة لتمخّـض بشرّ. وبعث
الى عمّال الامصار فقدموا عليه : عبد اللّه بن عامر ، ومعاوية، وعبد
اللّه بـن سعد ; وأدخل معهم في المشورة سعيداً وعمراً ، فقال : ويحكم !
ماهذه الشكاية ؟ وما هذه الاذاعة ؟ انّي واللّه لخائف أن تكونوا مصدّقاً
عليكم ومايعصب (19) هذا الاّ بي ; فقالوا له : ألم تبعث ! ألم نرجع اليك
الخبر عن القوم ! ألم يرجعوا ولم يشافههم أحد بشيء! لا واللّه ما
صدقوا ولا برّ وا، ولا نعلم لهذا الامر أصلا، وما كنت لتاخذ به احدّاً
فيقيمك على شيء; وماهي الاّ اذاعة لايحلّ الاخذ بها ولا الانتهاء اليها.


قال : فأشيروا عليّ ; فقال سعيد بن العاص : هذا أمر مصنوع يصنع في السرّ،
فيلقى به غيـر ذي المعرفة ، فيخبر به فيتحدّث به في مجالسهم ، قال : فما
دواء ذلك ؟ قال طلب هؤلاء القوم ثمّ قتل هؤلاء الّذين يخرج هذا من
عندهم .


وقال عبد اللّه بن سعد : خذ من الناس الّذي عليهم اذا اعطيتهم الذّي
لهم فانّه خير من ان تدعهم . قال معاوية : قد ولّيتني فوليت قوماً لاياتيك
عنهم الاّ الخير والرجلان أعلم بناحيتيهما ; قال : فما الرأى ؟ قال : حسن
الادب ، قال : فما ترى ياعمرو؟ قال: أرى أنّك قد لنت لهم ، وتراخيت عنهم
وزدتهم على ما كان يصنع عمر، فأرى أن تلزم طريقة صاحبيك ، فتشتدَّ في موضع
الشدّة، وتلين في موضع اللين. انّ الشدّة تنبغي لمن لا يألو الناس شرًّا،
واللين لمن يخلف الناس بالنصح وقد فرشتهما جميعا اللين.


وقام عثمان فحمد اللّه واثنى عليه وقال : كلّ ما أشرتم به عليّ قد
سمعت ولكلِّ أمر باب يؤتى منه ; انّ هذا الامر الذي يخاف على هذه الامّة
كائن ، وانّ بابه الّذي يغلق عليه فيكفكف بـه اللين والمؤاتاة والمتابعة
الاّ في حدود اللّه تعالى ذكره ، الّتي لا يستطيع أحد أن يبادي بعيب أحدها،
فان سدّه شيء فرفق ، فذاك واللّه ليفتحنّ ، وليست لاحد عليّ حجّة حقّ ، وقد
علم اللّه أنّي لم آل الناس خيراً، ولانفسى . وواللّه ان رحا
الفتنة لدائرة ، فطوبى لعثمان ان مات ولم يحرّكها. كفكفوا الـناس
وهبـوا لهم حقوقهم واغتفروا لهم، واذا تعوطيت حقوق اللّه فلا تدهنوا
فيها (20).


فلمّا نفر عثمان أشخص معاوية وعبد اللّه بن سعد الى المدينة ورجع ابن
عامر وسعيد معه. ولمّا استقلَّ عثمان رجز الحادي :





  • قد علمت ضوامرُ المطيّ
    انّ الامير بعده علىٌّ
    وفي الزبير خلف رَضِيّ



  • وضامرات عَوَجِ القِسيّ
    وفي الزبير خلف رَضِيّ
    وفي الزبير خلف رَضِيّ



وطلحة الحامي لها وليّ


فقال كعب وهو يسير خلف عثمان : الامير واللّه بعده صاحب البغلة -
واشار الى معاوية .


2 - كتب الىّ السريّ، عـن شعيب، عن سيف، عن بدر
بن الخليل بن عثمان ابن قطبة الاسدي عن رجل من بني اسد قال: مازال معاوية
يطمع فيها بعد مقدمه على عثمان حين جمعهم فاستجمعوا اليه بالموسم ثمّ
ارتحل فحدا به الراجز:





  • انّ الامير بعده عليّ
    وفي الزبير خلف رضيّ



  • وفي الزبير خلف رضيّ
    وفي الزبير خلف رضيّ



قال كعب : كذبت : صاحب الشهباء بعده - يعني معاوية - فأخبر معاوية
فساله عن الذّي بلغه قال : نعم أنت الامير بعده ولكنّها واللّه لاتصل
اليك حتّى تكذّب بحديثي هذا فوقعت في نفس معاوية .


وشاركهم في هذا المكان ابو حارثة وابو عثمان عن رجاء بن حَيْوة وغيره
قالوا: فلمّا ورد عثمان المدينة ردّ الاّمراء الى اعمالهم فمضوا جميعا
واقام سعيد بعدهم فلما ودّع معاوية عثمان خرج من عنده وعليه ثياب السفر
متقلِّدا سيفه متنكّبا قوسه فاذا هو بنفر من المهاجرين فيهم طلحة والزبير
وعليّ فقام عليهم فتوّكأ على قوسه بعد ما سلّم عليهم ثمّ قال: انّكم قد
علمتم انّ هذا الامر كان اذ النـاس يتـغالبون الى رجال فلم يكن منكم احد
الاّ وفي فصيلته من يراسه ويستبدّ عليه ويقطع الامر دونه ولا يشهده ولا
يؤامره حتّى بعث اللّه جلّ وعزّ نبيّه صلىّ اللّه عليه وسلّم واكرم
به من اتّبعه فكانوا يرئِّسون من جاء من بعده وامرهم شورى بينهم يتفاضلون
بالسابقة والقدمة والاجتهاد فان أخذوا بذلك وقاموا عليه كان الامر أمرهم
والناس تبع لهم وان أصغوا الى الدنيا وطلبوها بالتغالب سلبوا ذلك وردّه
اللّه الى من كان يرأسهم وإلاّ فليحذروا الغيَر فانّ اللّه على البدل قادر
وله المشيئة في ملكه وامره اني قد خلفت فيكم شيخا فاستوصوا به خيرا وكانفوه
تكونوا أسعد منه بذلك ثمّ ودّعهم ومضى فقال علي: ماكنت أرى أن في هذا
خيرا فقال الزبير لا واللّه ماكان قط أعظم في صدرك وصدورنا منه
الغداة )(21).


وكان معاوية قد قال لعثمان غداة ودّعه وخرج : يا أمير المومنين انطلق معي
الى الشام قبل ان يهجم عليك من لاقبل لك به فانّ اهل الشام على الامر لم
يزالوا فقال : أنا لا أبيع جوار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
بشئ، وان كان فيه قطع خيط عنقي قال : فأبعث اليك جندا منهم يقيم بين ظهراني
أهل المدينة ، لنائبة ان نابت المدينة أو ايّاك قال: أنا أقترّ على جيران
رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الارزاق بجند يساكنهم وأضيق على اهل
دار الهجرة والنصرة ! قال : واللّه ياأمير المؤمنين لتغتالُنّ أو لتغزينّ ،
قال حسبي اللّه ونعم الوكيل وقال معاوية ياأيسار الجزور واين أيسار
الجزور! ثمّ خرج حتّى وقف على النفر ثمّ مضى وقد كان أهل مصر
كاتبوا أشياعهم من أهل الكوفة وأهل البصرة وجميع من أجابهم أن يثوروا خلاف
أمرائهم واتّعدوا يوما حيث شخص أمراؤهم فلم يستقم ذلك لاحد منهم ولم ينهض
الاّ أهل الكوفة فان يزيد بن قيس الأرحبيّ ثار فيها واجتمع اليه أصحابه
وعلى الحرب يؤمئذ القعقاع بن عمرو، فأتاه فأحاط الناس بهم وناشدوهم فقال
يزيد للقعقاع : ما سبيلك عليّ وعلى هؤلاء ! فواللّه انّي لسامع مطيع
واني للازم لجماعتي وهم الاّ انّي استعفي ومن ترى من امارة سعيد ،
فقال:- استعفى الخاصّة من أمر قد رضيته العامّة ؟ قال : فذلك الى امير
المومنين فتركهم والاستعفاء ولم يستطيعوا ان يظهروا غير ذلك
فاستقبلوا سعيداً فردّوه من الجَرَعة واجتمع الناس على ابي موسى وأقرّه
عثمان رضى اللّه تعالى عنه (ولمّا رجع الامراء لم يكن للسبئيّة سبيل
الى الخروج الى الامصار .وكاتبوا أشياعهم من أهل الامصار ان يتوافوا
بالمدينة لينظروا فيما يريدون واظهروا أنّهم يأمرون بالمعروف ويسألون عثمان
عن أشياء لتطير في الناس ولتحقّق عليه فتوافوا بالمدينة وارسل عثمان رجلين:
مخزوميا وزهريا فقال انظروا مايريدون واعلما علمهم - وكانا ممّن قد
ناله من عثمان أدب فاصطبر للحق ولم يضطغنا - فلمّا رأوهما باثّوهما
واخبروهما بما يريدون فقالا : من معكم على هذا من أهل الـمدينـة؟ قالوا :
ثلاثة نفر ، فقال : هل الاّ ؟ قالوا لا! قالا فكيف تريدون ان تصنعوا ؟
قالوا نريد ان نذكر له أشياء قد زرعناها في قلوب الناس ثمّ نرجع
اليهم فنزعم لهم أنّا قرّرناه بها، فلم يخرج منها ولم يتب ثمّ نخرج
كأنّا حجّاج حتّى نقدم فنحيط به فنخلعه فان أبى قتلناه وكانت ايّاها. فرجعا
الى عثمان بالخبر ، فضحك وقال : اللّهم سلِّم هؤلاء فانّك ان لم تسلّمهم
شقُوا .


أمّا عـمّار فحـمل علـى عبّاس بن عتبة بن أبي لهب وعركه)(22). وامّا محمّد
بن ابي بكر فانّه أعجب حتّى راى انّ الحقوق لا تلزمه ، وامّا ابن سهلة
فانّه يتعرّض للبلاء. فارسل الى الكوفيّين والبصريّين ونادى : الصلاة جامعة
وهم عنده في أصل المنبر، فاقبل أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتى
أحاطوا بهم، فحمد اللّه وأثنى عليه وأخبرهم خبر القوم ، وقام الرجلان
فقالوا جميعا اقتلهم فانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «من دعا
الى نفسه أو الى أحد وعلى الناس امام فعليه لعنة اللّه فاقتلوه» وقال
عمر بن الخطّاب رضى اللّه عنه : لا أحلّ لكم الاّ ماقتلتموه وانا
شريككم .


فقال عثمان : بل نعفو ونقبل ونبصّرهم بجهدنا ولا نحادّ أحدا حتّى يركب
حداً او يبدي كفرا. انّ هؤلاء ذكروا امورا قد علموا منها مثل الّذي علمتم
الاّ انّهم زعموا انّهم يذاكرو فيها ليوجبوها عليّ عند من لايعلم .


وقالوا: أتمّ الصلاة في السفر وكانت لاتْتَمَّ ، الا وانّي قدمت بلدا فيه
أهلي فأتممت لهذين الامرين أو كذلك ؟ قالوا : اللّهم نعم .


وقالوا : وحميت حمى وانّي واللّه ماحميت، حمي قبلي واللّه ماحموا
شيئا لاحد ما حموا الاّ غلب عليه أهل المدينة ثمّ لم يمنعوا من
رعية أحدا واقتصروا لصدقات المسلمين يحمونها لئلاّ يكون بين من يليها وبين
أحد تنازع ثمّ مامنعوا ولا نحّوا منها احدا الاّ من ساق درهما ومالي
من بعير غير راحلتين ومالى ثاغية ولا راغية وانّي قد وليت وانّي أكثر
العرب بعيرا وشاء فما لى اليوم شاة ولا بعير غير بعيرين لحجيّ أكذلك؟ قالوا
: اللّهم نعم .


وقالوا : كان القرآن كتبا، فتركتها الاّ واحدا. الا وانّ القران واحد جاء
من عند واحد وانّما أنا في ذلك تابع لهؤلاء : أكذلك؟ قالوا: نعم وسألوه أن
يقيلهم .


وقالوا : أنّي رددت الحكم وقد سيَّره رسول اللّه صلّى عليه وسلّم
والحكم مكّي ، سيّره رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من مكّة الى الطائف
ثمّ ردّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فرسول اللّه صلّى اللّه
عليه وسلّم سيّره ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ردّه أكذلك ؟
قالوا : اللّهم نعم .


وقالوا : استعملت الاحداث ولم أستعمل الاّ مجتمِعا محتمِلا مرضيّا وهؤلاء
أهل عملهم فسلوهم عنه وهؤلاء أهل بلده ولقد ولّي من قبلي أحدث منهم وقيل في
ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أشدّ مما قبل لى في
استعماله أسامة أكذلك قالوا: اللّهم نعم يعيبون للناس ما لا يفسّرون .


وقالوا : انيّ اعطيت ابن ابي سرح ما أفاء اللّه عليه وانّي انما
نفّلته خمس ماأفاء اللّه عليه من الخمس ، فكان مائة الف ، وقد أنفذ
مثل ذلك ابو بكر وعمر رضي اللّه عنهما، فزعم الجند أنّهم يكرهون ذلك
فرددته عليهم وليس ذلك لهم أكذاك؟ قالوا: نعم .


وقالوا انّي احبّ أهل بيتي وأعطيهم فّأما حبّي فأنّه لم يمل معهم على جور
بل أحمل الحقوق عليهم وأمّا اعطاؤهم فانّي ما أعطيهم من مالي ولا استحلّ
أموال المسلمين لنفسي ولا لأحد من الناس ولقد كنت أعطي العطية الكبيرة
الـرغيبة مـن صلب مالى أزمان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
وابي بكر وعمر رضي اللّه عنهما وانا يومئذ شحيح حريص أفحين اتيت على أسنان
أهل بيتي وفني عمري وودّعت الّذي لي في اهلي قال الملحدون ماقالوا !؟ وانّي
واللّه ماحملت على مصر من الامصار فضلا فيجوز ذلك لمن قاله ولقد رددته
عليهم وما قدم عليّ الاّ الأخماس ولايحلّ لي منها شئ فوّلّي المسلمون وضعها
في أهلها دوني ولا يُتلَفَّت من مال اللّه بفلس فما فوقه وما أتبلّغ
منه ماآكل الاّ مالي .


وقالوا : أعطيت الارض رجالا وانّ هذه الارضين شاركهم فيها المهاجرون
والانصار أيّام افتتحت فمن أقام بمكان من هذه الفتوح فهو أسوة أهله ومن رجع
الى أهله لم يذهب ذلك ما حوى اللّه له فنظرت في الذّي يصيبهم ممّا
أفاء اللّه عليهم فبعثته لهم بأمرهم من رجال أهل عقار ببلاد العرب فنقلت
اليهم نصيبهم فهو في أيديهم دوني .


وكان عثمان قد قسّم ماله وأرضه في بني أميّة وجعل ولده كبعض من يعطي فبدا
ببني أبي العاص فأعطى آل الحكم رجالهم عشرة آلاف ، عشرة آلاف فأخذ مائة ألف
، وأعطى بني عثمان مثل ذلك وقسّم في بني العاص وفي بني العيص وفي بني حرب ،
ولانت حاشية عثمان لاولئك الطوائف وأبى المسلمون الاّ قتلهم، وأبى الاّ
تركهم ، فذهبوا ورجعوا الى بلادهم على ان يغزوه مع الحجّاج كالحجّاج ،
فتكاتبوا وقالوا موعدكم ضواحي المدينة في شوّال حتّى اذا دخل شوّال من سنة
اثنتي عشرة ضربوا كالحجّاج فنزلوا قرب المدينة (23).


3 - كتب اليّ السريّ ،عن شعيب ،عن سيف ،عن محمّد
وطلحة وابي حارثة وابي عثمان قالوا: لمّا كان في شوال سنة خمس وثلاثين خرج
أهل مصر في أربع رفاق على أربعة أمراء ، المقلِّل يقول : ستمائة والمكشر
يقول : ألف. على الرفاق عبد الرحمن بن عديس البلويّ.وكنانة بن بشر التجيبيّ
، وعروة بن شيبم الليثيّ ، وأبو عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعيّ ، وسواد بن
رومان الاصبحيّ وزرع بن يشكر اليافعيّ وسودان بن حمران السكونيّ وقتيرة بن
فلان السكونيّ وعلى القوم جميعا الغافقي بن حرب العكيّ ولم يجترئوا ان
يعلموا الناس بخروجهم الى الحرب وانّما اخّرجوا كالحجّاج ومعهم ابن السوداء
وخرج أهل الكوفة في أربع رفاق وعلى الرفاق زيد بن صوحان العبديّ والاشتر
النخعيّ وزياد بن النضر الحارثيّ وعبد اللّه بن الاصمّ أحد بني عامر
بن صعصعة وعددهم كعدد أهل مصر وعليهم جميعا عمرو(24) ابن الاصمّ وخرج
أهل البصرة في أربع رفاق وعلى الرفاق حكيم بن جبلة العبدي وذريح ابن
عّباد العبديّ وبشر بن شريح الحطم بن ضبيعة القيسي وابن المحرِّش ابن عبد
بن عمرو الحنفيّ وعددهم كعدد أهل مصر وأميرهم جميعا حر قوص ابن زهير
السعديّ سوى من تلاحق بهم من الناس فأمّا أهل مصر فأنّهم كانوا يشتهون
عليّا وامّا أهل البصرة فانّهم كانوا يشتهون طلحة وامّا أهل الكوفة فأنّهم
كانوا يشتهون الزبير .


فـخرجـوا وهم على الخروج جميع وفي الناس شتّى لا تشكّ كلّ فرقة الاّ ان
الفلج (25) معها وان أمرها سيتّم دون الآخرين فخرجوا حتّى اذا كانوا من
المدينة على ثلاث تقّدم ناس من أهل البصرة فنزلوا ذا خشب وناس من أهل
الكوفة فنزلوا الأعوَص وجاءهم ناس من أهل مصر وتركوا عامّتهم بذي المروة
ومشى فيما بين أهل مصر وأهل البـصرة زياد بن النضر وعبد اللّه بن
الاصمّ وقالوا : لا تعجلوا ولا تعجلونا حتّى ندخل لكم المدينة ونرتاد فانّه
بلغنا أنّهم قد عسكروا لنا فو اللّه ان كان أهل المدينة قد خافونا
واستحلّوا قتالنا ولم يعلموا علمنا فهم اذا علموا علمنا أشدّ ، وانّ امرنا
هذا لباطل وان لم يستحلوا قتالنا ووجدنا الّذي بلغنا باطلا لنرجعّن اليكم
بالخبر .


قالوا : اذهبا فدخل الرجلان فلقيا أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم
وعليّاً وطلحة والزبير ، وقالا: انّما نأتّم هذا البيت ونستعفي هذا الوالي
من بعض عمّالنا ما جئنا الاّ لذلك واسأذناهم للناس بالدخول فكلّهم ابى ونهى
وقال بيض مايفرخن فرجعا اليهم فاجتمع من اهل مصر نفر فاتوا عليّا ومن أهل
البصرة نفر فأتوا طلحة ومن أهل الكوفة نفر فأتوا الزبير وقال كلّ فريق منهم
ان بايعوا صاحبنا والاّ كدناهم وفرّقنا جماعتهم ثمّ كرّرنا حتّى
نبغتهم فأتى المصريّون عليّاً وهو في عسكر عند أحجار الزيت عليه حلّة
أفواف(26) معتّم بشقيقة حمراء يمانية متقلّد السيف ليس عليه قميص وقد سرّح
الحسن الى عثمان فيمن اجتمع اليه فالحسن جالس عند عثمان وعليّ عند احجار
الزيت فسلّم عليه المصريّون وعرضوا له فصاح بهم واطردهم وقال لقد علم
الصالحون انّ جيش ذي المروة وذي خشب ملعونون على لسان محمّد صلّى اللّه
عليه وسلّم فارجعوا لاصحبكم اللّه ! قالوا : نعم فانصرفوا من عنده
على ذلك .


وأتى البصريّون طلحة وهو في جماعة أخرى الى جنب عليّ وقد أرسل ابنيه الى
عثمان فسلّم البصريّون عليه وعرضوا له فصاح بهم وطردهم وقال لقد علم
المؤمنون انّ جيش ذي المروة وذي خشب والاعوص ملعونون على لسان محمّد صلّى
اللّه عليه وسلّم .


واتى الكوفيّون الزبير وهو في جماعة أخرى وقد سرّح ابنه عبداللّه الى
عثمان فسلّموا عليه وعرضوا له فصاح بهم وطردهم وقال : لقد علم المسلمون انّ
جيش ذي المروة وذي خشب والاعوص ملعونون على لسان محمّد صلّى اللّه عليه
وسلّم ، فخرج القوم وأروهم أنّهم يرجعون فانفشُّوا عن ذي خشب والاعوص ،
حتّى انتهوا الى عساكرهم وهي ثلاث مراحل كي يفترق أهل المدينة ثمّ
يكرّوا راجعين . فافترق أهل المدينة لخروجهم.


فلّما بلغ القوم عساكرهم كرّوا بهم ، فبغتوهم فلم يفجأ أهل المدينة الاّ
والتكبير في نواحي المدينة فنزلوا في مواضع عساكرهم وأحاطوا بعثمان وقالوا
: من كفّ يده فهو آمن .


وصلّى عثمان بالناس أيّاما ولزم الناس بيوتهم ولم يمنعوا أحدا من كلام
فاَتاهم الناس فكلّموهم وفيهم عليّ فقال : ماردّكم بعد ذهابكم ورجوعكم عن
رأيكم؟ قالوا : أخذنا مع بريد كتابا بقتلنا وأتاهم طلحة فقال البصريّون مثل
ذلك ، وأتاهم الزبير فقال الكوفيّون مثل ذلك ، وقال الكوفيّون والبصريّون :
فنحن ننصر اخواننا ونمنعهم جميعا، كانّما كانوا على ميعاد .فقال لهم علّي:
كيف علمتم ياأهل الكوفة وياأهل البصرة بما لقي أهل مصر وقد سرتم مراحل ثمّ
طوبتم نحونا؟ هذا واللّه أمر أبرم بالمدينة ! قالوا. فضعوه على
ماشئتم، لا حاجة لنا في هذا الرجل، ليعتزلنا وهو في ذلك يصلِّي بهم وهم
يصلُّون خلفه ويغشي من شاء عثمان وهم في عينه أدقُّ من التراب وكانوا
لايمنعون أحدا من الكلام وكانوا زمرا بالمدينة يمنعون الناس من الاجتماع .


وكتب عثمان الى أهل الامصار يستمدّهم: بسم اللّه الرحمن الرحيم ، أمّا بعد
فانَّ اللّه عزّ وجلّ بعث محمّدا بالحقّ بشيرا ونذيرا فبلّغ عن اللّه
ما أمره به ثمّ مضى وقد قضى الذي عليه وخلّف فينا كتابه فيه حلاله وحرامه
وبيان الامور الّتي قدّر فأمضاها على ماأحبّ العباد وكرهوا فكان الخليفة
ابو بكر رضي اللّه عنه وعمر رضي اللّه عنه ثمّ
ادخلت في الشورى عن غير علم ولا مسألة عن ملإ من الأمّة ثمّ أجمع أهل
الشورى عن ملإ منهم ومن الناس عليّ، على غير طلب منيّ ولا محبّة فعملت فيهم
مايعرفون ولا ينكرون تابعا غير مستتبع متّبعا غير مبتدع مقتديا غير متكلّف
فلّما انتهت الامور ، وانتكث الشرُّ بأهله بدت ضغائن واهواء على غير اجرام
ولا ترة فيما مضى الاّ امضاء الكتاب ; فطلبوا أمرا وأعلنوا غيره بغير حجّة
ولا عذر فعابوا عليّ أشياء ممّا كانوا يرضون وأشياء عن ملإ من أهل
الـمدينة لايصلح غيرها فصبرت لهـم نفسي وكـففتها عنهم منـذ سنين وانـا أرى
وأسمـع فـازدادوا علـى اللّه عـزّ وجـلّ جرأة، حتّى أغاروا علينا في
جوار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وحـرمه وأرض الهـجرة وثـابت
اليـهـم الاعراب ،فهم كالاحزاب أيّام الاحزاب أو من غزانا باحد إلا ما
يظهرون فمن قدر على اللحاق بنا فليلحق.


فأتى الكتاب أهل الامصار فخرجوا على الصعبة والذلول فبعث معاوية حبيب بن
مسلمة الفهريّ وبعث عبداللّه بن سعد معاوية بن حديج السكونيّ وخرج من
أهل الكوفة القعقاع بن عمرو :


وكان المحضّضين بالكوفة على اعانة أهل المدينة عقبة بن عمرو وعبد اللّه
ابن أبي أوفى وحنظلة بن الربيع التميمي في أمثالهم من أصحاب النبيّ صلّى
اللّه عليه وسلّم وكان المحضّضين بالكوفة من التابعين أصحاب عبد اللّه
مسروق بن الاجدع ، والاسود بن يزيد ، وشريح بن الحارث وعبد اللّه بن
عكيم (27) وفي أمثالهم يسيرون فيها ويطوفون على مجالسها يقولون ياأيّها
الناس انّ الكلام اليوم وليس به غدا ; وانّ النظر يحسن اليوم ويقبح غدا
وانّ القتال يحلى اليوم ويحرم غدا انهضوا الى خليفتكم وعصمة أمركم .


وقام بالبصرة عمران بن حصين ، وانس بن مالك ، وهشام بن عامر في أمثالهم من
أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقولون مثل ذلك وهشام بن عامر في
أمثالهم من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقولون مثل ذلك ومن
التابعين كـعب بـن سـور وهرم بن حيان العبديّ وأشباه لهما يقولون ذلك وقام
بالشام عبادة بن الصامت وابو الدرداء وابو أمامة في أمثالهم من اصحاب
النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقولون مثل ذلك ومن التابعين شريك بن خباشة
النميريّ وابو مسلم الخولاني وعبد الرحمن بن غنم بمثل ذلك وقام بمصر خارجة
في أشباه له وقد كان بعض المُحضِّضين قد شهد قدومهم فلّما رأوا حالهم
انصرفوا الى أمصارهم بذلك وقاموا فيهم .


ولمّا جاءت الجمعة الّتي على أثر نزول المصرييّن مسجد رسول اللّه صلّى
اللّه عليه وسلّم خرج عثمان فصلّى بالناس ثمّ قام على المنبر فقال :
ياهؤلاء العدى اللّه اللّه فواللّه انّ اهل المدينة
ليعلمون انكّم ملعونون على لسان محمّد صلّى اللّه عـليه وسلّم فامحوا
الخطايا بالصواب ;فانّ اللّه عزّ وجلّ لايمحو السيّئ الاّ بالحسن .


فقام محمّد بن مسلمة ، فقال: انا اشهد بذلك فأخذه حكيم بن جبلة فاقعده
فقام زيد بن ثابت فقال : ابغني (28) الكتاب فثار اليه من ناحية اخرى محمّد
بن ابي قُتَيْرة فأقعده وقال فأفظع وثار القوم باجمعهم فحصبوا الناس حتّى
أخرجوهم من المسجد وحصبوا عثمان حتّى صرع عن المنبر مغشيّاً عليه ، فاحتمل
فأدخل داره وكان المصريّون لا يطمعون في أحد من اهل المدينة أن يساعدهم
الاّ في ثلاثة نفر فانّهم كانوا يراسلونهم : محمّد بن ابي بكر ، ومحمّد بن
ابي حذيفة ، وعمّار بن ياسر، وشمّر أناس من الناس فاستقتلوا منهم سعد بن
مالك وابوهريرة وزيد بن ثابت والحسن بن عليّ ; فبعث اليهم عثمان
بعزمه لمّا انصرفوا. فانصرفوا، واقبل عليّ عليه السلام حتّى دخل على عثمان
واقبل طلحة حتّى دخل عليه واقبل الزبير حتى دخل عليه ;يعودونه من صرعته ;
ويشكون بثّهم ، ثمّ رجعوا الى منازلهم (29).


4 - كتـب اليّ السـريّ ، عـن شعيب، عن سيف، عن
ابي عمرو، عن الحسن ، قال :قلت له : هل شهدت حصر عثمان ؟ قال : نعم ; وانا
يومئذ غلام في أتراب لي في المسجد فإذا كثر اللغط جثوت على ركبتي اوقمت
; فأقبل القوم حين أقبلوا حتى نزلوا المسجد وما حوله ; فاجتمع اليهم أناس
من اهل المدينة يُعظّمون ماصنعوا واقبلوا على أهل المدينة يتوعدّونهم فبينا
هم كذلك في لغطهم حول الباب فطلع عثمان فكأنّما كانت نارا طفئت فعمد الى
المنبر فصعده فحمد اللّه واثنى عليه فثار رجل فأقعده رجل وقام آخر فأقعده
آخر ثمّ ثار القوم فحصبوا عثمان حتّى صرع فاحتمل فأدخل فصلّى بهم عشرين
يوما ثمّ منعوه من الصلاة(30).


5 - كتب اليّ السريّ، عن شعيب، عن سيف، عن محمّد
وطلحة وابي حارثة وابي عثمان ، قالوا : صلّى عثمان بالناس بعد مانزلوا به
في المسجد ثلاثين يوما ثمّ انهم منعوه الصلاة فصلّى بالناس اميرهم الغافقيّ
دان له المصريّون والكوفيّون والبصريّون وتفرّق اهل المدينة في حيطانهم
ولزموا بيوتهم لا يخرج احد ولا يجلـس الاّ وعليـه سيـفه يمتنـع به من رهق
القوم وكان الحصار أربعين يوما، وفيهن كـان القتل ومن تعرّض لهم وضعوا فيه
السلاح وكانوا قبل ذلك ثلاثين يوما يكّفون (31).


* * *


تتمة اخبار الفتنة


في تاريخ الطبري :


ذكر مسير من سار الى ذي خشب من اهل مصر وسبب مسير من سار الى ذي مروة من
اهل العراق (32)


6 - في كتاب الردّة والفتوح وكتاب الجمل ومسير
عائشة وعليّ مارواه سيف، عن عـطيّة عن يزيد الفقعسّي ومحمّد وطلحة انّهم
قالوا: اجتمـع أصحاب رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - الى
عثمان فقالوا: يا أميـر المـؤمنين أيـأتيك عـن النـاس الّذي أتـانا؟ قال :
لا واللّه ! مـاجاءني الاّ السلامة .قالوا: فانّا قد أتانا وأخبروه
بالّذي أسقطوا اليهم ، قال: فأنتم شركائي وشهود المؤمنين فأشيروا عليّ،
قالوا: نشير عليك أن تبعث رجالا ممّن تثق به من الناس الى الامصار حتّـى
يـرجعوا اليك بأخبارهم فدعا محمد بن مسلمة فأرسله الى الكوفة وأرسـل أسامة
بن زيد الى البصرة وأرسل عمّار بن ياسر الى مصر وأرسل عبد اللّه بن عمر الى
الشام وفرّ ق رجالا سواهم فرجعوا جميعا قبل عمّار فقالوا : ايّها الناس
واللّه ما أنكرنا شيئا ولا أنكره أعلام المسلمين ولا عوامّهم وقالوا جميعا:
الامر أمر المسلمين الاّ أنّ أمراءهم يقسطون بينهم ويقومون عليهم.


واستبطأالناس عمّارا حتّى ظنّوا انّه قد اغتيل واشتهروه(33) فلم يفجأهم
الاّ كتاب من عبداللّه بن سعد بن أبي سرح يخبرهم أن عمّارا قد
استماله قوم بمصر وقد انقطعوا اليه ، فيهم عبد اللّه بن السوداء
وخالد بن ملجم وسودان بن حمران وكنانة بن بشر، يريدونه على ان يقول بقولهم
يزعمون انّ محمّدا راجع ويدعونه الى خلع عثمان ويخبرونه انّ رأي أهل
المدينة على مثل رأيهم فان رأى أمير المؤمنين ان يأذن لي في قتله وقتلهم
قبل ان يتابعهم !! وكتب اليه عثمان : لعمري انّك لجرئ يـاابـن امّ عبداللّه
لا واللّه لا أقتلـه ولا أَنْكَؤُ ه ولا ايّاهم حتى يكون اللّه ]عزّ
وجلّ [ينتقم منه ومنهم بمن أحبّ فدعهم مالم يخلعوا يدا من طاعة يخوضوا
ويلعبوا.


وكتب الى عمّار انّي أنشدك اللّه أن تخلع يدا من طاعة أو تفارقها
فتبوء بالنار ولعمري انّي على يقين من اللّه لأستكملنّ أجلي
ولأستوفينّ رزقي غير منقوص شيئا من ذلك فيغفر اللّه لك .


فثار اهل مصر فهمّوا بقتله وقتل أولئك فنهنههم عنه عبد اللّه بن سعد
واقرّ عمّاراً حتّى اراد القفل فحمّله وجهزّه بامر عثمان فلّما قدم على
عثمان قال: يـا ابا اليقظان قذفت ابن ابي لهب أن قذفك ،وغضبت عليَّ ان
اوطأك فعنَّفَك ! وغضبت عليَّ ان اخذت لك بحقّك وله بحقّه ! اللّهم
انّي قد وهبت مابين أمّتي وبيني من مظلمة ;اللّهم انّي متقرّب اليك
باقامة حدودك في كلّ أحد ولا أبالي ;اخرج عنّي ياعمّار .


فكان اذا لقى العوام نضح عن نفسه وانتفل(34) واذا لقي من يأمنه أقرّ بذلك
وأظهر الندم ولامه الناس وهجروه وكرهوه (35).


7 - حدّثنا السريّ قال حدّثنا شعيب قال حدّثنا
سيف عن مبشّر بن الفضيل وسهل بن يوسف عن محمّد بن سعد بن أبي وقّاص قال
(36) :


قدم عمّار من مصر وأبي شاك ، فبلغه فبعثني اليه أدعوه فقام معي ليس عليه
رداء وعليه قلنسيّة من شعر معتّم عليها بعمامة وسخة وجُبَّة فري (37)
يمانيّة ، فلمّا دخل على سعد وهو متّكي استلقى ووضع يده على جبهته ثمّ
قال : ويحك يا أبا اليقظان ! ان كنت فينا لمن أهل الخير ، فما الّذي بلغني
من سعيك في فساد بين المسلمين والتأليب على أمير المؤمنين ؟ أمعك عقلك أم
لا؟ فأهوى عمّار الى عمامته وغضب فنزعها وقال : خلعت عثمان كما خلعت عمامتي
هذه! فقال سعد : انّا للّه وانّا اليه راجعون ! ويحك حين كبرت سنّك ورقّ
عظمك ونفد عمرك فلم يبق منك الاظِمءٌ(38) كظمي الحمار خلعت ربقة الاسلام من
عنقك وخرجت من الـدين عـريانا كـما ولدتـك امـك ؟ فـقام عـمّار مـغـضبا
مـولّياً وهـو يـقول : أعوذ بربيّ مـن فتـنة سـعد! فـقـال سـعـد (
أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ
بِالْكَافِرِينَ )التوبة / 49 ،اللّهم زد عثمان بحلمه وعفوه
عندك درجات حتّى خرج عمّار من الباب وأقبل عليَّ سعد يبكي حتّى أخضلّ لحيته
وقال : من يأمن الفتنة يابنيّ! لايخرجنَّ منك ماسمعت منه فانّه من الامانة
وانّي أكره أن يتعلّق به الناس عليه فيتنا ولونه ، وقد قال رسول اللّه
- صلّى اللّه عليه وسلّم -: «الحقّ مع عمّار ما لم تغلب عليه دلهة الكبر»
فقد دَلِهَ وَخَرِف ; وكان بعد يكثر أن يقول : ليت شعري كيف يصنع اللّه
بعمّار مع بلائه وقدمه في الاسلام وحدثه الّذي أحدث؟ (39).


دراسة الاسناد : -


الرواية الاولى


روى سيف عن


1 - محمد


2 - طلحة


3 - عطية


1و2 - وقد مرّ قولنا في محمد وطلحة (40) .


3 - وعطيّة مرّ قولنا فيه في روايات الاسطورة السبأية (41)


الرواية الثانية


روى سيف عن :


1 - بدر بن الخليل بن عثمان بن قطبة الاسدي من مختلقات سيف من الرواة (42)


2 - رجل من بني اسد


من هو الرجل كي يتسنى لنا دراسته وهكذا هو ديدن سيف فيما يضع ويختلق .


3 - ابو حارثة(43) .


4 - ابو عثمان (44) .


5 - رجاء بن حيوة


وهذا من معاصري سيف وليس لنا ان نحمله وزر ما اختلق ووضع سيف واسنده الى
رجاء .


6 - غيره ،ومن هو غيره!؟لندرسه !


وهذا ديدن سيف فيما يختلق ويضع .


الرواية الثالثة والخامسة


رواهما سيف عن :-


1 - محمد


2 - طلحة


3 - ابو حارثة


4 - ابو عثمان


امّا محمّد وطلحة فقد مرّ ذكرهما وقولنا فيهما في دراسة روايته الاولى
وامّا ابو حارثة وابو عثمان فقد مرّ ذكرهما وقولنا فيهما في روايته الثانية
.


والرواية الرابعة


رواها سيف عن


1 - ابي عمرو


2 - الحسن


ولم ينسبهما سيف ;وهل اراد بهما ابو عمرو الشعبي والحسن البصري
!؟ وليس لنا ان نحمّلهما وزر ما اختلق سيف وما وضع واسنده اليهما ام
هما من مختلقاته من الرواة لسنا ندري ؟


الرواية السادسة اسند سيف الى :


1 - عطية عن


2 - يزيد الفقعسي عن


3 - محمد و


4 - طلحة


1و 2 - عطية ويزيد الفقعسي مرّت دراستهما في الرواية الاولى
للاسطورة السبأية(45)


3و 4 - محمد وطلحة


مرّت دراستهما في ماسبق (46)


الرواية السابعة اسند سيف الى :


1 - مبشر بن فضيل عن


2 - سهل بن يوسف


3 - محمد بن سعد بن ابي وقّاص


1 - مبّشر بن فضيل من مختلقات سيف من الرواة وقد مرّت دراسته
في الرواية الثالثة من اخبار سيف في ابي ذر(47)


2 - سهل بن يوسف من مختلقات سيف من الرواة(48)


3 - محمّد بن سعد بن ابي وقّاص وليس لنا ان نحمّله وزر ما
اختلق سيف ووضع ونسبه اليه .


مقارنة الروايات :


اخبار الفتنة عند غير سيف :


كانت تلكم روايات سيف في اخبار الفتنه رواها الطبري في
احداث سنة خمس وثلاثين واخذ منه ابن الاثير ومن جاء بعده وامّا غير سيف


فقد روى البلاذري(49) وقال : إلتقى أهل الامصار الثلاثة الكوفة والبصرة
ومصر في المسجد الحرام قبل مقتل عثمان بعام ، وكان رئيس أهل الكوفة كعب ابن
عبدة النهديّ ، ورئيس أهل البصرة المثنّى بن مُخَرِّبَةَ العبدي ، ورئيس
أهل مصر كنانة بن بشر بن عتّاب بن عوف السكوني ثمّ التجيبي ، فتذاكروا سيرة
عثمان وتبديله وتركه الوفاء بما أعطى من نفسه ، وعاهد الله عليه ، وقالوا:
لايسعنا الرضى بهذا فاجتمع رأيهم على أن يرجع كل واحد من هؤلاء الثلاثة إلى
مصره فيكون رسول من شهد مكّة من أهل الخلاف على عثمان إلى من كان على رأيهم
من أهل بلده ، وأن يوافوا عثمان في العام المقبل في داره ويستعتبوه ، فان
أعتب وإلاّ رأوا رأيهم فيه ، ففعلوا ذلك .


وأخرج الطبري(50) بسنده إلى عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس قال : لمّا
حصر عثمان الحصر الآخر قال عكرمة : فقلت لابن عباس : أو كانا حصرين؟ فقال
ابن عبّاس : نعم الحصر الاوّل حصر اثنتي عشـرة وقدم المصريون فلقيهم عليّ
بذي خشب فردّهم عنه ، وقد كان والله عليٌّ له صاحب صدق حتّى أوغر نفس عليّ
عليه ، جعل مروان وسعيد وذووهما يحملونه على عليّ فيتحمّل ويقولون : لو شاء
ماكلّمك أحدٌ ; وذلك انّ عليّاً كان يكلّمه وينصحه ، ويغلظ عليه في المنطق
في مروان وذويه ، فيقولون لعثمان : هكذا يستقبلك وأنت إمامه وسلفه وابن
عمّه وابن عمّته ، فما ظنّك بما غاب عنك منه ، فلم يزالوا بعليّ حتّى أجمع
ألاّ يقوم دونه ، فدخلت عليه اليوم الّذي خرجت فيه إلى مكةّ فذكرت له أنّ
عثمان دعاني إلى الخروج ، فقال لي : مايريد عثمان أن ينصحه أحد ; اتّخذ
بطانة أهل غشّ ليس منهم أحد إلاّ قد تسبّب بطائفة من الأرض يأكل خراجها
ويستذلّ أهلها . فقلت له انّ له رحماً وحقّاً فان رأيت أن تقوم دونه فعلت ،
فإنّك لا تُعذر إلاّ بذلك ، قال : قال ابن عباس : فالله يعلم أنّي رأيت فيه
الإنكسار والرقّة لعثمان .


وأخـرج (51) فـي حـديث آخر له : أنّ عثمان صعد يوم الجمعة المنبر ، فحمد
الله وأثنى عليه ، فقام رجل فقال : أقم كتاب الله ، فقال عثمان : إجلس فجلس
حتّى قام ثلاثا ، فأمر به عثمان فاُجلِس (52)، فتحاثّوا بالحصباء حتّى ما
ترى السماء وسقط عن المنبر وحمل فأدخل داره مغشيّا عليه فخرج رجل من حجّاب
عثمان ومعه مصحف في يده وهو ينادي : «إنّ الّذين فارقوا(53) دينهم وكانوا
شيعاً لست منهم في شيء إنّما أمرهم إلى الله» .


ودخل عليّ بن أبي طالب على عثمان (رض) وهو مغشيٌّ عليه وبنو أميّة حوله ،
فقال : مالك ياأمير المؤمنين؟ فأقبلت بنو أميّة بمنطق واحد فقالوا : يا
عليّ! أهلكتنا وصنعت هذا الصنيع بأمير المؤمنين أما والله لئن بلغت الّذي
تريد لنمرَّن عليك الدنيا . فقام عليٌّ مغضبا .


وقصّة عثور المصريين على كتاب عثمان الى واليه بمصر في
ما أخرجه البلاذري وغيره(54).


واللفظ للبلاذري عن أبي مخنف قال : لمّا شخص المصريون بعد الكتاب الّذي
كتبه عثمان فصاروا بأيلة(55) أو بمنزل قبلها رأوا راكبا خلفهم يريد مصر
فقالوا له : من أنت فقال : رسول أمير المؤمنين إلى عبدالله بن سعد ، وأنا
غلام أمير المؤمنين وكان أسود . فقال بعضهم لبعض : لو أنزلناه وفتَّشْناهُ
ألاّ يكون صاحبه قد كتب فينا بشيء ، ففعلوا فلم يجدوا معه شيئا ، فقال
بعضهم لبعض : خلّوا سبيله ، فقال كنانة بن بشر : أما والله دون أن أنظر في
إداوته فلا . فقالوا : سبحان الله أيكون كتاب في ماء؟ فـقال : إنّ للناس
حيـلاً . ثمَّ حلّ الإداوة فإذا فيها قارورة مختومة ـ أو قال مضمومة ـ في
جوف القارورة كتاب في أنبوب من رصاص فأخرجه فقرئ فإذا فيه :


أمّا بعد : فإذا قدم عليك عمرو بن بديل فاضرب عنقه ، واقطع يدي ابن عديس ،
وكنانة وعروة ، ثمَّ دعهم يتشحّطون في دمائهم حتّى يموتوا . ثمَّ أوثقهم
على جذوع النخل .


فيقال : إنّ مروان كتب الكتاب بغير علم عثمان ، فلمّا عرفوا ما في
الكتاب ، قالوا : عثمان محلٌّ ، ثمَّ رجعوا عودهم على بدئهم حتّى دخلوا
المدينة فلقوا عليّاً بالكتاب ، وكان خاتمه من رصاص ، فدخل به عليٌّ على
عثمان فحلف بالله ما هو كتابه ولا يعرفه ، وقال : أمّا الخط فخطّ كاتبي
وأمّا الخاتم فعلى خاتميّ ، قال عليّ : فمن تتّهم قال : أتّهمك واتّهم
كاتبي . فخرج عليٌّ مغضباً وهو يقول : بل هو أمرك .


قال أبو مخنف ، : وكان خاتم عثمان بدءاً عند حمران بن أبان ، ثمّ أخذه
مروان حين شخص حمران إلى البصرة فكان معه .


وفي رواية أخرى : ثمّ وجدوا كتاباً إلى عامله على مصر أن يضرب أعناق رؤساء
المصريين ، فرجعوا ودفعوا الكتاب إلى عليّ فأتاه به فحلف له انّه لم يكتبه
ولم يعلم به .


فقال له علي : فمن تتّهم فيه


فقال : أتّهم كاتبي وأتّهمك يا علي! لانّك مطاع عند القوم ولم تردّهم
عَنِّي .


وجاء المصريون إلى دار عثمان فأحدقوا بها ، وقالوا لعثمان وقد أشرف
عليهم :


ياعثمان! أهذا كتابك فجحد وحلف .


فقالوا : هذا شرٌّ ، يكتب عنك بما لا تعلمه ، ما مثلك يلي أمور المسلمين ،
فاختلع من الخلافة .


فقال : ما كنت لاُنزع قميصاً قمّصنيه الله .


وقالت بنو أميّة : ياعليّ! أفسدت علينا أمرنا ودسست والّبت .


فقال : ياسفهاء! إنّكم لتعلمون انّه لا ناقة لي في هذا ولا جمل ، وإنّي
رددت أهل مصر عن عثمان ثمَّ أصلحت أمره مرّة بعد أخرى ، فما حيلتي؟ وانصرف
وهو يقول : اللّهمّ إنّي بري ممّا يقولون ومن دمه إن حدث به حدث .


قال : وكتب عثمان حين حصروه كتابا قرأه ابن الزبير على الناس ـ وقيل بل
قرأه الزبير والاوّل أصحّ ـ يقول فيه :


والله ماكتبت الكتاب ، ولا أمرت به ، ولا علمت بقصّته ، وأنتم معتبون من
كلّ ماساءكم ، فأمِّروا على مصركم من أحببتم ، وهذه مفاتيح بيت مالكم
فادفعوها إلى من شئتم .


فقالوا قد اتّهمناك بالكتاب فاعتزلنا .


وفي رواية أخرى للطبري(56) : حتّى إذا كانوا بالبويب وجدوا غلاماً لعثمان
معه كتاب إلى عبدالله بن سعد فكرُّوا وانتهوا إلى المدينة وقد تخلّف بها من
الناس الأشتر وحكيم بن جبلة فأتوا بالكتاب فأنكر عثمان أن يكون كتبه وقال :
هذا مفتعل .


قالوا : فالكتاب كتاب كاتبك؟


قال : أجل ، ولكنّه كتبه بغير أمري .


قالوا : فانّ الرسول الّذي وجدنا معه الكتاب غلامك


قال : أجل ولكنّه خرج بغير إذني .


قالوا : فالجمل جملك .


قال : أجل ولكنّه أخذ بغير علمي .


قالوا : ما أنت إلاّ صادق أو كاذب . فان كنت كاذباً فقد استحققت الخلع لما
أمرت به من سفك دمائنا بغير حقّها ، وإن كنت صادقاً فقد استحققت أن تخلع
لضعفك وغفلتك وخبث بطانتك ، لانّه لاينبغي لنا أن نترك على رقابنا من يقتطع
مثل هذا الأمر دونه لضعفه وغفلته ، وقالوا له : إنّك ضربت رجالا من أصحاب
النبيّ (ص) وغيرهم حين يعظونك ويأمرونك بمراجعة الحقّ عندما يستنكرون من
أعمالك فأقد من نفسك من ضربته وأنت له ظالم .


فقال : الإمام يخطئ ويصيب فلا أقيد من نفسي لانّي لو أقدت كلّ من أصبته
بخطأ آتي على نفسي .


قالوا : إنّك قد أحدثت أحداثاً عظاماً فاستحققت بها الخلع ، فإذا كلّمت
فيها أعطيت التوبة ، ثمَّ عدت إليها وإلى مثلها ، ثمَّ قدمنا عليك فأعطيتنا
التوبة والرجوع إلى الحقّ ولامنا فيك محمّد بن مسلمة وضمن لنا ماحدث من أمر
فاحضرته فتبرّأ منك وقال : لا أدخل في أمره ، فرجعنا أوّل مرّة لنقطع حجّتك
ونبلغ أقصى الإعذار إليك نستظهر بالله عزّ وجلّ عليك فلحقنا كتاب منك إلى
عاملك علينا تأمره فينا بالقتل والقطع والصلب وزعمت انّه كتب بغير علمك وهو
مع غلامك وعلى جملك وبخطّ كاتبك وعليه خاتمك فقد وقعت عليك بذلك التهمة
القبيحة مع ما بلونا منك قبل ذلك من الجور في الحكم والاثرة في القسم ،
والعقوبة للامر بالتبسّط من الناس ، والإظهار للتوبة ثمّ الرجوع إلى
الخطيئة ، ولقد رجعنا عنك وما كان لنا أن نرجع حَتَّى نخلعك ونستبدل بك من
أصحاب رسول الله (ص) من لم يحدث مثل ما جرّبنا منك ، ولم يقع عليه من
التهمة ما وقع عليك فاردد خلافتنا واعتزل أمرنا ، فانّ ذلك أسلم لنا منك ،
وأسلم لك منّا .


فقال عثمان : فرغتم من جميع ما تريدون؟


قالوا : نعم .


قال : ـ بعد الحمد والثناء ـ أمّا بعد : فانّكم لم تعدلوا في المنطق ولم
تنصفوا في القضاء ، أمّا قولكم : تخلع نفسك . فلا أنزع قميصا قمّصنيه الله
عزَّ وجلّ وأكرمني به وخصّني به على غيري ولكنّي أتوب وأنزع ولا أعود لشيء
عابه المسلمون ، فإنّي والله الفقير إلى الله الخائف منه .


قالوا : إنّ هذا لو كان أوّل حدث أحدثته ثمّ تبت منه ولم تقم عليه لكان
علينا أن نقبل منك ، وأن ننصرف عنك ، ولكنّه قد كان منك من الأحداث قبل هذا
ما قد علمت ولقد انصرفنا عنك في المرّة الاولى وما نخشى أن تكتب فينا ولا
من اعتللت به بما وجدنا في كتابك مع غلامك ، وكيف نقبل توبتك ، وقد بلونا
منك أنّك لاتعطي من نفسك التوبة من ذنب إلاّ عدت إليه؟ فلسنا منصرفين حتّى
نعزلك ونستبدل بك ، فان حال من معك من قومك وذوي رحمك وأهل الإنقطاع دونك
بقتال قاتلناهم حتّى نخلص إليك فنقتلك أو تلحق أرواحنا بالله .


فقال عثمان : أمّا أن أتبرّأ من الإمارة فإن تصلبوني أحبّ إليّ من أن
أتبرّأ من أمر الله عزّ وجلّ وخلافته ، وأمّا قولكم : تقاتلون من قاتل
دوني . فانّي لاآمر أحداً بقتالكم فمن قاتل دوني فإنّما قاتل بغير أمري ،
ولعمري لو كنت أُريد قتالكم لقد كتبت إلى الأجناد ، فقادوا الجنود ، وبعثوا
الرجال أو لحقت ببعض أطرافي بمصر أو العراق فالله الله في أنفسكم ; أبقوا
عليها إن لم تبقوا عليّ ; فانّكم مجتلبون بهذا الأمر إن قتلتموني دماً .
قال : ثمَّ انصرفوا عنه وآذنوه بالحرب وأرسل إلى محمّد ابن مسلمة فكلّمه أن
يردّهم فقال : والله لاأكذب الله في سنة مرّتين .


وفي رواية أخرى للبلاذري(57) :


انّ المصرييّن لمّا قدموا فشكوا عبدالله بن سعد بن أبي سرح ، سألوا عثمان
أن يولّي عليهم محمّد بن أبي بكر . فكتب عهده وولاّه ووجّه معهم عدَّة من
المهاجرين والأنصار ينظرون في ما بينهم وبين ابن سرح ، فشخص محمّد بن أبي
بكر وشخّصوا جميعا ; فلمّا كانوا على مسيرة ثلاث من المدينة إذا هم بغلام
أسود على بعير وهو يخبط البعير خبطا كأنّه رجل يَطلبُ أو يُطلبُ .


فقال له أصحاب محمّد بن أبي بكر : ما قصّتك وما شأنك كانّك هارب أو طالب .


فقال لهم مرّة : أنا غلام أمير المؤمنين وقال مرَّة أخرى : أنا غلام
مروان ، وجَّهَني إلى عامل مصر برسالة .


قالوا : فمعك كتاب؟


قال : لا . ففتّشوه ، فلم يجدوا معه شيئا ، وكانت معه إداوة قد يبست فيها
شيء يتقلقل فحرّكوه ليخرج فلم يخرج فشقّوا الإداوة فإذا فيها كتاب من عثمان
إلى ابن أبي سرح .


فجمع محمّد من كان معه من المهاجرين والأنصار وغيرهم ثمّ فكّ الكتاب بمحضر
منهم فإذا فيه :


إذا أتاك محمّد بن أبي بكر وفلان وفلان ، فاحتل لقتلهم وأبطل كتاب محمّد
وقرَّ على عملك حتّى يأتيك رأيـي ، و احبـس من يجىء إليّ متظلّـما منك
إن شاء الله .


فلمّا قرأوا الكتاب فزعوا وغضبوا ورجعوا إلى المدينة وختم محمّد بن أبي
بكر الكتاب بخواتيم نفر مِمَّنْ كان معه ، ودفعه إلى رجل منهم وقدموا
المدينة ، فجمعوا عليّاً وطلحة والزبير وسعداً ومن كان من أصحاب النبيّ (ص)
ثمّ فَكُّوا الكتاب بمحضر منهم ، وأخبروهم بقصّة الغلام وأقرأوهم الكتاب ،
فلم يبق أحد من أهـل الـمدينة إلاّ حنـق على عثمان ، وزاد ذلك من كان
غَضِبَ لابن مسعود وعمّار بن ياسر وأبي ذرّ حنقاً وغيظاً ، وقام أصحاب
النبيّ بمنازلهم ما منهم أحد الاّ وهو مغتمّ لما في الكتاب .


وحاصر الناس عثمان ، وأجلب عليه محمّد بن أبي بكر ببني تيم وغيرهم ،
وأعانه على ذلك طلحة بن عبيدالله ، وكانت عائشة تقرصه كثيراً . . .
الحديث .


و - ايضاً - روى الطبري في تاريخه (58) وقال :


( وأمّا الواقدي فانه ذكر في سبب مسير المصريين الى عثمان ونزولهم ذا
خُشُب أموراً كثيرة، منها ما تقدم ذكره; ومنها ما أعرضت عن ذكره كراهة منّى
لبشاعته(59). ومنها ما ذكر أنّ عبد الله بن جعفر حدّثه عن أبي عون مولى
المسور، قال : كان عمرو بن العاص على مصر عاملاً لعثمان; فعزله عن الخراج،
واستعمله على الصلاة، واستعمل عبد الله بن سعد على الخراج; ثمّ جمعها لعبد
الله بن سعد، فلّما قدم عمرو بن العاص المدينة جعل يطعن على عثمان، فأرسل
اليه يوماً عثـمان خالياً به، فقال : يابن النابغة، ما أسرع ما قمل جرّبان
جُبتّك! انّما عهدك بـالعمل عاماً أوّل. أتطعن عليّ وتأتيني بوجه وتذهب
عنّي بآخر! والله لولا أُكْلَةٌ مافـعلت ذلك. قال: فقال عمرو: ان كثيراً
ممّا يقول الناس وينقلون الى ولاتهم باطل ; فاتَّق اللّه يا أمير
المؤمنين في رعيّتك ! فقال عثمان : والله لقد
استعملتك على ظَلِعْك، وكثرة القالة فيك. فقال عمرو. قد كنت عاملاً لعمر بن
الخطاب، ففارقني وهو عنّي راض . قال : فقال عثمان : وأنا والله لو اخذتك
بما اخذك به عمر لاستقمت; ولكنّي لنت عليك فاجترأت علىّ ، أما والله لأنّا
أعزّ منك نفراً في الجاهليّة ; وقبل أن أليَ هذا السلطان. فقال عمرو : دع
عنك هذا، فالحمد لله الـذي أكـرمنا بـمحمّد (ص) وهدانا به ; قد رأيت العاصي
بن وائل ورأيت أباك عفّان ، فو الله للعاص كان أشرف من أبيك . قال فانكسر
عثمان، وقال : ما لنا ولذكر الجاهليّة!.


قال : وخرج عمرو ودخل مروان ، فقال : يا أمير المؤمنين ; وقد بلغت مبلغاً
يذكر عمرو بن العاص أباك ! قال عثمان : دع هذا عنك، من ذكر آباء الرجال
ذكروا أباه.


قال : فخرج عمرو من عند عثمان وهو محتقد عليه، يأتي عليّاً مرّة فيؤلّبه
على عثمان، ويأتي الزبير مرّة فيؤلّبه على عثمان، ويأتي طلحة مرّة فيؤلّبه
على عثمان، ويعترض الحاجّ فيخبرهم بما أحدث عثمان، فلمّا كان حصْر عثمان
الأوّل; خرج من المدينة، حتّى انتهى الى أرض له بفلسطين يقال لها السبع;
فنزل في قصر له يقال له العجلان; وهو يقول : العجب ما يأتينا عن ابن عفّان!


قال : فبينا هو جالس في قصره ذلك، ومعه ابناه محمّد وعبد الله; وسلامة ابن
روح الجذامّي، اذْ مرّ بهم راكب، فناداه عمرو : من أين قدم الرجل؟ فقال :
من المدينة، قال : ما فعل الرجل ؟ يعني عثمان ، قال تركتُه محصوراً شديد
الحصار. قال عمرو : أنا أبو عبد الله; قد يضرط العَيْر(60) والمكواة في
النار . فلم يبرح مـجلسه ذلك حتى مرّ به راكب آخر، فنـاداه عـمرو : ما فعل
الرّجل ؟ يعنى عثمان ، قال : قتل ، قال : أنا أبو عبد الله; اذا حكَكْتُ
قرْحةً نكأتها، إن كنت لاحرّض عليه; حتّى إني لاحرّض عليه الراعي في غنمه
في رأس الجبل. فقال له سلامة بن روح : يا معشر قريش; إنّه كان بينكم وبين
العرب باب وثيق فكسرتموه،فما حملكم على ذلك !؟ فقال : اردنا ان نخرج الحقّ
من حافرة الباطل، وأن يكون الناس في الحقّ شرعاً سواء، وكانت عند عمرو أخت
عثمان لامّه أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، ففارقها حين عزله.


ولمّا كانت مصر أشدّ على عثمان من غيره(61) وأراد عثمان أن يخفّف من
غلوائهم أرسل إلى رئيسهم ابن أبي حذيفة بمال في مارواه البلاذري(62) أيضا
وقال : وبعث عثمان إلى ابن أبي حذيفة بثلاثين ألف درهم وبحمل عليه كسوة
فأمر به فوضع في المسجد وقال : يامعشر المسلمين الا ترون إلى عثمان يخادعني
عن ديني ويرشوني عليه!!؟ فازداد أهل مصر عيباً لعثمان وطعناً عليه واجتمعوا
إلى ابن أبي حذيفة فرأسّوه عليهم .


وروى الطبريّ(63) بسنده إلى الزبير بن العوام قال : كتب أهل مصر بالسقيا
أو بذي خشب(64) إلى عثمان بكتاب ، فجاء به رجل منهم حتّى دخل به عليه ، فلم
يردّ عليه شيئا ، فأمر به فأخرج من الدار ، وكان أهل مصر الّذين ساروا إلى
عثمان ستمائة رجل على أربعة الوية لها رؤوس أربعة ، مع كل رجل منهم لواء ،
وكان جماع أمرهم جميعاً إلى عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي ، وكان من أصحاب
النبيّ (ص ) ، وإلى عبدالرحمن بن عديس التجيبي ، فكان في ماكتبوا :


بسم الله الرّحمن الرّحيم .


أمّا بعدُ ، فاعلم أَنّ الله لايغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم ،
فالله اللّهَ ، ثمّ اللّهَ اللّهَ فانّك على دنيا فاستتمّ معها آخرة ولا
تنس نصيبك من الآخرة فلا تسوغ لك الدنيا ، وأعلم اِنّا واللّه وللّه نغضب ،
وفي الله نرضى ، وإنّا لن نضع سيوفنا عن عواتقنا حتّى تأتينا منك توبة
مصرّحة أو ضلالة مجلّحة مبلجة(65) ، فهذه مقالتنا لك وقضيّتنا إليك ، والله
عذيرنا منك والسلام .


قال محمّد بن عمر : وحدّثني عبد الله بن محمّد، عن أبيه، قال : كان محمّد
ابن أبي بكر ومحمّد بن أبي حذيفة بمصر يحرّضان على عثمان، فقدم محمّد بن
أبي بكر وأقام محمّد بن أبي حذيفة بمصر; فلّما خرج المصريّون خرج عبد
الرحمن بن عُديس البَلَويّ في خمسمائة واظهروا انّهم يريدون العمرة وخرجوا
في رجب وبعث عبد اللّه بن سعد رسولا سار احدى عشرة ليلة يخبر عثمان انّ ابن
عديس وأصحابه قد وجّهوا نحوه، وأنّ محمّد بن أبي حذيفة شيّعهم الى عجرود ،
ثمّ رجع وأظهر محمّد أن قال : خرج القوم عُمّاراً، وقال في السرّ : خرج
القوم الى إمامهم فإن نزع وإلاّ قتلوه; وسار القوم المنازل لم يعدّوها حتى
نزلوا ذا خُشُب . وقال عثمان قبل قدومهم من جاءه رسول عبد الله بن سعد :
هؤلاء قوم من أهل مصر يريدون - بزعمهم - العمرة، والله ما أراهم يريدونها;
ولكن الناس قد دخل بهم; وأسرعوا الى الفتنة، وطال عليهم عمري; أما والله
لئن فارقتهم ليتمنّون أنّ عمري كان طال عليهم مكان كلّ يوم بسنة ممّا يرون
من الدماء المسفوكة، والإحَن والأثرة الظاهرة، والأحكام المغيَّرة (66).


قال : فلمّا نزل القوم ذا خُشب جاء الخبر أنّ القوم يريدون قتل عثمان إن
لم ينزع، وأتى رسولهم الى علىّ ليلاً، والـى طلـحة، والـى عمّار بن ياسر
وكتب محمّد بن أبي حذيفة معهم الى عليّ كتاباً، فجاءوا بالكتاب الى عليّ،
فلم يظهر على مافيه ، فلما رأى عثمان ما رأى جاء عليّاً فدخل عليه بيته ،
فقال: يابن عمّ، إنّه ليس لي متّرك ; وإن قرابتي قريبة ; ولي حقٌ عظيم عليك
، وقد جاء ما ترى من هـؤلاء القوم، وهم مصبحي; وأنا أعلم أنّ لك عـند الناس
قدراً، وأنّهم يسمعون منك ، فأنا أحبّ أن تركب اليهم فتردّهم عنّي ، فإنّي
لا أحبّ أن يدخلوا عليّ ، فإن ذلك جرأة منهم عليّ ، وليسمع بذلك غيرهم.
فقال عليّ : علام أردّهم ؟ فقال : على أن أصير الى ما أشرت به عليّ ورأيته
لي ; ولست أخرج من يديك ; فقال عليّ : انّي قد كنت كلمتك مرّة بعد مرّة ،
فكلّ ذلك نخرج فتُكلم ، ونقول وتقول ; وذلك كلّه فعل مروان بن الحكم وسعيد
بن العاص وابن عامر ومعاوية; أطعتهم وعصيتني. قال عثمان : فانّي أعصيهم
وأطيعك (67).


قال : فأمر الناس ، فركبوا معه : المهاجرون والأنصار. قال وأرسل عثمان الى
عمّار بن ياسر ، يُكّلمه أن يركب مع عليّ فأبى ، فأرسل عثمان الى سعد بن
أبي وقاص ، فكلّمه أن يأتي عمّارً فيكلمه أن يركب مع عليّ ; قال : فخرج سعد
حتّى دخل على عمّار ، فقال : يا أبا اليقظان ، ألا تخرج فيمن يخرج! وهذا
عليّ يخرج فاخرج معه ، واردد هؤلاء القوم عن إمامك ، فانّي لأحسب أنّك لم
تركب مركباً هو خيرٌ لك منه.


قـال : وأرسـل عثمان الى كثير بن الصّلت الكنديّ - وكان من أعوان عثمان -
فقال : انطلق في اَثر سعد فاسمع ما يقول سعد لعمّار ، وما يردّ عمّار على
سعد ، ثمّ ائتني سريعاً.


قال : فخرج كثير حتى يجد سعداً عند عمّار مخلّياً به ، فألقم عينه جُحْر
الباب ، فقام اليه عمّار ولا يعرفه ، وفي يده قضيب ، فأدخل القضيب الجُحر
الذي ألقمه كثير عينه ، فأخرج كثير عينه من الجُحر ، وولّى مدبراً
متقنّعاً. فخرج عّمار فعرف أثره ، ونادى : يا قليل ابن أمّ قليل ! أعليّ
تطّلع وتستمع حديثي ! والله لو دريت أنّك هو لفقأت عينك بالقضيب ; فانّ
رسول الله (ص) قد أحلّ ذلك. ثمّ رجع عمّار الى سعد ، فكلّمه سعد و جعل
يفتله بكل وجه ; فكان آخر ذلك أن قال عمّار : والله لا أردّهم عنه أبداً.
فرجع سعد الى عثمان فاخبره بقول عمّار ، فاتّهم عثمان سـعداً أن يكون لم
يناصحه ، فأقسم له سعد با لله ; لقد حرّض . فقبل منه عثمان. قال : وركب
عليّ (ع) الى أهل مصر ، فرّدهم عنه ، فانصرفوا راجعين (68).


قال محمّد بن عمر : حدّثني محمّد بن صالح ، عن عاصم بن عمر ، عن محمود بن
لبيد ، قال : لما نزلوا ذا خُشب ، كلّم عثمان عليّاً وأصحاب رسول الله
صـلّى اللّه عليه وسلّم أن يردّوهم عنه ، فركب عليّ وركب معه نفر من
المهاجرين ، فيهم سعيد بن زيد ، وأبو جهم العدوي ، وجُبير بن مطعم ، وحكيم
بن حزام ، ومروان بن الحكم ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن عتّاب بن
أسيد; وخرج مـن الأنـصار أبـو أسيد الساعديّ وأبو حُميد الساعديّ ، وزيد بن
ثابت ، وحسّان بن ثابت ، وكعب بن مالك ومعهم من العرب نيّار بن مكرز وغيرهم
ثلاثون رجلاً ; وكلّمهم عليّ ومحمّد بن مسلمة - وهما اللّذان قدما - فسمعوا
مقالتهما ، ورجعوا. قال محمود : فأخبرني محّمد بن مسلمة ، قال : ما برحنا
من ذي خُشب حتّى رحلوا راجعين الى مصر ، وجعلوا يسلّمون عليّ ، فما أنسى
قول عبد الرحمن بن عُديس : أتوصينا يا أبا عبد الرحمن بحاجة ؟ قال : قلت
تتّقي الله وحده لاشريك له ، وتردّ من قبلك عن إمامه ، فانّه قد وعدنا أن
يرجع وينزع . قال ابن عديس : أفعلُ ان شاء الله . قال : فرجع القوم الى
المدينة (69).


وروى البلاذري(70) وقال : واتى المغيرة بن شعبة عثمان فقال له : دعني آت
القوم فانظر ماذا يريدون ، فمضى نحوهم ، فلمّا دنا منهم صاحوا به :


يا أعور وراءك! يا فاجر وراءك! يا فاسق وراءك!


فرجع ودعا عثمان عمرو بن العاص ، فقال له : إئتِ القوم فادعهم الى كتاب
الله والعتبى ممّا ساءهم ، فلمّا دنا منهم سلّم ، فقالوا : لا سلّم الله
عليك! إرجع ياعدوّ الله! إرجع ياابن النابغة! فلست عندنا بأمين ولا مأمون .


فقال له ابن عمر ، وغيره : ليس لهم إلاّ عليّ بن أبي طالب ، فلمّا أتاه
قال : يا أبا الحسن ! إئت هؤلاء القوم فادعهم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه .


قال : نعم إن أعطيتني عهد الله وميثاقه على انّك تفي لهم بكلّ ما أضمنه
عنك .


قال : نعم ، فأخذ عليّ عليه عهد الله وميثاقه على أوكد ما يكون وأغلظ .
وخرج إلى القوم .


فقالوا : وراءك!


قال : لا . بل أمامي ، تعطون كتاب الله وتعتبون من كل ما سخطتم . فعرض
عليهم ما بذل .


فقالوا : أتضمن ذلك عنه .


قال : نعم .


قالوا : رضينا . وأقبل وجوههم وأشرافهم مع عليّ حتّى دخلوا على عثمان
وعاتبوه ، فأعتبهم من كلّ شيء .


فقالوا : أكتب بهذا كتابا ، فكتب :


بسم الله الرّحمن الرّحيم .


هذا كتاب من عبدالله عثمان أمير المؤمنين لمن نقم عليه من المؤمنين
والمسلمين ; أنّ لكم أن أعمل فيكم بكتاب الله وسنّة نبيّه . يُعطى
المحروم . ويؤمن الخائف . ويردّ المنفيّ . ولا تجمّر في البعوث ، ويوفّر
الفيء ، وعليّ بن أبي طالب ضمين للمؤمنين والمسلمين على عثمان بالوفاء بما
في هذا الكتاب .


شهد الزبير بن العوام . وطلحة بن عبيدالله . وسعد بن مالك أبي وقّاص .
وعبدالله بن عمر . وزيد بن ثابت . وسهل بن حنيف . وأبو أيّوب خالد بن زيد .
وكتب في ذي القعدة سنة 35 . فأخذ كلّ قوم كتاباً فانصرفوا .


ويظهر من رواية البلاذري وغيره أنّ الخليفة كان قد كتب للمصريين خاصّة
كتابا آخر غير هذا عزل فيه ابن أبي سرح عنهم وولَّى عليهم بدله محمّد ابن
أبي بكر فقد جاء في رواية للبلاذري :


فقام طلحة إلى عثمان فكلّمه بكلام شديد ، وأرسلت إليه عائشة (رض) تسأله أن
ينصفهم من عامله ، ودخل عليه عليّ بن أبي طالب وكان متكلّم القوم فقال له :
إنّما يسألك القوم رجلا مكان رجل ، وقد ادّعوا قبله دماً فاعزله عنهم واقض
بينهم ، فان وجب عليه حقّ فأنصفهم منه . فقال لهم : إختاروا رجلاً أولّيه
عليكم مكانه . فأشار الناس عليهم بمحمّد بن أبي بكر الصدّيق(71) فقالوا :
استعمل علينا محمّد بن أبي بكر . فكتب عهده وولاّه ووجّه معهم عدّة من
المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بينهم وبين ابن أبي سرح .


قال محمّد بن عمر : فحدّثني عبد الله بن محمّد ، عن أبيه قال : لمّا رجع
عليّ (ع) الى عثمان رضي الله عنه ، أخبره أنهم قد رجعوا ، وكلّمه عليّ
كلاماً في نفسه ، قال له : أعلم أنّي قائل فيك أكثر ممّا قلت . قال : ثمّ
خرج الى بيته ، قال : فمكث عثمان ذلك اليوم ; حتّى اذا كان الغد جاءه مروان
، فقال له : تكلّم وأعلم الناس أنّ أهل مصر قد رجعوا، وانّ ما بلغهم عن
امامهم كان باطلا فاّن خطبتك تسير في البلاد قبل أن يتحلّب الناس عليك من
أمصارهم فيأتيك من لا تستطيع دفعه . قال : فأبى عثمان أن يخرج . قال : فلم
يزل به مروان حتّى خرج فجلس على المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ثمّ
قال : أمّا بعد فأنّ هؤلاء القوم من أهل مصر كان بلغهم عن امامهم أمر ;
فلّما تيّقنوا أنّه باطل مابلغهم عنه رجعوا الى بلادهم . قال :
فناداه عمرو بن العاص من ناحية المسجد اتّق الله يا عثمان ; فانّك قد ركبت
نهابير(72) وركبناها معك ; فتب الى الله نتب قال : فناداه عثمان ; وإنّك
هناك يا بن النابغة ! قملت والله جُبّتك منذ تركتك من العمل . قال : فنودي
من ناحية أخرى : تب الى الله وأظهر التوبة يكفّ الناس عنك. قال : فرفع
عثمان يديه مدّ اً واستقبل القبلة ، فقال : اللّهم إني أوّل من تائب
تاب إليك . ورجع الى منزله ، وخرج عمرو ابن العاص حتى نزل منزله بفلسطين ،
فكان يـقول : والله ان كـنت لألقى الراعي فأحرّضه عليه.


قال محمد بن عمر : فحدّثني عليّ بن عمر ، عن أبيه ، قال : ثمّ إن عليّاً
جاء عثمان بعد انصراف المصريين ، فقال له : تكلّم كلاماً يسمعه الناس منك
ويشهدون عليه ، ويشهد الله على ما في قلبك من النزوع والإنابة ; فأنّ
البلاد قد تمخّضت عليك فلا آمن ركباً آخرين يقدمون من الكوفة ، فتقول : يا
عليّ ، اركب اليـهم ; ولا أقدر ان أركب اليهم ; ولا أسمع عذراً . ويقدم ركب
آخرون من البصرة ، فتقول : يا عليّ اركب اليهم ; فإن لم أفعل رأيتني قد
قطعت رحمك ، واستخففت بحقّك.


قال : فخرج عثمان فخطب الخطبة التي نزع فيها ، وأعطى الناس من نفسه
التوبـة ، فـقام فحمد الله ، وأثنى عليه بما هو أهله ، ثمّ قال :
أمّا بعد أيّها الناس ; فو الله ما عاب من عاب منكم شيئاً أجهله ، وما جئت
شيئاً الاّ وأنا أعرفه ; ولكنّي منتّنى نفسي وكذّبتني ، وضلّ عنّي رشدي ;
ولقد سمعت رسول الله (ص) يقول : «من زلّ فليتب ، ومن أخطأ فليتب ; ولا
يتمادى في الهلكة ; إنّ من تمادى في الـجور كان أبعد من الطريق» فأنا أوّل
من اتّعظ ; أستغفر الله ممّا فعلت وأتوب اليه ، فمثلى نزع وتاب ; فاذا نزلت
فليأتنى أشرافكم فليروني رأيهم ; فو الله لئن ردّني الـحقّ عبداً لأستّن
بسنّة العبد ، ولأذلّن ذلّ العبد ، ولأكونّن كالمرقوق ; ان ملك صبر ، وان
عتق شكر ; وما عن الله مذهب إلاّ اليه ، فلا يعجزنّ عنكم خياركم أن يدنوا
الىّ ، لئن أبت يميني لتتابعني شمالي .


قال : فرقّ الناس له يومئذ ، وبكى من بكى منهم ، وقام اليه سعيد بن زيد .
فقال : يا أمير المؤمنين ، ليس بواصل لك من ليس معك ; الله الله في نفسك !
فأتمم على ما قلت . فلّما نزل عثمان وجد في منزله مروان وسعيداً ونفراً من
بني أميّة ; ولم يكونوا شهدوا الخطبة ; فلّما جلس قال مروان : يا أمير
المؤمنين، أتكلّم أم أصمت ؟ فقالت نائلة ابنة الفرافصه امرأة عثمان
الكلبيّة لابل اصمت فانّهم والله قاتلوه ومؤثموه ; انّه قد قال مقالة لا
ينبغي له أن ينزع عنها . فأقبل عليها مروان ، فقال: ما أنت وذاك ! فو الله
لقد مات أبوك وما يحسن ان يتوضّأ ، فقالت له : مهلاً يا مروان عن ذكر
الآباء تخبر عن أبي وهو غائب تكذب عليه ! وانّ أباك لا يستطيع أن يدفع عنه
; أما والله لولا أنّه عمّه ، وانّه يناله غمّه أخبرتك عنه ما لن أكذب عليه
.


قال : فأعرض عنها مروان ، ثمّ قال : يا أمير المؤمنين ، أتكّلم أم أصمت ؟
قال : بل تكّلم ، فقال مروان : بأبي أنت وأمّي! والله لوددت أنّ مقالتك هذه
كانت وأنت ممتنع منيع فكنت أوّل من رضى بها ، وأعان عليها ; ولكنّك قلت ما
قلت حيـن بـلغ الحزام الطبيين ، وبلغ (73)السيل الزبي ، وحين أعطى الخطّة
الذليلة الذليل ; والله لاقامة على خطيئة تستغفر الله منها أجمل من توبة
تخوّف عليها ; وإنّك ان شئت تقرّبت بالتوبة ولم تقرر بالخطيئة ; وقد اجتمع
اليك على الباب مثل الجبال من الناس . فقال عثمان : فاخرج اليهم فكلّمهم ،
فإنّي أستحيي أن أكلّمهم . قال : فخرج مروان الى الباب والناس يركب بعضهم
بعضاً ، فقال : ما شأنكم قد اجتمعتم كأنّكم قد جئتم لنهب ! شاهت الوجوه !
كلّ انسان آخذ باذن صاحبه . إِلاّ من أريد ! جئتم
تريدون ان تنزعوا ملكنا من أيدينا! اخرجوا عنّا ، أما والله لئن رمتمونا
ليمرّن عليكم منّا أمر. لايسرّكم ; ولا تحمدوا غبّ رأيكم ارجعوا الى
منازلكم ; فانّا والله ما نحن مغلوبين على ما في أيدينا.


قال : فـرجع الناس وخـرج بعضهم حتّى أتى علياً فاخبره الخبر ، فجاء عليّ
(ع) مغضباً، حتّى دخل على عثمان ، فقال : أما رضيت من مروان ولا رضيَ منك
إلا بتحرّفك عن دينك وعن عقلك ، مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به ; والله
ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه ; وايم الله إني لأراه سيوردك ثمّ
لا يصدرك ; وما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك ، أذهبت شرفك ، وغلبت على
أمرك . فلّما خرج عليّ دخلت عليه نائلة ابنة الفرافصة امرأته ، فقالت :
أتكلّم أو أسكت ؟ فقال : تكلّمي ; فقالت : قد سمعت قول عليّ لك ، وانه ليس
يعاودك ، وقد أطعت مروان يقودك حيث شاء . قال : فما أصنع ؟ قالت : تتّقي
الله وحده لا شريك له ، وتتّبع سنّة صاحبيك من قبلك ، فإنّك متى أطعت مروان
قتلك ; ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبّة ; وانّما تركك
الناس لمكان مروان ; فأرسل الى عليّ فاستصلحه ، فإنّ له قرابةً منك ، وهو
لا يُعصى . قال : فأرسل عثمان الى عليّ ، فأبى ان يأتيه ، وقال : قد
أعلمتُه أنّي لست بعائد.


قال : فبلغ مروان مقالة نائلة فيه ، قال : فجاء الى عثمان فجلس بين يديه ،
فقال : أتكلّم أو أسكت ؟ فقال : تكلّم ، فقال : انّ بنت الفرافصة ...
فقال عثمان : لا تـذكرنها بحرف فأسوء لـك وجهك ،فهي والله أنصح لي منك .قال
: فكفّ مروان .


قال محمد بن عمر : وحدّثني شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه قال : سمعتُ عبـد
الـرحمن بن الاسود بن عبد يغوث يذكر مروان بن الحكم ، قال : قبّح الله
مروان ! خرج عثمان الى الناس فأعطاهم الرضا ، وبكى
على المنبر وبكى الناس حتّى نـظرت الى لحية عثمان مخضلّة من الدموع ، وهو
يقول : اللّهم إنّي أتوب اليك ; اللّهم انّي أتوب اليك ،
اللّهم انّي أتوب اليك ! والله لئن ردّني الحّق الى أن أكون عبداً
رقِّاً لأرضينّ به ; اذا دخلت منزلي فادخلوا عليّ ; فو الله لا أحتجب منكم
، ولاعطينّكم الرضا ، ولازيدنّكم على الرضا ، ولانحينّ مروان وذويه . قال :
فلّما دخل أمر بالباب ففتح ، ودخل بيته ، ودخل عليه مروان ، فلم يزل يفتله
في الذروة والغارب حتّى فتله عن رأيه ; وأزاله عمّا كان يريد ; فلقد مكث
عثمان ثلاثة أيام ما خرج استحياءً من الناس ; وخرج مروان الى الناس ، فقال
: شاهت الوجوه ! اِلاّ من أريد ! ارجعوا الى منازلكم ; فان يكن لامير
المؤمنين حاجة بأحدكم منكم يرسل اليه ، وإلاّ قرّ في بيته . قال عبد الرحمن
: فجئت الى عليّ فأجده بين القبر والمنبر ، وأجد عنده عمّار بن ياسر ومحمّد
بن أبي بكر وهما يقولان : صنع مروان بـالناس وصنع. قال : فأقبل عليَّ عليٌ
، فقال : أحضرت خطبة عثمان ؟ قلت نعم قال : افحضرت مقالة عثمان قلت نعم قال
عليّ : عياذ الله يا للمسلمين ! انّي ان قعدت في بيتي قال لي : تركتني
وقرابتي وحقّي ; وانّي إن تكلّمت فجاء ما يريد يلـعب بـه مـروان ، فصار
سيّقة(74) له يسوقه حيث شاء بعد كبر السنّ وصحبة رسول الله (ص) . قال عبد
الرحمن بن الاسود : فلم يزل حتّى جاء رسول عثمان : ائتني فقال عليّ بصوت
مرتفع عال مغضب : قل له : ما أنا بداخل عليك ولا عائد. قال : فانصرف الرسول
. قال : فلقيت عثمان بعد ذلك بليلتين جائياً(75)، فسألت ناتلا غلامه : من
أين جاء أمير المؤمنين ؟ فقال : كان عنـد عليّ ، فقال عبد الرحمن بن الاسود
: فغدوت فجلست مع عليّ (ع) ، فقال لي : جاءني عثمان البارحة ، فجعل يقول :
اني غير عائد ; وانّي فاعل ; قال : فقلت له : بعد ما تكلّمت به على منبر
رسول الله (ص) ، وأعطيت من نفسك ، ثمّ دخلت بيتك ، وخرج مروان الى الناس
فشتمهم على بابك ويؤذيهم ! قال : فرجع وهو يقول : قطعت رحمي وخذلتني ،
وجرّأت الناس عليّ فقلت : والله اني لاذبّ الناس عنك ; ولكنّي كلّما جئتك
بهنة أظنّها لك رضاً جاء بأخرى ; فسمعت قول مروان عليّ، واستدخلت مروان.
ثمّ قال : ثمّ انصرف الى بيته. قال عبد الرحمن بن الأسود: فلَم أزل أرى
عليّاً منكبّاً عنه لا يفعل ما كان يفعل ; الاّ أنّي أعلم . أنّه قد كلّم
طلحة حين حصر في أن يدخل عليه الروايا ، وغضب في ذلك غضباً شديداً ، حتّى
دخلت الروايا على عثمان.


قال محمّد بن عمر : وحدثني عبد الله بن جعفر ، عن اسماعيل بن محمّد ، أنّ
عثمان صعد يوم الجمعة المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، فقام رجل ، فقال :
أقم كتاب الله ، فقال عثمان : اجلس ، فجلس حتى قام ثلاثاً ، فأمر به عثمان
فجلس ، فتحاثّوا بالحصباء حتى ما تُرى السماء ; وسقط عن المنبر ، وحُمِل
فـأدخل داره مغشيّاً عليه ، فخرج رجل من حجّاب عثمان ، ومعه مصحف في يده
وهو ينادي (إِ نَّ الَّذِينَ فَرَّ قُوا دِينَهُمْ
وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَىْ إنَّمَا أمْرُ هُمْ إلىْ الله)
الانعام / 159 ودخل عليّ بن أبي طالب على عثمان رضى الله عنهما وهو مغشيّ
عليه ، وبنو أميّة حوله ، فقال : مالك يا أمير المؤمنين ؟ فأقبلت بنو
أميَّة بمنطق واحد فقالوا : يا عليّ أهلكتنا وصنعت هذا الصنيع بأمير
المؤمنين ! أما والله لئن بلغت الذي تريد لتُمَرَّنَّ عليك الدنيا . فقام
عليّ مغضباً.


* * *


] ذكر الخبر عن قتل عثمان رضى اللّه عنه [


وفي هذه السنة قتل عثمان بن عفان رضى اللّه عنه .


ذكر الخبر عن قتله وكيف قتل :


قال أبو جعفر (76)رحمه اللّه :قد ذكرنا كثيرا من الاسباب التي ذكر
قاتلوه أنّهم جعلوها ذريعة الى قتله ، فأعرضنا عن ذكر كثير منها لعلل دعت
الى الاعراض عنها ; ونذكر الان كيف قتل ، وما كان بدء ذلك وافتتاحه
ومن كان المبتدئ به والمفتتح للجرأة عليه قبل قتله .


حدثني جعفر بن عبد اللّه المحمّدي قال : حدّثنا عمرو، عن محمّد بن
اسحاق بن يسار المدنيّ عن عمّه عبد الرحمن بن يسار انّه قال : لمّا راى
الناس ما صنع عثمان كتب من بالمدينة من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه
وسلّم الى من بالاّ فاق منهم - وكانوا قد تفرّقوا في الثغور : انّكم
انّما خرجتم ان تجاهدوا في سبيل اللّه عزّ وجلّ تطلبون دين محمّد صلّى
اللّه عليه وسلّم فانّ دين محمّد قد أفسد من خلفكم وترك فهلمّوا
فأقيموا دين محمد صلّى اللّه عليه وسلّم فأقبلوا من كل أفق حّتى
قتلوه وكتب عثمان الى عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح عامله على مصر -
حين تراجع الناس عنه وزعم أنّه تائب - بكتاب في الذين شخصوا من مصر وكانوا
أشدّ أهل الامصار عليه : أمّا بعد فانظر فلانا وفلانا فاضرب أعناقهم اذا
قدموا عليك فانظر فلانا وفلانا فعاقبهم بكذا وكذا - منهم نفر
من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ومنهم قوم من
التابعين - فكان رسوله في ذلك ابو الاعور بن سفيان السلميّ حمله عثمان على
جمل له ، ثمّ أمره أن يقبل حتّى يدخل مصر قبل أن يدخلها القوم ،
فلحقهم أبو الاعور ببعض الطريق فسألوه : أين يريد؟ قال: أريد مصر ومعه رجل
من أهل الشام من خولان فلمّا رأوه على جمل عثمان قالوا له هل معك كتاب ؟
قال : لا قالوا فيم أرسلت؟ قال : لا علم لي قالوا: ليس معك كتاب ولا علم لك
بما أرسلت ان أمرك لمريب ففتّشوه فوجدوا معه كتابا في اداوة يابسة فنظروا
في الكتاب فاذا فيه قتل بعضهم وعقوبة بعضهم في أنفسهم وأموالهم فلمّا رأوا
ذلك رجعوا الى المدينة فبلغ الناس رجوعهم والّذي كان من أمرهم فتراجعوا من
الافاق كلّها وثار أهل المدينة.


حدّثني جعفر قال : حدّثنا عمرو وعليّ ، قالا : حدّثنا حسين عن أبيه عن
محمّد بن السائب الكلبيّ قال انّما ردّ أهل مصر الى عثمان بعد انصرافهم عنه
أنّه أدركهم غلام لعثمان على جمل له بصحيفة الى أمير مصر أن يقتل بعضهم وان
يصلب بعضهم. فلمّا أتوا عثمان قالوا : هذا غلامك قال غلامي انطلق
بغير علمي قالوا: جملك قال أخذه من الدار بغير أمري قالوا خاتمك قال نقش
عليه فقال عبد الرحمن بن عديس التجيبي حين أقبل أهل مصر:





  • أقبلنَ من بلبيس والصعيد
    مستحقبات حلق الحديد
    وعند عثمان وفي سعيد
    ياربّ فارجعنا بما نريد



  • خوصاً كأمثال القسِىِّ قودِ(77)
    يطلبن حقّ اللّه في الوليد
    ياربّ فارجعنا بما نريد
    ياربّ فارجعنا بما نريد



فلمّا رأى عثمان ما قد نزل به وما قد انبعث عليه من الناس كتب الى معاوية
ابن ابي سفيان وهو بالشام : بسم اللّه الرحمن الرحيم امّا بعد
فان أهل المدينة قد كفروا وأخلفوا الطاعة ونكثوا البيعة فابعث اليّ من قبلك
من مقاتلة أهل الشام على كلّ صعب وذلول .


فلّما جاء معاوية الكتاب تربّص به وكره اظهار مخالفة أصحاب رسول اللّه
صلّى اللّه عليه وسلّم وقد علم اجتماعهم فلّما أبطأ أمره على
عثمان كتب الى يزيد ابن أسد بن كرز والي أهل الشام يستفزّهم ويعظّم حقّه
عليهم ويذكر الخلفاء وما أمر اللّه عزّ وجلّ به من طاعتهم ومناصحتهم
ووعدهم ان (78)ينجدهم جند أو بطانة دون الناس وذكّرهم بلاءه عندهم وصنيعه
اليهم فان كان عندكم غياث فالعجل العجل فانّ القوم معاجليّ .


فلما قرئ كتابه عليهم قام يزيد بن أسد بن كرز البجليّ ثمّ القسريّ فحمد
اللّه واثنى عليه ثمّ ذكر عثمان فعظّم حقه وحضّهم على نصره وامرهم
بالمسير اليه فتابعه ناس كثير وساروا معه حتّى اذا كانوا بوادي القرى
بلغهم قتل عثمان رضى اللّه عنه فرجعوا .


وكتب عثمان الى عبد اللّه بن عامر ان اندب اليّ اهل البصرة، نسخة
كتابه الى أهل الشام .


فجمع عبد اللّه بن عامر الناس فقرأ كتابه عليهم فقامت خطباء من اهل
البصرة يحضّونه على نصر عثمان والمسير اليه فيهم مجاشع بن مسعود السلميّ
وكان اوّل من تكلّم وهو يومئذ سيّد قيس بالبصرة وقام أيضا قيس بن الهيثم
السلميّ فخطب وحضّ الناس على نصر عثمان فسارع الناس الى ذلك فاستعمل عليهم
عبد اللّه بن عامر مجاشع بن مسعود فسار بهم حتّى اذا نزل الناس
الربذة ونزلت مقدّمته عند صرار - ناحية من المدينة - أتاهم قتل عثمان .


وكتب أهل المدينة الى عثمان يدعونه الى التوبة ويحتجّون ويقسمون له باللّه
لا يمسكون عنه أبدا حتّى يقتلوه أو يعطيهم ما يلزمه من حقّ اللّه .


فلما خاف القتل شاور نصحاءه وأهل بيته فقال لهم : قد صنع القوم ما قد
رأيتم، فما المخرج ؟ فأشاروا عليه أن يرسل الى عليّ بن أبي طالب فيطلب اليه
أن يَردّهم عنه ويعطيهم ما يرضيهم ليطاولهم حتّى يأتيه امداد فقال :
انّ القوم لن يقبلوا التعليل وهم محمّلي عهداً وقد كان منّى في قدمتهم
الاولى ما كان فمتى أعطيهم ذلك يسألوني الوفاء به! فقال مروان بن الحكم :
ياأمير المؤمنين مقاربتهم حتّى تقوى أمثل من مكاثرتهم على القرب فأعطهم ما
سألوك وطاولهم ما طاولوك فانّمّا هم بغوا عليك فلا عهد لهم .


فأرسل الى عليّ فدعاه فلما جاءه قال : ياأبا حسن انّه قد كان من الناس ما
قد رايت وكان منيّ ما قد علمت ولست آمنهم على قتلي فارددهم عنّي فانّ لهم
اللّه عزّ وجلّ أن أعتبهم (79) من كل مايكرهون وان أُعطيهم الحقّ من نفسي
ومن غيري وان كان في ذلك سفك دمي فقال له عليّ الناس الى عدلك أحوج منهم
الى قتلك وانّي لأرى قوماً لا يرضون الاّ بالرضا وقد كنت أعطيتهم في قدمتهم
الاولى عهداً من اللّه : لترجعنّ عن جميع مانقموا ; فرددتهم عنك ثمّ
لم تف لهم بشئ من ذلك فلا تغرّني هذه المرّة من شئ فانّي معطيهم عليك الحقّ
قال : نعم فأعطهم فواللّه لافينّ لهم. فخرج عليٌ الى الناس فقال: أيّها
الناس انكم انّما طلبتم الحقّ فقد أعطيتموه ; انّ عثمان قد زعم أنّه منصفكم
من نفسه ومن غيره وراجع عن جميع ماتكرهون فاقبلوا منه ووكّدوا عليه
قال الناس : قد قبلنا فاستوثق منه لنا فانّا واللّه لانرضى بقول دون فعل
فقال لهم عليّ : ذلك لكم ثمّ دخل عليه فأخبره الخبر، فقال عثمان :
اضرب بيني وبينهم أجلا يكون لي فيه مهلة فانّي لا أقدر على ردّ ماكرهوا في
يوم واحد ، قال: له عليٌ : ماحضر بالمدينة فلا أجل فيه، وما غاب فأجله وصول
أمرك قال نعم ; ولكن أجّلني فيما بالمدينة ثلاثة أيّام. قال: عليّ: نعم
فخرج الى الناس فأخبرهم بذلك وكتب بينهم وبين عثمان كتابا أجّله فيه ثلاثا
على أن يردّ كل مظلمة ويعزل كلّ عامل كرهوه ثمّ أخذ عليه في الكتاب
أعظم ما أخذ اللّه على أحد من خلقه من عهد وميثاق وأشهد عليه ناساً
من وجوه المهاجرين وألانصار فكفّ المسلمون عنه ورجعوا الى أن يفي لهم بما
أعطاهم من نفسه فجعل يتأهّب للقتال ويستعدّ بالسلاح - وقد كان اتّخذ
جندا عظيما من رقيق الخمس - فلما مضت الايّام الثلاثة - وهو على حاله لم
يغيّر شيئاً ممّا كرهوه ولم يعزل عاملا - ثار به الناس وخرج عمرو بن
حازم الانصاري حتّى أتى المصريّين وهم بذي خشب ، فأخبرهم الخبر وسار معهم
حتّى قدموا المدينة فارسلوا الى عثمان : ألم نفارقك على أنّك زعمت أنّك
تائب من احداثك وراجع عمّا كرهنا منك وأعطيتنا على ذلك عهد اللّه
وميثاقه! قال: بلى أنا على ذلك. قالوا: فما هذا الكتاب الّذي وجدنا مع
رسولك وكتبت به الى عاملك قال مافعلت ولا لي علم بما تقولون قالوا : بريدك
على جملك وكتاب كاتبك عليه خاتمك قال : أمّا الجمل فمسروق وقد يشبه الخطّ
الخطّ ; وأما الخاتم فانتقش عليه ، قالوا : فانّا لانعجل عليك وان كنّا قد
اتهّمناك اعزل عنّا عمّالك الفسّاق واستعمل علينا من لا يّتهم على دمائنا
وأموالنا واردد علينا مظالمنا. قال عثمان ما أراني اذاً في شئ ان كنت
أستعمل من هويتم واعزل من كرهتم الامر اذاً أمركم! قالوا واللّه
لتفعلنّ أولتعزلنّ أو لتقتلنّ فانظر لنفسك أودع . فأبى عليهم وقال : لم أكن
لاخلع سربالا سربلنيه اللّه ، فحصروه أربعين ليلة وطلحة يصلّي بالناس .


حدّثني(80) يعقوب بن ابراهيم قال : حدثّنا اسماعيل بن ابراهيم عن ابن عون
قال : حدّثنا الحسن قال : أنبأني وثّاب - قال: وكان فيمن أدركه عتق أمير
المؤمنين عمر رضى اللّه عنه ، قال : ورأيت بحلقه أثر طعنتين كأنّهما
كتبتان (81)طعنهما يومئذ يوم الدار - قال : بعثني عثمان فدعوت له الاشتر
فجاء - قال ابن عون : فأظنّه قال : فطرحت لأمير المؤمنين وسادة وله وسادة -
فقال : ياأشتر ; مايريد الناس منّي؟ قال : ثلاثاً ليس من احداهنّ بدّ ;
قال: ماهنَّ؟ قال: يخيّرونك بين أن تخلع لهم أمرهم فتقول: هذا أمركم
فاختاروا له من شئتم وبين أن تُقِصَّ من نفسك فان أبيت هاتين فانّ
القوم قاتلوك . فقال : أما من احداهنّ بدٌّ ! قال : مامن احداهن بدٌّ ،
فقال : أمّا أن أخلع لـهم أمرهم فما كنت لأخلع سربالا سربلنيه اللّه عزّ
وجلّ - قال : وقال غيره : واللّه لأن أقدم فتضرب عنقي أحبّ اليّ من
أن أخلع قميصا قمّصنيه اللّه وأترك أمّة محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم
يعدُ وبـعضها على بعض . قال ابن عون : وهذا أشبه بكلامه - وأمّا أن
أقصّ من نفسي ; فواللّه لقد علمت أن صاحبيّ بين يدي قد كانا يعاقبان وما
يقوم بدني بالقصاص وامّا أن تقتلوني ، فواللّه لئن قتلتموني لا تتحابّون
بعدي أبداً ، ولا تصلّون جميعا بعدي أبداً ولا تقاتلون بعدي عدوّاً جميعا
أبداً قال : فقام الاشتر فانطلق فمكثنا أيّاماً. قال : ثمّ جاء رويجل كأنه
ذئب فاطّلع من باب ثم رجع وجاء محمّد بن أبي بكر وثلاثة عشر حتّى انتهى الى
عثمان ، فأخذ بلحيته فقال بها حتّى سمعت وقع أضراسه وقال : ما أغنى عنك
معاوية ما أغنى عنك ابن عامر ما أغنت عنك كتبك! قال أرسل لحيتي يابن أخي ،
أرسل لحيتي قال: وأنا رأيته استعدى رجلا من القوم بعينه فقام اليه بمشقص
حتّى وجأ به في رأسه. قلت ثمّ مه قال تغاووا عليه حتى قتلوه .


وذكر الواقدي أنّ يحيى بن عبد العزيز حدّثه عن جعفر بن محمود عن محمّد بن
مسلمة قال : خرجت في نفر من قومي الى المصرييّن وكان رؤساؤهم أربعة : عبد
الرحمن بن عديس البلويّ ، وسودان بن حمران المرادي ، وعمرو بن الحمق
الخزاعيّ - وقد كان هذا الاسم غلب حتى كان يقال : حبيس بن الحمق - وابن
النبّاع . قال: فدخلت عليهم وهم في خباء لهم أربعتهم ورأيت الناس لهم
تبعاً، قال : فعظّمت حقّ عثمان وما في رقابهم من البيعة وخوّفتهم بالفتنة،
وأعلمتهم أنّ في قتله اختلافاً وأمراً عظيماً ; فلا تكونوا أوّل من فتحه
وأنّه ينزع عن هذه الخصال التّي نقمتم منها عليه وأنا ضامن لذلك. قال القوم
: فان لم ينزع ؟ قال: قلت فأمركم اليكم قال: فانصرف القوم وهم راضون فرجعت
الى عثمان فقلت : أخلني فأخلاني فقلت : اللّه اللّه ياعثمان في
نفسك انّ هؤلاء القوم انّما قدموا يريدون دمك وأنت ترى خذلان أصحابك لك ;
لا بل هم يقوّون عدّوك عليك قال : فأعطاني الرضا وجزّاني خيراً قال : ثمّ
خرجت من عنده، فأقمت ماشاء اللّه أن أقيم .


قال: وقد تكلّم عثمان برجوع المصريين وذكر أنّهم جاءوا لأمر فبلغهم غيره
فانصرفوا فأردت أن آتيه فأعنّفه بهما ثمّ سكت فاذا قائل يقول: قد قدم
المصريّون وهم بالسويداء ، قال قلت: أحقّ ماتقول ؟ قال: نعم قال : فأرسل
اليّ عثمان.


قال : واذا الخبر قد جاءه وقد نزل القوم من ساعتهم ذا خشب فقال : يا أبا
عبد الرحمن هؤلاء القوم قد رجعوا ، فما الرأي فيهم؟ قال: قلت: واللّه
ماأدري الاّ أنيّ أظنّ أنهّم لم يرجعوا لخير . قال : فارجع اليهم فارددهم
قال : قلت لا واللّه ما أنا بفاعل ، قال: ولم؟ قال: لأنّي ضمنت لهم أموراً
تنزع عنها فلم تنزع عن حرف واحد منها . قال : فقال: اللّه المستعان .


قال وخرجت وقدم القوم وحلّوا بالاسواف وحصروا عثمان .


قال: وجاءني عبد الرحمن بن عديس ومعه سودان بن حمران وصاحباه فقالوا: يا
أبا عبد الرحمن ، ألم تعلم أنّك كلّمتنا ورددتنا وزعمت أنّ صاحبنا نازع
عمّا نكره ؟ فقلت : بلى قال: فاذا هم يخرجون اليَّ صحيفة صغيرة قال: واذا
قصبة من رصاص ; فاذا هم يقولون : وجدنا جملاً من ابل الصدقة عليه غلام
عثمان، فـأخذنا متاعه فـفتّشناه، فوجدنا فيه هذا الكتاب ; فاذا فيه بسم
اللّه الرحمن الرحيم ; امّا بعد فاذا قدم عليك عبد الرحمن بن عديس
فاجلده مائة جلدة واحلق رأسه ولحيته وأطل حبسه حتّى يأتيك أمري ; وعمرو بن
الحمق فافعل به مثل ذلك وسودان بن حمران مثل ذلك وعروة بن النبّاع الليثي
مثل ذلك قال: فقلت : ومايدريكم أن عثمان كتب بهذا؟ قالوا: فيفتات مروان على
عثمان بهذا! فهذا شرّ فيخرج نفسه من هذا الامر. ثمّ قالوا: انطلق معنا اليه
فقد كلّمنا عليّاً ووعدنا أن يكلّمه اذا صلّى الظّهر وجئنا سعد بن أبي
وقّاص فقال : لا أدخل في أمركم. وجئنا سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فقال
مثل هذا ; فقال محمّد : فأين وعدكم علي؟ قالوا : وعدنا اذا صلّى الظهر أن
يدخل عليه.


قال محمّد : فصليّت مع عليّ قال: ثمّ دخلت أنا وعليّ عليه ، فقلنا:
انّ هؤلاء المصريين بالباب ، فأذن لهم - قال : ومروان عنده جالس - قال :
فقال مـروان : دعني جعلت فداك أكلّمهم ! قال: فقال: عثمان : فضّ اللّه
فاك! اخرج عنّي ; ومـا كلامك في هذا الامر ! قال : فخرج مروان قال:
وأقبل عليّ عليه - قال : وقد أنهى المصريّون اليه مثل الّذي أنهوا اليّ -
قال: فجعل علىّ يخبره ما وجدوا في كتابهم. قال فجعل يقسم باللّه ماكتب ولا
علم ولا شوور فيه. قال : فقال محمّد ابن مسلمة: واللّه انّه لصادق ;
ولكن هذا عمل مروان فقال عليّ: فأدخلهم عليك ; فليسمعوا عذرك قال : ثمّ
أقبل عثمان على عليّ فقال : انّ لي قرابة ورحماً ; واللّه لو كنت في هذه
الحلقة لحللتها عنك ; فاخرج اليهم فكلّمهم فانّهم يسمعون منك قال
عليّ واللّه ما أنا بفاعل ولكن أدخلهم حتّى تعتذر اليهم قال : فادخلوا.


قال محمّد بن مسلمة فدخلوا يومئذ فما سلّموا عليه بالخلافة فعرفت أنّه
الشرّ بعينه قالوا : سلام عليكم فقلنا وعليكم السلام قال فتكلّم القوم وقد
قدموا في كلامهم ابن عديس فذكر ماصنع ابن سعد بمصر وذكر تحاملا منه على
المسلمين وأهل الذمّة وذكر استئثاراً منه في غنائم المسلمين ; فاذا قيل له
في ذلك قال: هذا كتاب أمير المؤمنين اليّ ، ثمّ ذكروا أشياء ممّا أحدث
بالمدينة وما خالف به صاحبيه. قال فرحلنا من مصر ونحن لانريد الاّ دمك
أوتنزع فردّنا عليّ ومحمّد ابـن مسلمـة وضمن لنا محمّد النزوع عن كلّ
ماتكلمنا فيه - ثمّ أقبلوا على محمّد بن مسلمة فقالوا : هل قلت ذاك لنا؟
قال محمّد : فقلت نعم - ثمّ رجعنا الى بلادنا نستظهر باللّه
عزّ وجلّ عليك ويكون حجّة لنا بعد حجّة حتّى اذا كنّا بالبويب أخذنا غلامك
فأخذنا كتابك وخاتمك الى عبد اللّه بن سعد تأمره فيه بجلد ظهورنا
والمَثْل بنا في أشعارنا وطول الحبس لنا ; وهذا كتابك .


قال: فحمد اللّه عثمان واثنى عليه ثمّ قال : واللّه
ماكتبت ولا أمرت ولا شوورت ولا علمت. قال : فقلت وعليّ جميعا: قد صدق. قال:
فاستراح اليها عثمان فقال المصريّون : فمن كتبه؟ قال : لا أدري قال :
أفيجترأ عليك فيبعث غلامك وجملٌ من صدقات المسليمن وينقش على خاتمك ويكتب
الى عاملك بهذه الامور العظام وأنت لا تعلم ! قال: نعم قالوا: فليس مثلك
يلي اخلع نفسك من هذا الامر كما خلعك اللّه منه. قال : لا أنزع
قميصاً ألبسنيه اللّه عزّ وجلّ. قال: وكثرت الاصوات واللغط فما كنت
أظنّ أنّهم يخرجون حتّى يواثبوه قال : وقام عليّ فخرج قال : فلّما قام عليّ
قمت ، قال : وقال للمصرييّن : اخرجوا فخرجوا. قال: ورجعت الى منزلي وعلي
الى منزله فما برحوا محاصريه حتّى قتلوه.


قال محمّد بن عمر : حدثني محمّد بن مسلم عن موسى بن عقبة عن أبي حبيبة قال
: نظرت الى سعد بن أبي وقّاص يوم قتل عثمان ; دخل عليه ثمّ خرج من
عنده وهو يسترجع ممّا يرى على الباب ; فقال له مروان الآن تندم! أنت أشعرته
(82) فأسمع سعداً يقول : أستغفر اللّه لم أكن أظنّ الناس يجترئون هذه
الجرأة ولا يطلبون دمه وقد دخلت عليه الآن فتكلّم بكلام لم تحضره أنت ولا
أصحابك فنزع عن كلّ ما كره منه وأعطى التوبة، وقال : لا أتمادى في الهلكة ;
انّ من تمادى في الجور كان أبعد من الطريق ; فأنا أتوب وأنزع . فقال مروان:
ان كنت تريد أن تذ بّ عنه ; فعليك بابن أبي طالب، فانّه متستّر وهو لايجبه
; فخرج سعد حتى أتى عليّاً وهو بين القبر والمنبر ، فقال : ياأبا حسن ; قم
فداك أبي وأمّي جئتك واللّه بخير ما جاء به أحد قطّ الى أحد، تصل رحم ابن
عمّك وتأخذ بالفضل عليه وتحقن دمه ويرجع الامر على مانحبّ، قد أعطى خليفتك
من نفسه الرضا فقال عليّ: تقبّل اللّه منه ياأبا أسحاق! واللّه مازلت
أذب عنه حتّى انّي لاستحي ; ولكنّ مروان ومعاوية وعبد اللّه بن عامر
وسعيد ابن العاص هم صنعوا به ماترى ; فاذا نصحته وأمرته أن ينحّيهم
استغشّني حتّى جاء ماتَرى. قال : فبينا هم كذلك جاء محمّد بن أبي بكر فسارّ
عليّاً ; فأخذ عليٌ بيدي، ونهض عليٌ وهو يقول: وأيّ خير توبته هذه !
فواللّه مابلغت داري حتّى سمعت الهائعة (83) أنّ عثمان قد قتل فلم نزل
واللّه في شرّ الى يومنا هذا .


قال محمّد بن عمر : وحدّثني شرحبيل بن أبي عون، عن يزيد بن أبي حبيب عن
أبي الخير (84)، قال : لما خرج المصريّون الى عثمان رضي اللّه عنه ،
بعث عبداللّه بن سعد رسولاً أسرع السير يعلم عثمان بمخرجهم ، ويخبره
أنّهم يظهرون أنّهم يريدون العمرة. فقدم الرسول على عثمان بن عفّان ،
يخبرهم فتكلّم عثمان وبعث الى أهل مكّة يحذّر من هناك هؤلاء المصرييّن،
ويخبرهم أنّهم قد طعنوا على امامهم .ثمّ ان عبد اللّه بن سعد
خرج الى عثمان في آثار المصرييّن - وقد كان كتب اليه يستأذنه في القدوم
عليه، فأذن له - فقدم ابن سعد ; حتّى اذا كان بأيلة بلغه أن الـمصرييّن قد
رجعوا الى عثمان ، وأنّهم قد حصروه ومحمّد بن أبي حذيفة بمصر ; فلّما بلغ
محمّداً حصر عثمان وخروج عبد اللّه بن سعد عنه غلب على مصر،
فاستجابوا له، فأقبل عبد اللّه بن سعد يريد مصر، فمنعه ابن ابي
حذيفة، فوجّه الى فلسطين، فأقام بها حتّى قتل عثمان رضي اللّه عنه،
وأقبل المصريّون حتّى نزلوا بالاسواف، فحصروا عثمان وقدم حكيم بن جبلة من
البصرة في ركب، وقدم الاشتر في أهل الكوفة، فتوافوا بالمدينة، فاعتزل
الاشتر ; فاعتزل حكيم بن جبلة وكان ابن عديس وأصحابه هم الذين يحصرون
عثمان، فكانوا خمسمائة فأقاموا على حصاره تسعة وأربعين يوماً، حتّى قتل يوم
الجمعة لثمان عشرة ليلة مضت من ذي الحجّة سنة خمس وثلاثين.


قال محمّد : وحدّثني ابراهيم بن سالم عن أبيه ، عن بسر بن سعيد، قال:
وحدّثني عبداللّه بن عيّاش بن أبي ربيعة ،قال: دخلت على عثمان رضي
اللّه عنه، فتحدثّت عنده ساعة فقال: ياابن عيّاش، تعال فأخذ بيدي فأسمعني
كلام من على باب عثمان، فسمعنا كلاماً ; منهم من يقول : ما تنتظرون به؟
ومنهم من يقول : انظروا عسى أن يراجع ،فبينا أنا وهو واقفان اذ مرّ طلحة بن
عبيد اللّه ; فوقف فقال: اين ابن عديس ؟ فقيل هاهو ذا، قال: فجاءه
ابن عديس، فناجاه بشئ ثمّ رجع ابن عديس فقال لأصحابه : لاتتركوا أحداً يدخل
على هذا الرجل ; ولا يخرج من عنده. قال : فقال لي عثمان : هذا ما أمر به
طلحة بن عبيد اللّه . ثمّ قال عثمان : اللّهم اكفني طلحة بن عبيد
اللّه فانّه حمل عليّ هؤلاء وألّبهم ; واللّه انّي لأرجو أن
يكون منها صفرا، وأن يسفك دمه، انّه انتهك منّي ما لا يحلّ له، سمعت رسول
اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول:« لايحلّ دم امرئ مسلم الاّ في احدى
ثلاث : رجل كفر بعد اسلامه فيقتل، أو رجل زنى بعد احصانه فيرجم، أو رجل قتل
نفساً بغير نفس»، ففيم أقتل! قال: ثمّ رجع عثمان. قال ابن عيّاش:
فأردت أن أخرج فمنعوني حتّى مرّ بي محمد بن أبي بكر فقال : خلّوه ، فخلّوني
.


قال محمّد: حدّثني يعقوب بن عبد اللّه الأشعري، عن جعفر بن أبي
المغيرة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه ، قال: رأيت اليوم الّذي
دخل فيه على عثمان، فدَخلوا من دار عمرو بن حزم خوخة هناك حتّى دخلوا
الدار، فناوشوهم شيئاً من مناوشة ودخلوا، فواللّه مانسينا أن خرج
سودان بن حمران، فأسمعه يقول : أين طلحة بن عبيد اللّه ؟ قد قتلنا ابن
عفّان !


قال محمّد بن عمر : وحدّثني شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه، عن أبي حفصة
اليماني، قال: كنت لرجل من أهل البادية من العرب ، فأعجبته - يعني مروان -
فاشتراني واشترى امرأتي وولدي فأعتقنا جميعاً ; وكنت أكون معه فلمّا حصر
عثمان رضي اللّه عنه، شمّرت معه بنو أميّة، ودخل معه مروان الدار.
قال فكنت معه في الدار، قال: فأنا واللّه أنشبت القتال بين الناس ;
رميت من فوق الدار رجلا من أسلم فقتلته وهو نيّار الاسلمي فنشب القتال ثمّ
نزلت فاقتتل الناس على الباب وقاتل مروان حتّى سقط فاحتملته، فأدخلته بيت
عجوز، وأغلقت عليه ، وألقى الناس النيران في أبواب دار عثمان فاحترق بعضها
فقال عثمان: ما احترق الباب الاّ لما هو أعظم منه، لايحركنّ رجل منكم يده ;
فواللّه لو كنت أقصاكم لتخطّوكم حتّى يقتلوني، ولو كنت أدناكم ما جاوزوني
الى غيري، وانّي لصابر كما عهد اليّ رسول اللّه صـلّى اللّه
عـليه وسلّـم لأصرعنّ مصرعي الّذي كتب اللّه عزّ وجل. فقال مروان : واللّه
لاتقتل وأنا أسمع الصوت، ثمّ خرج بالسيف على الباب يتمثّل بهذا
الشعر:





  • قد علمت ذات القرون الميل
    أنّي أروع أوّل الرعيل
    بفارِه مِثْلِ قطا الشَّليلِ



  • والكفّ والأنامل الطفول
    بفارِه مِثْلِ قطا الشَّليلِ
    بفارِه مِثْلِ قطا الشَّليلِ



قال محمد : وحدّثني عبد اللّه بن الحارث بن الفضيل عن أبيه عن أبي
حفصة، قال: لمّا كان يوم الخميس دلّيت حجراً من فوق الدار فقتلت رجلا من
أسلم يقال له نيّار، فأرسلوا الى عثمان : أن أمكنّا من قاتله. قال : واللّه
ما أعرف له قاتلا، فباتوا ينحرّفون علينا ليلة الجمعة بمثل النيران فلمّا
أصبحوا غدوا، فأوّل من طلع علينا كنانة بن عتّاب في يده شعلة من نار على
ظهر سطوحنا، قد فتح له من دار آل حزم ثمّ دخلت الشعل على أثره تنضح
بالنفط ; فقاتلناهم ساعة على الخشب وقد اضطرم الخشب فأسمع عثمان يقول
لاصحابه : ما بعد الحريق شئ! قد احترق الخشب ، واحترقت الابواب ومن كانت لي
عليه طاعة فليمسك داره ; فانّما يريدني القوم وسيندمون على قتلي واللّه
لو تركوني لظننت أنّي لا أحبّ الحياة ولقد تغيّرت حالي وسقط اسناني ورقّ
عظمي.


قال: ثمّ قال لمروان : اجلس فلا تخرج فعصاه مروان فقال: واللّه
لاتقتل ولا يخلص اليك وأنا أسمع الصوت ثمّ خرج الى الناس فقلت : ما لمولاي
مترك! فخرجت معه أذبّ عنه ونحن قليل فأسمع مروان يتمثّل :





  • قد علمت ذات القرون الميل
    والكفّ والانامل الطفول



  • والكفّ والانامل الطفول
    والكفّ والانامل الطفول



ثمّ صاح : من يبارز؟ وقد رفع أسفل درعه ; فجعله في منطقته .قال: فيثب
اليه ابن النِّبَاع فضربه ضربة على رقبته من خلفه فأثبته ; حتّى سقط فما
ينبض منه عرق، فأدخلته بيت فاطمة ابنة أوس جدّة ابراهيم بن العديّ .


قال : فكان عبد الملك وبنو أميّة يعرفون ذلك لآل العديّ .


حدّثني أحمد بن عثمان بن حكيم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن شريك قال: حدّثني
أبي، عن محمّد بن اسحاق عن يعقوب بن عتبة بن الاخنس عن ابن الحارث بن أبي
بكر، عن أبيه أبي بكر بن الحارث بن هشام ، قال: كأنّي أنظر الى عبد الرحمن
بن عديس البلويّ وهو مسند ظهره الى مسجد نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه
وسلّم وعثمان بن عفّان رضي اللّه عنه محصور ، فخرج مروان بن الحكم ،
فقال :من يبارز؟ فقال عبد الرحمن بن عديس لفلان ابن عروة قم الى هذا الرجل
فقام اليه غلام شابّ طوال ; فأخذ رفرف (85) الدرع فغرزه في منطقته، فأعور
له عن ساقه ، فأهوى له مروان وضربه ابن عروة على عنقه ، فكأنّي أنظر اليه
حين استدار. وقام اليه عبيد بن رفاعة الزرقيّ ليدفِّف (86) عليه، قال :
فوثبت عليه فاطمة ابنة أوس جدّة ابراهيم بن عديّ - قال: وكانت أرضعت مروان
وأرضعت له - فقالت : ان كنت انّما تريد قتل الرجل فقد قتل وان كنت تريد أن
تلعب بلحمه فهذا قبيح قال: فكفّ عنه، فما زالوا يشكرونها لها، فاستعملوا
ابنها ابراهيم بعد (87).


* * *


وفـي البـدء والتـاريخ(88) : كان اشدّ الناس على عثمان طلحة والزبير
ومحمّد بن أبي بكر وعائشة ، وخذله المهاجرون والأنصار ، وتكلّمت عائشة في
أمره ، وأطلعت شعرة من شعرات رسول الله (ص) ونعله وثيابه وقالت : ما أسرع
مانسيتم سنّة نبيّكم ، فقال عثمان في آل أبي قحافة ما قال وغضب حتّى ماكان
يدري مايقول ، إنتهى .


قال المؤلّف


كان أشدّ الناس على عثمان رؤوس آل تيم الثلاثة : أمّ المؤمنين عائشة
وأخوها محمّد بن أبي بكر وابن عمّهما طلحة بن عبيدالله


وذكروا من مواقف أمّ المؤمنين مع عثمان شيئاً كثيراً .


منها ماذكره اليعقوبي في تاريخه(89) حيث قال : كان عثمان يخطب إذ دلّت
عائشة قميص رسول الله ونادت : «يا معشر المسلمين! هذا جلباب رسول الله لم
يبل وقد أبلى عثمان سنّته» فقال عثمان : «ربّ اصرف عنّي كيدهنّ إنّ كيدهنّ
عظيم» .


وقال ابن أعثم(90) ولمّا رأت أمّ المؤمنين اتّفاق الناس على قتل عثمان ،
قالت له :


أي عثمان! خصّصت بيت مال المسلمين لنفسك ، وأطلقت أيدي بني أميّة على
أموال المسلمين ، وولّيتهم البلاد ، وتركت أمّة محمّد في ضيق وعسر ، قطع
الله عنك بركات السماء وحرمك خيرات الأرض ، ولولا أنّك تصلّي الخمس لنحروك
كما تنحر الإبل(91) .


فقرأ عليها عثمان : (
ضَرَبَ اللهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوح وَامْرَأَةَ لُوط
كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا
فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ
مَعَ الدَّاخِلِينَ) (92) . إنتهى .


إنّ هذهِ الكلمات القارصة من الخليفة في أمّ المؤمنين عائشة ذات الطبع
الحادّ والّتي لم تكن تملك نفسها عند سورة الغضب ، والكتاب الّذي عثر عليه
اخوها محمّد في طريقه إلى مصر والّذي فيه أمر صريح بقتله وآخرين من رفقته
ممّن أدركوا صحبة النبيّ وغيرهم من المسلمين ; قد دفعت أمّ المؤمنين ـ
الّتي كانت تذهب نفسها في سبيل الدفاع عن ذوي قرباها ـ أن تصدر الفتوى
الصريحة بقتل الخليفة عثمان وكفره . فتقول فيه :


«أقتلوا نعثلاً فقد كفر»(93) . وقالت : أشهد أن عثمان جيفة على الصراط .


انطلقت هذه الكلمة من فم أمّ المؤمنين ، فانتشرت بين الناس انتشار النار
في الهشيم فتلقّفها منها غيرها ممّن لم يكن يجرؤ على التفوّه بمثلها
وجبابرة قريش في المدينة حضّر ممّن سنذكرهم بعد تدبّر معنى الكلمة
ومغزاها .


كلمة نعثل في معاجم اللغة :


أ ـ الذكر من الضباع .


ب ـ الشيخ الاحمق .


ج ـ وقالوا : كان رجل من أهل مصر طويل اللحية يسمّى نعثلا .


د ـ وقالوا : إنّ نعثلا كان يهوديّا بالمدينة شبَّه به
عثمان(94) .


إنّ هذه المعاني لكلمة نعثل لم تغرب عن بال أمّ المؤمنين ذات العارضة
القويّة ، وإنّما رمته بها بعد أن استمدّت من فصاحتها وبلاغتها فرمته من
قوارصها بمقذعة أصابته في الصميم ، وبقيت وصمة عليه ، وذهبت في الدهر
مثلا ، وجرت بعد قولها على لسان أعدائه حتّى بعد حياته ، فقد جاء في أبيات
للاعور الشنّي(95) :





  • برئت إلى الرحمن من دين نعـثل
    ودين ابن صـخر أيّها الرجلان



  • ودين ابن صـخر أيّها الرجلان
    ودين ابن صـخر أيّها الرجلان



وقال محمّد بن أبي سبرة بن أبي زهير القرشيّ(96) :





  • نحن قتلنـا نعثـلا بالسـيرة
    إذ صـدّ عن أعلامنا المنيـرة



  • إذ صـدّ عن أعلامنا المنيـرة
    إذ صـدّ عن أعلامنا المنيـرة



ولمّا نادى ابن العاص يوم صفين بأبيات قال فيها :


(ردّوا علينا شـيخنا كما كان)


فأجابه أهل العراق :





  • أبت سيوف مذحج وهمدان
    بأن تردّ نعثلا كما كان



  • بأن تردّ نعثلا كما كان
    بأن تردّ نعثلا كما كان



ثمَّ نادى عمرو بن العاص ثانية : (ردّوا علينا شيخنا ثمّ بجل) .


فردّ عليه أهل العراق : (كيف نردّ نعثلا وقد قحل)(97) .


أفتت أمّ المؤمنين بقتل الخليفة ، واذا كان هناك امل ضئيل ـ قبل هذه
الفتيا ـ في الاصلاح بين المسلمين والخليفة ; يقوم به عليّ أو غيره ، فقد
وقعت الواقعة بعد صُدور هذه الفتوى الصريحة ، وانطلاقها من فم أُمّ
المؤمنين ، وقضي الأمر .


وذلك لما بلغته أمّ المؤمنين منذ عهد الخليفتين من مكانة مرموقة بين
المسلمين بما كانا يعظّمانها في كلّ شيء ويُرجعان إليها في الفتيا ، وزاد
في تأثير فتياها صدورها في أوانها حيث بلغ السيل الزبى والحزام
الطبيين(98) . وبعد حصول الانشقاق بين الأسرة الحاكمة من آل أميّة في
البلاد وأفراد المسلمين بطبقاتهم كافّة ممّا أوردنا بعضا منها وأعرضنا عن
ذكر أكثرها روماً للإختصار . وبعد هذه الفتيا والّتي كانت الجماهير
الإسلامية من الصحابة وغيرهم قد صمّمت على تنفيذها ; لم يبق أمام أحد مجال
إلاّ في طريقين : الإعتزال أو القتال . والقتال إمّا في صفّ الخليفة
المحاصر من قبل الجماهير وإمّا في صفّ الجماهير الهادرة الثائرة . فاختار
عليّ وسعد من أهل الشورى الاعتزال ، وطلحة والزبير القتال في صفّ
الجماهير .


إنتشرت على الافواه كلمة أمّ المؤمنين : «اقتلوا نعثلا» فقالها غيرها لما
كانوا ينقمون على عثمان ـ وإن كانت هي (أوّل من سمّى عثمان نعثلا)(99) ـ
وممّن قالها في حياة الخليفة جبلة بن عمرو الساعدي في ما أخرجه الطبري
(100)حيث قال :


مرّ عثمان على جبلة بن عمرو الساعدي وهو بفناء داره ومعه جامعة ، فقال :
يا نعثل! والله لاقتلنّك ، ولاحملنّك على قلوص جرباء ولاخرجنّك إلى حرّة
النار. ثم جاء مرة اخرى وعثمان على المنبر فانزله عنه .


وفي حديث البلاذري بعد هذا :


وأتاه يوماً بجامعة(101) فقال : والله لاطرحنّها في عنقك ، أو لتتركنّ
بطانتك هذه ، أطعمت الحارث بن الحكم السوق وفعلت! وفعلت! وكان عثمان ولَّى
الحارث سوق المدينة فكان يشتري الجلب بحكمه ويبيعه بسومه ، ويجبي مقاعد
المتسوّقين ، ويصنع صنيعاً منكراً ، فكلّم في إخراج السوق من يده فلم
يفعل ، وقيل لجبلة في أمر عثمان وسئل الكفّ عنه فقال : والله لا ألقى الله
غدا فأقول : إنّا أطعنا سادتنا وكبراءنا ، فأضلّونا السبيل(102) .


وفي حديث آخر للطبري : (كان اول من اجترأ على عثمان بالمنطق السيي جبلة بن
عمرو الساعدي مرّ به عثمان وهو جالس في ندّي قومه وفي يد جبلة بن عمرو
جامعة فلمّا مرّ عثمان سلّم فردّ القوم فقال جبلة : لم تردّون على رجل فعل
كذا وكذا؟ قال : ثمّ أقبل على عثمان فقال : والله لاطرحنّ هذه الجامعة في
عنقك أو لتتركنّ بطانتك هذه . قال عثمان : أي بطانة؟ فوالله إنّي لا أتخيّر
الناس . فقال : مروان تخيّرته ، ومعاوية تخيّرته ، وعبدالله بن عامر بن
كريز تخيّرته ، وعبدالله بن سعد تخيّرته ، منهم من نزل القرآن بذمّه وأباح
رسول الله دمه . . .) قال: فانصرف عثمان فمازال الناس مجترئين عليه الى هذا
اليوم (103) .


وممّن جبه الخليفة بهذه الكلمة ; الجهجاه فيما اخرجه الطبري
والبلاذري(104) بسندهما إلى حاطب قال :


أنا أنظر إلى عثمان يخطب على عصا رسول الله (ص) الّتي كان يخطب عليها أبو
بكر وعمر (رض) فقال له جهجاه : قم يانعثل : فأنزل عن هذا المنبر . . .
الحديث .


وفي حديث آخر عن أبي حبيبة فقام إليه جهجاه الغفاري(105) فصاح : ياعثمان ;
ألا إنّ هذه شارف قد جئنا بها عليها عباءة وجامعة فانزل فلندّرعك العباءة
ولنطرحك في الجامعة ولنحملك على الشارف ثمّ نطرحك في جبل الدخان .


فقال عثمان : قبّحك الله وقبّح ماجئت به . قال أبو حبيبة ولم يكن ذلك منه
إلاّ عن ملأ من الناس ، وقام إلى عثمان خيرته وشيعته من بني أميّة فحملوه
وأدخلوه الدار قال أبو حبيبة فكان آخر ما رأيته فيه . إنتهى .


و في آخر الحديث السابق : فما خرج بعد ذلك إلاّ خرجة أو خرجتين حتّى حصر
فقتل . إنتهى .


* * *


حاصر الناس عثمان بعد أن لم يتنازل إلى تلبية مطالبهم ، وبعد أن أفتت فيه
أمّ المؤمنين ما أفتت ، وتحلّبوا عليه من البلاد بعد أن ضاقوا ذرعا
بولاته . وبعد أن وصلت من أُمّ المؤمنين (كتب إلى البلاد تحرّض المسلمين
على الخروج عليه)(106) .


«وكان طلحة قد استولى على أمر الناس في الحصار(107)» ولمّا اشتدّ الأمر
على عثمان أمر مروان بن الحكم وعبدالرحمن بن عتّاب بن اسيد(108) فأتيا
عائشة وهي تريد الحجّ فقالا لها :


لو أقمت ، فلعلّ الله يدفع بك عن هذا الرجل ، «وقال مروان : ويدفع لك بكلّ
درهم انفقتيه درهمين(109)» .


فقالت : قد قرنت ركائبي واوجبت الحجّ على نفسي ووالله لا أفعل! فنهض مروان
وصاحبه ، ومروان يقول :





  • وحـرّق قيـسٌ عليّ البلاد
    فلمّا اضطرمت أحـجما



  • فلمّا اضطرمت أحـجما
    فلمّا اضطرمت أحـجما



ورد البيت في الانساب 5/75 هكذا :





  • وَحَـرَّقَ قيـسٌ عليَّ البـلاد
    حتـّى إذا اضْـطَرَمَتْ أجْـذَما



  • حتـّى إذا اضْـطَرَمَتْ أجْـذَما
    حتـّى إذا اضْـطَرَمَتْ أجْـذَما



فقالت عائشة : يامروان : «العلّك ترى انّي في شكّ من صاحبك(110)» والله
لوددت انّه في غرارة من غرائري هذه وأنّي طوّقت حمله حتّى ألقيه في
البحر(111) .


خرجت أُمّ المؤمنين من المدينة متوجّهة إلى مكّة وخرج ابن
عبّاس(112)اميراً على الحاجّ من قبل عثمان فمرّ بعائشة في الصلصل(113) وهي
في طريقها إلى مكّة ـ فقالت : ياابن عباس! انشدك الله فانك أُعطيت لسانا
ازعيلا(114) ـ ان تخذِّل عن هذا الرجل . وفي الأنساب : إيّاك أن تردّ عن
هذا الطاغية(115) وان تشكّك فيه الناس فقد بانت لهم بصائرهم وانهجت ورفعت
لهم المنار وتحلّبوا من البلدان لإمر قد حُمَّ ، وقد رأيت طلحة بن عبيدالله
قد اتّخذ على بيوت الأموال والخزائن مفاتيح ، فان يلِ يَسرْ يَسيرة ابن
عمّه أبي بكر .


قال : قلت : يااُمّة : لو حدث بالرجل حدث ما فزع الناس إلاّ إلى صاحبنا .


فقالت : ايهاً عنك انّي لست اريد مكابرتك ولا مجادلتك(116) .


ولمّا رأى عثمان استيلاء طلحة على بيوت الأموال واشتداد الحصار عليه بعث
عبدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطّلب بهذا البيت إلى عليّ :





  • فإن كنت مأكولاً فكن أنت آكلي
    والاّ فأدركني ولمّا أُمَـزَّقِ(117)



  • والاّ فأدركني ولمّا أُمَـزَّقِ(117)
    والاّ فأدركني ولمّا أُمَـزَّقِ(117)



وكان عليٌّ عند حصر عثمان بخيبر فقدم المدينة والناس مجتمعون عند طلحة
وكان ممّن له فيه اثر فلمّا قدم عليّ أتاه عثمان وقال له :


أمّا بعد! فانّ لي حقّ الإسلام ، وحقّ الإخاء ، والقرابة ، والصهر ، ولو
لم يكن من ذلك شيء وكنّا في الجاهلية لكان عاراً على بني عبد مناف أن ينتزع
اخو بني تيم ـ يعني طلحة ـ أمرهم .


فقال له عليّ : سيأتيك الخبر ثمّ خرج إلى المسجد فرأى أسامة(118) فتوكّأ
على يده حتّى دخل دار طلحة وهي رجّاس(119) من الناس فقال له : ياطلحة!
ماهذا الأمر الّذي وقعت فيه(120)!


فقال : ياأبا الحسن بعدما مسّ الحزام الطُبيين ، فانصرف عليّ ولم يحر اليه
شيئاً حتّى أتى بيت المال ، فقال افتحوا هذا الباب ، فلم يقدروا على
المفاتيح فقال : اكسروه فكسر باب بيت المال ، فقال : اخرجوا المال فجعل
يعطي الناس فبلغ الّذين في دار طلحة الّذي صنع عليّ ، فجعلوا يتسلّلون اليه
حتّى ترك طلحة وحده ، وبلغ عثمان الخبر فسرّ بذلك ، ثمَّ اقبل طلحة يمشي
عائدا الى دار عثمان . . . فلمّا دخل عليه قال : ياأمير المؤمنين استغفر
الله وأتوب اليه أردت أمراً فحال الله بيني وبينه ، فقال : عثمان انّك
والله ماجئت تائباً ولكنّك جئت مغلوباً . الله حسيبك ياطلحة . . . إنتهى .


وروى الطبريّ وقال : فحصروه أربعين ليلة وطلحة يُصَلّي بالناس(121) .


وروى البلاذريّ وقال : لم يكن أحد من أصحاب النبيّ (ص) أشدّ على عثمان من
طلحة(122) .


وزاد الطين بلّة ماحباه عثمان لآل امية كالآتي بيانه :


اخبار من حباهم عثمان من آل اميّة بالاموال : -


1 - حباؤه لنفسه وزوجته :


قـال ابـو مخنف : كان على بيت مال عثمان عبد اللّه بن الارقم بن عبد
يغوث ابن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب وبعض الرواة يقول : عبد اللّه
ابن الارقم ابن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة فاستسلف عثمان من
بيت المال مائة الف درهم وكتب عليه بها عبد اللّه بن الارقم ذكر حقّ
للمسلمين واشهد عليه عليّا وطلحة والزبير وسعد بن ابي وقّاص وعبد اللّه
بن عمر فلمّا حلّ الأجل ردّه عثمان .


قال الزهريّ : وكان في الخزائن سَفَط فيه حَلْي اخذ منه عثمان فحلّى به
بعض اهله فاظهروا عند ذلك الطعن عليه وبلغه ذلك فخطب فقال هذا مال اللّه
اُعطيه من شئت وأمنعه من شئت فأرغم اللّه نف من رغم فقال عمّار انا واللّه
اوّل من رغم انفه من ذلك فقال عثمان لقد اجترأت عليّ يا ابن سميّة وضربه
حتّى غشي عليه فقال عمّار ماهذا بأوّل ما أُوذِيتُ في اللّه وأطلعت
عائشة شعرا من شعر رسول اللّه صلعم ونعله وثيابا من ثيابه فيما يحسب وهب
ثمّ قالت ما أسرع ما تركتم سنّة نبيّكم .


وأمّا ما اقتناه الخليفة لنفسه فحدثّ عنه ولاحرج ،كان ينضّد اسنانه بالذهب
ويتلبَّس بأثواب الملوك (123) .


عن سليم ابي عامر قال : رأيت على عثمان بن عفّان برداً يمانيّاً ثمن مائة
درهم .


وقال محمّد بن ربيعة رأيت على عثمان مطرف خزّ ثمن مائتي درهم فقال هذه
لنائلة كسوتها ايّاه فأنا البسهااسرّها به (124) .


وجاء اليه ابو موسى بكيلة ذهب وفضّة فقسّمها بين نسائه وبناته وانفق
أكثر بيت المال في عمارة ضياعه ودوره (125) .


وقال ابن سعد في الطبقات (126) : كان لعثمان عند خازنه يوم
قتل ثلاثون ألـف درهـم وخـمسمائة ألف درهم ، وخمسون ومائة ألف دينار
فانتُهِبَت وذهبت .وترك ألف بعير بالربذة وصدقات ببراديس وخيبر ووادي القرى
قيمة مائتي الف دينار .


وقال المسعودي في مروج الذهب (127) :بنى في المدينة وشيّدها
بالحجر والكلس وجعل أبوابها من الساج والعرعر وأقتنى أموالا وجنانا وعيونا
بالمدينة وذكر عبد اللّه بن عتبة : انّ عثمان يوم قتل كان عند خازنه
من المال خمسون ومائة ألف دينار وألف ألف درهم ، وقيمة ضياعه بوادي القرى
وحنين وغيرهما مائة ألف دينار وخلّف خيلا كثيرا وابلا .


وقال الذهبيّ في دول الاسلام 1 / 12 : كان قد صار له اموال عظيمة
(رضي اللّه عنه) وله ألف مملوك .


وفي شرح نهج البلاغة عن الزهري قال : كان ممّا عابوا على عثمان أن عزل سعد
بن ابي وقاص وولّى الوليد بن عقبة واقطع آل الحكم دورا بناها لهم واشترى
لهم اموالا واعطى مروان بن الحكم خمس افريقية وخصّ ناسا من اهله ومن بني
أميّة فقال له الناس قد ولي هذا الامر قبلك خليفتان فمنعا هذا المال
انفسهما واهليهما فقال انّما صنعا ذلك احتسابا ووصلت به احتسابا فقال له
النّاس انّ ابا بكر استسلف من بيت المال شيئا فقضته عنه عائشة بعد وفاته
واستسلف عمر شيئا ضمنه عنه عبد اللّه وحفصة فباعوا سهامه ووفوا عنه
واستسلفت من بيت المال خمس مائة الف درهم وليس لك عندها قضاء وقال له عبد
اللّه بن الارقم خازن بيت المال وصاحبه اقبض عنّا مفاتيحك فلم يفعل
وجعل يستسلف ولا يردّ فجاء عبد اللّه بالمفاتيح هو وصاحبه يوم الجمعة
فوضعاها على المنبر وقالا هذه مفاتيح بيت مالكم او قال : مفاتيح خزائنكم
ونحن نبرأ اليكم منها فقبضها عثمان ودفعها الى زيد بن ثابت .


2 - لابي سفيان


وأعطى ابا سفيان بن حرب مائتي الف من بيت المال في اليوم الذي اَمر فيه
لمروان بمائة الف من بيت المال (128) .


3 - للحكم بن ابي العاص عمّ الخليفة عثمان


يسيرٌ من سيرته


قال البلاذري (129): انّ الحكم بن ابي العاص كان جاراً
لرسول اللّه (ص) في الجاهليّة وكان أشدّ جيرانه أذى له في
الاسلام وكان قـدومه الـمدينة بـعد فتح مكّة وكان مغموصا عليه في دينه فكان
يمرّ خلف رسول اللّه (ص) فيغمز به ويحكيه ويخلج بانفه وفمه واذا صلّى قام
خلفه فأشار بأصبعه فبقي على تخليجه وأصابته خبلة وأطلّع على رسول اللّه
(ص) ذات يوم وهو في بعض حجر نسائه فعرفه وخرج اليه بعنزة وقال: من عذيري من
هذا الوزغة اللعين ثمّ قال : لا يساكنني ولا ولده فغرّبهم جميعا
الى الطائف ، فلّما قبض رسول الـلّـه (ص) كلّم عثمان
ابا بكر فيهم وسأله ردّهم فأبى ذلك وقال : ماكنت لآوي طرداء رسول
اللّه (ص) ثمّ لمّا استخلف عمر كلّمه فيهم فقال مثل قول ابي بكر
فلمّا استخلف عثمان أدخلهم المدينة وقال : قد كنت كلّمت رسول اللّه
فيهم وسألته ردّهم فوعدني أن يأذن لهم فقبض قبل ذلك فأنكر المسلمون عليه
ادخاله ايّاهم المدينة .


وجاء الحكم بن ابي العاص يستأذن على رسول اللّه (ص) فعرف كلامه
فـقـال ائـذنوا لـه ، حيّة او ولـد حيّة عليـه لـعنة اللّه وعلى من
يخرج من صلبه الاّ المـؤمنون وقليل ماهم يشرفون في الدنيا ويوضعون في
الاخرة، ذو مكر وخديعة .يعظمون في الدنيا ومالهم في الاخرة من خلاق
(130) .


وقال في ص 225 من انساب الاشراف : وكان يفشي احاديث الرسول فلعنه وسيّره
الى الطائف ومعه عثمان الازرق والحارث وغيرهما من بنيه وقال لا يساكنني.
فلم يزالوا طرداء حتّى ردّهم عثمان !!!


وقال في ص 28 منه : وكان ممّا أنكروا على عثمان انّه ولّى الحكم صدقات
قضاعة - حيّ باليمن - فبلغت ثلاث مائة الف درهم فوهبها له حين أتاه!


وقال ابن عبد البرّ في العقد الفريد : وممّا نقم الناس على عثمان
انّه آوى طريد رسول اللّه (ص) الحكم بن ابي العاص ولم يؤوه ابو بكر
ولا عمر واعطاه مائة الف (131) .


وقال في ص 27 منه : ومات بالمدينة في خلافة عثمان فصلّى عليه وضرب على
قبره فسطاطا، راجع ترجمته في الاستيعاب وأسد الغابة والاصابة .


4 - لعبدالله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث
القرشيّ العامريّ :. وهو أخو عثمان من الرضاعة أرضعت أمّه عثمان .


أسلم قبل الفتح وهاجر إلى المدينة وكتب الوحي لرسول الله ثمّ ارتدّ مشركاً
وصار إلى قريش بمكّة ، فقال لهم : إنّي كنت أصرفُ محمّداً حيث أريد ; كان
يملي عليّ : «عزيز حكيم» . فأقول : «عليم حكيم»؟ فيقول : نعم ، كلُّ صواب ;
فأنزل الله تعالى فيه :


(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ
كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِىَ إِلَىَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَى ٌ وَمَن
قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ
الظَّـلِمُونَ فىِ غَمَرَتِ الْمَوْتِ وَا لْمَلَــِكَةُ بَاسِطُواْ
أَيْدِيِهمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ ا لْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ
ا لْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ ا لْحَقِّ
وَكُنتُمْ عَنْ َايَـتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ )(الآية 93 من سورة
الانعام).


فلمّا كان يوم الفتح أهدر رسول الله دمه وأمر بقتله ولو وُجِدَ متعلّقا
بأستار الكعبة . ففرّ عبدالله إلى عثمان فغيّبه حتّى أتى به إلى رسول الله
(ص) فاستأمنه له ، فصمت رسول الله (ص) طويلا ، ثمّ قال : نعم ، فلمّا انصرف
عثمان قال لمن حوله : ما صمت إلاّ ليقومَ إليه بعضكم فيضرب عنقه ، فقالوا :
هلاّ أومأت إلينا ، فقال : إنّ النبيّ لاينبغي أن يكون له خائنة الاعين .


ولاّه عثمان مصـر سنـة 25هـ وعـزل عنـها عمرو بن العاص ففتح أفريقية
فأعطاه عثمان خمس غنائم الغزوة الاولى ، وفي شرح النهج لابن ابي الحديد
واعطى الى عبد اللّه بن ابي سرح جميع ما أفاءه اللّه عليه من
فتح افريقيا بالمغرب وهي من طرابلس الغرب الى طنجة من غير ان يشرك فيه احد
من المسلمين (132).


وبقي أمـيراً عـلى مـصر حتّى سنة 34 حيث ثار ابن أبي حذيفـة فـي مصر فمنعه
من الدخول اليها فمضى إلى عسقـلان فـاقام بها حتّى قُتِلَ عثمان . وتوفّي
سنة 57 أو 59 هـ ـ(133) .


5 - لمروان بن الحكم


توفّي النبي وله ثمان سنوات (134) .


لقبه : خيط باطل (135) طرده(136) رسول اللّه (ص) مع ابيه الحكم بن
العاص الى الطائف عندما نفي ومـعه ابنه مروان وبقوا فيها حتى ولي عثمان
فـجلبهم الى المدينة وكان مروان كاتبا لعثمان وولي امرة المدينة لمعاوية
غير مرّة وهو اوّل من اخّر الخطبة في صلاة الجمعة (137) .


بويع له بالخلافة في النصف من ذي القعدة سنة 64 هـ بعد معاوية بن
يزيد واستمرّت خلافته ثمانية اشهر او ستة اشهر (138) .


وكان ممّا نقم الناس على عثمان تقريبه مروان واطاعته ايّاه ويرون ان كثيرا
ممّا ينسب الى عثمان لم يامر به وانّ ذلك كان عن رأي مروان دون علم عثمان
فنقم الناس على عثمان لما كان يصنع بمروان ويقرّبه وكان مروان يحمله على
اصحابه وعلى الناس ويبلّغه ما يتكلّمون به فيه ويهدّدونه به ويريد ان
يتقرّب بذلك اليه وامر له عثمان بأموال وكان يتأوّل في ذلك صلة
قرابته (139) .


امر عثمان لمروان بمائة الف من بيت المال وزوّجه ابنته امّ ايان فجاء زيد
ابن ارقم صاحب بيت المال بالمفاتيح فوضعها بين يدي عثمان (140).


واقطع عثمان مروان فدكاًوكانت صدقة لرسول اللّه (ص) وافتتح افريقيا
واخذ خمسه فوهبه لمروان (141) .


وكان من جملة ماانقم به على عثمان انّه اعطى مروان مائة الف وخمسين او
قيهَ (142) .


توفّي مروان اوّل شهر رمضان سنة 65هـ (143) .


6 - للحارث بن الحكم


تصدّق رسول اللّه (ص) بمهزور - موضع سوق في المدينة - على المسلمين
فأقطعها عثمان للحارث بن الحكم اخي مروان (144) .


واعطى الحارث بن الحكم اخا مروان وصهر الخليفة من ابنته عائشة ثلاثمائة
الف درهم. وقدمت ابل الصدقه على عثمان فوهبها للحارث (145) .


ذكر محمّد بن عمر أنّ عبداللّه بن جعفر حدّثه عن أم بكر بنت المسور
بن مخرمة ، عن أبيها ، قال : قدمت ابل من ابل الصدقة على عثمان فوهبها لبعض
بني الحكم فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف ،فأرسل الى المسور بن مخرمة والى عبد
الرحمن بن الاسود بن عبد يغوث فأخذها فقسّمها عبد الرحمن في الناس وعثمان
في الدار .


7 - لعبد اللّه بن خالد بن اسيد


في انساب الاشرف : روى ابو مخنف وقال : ثمّ قدم عليه عبد اللّه بن
خالد ابن اسيد بن ابي العيص من مكّة وناس معه غزاة فأمر لعبد اللّه
بثلاث مائة الف درهم ولكلّ رجل من القوم بمائة الف درهم وصكّ بذلك الى ابن
ارقم فاستكثره وردّ الصكّ له ويقال انّه سأل عثمان ان يكتب عليه به ذكر حقّ
فأبى ذلك فامتنع ابن الارقم من ان يدفع المال الى القوم ، فقال له
عثمان انمّا انت خازن لنا فما حملك على مافعلت فقال ابن الارقم كنت اراني
خازنا للمسلمين وانّما خازنك غلامك واللّه لا ألي لك بيت المال ابدا
وجاء بالمفاتيح فعلّقها على المنبر ، ويقال : بل القاها الى عثمان فدفعها
عثمان الى ناتل مولاه ثمّ ولّى زيد بن ثابت الانصاري بيت المال
واعطاه المفاتيح ويقال انّه ولّى بيت المال معيقيب بن ابي فاطمة وبعث الى
عبد اللّه بن الارقم ثلاثمائة الف درهم فلم يقبلها .


وطلب منه عبد اللّه بن خالد بن اسيد صلة فأعطاه اربعمائة الف
(146) وفي انساب الاشراف امر له ثلاثمائة درهم ولكلّ رجل من قومه مائة الف
درهم (147) .


وزوّج عثمان ابنته من عبد اللّه ابن خالد وامر له بستمائة الف درهم وكتب
الى عبد اللّه بن عامر ان يدفعها اليه من بيت مال البصرة
(148).


8 - للوليد بن عقبة بن ابي معيط


بـعث رسـول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، الوليد بن عقبة بن أبي
معيط الى بنى المصطلق من خزاعة يصدّقهم ، وكانوا قد أسلموا وبنوا المساجد
فلّما سمعوا بدنوّ الوليد خرج منهم عشرون رجلا يتلقّونه بالجزور والغنم
فرحاً به، فلّما رآهم ولّى راجعاً الى المدينة فأخبر النبي، صلّى اللّه
عليه وسلّم، أنّهم لقوه بالسلاح يحولون بينه وبين الصدقة. فهمّ رسول اللّه
صلّى اللّه عليه وسلّم ان يبعث اليهم من يغزوهم وبلغ ذلك القوم فقدم عليه
الركب الّذين لقوا الوليد فأخبروا النبّي الخبر على وجهه، فنزلت هذه الاية
: (يا آيّها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن
تصيبوا قوماً بجهالة) (الى اخر الاية)الحجرات / 6 ، فقرأ عليهم رسول
اللّه ، صلّى اللّه عليه وسلم، القرآن .


وقد مرّ بنا في خبره :


شربه للخمر وانّه صلّى الصبح اربعا وهو سكران وكيف جلبه عثمان من الكوفة
الى المدينة واقام الحدّ عليه .


وعن ابي مخنف قال : لمّا قدم الوليد الكوفة أَلفى ابن مسعود على بيت
الـمال فـاستقرضه مـالاً وقـد كانت الولاة تفعل ذلك ثمّ ترد ماتأخذ
فأقرضه عبد اللّه ما سأله ثمّ انّه اقتضاه ايّاه فكتب الوليد
في ذلك الى عثمان فكتب عثمان الى عبد اللّه ابن مسعود انّما انت خازن
لنا فلا تعرض للوليد فيما اخذ من المال فطرح ابن مسعود المفاتيح وقال كنت
اظنّ انّي خازن للمسلمين فأمّا اذ كنت خازنا لكم فلا حاجة في ذلك وقام
بالكوفة بعد القائه مفاتيح بيت المال (149) .


و عن عبد اللّه بن سنان قال : خرج علينا ابن مسعود ونحن في المسجد
وكان على بيت مال الكوفة وامير الكوفة الوليد بن عقبة بن ابي معيط ، فقال
ياأهل الكوفة فقدت من بيت مالكم الليلة مائة الف لم يأتني بها كتاب من امير
المؤمنين ولم يكتب لي بها براءة. قال فكتب الوليد بن عقبة الى عثمان في ذلك
فنزعه عن بيت المال (150)


9 - لسعيد بن العاص :


في طبقات بن سعد :


قبض رسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وسلّم . وسعيد بن العاص ابن
تسع سنين أونحوها وذلك أنّ أباه العاص بن سعيد بن العاص بن أميّة قتل يوم
بدر كافرا. وقال عمر بن الخطاب لسعيد بن العاص مالي أراك معرضا كأنّك ترى
أنّي قتلت أباك ؟ ما انا قتلته ولكنّه قتله عليّ بن ابي طالب(151) ولو
قتلته ما اعتذرت من قتل مشرك ولكنّي قتلت خالي بيدي العاص بن هشام بن
المغيرة بن عبد اللّه بن عمر ابن مخزوم. فقال سعيد بن العاص : ياأمير
المؤمنين لو قتلته كنت على حقّ وكان على باطل . فسرّ ذلك عمر منه.


قال : أخبرنا الوليد بن عطاء بن الاغرّ وأحمد بن محّمد بن الوليد الازرقيّ
قالا: حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد الامويّ عن جدّه أنّ سعيد بن العاص أتى
عمر يستزيده في داره الّتي بالبلاط وخطّط أعمامه مع رسول اللّه ،
صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال عمر : صلّ معي الغداة وغبّش ثمّ أذكرني
حاجتك . قال ففعلت حتّى اذا هو انصرف قلت : يا أمير المؤمنين حاجتي التّي
أمرتني أن أذكرها لك . قال فوثب معي ثمّ قال : أمض نحو دارك حتّى
انتهيت اليها فزادني وخطّ لي برجله فقلت : يا أمير المؤمنين زدني فانّه
نبتت لي نابتة من ولد وأهل . فقال : حسبك واختبى عندك أن سيلي الامر
بعدي من يصل رحمك ويقضي حاجتك. قال فمكثت خلافة عمر بن الخطّاب حتّى استخلف
عثمان وأخذها عن شورى ورضى فوصلني وأحسن وقضى حاجتي وأشركني في أمانته
قالوا: ولم يزل سعيد بن العاص في ناحية عثمان بن عفان للقرابة، فلمّا عزل
عثمان الوليد بن عقبة بن ابي معيط عن الكوفة دعا سعيد بن العاص واستعمله
عليها ، فلمّا قدم الكوفة قدمها شابّا مترفا ليست له سابقة فقال : لا أصعد
المنبر حتى يطّهر فأمر به فغسّل ثمّ صعد المنبر فخطب اهل
الكوفة وتكلّم بكلام قصّر بهم فيه ونسبهم الى الشقاق والخلاف فقال انّما
هذا السواد بستان لأغَيْلمِة من قريش. فشكوه الى عثمان فقال : كلّما رأى
أحدكم من أميره جفوة أرادنا ان نعزله وقدم سعيد بن العاص المدينة وافدا على
عثمان ثمّ انصرف سعيد الى الكوفة فاضرّ بأهلها اضراراً شديداً وعمل
عليها خمس سنين الاّ أشهراً وقال مرّة بالكوفة : من رأى الهلال منكم وذلك
في فطر رمضان فقال القوم مارأيناه فقال هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص: أنا
رايته فقال له سعيد بن العاص : بعينك هذه العوراء رايته من بين القوم؟ فقال
هاشم : تعيّرني بعيني وانمّا فقئت في سبيل اللّه وكانت عينه أصيبت يوم
اليرموك ثمّ أصبح هاشم في داره مفطرا وغدى الناس عنده فبلغ ذلك سعيد
بن العاص فارسل اليه فضربه وحرّق داره فخرجت امّ الحكم بنت عتبه بن
ابي وقّاص وكانت من المهاجرات ونافع ابن ابي وقّاص من الكوفة حتّى قدما
المدينة فذكرا لسعد بن ابي وقّاص ما صنع سعيد بهاشم فأتى سعد عثمان فذكر
ذلك له فقال عثمان : سعيد لكم بهاشم اضربوه بضربة ، ودار سعيد لكم بدار
هاشم فاحرقوها كما حرّق داره . فخرج عمر ابن سعد بن أبي وقّاص وهو يومئذ
غلام يسعى حتى أشعل النار في دار سعيد بالمدينة (152) .


وقـال ابو مخنف والواقدي في روايتهما : أنكر الناس على عثمان اعطاء سعيد
بن العاص مائة الف درهم فكلّمه عليّ والزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن ابن
عوف في ذلك فقال انّ له قرابة ورحما قالوا أفما كان لابي بكر وعمر قرابة
وذو رحم فقال انّ ابا بكر وعمر كانا يحتسبان في منع قرابتهما وانا احتسب في
اعطاء قرابتي (153) .


واعطى عثمان طلحة في خلافته مائتي الف دينار (154) .


وقد وصف الامام علي (ع) تناهب عصبة الخلافة الاموال على عهد عثمان في
خطبته المعروفه بالشقشقيّة وقال :


« إلَى أَنْ قَامَ ثَاِلثُ الْقَوْمِ ناَفجاً حضْنيِه
(155)بَيْنَ نَثِيلهِ وَمُعْتَلَفِه، وَقَامَ
مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضِمُونَ مَالَ اللّهِ خَضْمَةَ الاْبل نَبتَةَ
الرَّبِيعِ(156) إلَى أَنِ انْتكَثَ فَتْلُهُ،
وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ(157) وَكبَتْ بِهِ بِطنَتَهُ(158) »


سيرة عليّ وطلحة والزبير في امر عثمان


منع طلحة الماء عن عثمان :


روى البلاذري(159) وقال : وكان الزبير وطلحة قد استوليا على الأمر ومنع
طلحة عثمان أن يدخل عليه الماء العذب فأرسل عليّ إلى طلحة وهو في أرض له
على ميل من المدينة أن دع هذا الرجل فليشرب من مائه ومن بئره يعني من رومة
ولا تقتلوه من العطش فأبى . . . الحديث .


وقال الطبري (160) : (ولمّا اشتّد الحصار بعثمان ومنع عنه الماء أرسل
عثمان إلى عليّ يستسقيه ، فجاء فكلّم طلحة في أن يدخل عليه الروايا وغضب
غضباً شديداً حتّى دخلت الروايا على عثمان) . وقال البلاذري(161) : (فحاصر
الناس عثمان ومنعوه الماء فأشرف على الناس فقال : أفيكم عليّ؟ فقالوا :
لا ، فقال : أفيكم سعد؟ فقالوا : لا ، فسكت ، ثمّ قال : ألا أحد يبلّغ
عليّاً فيسقينا ، فبلغ ذلك عليّاً فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة فما كادت تصل
إليه وجرح بسببها عدّة من موالي بني هاشم وبني أُميّة ، حتّى وصلت إليه)
ومرّ مجمّع بن جارية الأنصاري(162)بطلحة ابن عبيدالله فقال : يا مجمّع ما
فعل صاحبك؟


قال: أظنّكم والله قاتليه!


فقال طلحة : فان قُتِل فلا ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل(163) .


وروى الطبريّ (164) عن عبدالله بن عيّاش ابن أبي ربيعة انّه قال : دخلت
على عثمان فتحدثت عنده ساعة . فقال : ياابن عيّاش : تعال . فأخذ بيدي
فاسمعني كلام من عَلى باب عثمان فسمعنا كلاماً ; منهم من يقول : ماتنتظرون
به؟ ومنهم من يقول : أنظروا عسى أن يراجع . فبينا أنا وهو واقفان إذ مرّ
طلحة بن عبيدالله فوقف فقال : اين ابن عديس(165) !.


فقيل : ها هو ذا .


قال : فجاءه ابن عديس فناجاه بشيء ، ثمَّ رجع ابن عديس فقال لأصحابه :
لاتتركوا أحداً يدخل على هذا الرجل ولا يخرج منه عنده . فقال عثمان :
اللّهمّ اكفني طلحة بن عبيدالله فإنَّه حمل عليَّ هؤلاء والّبهم . والله
اِنّي لارجو ان يكون منها صفراً وان يسفك دمه ، إنّه انتهك منّي مالا يحلّ
له . . . قال ابن عيّاش : فأردت ان اخرج فمنعوني حتّى مرّ بي محمّد بن أبي
بكر ، فقال : خلّوا سبيله فخلّوني . . .


محنة المسلمين وموقف عليّ منها :


وكان نتيجة شكوى أهل مصر ماذكره البلاذري(166) وقال :


(لمّا ولي عثمان كره ولايته نفر من أصحاب رسول الله (ص) لأنّ عثمان كان
يحبّ قومه ، فولي الناس اثنتي عشرة حجّة ، وكان كثيراً ما يولّي من بني
أُميّة من لـم يكن له مع النبيّ (ص) صحبةُ فكان يجيء من أمرائه ماينكره
أصحاب محمّد (ص) ، وكان يستعتب فيهم فلا يعزلهم ، فلمّا كان في الستّ
الاواخر استأثر ببني عمّه ، فولاّهم وولَّى عبدالله بن سعد بن أبي سرح
مصر ، فمكث عليها سنين ، فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلّمون منه . . . فكتب
إليه كتابا يتهدَّده فيه فأبى ان ينزع عمّا نهاه عنه وضرب بعض من شكاه إلى
عثمان حتّى قتله ).


ولمّا ضاق الأمر بالمسلمين كتب من كان من أصحاب النبيّ بالمدينة إلى
إخوانهم في الامصار يدعونهم إلى غزو عثمان فيما رواه الطبري وغيره(167)
واللّفظ للطبري قال :


لمّا رأى الناس ما صنع عثمان كتب من بالمدينة من أصحاب النبيّ (ص) إلى من
بالآفاق منهم وكانوا قد تفرّقوا في الثغور :


إنّكم إنّما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عزّ وجلّ تطلبون دين مـحمّد
فـانّ ديـن مـحمّد قـد أُفْسِدَ مـن خلفكم وترك فهلُمُّوا ، فأقيموا دين
محمّد (ص) .


وفي رواية ابن الأثير : فانّ دين محمّد قد أفسده خليفتكم ; وفي شرح ابن
أبي الحديد : فاخلعوه ; فأقبلوا من كلّ افق حتّى قتلوه .


وروى البلاذري(168) وقال :


لمّا كانت سنة 34 كتب بعض أصحاب رسول الله إلى بعض يتشاكون سيرة عثمـان
وتـغييره وتبديله وما الناس فيه من عمّاله ، ويكثرون عليه ، ويسأل بعضهم
بـعـضاً أن يقدموا المدينة إن كانوا يريدون الجهاد ، ولم يكن أحد من أصحاب
رسول الله (ص ) يدفع عن عثمان ولا ينكر ما يقال فيه إلاّ ، زيد بن ثابت ،
وأبو أسيد الساعدي ، وكعب بن مالك بن أبي كعب من بني سلمة من الأنصار ،
وحسّان بن ثابت(169) ; فاجتمع المهاجرون وغيرهم إلى عليّ فسألوه أن يكلّم
عثمان ويعظه فأتاه فقال له :


إنّ الناس ورائي قد كلّموني في أمرك ، ووالله ما أدري ما أقول لك ، ما
أعرّفك شيئا تجهله ، ولا أدلّك على أمر لاتعرفه ، وإنّك لتعلم ما نعلم ،
وما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه ، ولقد صحبت رسول الله (ص) وسمعت ورأيت مثل
ما سمعنا ورأينا ، وما ابن أبي قحافة وابن الخطّاب بأولى بالحقّ منك ;
ولآنت أقرب إلى رسول الله (ص) رحما ، ولقد نلت من صهره مالم ينالا ،
فاللّهَ اللّهَ في نفسك ; فانّك لاتبصَّر من عمى ; ولا تعلَّم من جهل .


فقال له عثمان : والله لو كنت مكاني ماعنّفتك ، ولا أسلمتك ، ولا عتبت
عليك إن وصلت رحماً وسددت خلّة وآويت ضائعا ، ووَلَّيتُ من كان عمر
يولّيه ; نشدتك الله : ألم يولّ عمر المغيرة بن شعبة وليس هناك . . . .


«قال : نعم .


قال : فلم تلومني إن وَلَّيتُ ابن عامر في رحمه وقرابته؟


قال عليٌّ : سأخبرك . انّ عمر بن الخطاب كان كلّما ولّى فانّما يطأ على
صماخه ، إن بلغه حرف جلبه ، ثمَّ بلغ به أقصى الغاية ، وأنت لا تفعل ضعفت
ورققت على أقربائك .


قال عثمان : هم أقرباؤك أيضا .


فقال عليٌّ : لعمري إنّ رحمهم منّي لقريبة ولكنّ الفضل في غيرهم»(170) .


قال : أولم يوُلّ عمر معاوية؟


فقال عليٌّ : إنّ معاوية كان أشدّ خوفا وطاعة لعمر من يرفأ(171) وهو الآن
يبتزّ الاُمور دونك ويقطعها بغير علمك ويقول للناس : هذا أمر عثمان ويبلغك
فلا تغيّر ، ثمّ خرج ، وخرج عثمان بعده ، فصعد المنبر فقال :


أمّا بعد ، فإنّ لكلّ شيء آفة ، ولكلّ أمر عاهة ، وإنّ آفة هذه الاُمّة ،
وعاهة هذه النعمة عيّابون طعّانون يرونكم ما تحبّون ، ويسرّون لكم ما
تكرهون ، مثل النعام يتّبعون أوّل ناعق ، أحبّ مواردهم إليهم البعيد ،
والله لقد نقمتم عليّ ما أقررتم لابن الخطّاب بمثله ، ولكنّه وطئكم برجله ،
وخبطكم بيده ، وقمعكم بلسانه ، فدنتم له على ما أحببتم وكرهتم ، وألنت لكم
كنفي ، وكففت عنكم لساني ويدي فأجترأتم عليَّ !! فأراد مروان الكلام فقاله
له عثمان : أسكت !


قتل الخليفة


وبلغ عليّاً أنّ القوم يريدون قتل عثمان . . . فقال للحسن والحسين اذهبا
بسيفيكما حتّى تقوما على باب عثمان فلا تدعا أحداً يصل اليه . . .


فخضب الحسن بالدماء على بابه وشجّ قنبر مولى عليّ فلمّا رأى ذلك محمّد ابن
أبي بكر خشي أن يغضب بنو هاشم لحال الحسن والحسين فيثيروها فتنة ، فأخذ بيد
رجلين فقال لهما ; إن جاءت بنو هاشم فرأت الدماء على وجه الحسن كشفوا الناس
عن عثمان وبطل ما تريدون ولكن مرّوا بنا حتّى نتسوّر عليه الدار فنقتله من
غير أن يُعلم فتسوّر محمّد وصاحباه من دار رجل من الأنصار حتّى دخلوا على
عثمان وما يعلم أحد ممّن كان معه لانّهم كانوا فوق البيوت ولم يكن معه إلاّ
امرأته ، فقال محمّد بن أبي بكر : أنا ابدأ كما بالدخول فإذا أنا ضبطته
فادخلا فتوجّآه حتّى تقتلاه ، فدخل محمّد فأخذ بلحيته ، فقال عثمان : لو
رآك أبوك لساءه مكانك منّي ، فتراخت يده ودخل الرجلان فتوجّآه حتّى
قتلاه(172) .


وفي رواية لابن أبي الحديد : أنّ طلحة كان يوم قتل عثمان مقنّعاً بثوب
استتر به عن أعين الناس يرمي الدار بالسهام .


وروى أيضاً : انّه لمّا امتنع على الّذين حصروه الدخول من باب الدار حملهم
طلحة إلى دار لبعض الأنصار فأصعدهم إلى سطحها وتسوّروا منها على عثمان داره
فقتلوه(173) .


وروى الطبري (174) : أنّهم دخلوا دار عمرو بن حزم ـ وكانت إلى جنب دار
عثمان ـ فناوشوهم شيئاً من مناوشة ; وقال : فوالله ما نسينا أن خرج سودان
بن حمران فأسمعه يقول : أين طلحة بن عبيدالله؟ قد قتلنا ابن عفّان .


وقال البلاذري(175) : انّ عليّاً لمّا بلغه الخبر جاء وقال لابنيه : كيف
قتل وأنتما على الباب؟! فلطم هذا وضرب صدر ذاك وخرج وهو غضبان يرى أنّ طلحة
أعان على ماكان ، فلقيه طلحة ، فقال : ما لك يا أبا الحسن فقال عليك لعنة
الله ، أيقتل رجل من أصحاب رسول الله . . . فقال طلحة : لو دفع مروان لم
يقتل . . . وخرج عليّ فأتى منزله . . .إنتهى .


* * *


دفـن الخليفـة :


إتّفقت الروايات على أنّ عثمان ترك ثلاثاً لم يدفن حتّى توسّط عليٌّ في
ذلك . روى الطبري : انّهم كلّموا عليّاً في دفنه وطلبوا إليه أن يأذن لأهله
ذلك ، ففعل وأذن لهم عليٌّ ، فلمّا سُمِعَ بذلك قعدوا له في الطريق
بالحجارة وخرج به ناس يسيرٌ من أهله وهم يريدون به حائطاً بالمدينة يقال له
حَشٌّ كوكب كانت اليهود تدفن فيه موتاهم ; فلمّا خرج به على الناس رجموا
سريره وهمّوا بطرحه ; فبلغ ذلك عليّاً ، فأرسل اليهم يعزم عليهم ليكفّن عنه
ففعلوا ، فانطلق به حتّى دفن في حشّ كوكب ; فلمّا ظهر معاوية بن أبي سفيان
على الناس أمر بهدم ذلك الحائط حتى افضى به إلى البقيع ; فأمر الناس ان
يدفنوا موتاهم حول قبره حتّى اتّصل ذلك بمقابر المسلمين .


وفي حديث آخر له قال : دفن عثمان (رض) بين المغرب والعتمة ولم يشهد جنازته
إلاّ مروان بن الحكم وثلاثة من مواليه وابنته الخامسة فناحت ابنته ورفعت
صوتها تندبه ، وأخذ الناس الحجارة وقالوا : نعثل ، نعثل ، وكادت ترجم . . .
الحديث(176) .


* * * * *



الهوامش

1 - تاريخ الطبري ط. اوربا، 1 / 2798 .

2 - ابن الاثير والنويري:«على» .

3 - الصمحمح من الرجال : الشديد المجتمع.

4 - يريد بالنفجة هنا الضجة، انظر الفائق 3 : 120.

5 - المشرفية : ضرب من السيوف منسوب الى مشارف ، قرى قرب حوران من بلاد
الشام .

6 - العتود: الجدي الذي استكرش ، وقيل : الحولي من أولاد المعز، وجمعه
عتدان .

7 - تاريخ الطبري 1 / 2928 - 2931 .

8 - المستنير راجع خمسون ومائة صحابي مختلق 1 / 151 ، وقيس راجع ج 1 / 172
منه.

9 - الـردّة والفتوح لسيف بن عمر ص 119 - 120 ،لم يرد الخبر في الطبري
ولكنه روى خيرا غيره وبالاسناد نفسه ، فمزج بينه وبين خبر ثالث عن سيف
ايضاً عن محمد وطلحة 1 / 2941 - 2944 ; ورواه ابن عساكر بكامله في تاريخ
دمشقوفي مصوّرة مخطوطة المكتبة الظاهرية بدمشق 11 / ق 1 / 154 ب - 115 أ ،
وتحقيق سـكـينة الشهابي قسم (عثمان بن عفان) 298 - 299 عن سيف. وروى الذهبي
أكثر الخبر في تـاريـخ الاسـلام (الـقاهرة 1367 هـ) نشر حسام الدين القدسي
2 / 122 - 123 ; وورد في التمهيد 79 - 80 .

10 - هو الغافقي ابن حرب العكيّ، احد رؤوس الفتنة .

11 - سقط من الاصل والتكملة من تاريخ دمشق والتمهيد .

12 - هنا تتوقف رواية الذهبي للخبر.

13 - الرّدة والفتوح لسيف بن عمر تحقيق قاسم السامرائي. الرياض ط دار امية
سنة 1418 هـ 119 - 121، وابن عساكر ج 9 / ق 2 / 166 ب، ومختصر تاريخ دمشق
لابن منظور ط. الاولى دار الفكر سنة 1411 هـ، ج 12 / 219 - 221 .

14 - راجع دراسة الرواية الاولى من الاسطورة السبئية ص 41 - 42 من هذا
الكتاب .

15 - راجع ص 245 من هذا الكتاب .

16 - تاريخ الطبري 1 / 2818 - 2819 .

17 - الطبري ط. اوربا 1 / 2941 - 2962 .

18 - ذا خشب واد على مسيرة ليلة من المدينة - معجم البلدان .

19 - يعصب بي ، أي يناط .

20 - تاريخ الطبري ط اوربا، 1 / 2945 - 2946.

21 - تاريخ الطبري ط. اوربا 1 / 2946 - 2948 .

22 - ورد هذا النص في الردة والفتوح على شكل رواية مستقلة ص 154 .

23 - تاريخ الطبري ط. اوربا 1 / 2949 - 2954. وابن عساكر 11 / ق 1 / 156 أ
- 158 ب .

24 - «عمر» .

25 - الفلج : الظفر والفوز.

26 - في لسان العرب : «الفوف: ضرب من برود اليمن وفي حديث عثمان : خرج
وعليه حلّة أفواف، الأفواف : جمع فوف ، وهو القطن ; وواحده الفوف فوفة،
يقال : برد أفواف وحلّة أفواف بالإضافه».

27 - ابن الاثير: « حكيم».

28 - ابغني : اي احضر لي .

29 - تـاريـخ الطبري ط.اوربا 1 / 2954 - 2961 .وابن عساكر 11 / ق 1 / 159
- 160 ب .

30 - تاريخ الطبري ط.اوربا، 1 / 2961 .

31 - تاريخ الطبري ط.اوربا، 1 / 2962.

32 - تاريخ الطبري ،ط.اوربا 1 / 2941 .

33 - في ابن عساكر 9 / ق 2 / 66 ب واستهزوه، وحذفها كل من الطبري، 1 /
2943، وابن منظور في مختصر تاريخ مدينة دمشق 12 / 220، والمالقي في التمهيد
والبيان ص 89 واثبتها السامرائي في كتاب الردة والفتوح لسيف بن عمر ،ص 141
.الهامش : واستهروه، وفي تاج العروس مادة سهر ،الساهور القمر انكسف غاب .

34 - انتفل من الامر: تبرأ منه .

35 - الطبري ط اوربا 1 / 2942 - 2944 ،ط القاهرة، دار المعارف 4 / 340 -
341 ، وابن عساكر مصوّرة المخطوطة ،في مكتبة كلّية اصول الدين بطهران
9 / ق 2 / 165 ب - 166 ب .

ومختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور الجزء الثاني عشر تحقيق روحيّة النحّاس،
مراجعة محمّد مطيع الحافظ ص 219 - 220 .وابن ابي بكر في التمهيد
والبيان ط بيروت دار الثقافة الطبعة الاولى سنة 1384 هـ. ص 89 - 90 .وما
ذكرناه بعد ذلك نقلناه من كتاب الردّة والفتوح لسيف بن عمر ص 141 - 142 .

36 - الردة والفتوح ص 143 ،الخبر بتمامه لم يرد عند الطبري; وورد في تاريخ
دمشق ترجمة ( عثمان بن عفان) مخطوطة مكتبة كلية اصول الدين تهران عن
سيف، 11 / ق 1 / 155 ب .وفي التمهيد 90 - 91 عن سيف أيضاً .

37 - فري: واسعة أو كغني : مشقوقة ، وفي تاريخ دمشق: فراء وفي التمهيد:
فرو.

38 - الظمئ: هو الشيء اليسير، مابين الوردين للحيوان وهو حبس الابل عن
الماء الى غاية الورد . انظر النهاية 3 / 162،وفي طبعة القاهرة سنة 1311 هـ
تصحيح عبد العزيز اسماعيل الطهطاوي الانصاري 3 / 57 .

39 - كتاب الردة والفتوح لسيف بن عمر ص 143 - 144 .

40 - راجع صفحة 185 من هذا الكتاب .

41 - انظر ص 41 - 42 .

42 - راجع خمسون ومائة صحابي مختلق ، 2 / 162 .

43 -راجع ص 245 من هذا الكتاب

44 - راجع ص 245 من هذا الكتاب .

45 - راجع ص 41 - 42 من هذا الكتاب .

46 - راجع ص 185 من هذا الكتاب .

47 - راجع ص 53 - 54 من هذاالكتاب .

48 - عبد الله بن سبأ 1 / 94 - 95 .

(49) أنساب الاشراف 5 / 59 .

(50) الطبري 4 / 405 - 406 ، وط . اوربا 1 / 3038 ـ 3039 .

(51) الطبري 5 / 113 ، وط . أوربا 1 / 2979 ـ 2990 .

52 - في الاصل فجلس تحريف .

(53) كذا وردت الكلمة في الطبري 5 / 113 ، أمّا في القرآن الكريم
فقد جاءت : فرَّقوا .

(54) أنساب الاشراف 5 / 26 ـ 69 و 95 ، والطبري 5 / 119 ـ 120 ،
وط . أوربا 1 / 2984 ـ 2997 ، والرياض النضرة 2 / 123 ـ 125 ، وراجع
المعارف لابن قتيبة 84 ، والعقد الفريد 2 / 263 ، وابن الأثير 3 / 65 ـ
66 ، وابن أبي الحديد 1 / 165 ـ 166 ، وابن كثير 7 / 173 ـ 189 ، وتاريخ
الخميس 2 / 259 .

(55) ايلة بآخر الحجاز وأوّل الشام .

(56) الطبري 5 / 120 ـ 121 ، وط . أوربا 1 / 2995 ـ 2997 .

(57) أنساب الاشراف 5 / 67 ـ 68 .

58 - الطبري ط اوربا 1 / 2966 - 2980، و .ط. تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم
4 / 256 - 265 وانظر انساب الاشراف: مع عمرو 5 / 74 و 60 - 64 منه .

59 - لشناعته .

60 العيرْ : الحمار ; مثل يضرب للرجل يخاف الأمر فيجزع قبل وقوعه فيه،
مجمع الأمثال 2/ 95.

(61) الطبري 5 / 114 و 115 ، وط . اوربا 1 / 2983 .

(62) أنساب الاشراف ، 5 / 51 .

(63) الطبري 5 / 111 ـ 112 ، وط . اوربا 1 / 2986 ـ 2987 ،
والبلاذري 5 / 64 ـ 65 ، وابن الأثير 3 / 68 ، وشرح النهج 1 / 163 ـ 164 ،
وابن كثير 7 / 172 ، وابن أعثم في ذكره ما نقم على عثمان وابن خلدون 2 /
396 ـ 397 .

(64) السقيا من أسافل أودية تهامة وذي خشب على مسيرة ليلة من
المدينة معجم البلدان .

(65) جلح على الشيء أقدم إقداماً شديداً .وجلح في الأمر : صمم وركب
رأسه . مبلجة واضحة بينة .

66 - الطبري 5 / 109 و.ط اوربا 1 / 2968 .

67 - تاريخ الطبري ط .اوربا ،1 / 2969 .

68 - تاريخ الطبري ط .اوربا ،1 / 2969 - 2970 .

69 - تاريخ الطبري، ط. اوربا، 1 / 2970 - 2971 .

(70) أنساب الاشراف 5 / 63 ـ 64 .

(71) يغلب على الظن أن أُمّ المؤمنين عائشة أخت محمد ، وطلحة ابن عمها
وغيرهما من بني تيم لم يكونوا بعيدين عن هذه الاشارة .

72 - النهابير : المهالك .

73 - في الاصل خلف والصواب مااثبتناه، المستقصى في امثال العرب للزمخشري
(ت538 هـ) باب : الباء مع اللام .

74 - السيقة : مايساق من الدواب .

75 - في نسخة الطبري (خائبا)والصواب ما اتيناه

راجع تعليق ديخويه في الهامش (p )من ص: 1 / 2978 .

76 - تاريخ الطبري .ط .اوربا 1 / 2980 - 2004 ذكر الخبر عن قتل عثمان الى
آخره .

77 - في تعليق ديخويه في هامش (g) من ص 2984 في بعض النصوص: قودا.

78 - هكذا جاء في تاريخ الطبري ولعلّه ( ان يتخذهم ) .

79 - اعتبهم : أعطاهم العتبى وأرضاهم ، وترك ما كانوا يغضبون من أجله .

80 - لايزال النصّ للطبري في تاريخه .

81 - الكتبة ، بالضم : الثقبة وخيطها في الجلد .

82 - أشعره ، أي شهره بالقول ، فصار له كالطعنة في البدن .

83 - الهائعة : الصوت المفزع .

84 - هو مرثد بن عبد اللّه اليزني .

85 - رفرف الدرع : زرديشد بالبيضة ويطرحه الرجل على ظهره .

86 - دفف على الجريح ، مثل ذفف : أجهز عليه .

87 - تاريخ الطبري ط اوربا 1 / 2944 - 3004 .

(88) أنساب الاشراف 5 / 205 .

(89) تاريخ اليعقوبي ، 2 / 175 .

(90) كتاب الفتوح / ص 115 .

(91) ينبغي أن تكون هذه المحاورة قبل عثور أخيها محمد على كتاب
عثمان في طريق مصر يأمر فيه بقتلهم ، فإنّها بعد ذلك كانت تفتي بقتله غير
مبالية بصلاته .

(92) الآية العاشرة من سورة التحريم وكان عثمان يعرض بها الى ما أطبق عليه
المفسرون من أنّ منشأ قصة التحريم ماقامت به أمّ المؤمنين عائشة وامّ
المؤمنين حفصة في بيت الرسول (ص) فنزلت في شأنهما سورة التحريم .

(93) الطبري 4 / 477 ، ط . القاهرة سنة 1357 ، وط . أوربا / 3112 ،
وابن أعثم ص 155 ، وابن الأثير 3 / 87 ، وابن أبي الحديد 2 / 77 ، ونهاية
ابن الأثير 4 / 156 ، وشرح النهج 4 / 458 .

(94) راجع لغة نعثل في النهاية لابن الأثير والقاموس وتاج العروس
ولسان العرب .

(95) أنساب الاشراف 5 / 105 .

(96) صفين ، لنصر بن مزاحم ص 436 .

(97) صفّين لنصر بن مزاحم 256 و 257 و 454 ، وشرح ابن أبي الحديد 1
/ 482 وثمَّ بجل أي ثمَّ حسب . وقد قحل أي قد يبس .

(98) قـال ابن الأثير في النهاية وفي حديث عثمان (رض) : أمّا بعد فقد بلغ
السيل الزبى معنى المثل .

(99) أبن أبي الحديد 2 / 77 .

100 - الطبري ط اوربا 1 / 2980 .

(101) الجامعة : سلسلة أو قيد من حديد .

(102) أنساب الاشراف 5 / 47 .

(103) الـطبري 5 / 114 ، وط . أوربا 1 / 2981 ـ 2982 ، والبلاذري 5 / 47 ،
وراجع ابن الأثير 3 / 70 ، وابن أبي الحديد 1 / 165 ، وابن كثير 7 / 157 .

وهذه تراجم بعض المذكورين في الحديث ممن لم يسبق ذكرنا ترجمتهم :

أ ـ جبلة بن عمرو الأنصاري اختلفوا في نسبه وقالوا فيه : . . . كان فاضلاً
من فقهاء الصحابة شهد صفين مع علي وسكن مصر . ترجمته في أُسد الغابة 1 /
269 .

ب ـ عبد الله بن عامر بن كريز هو ابن خال عثمان فقد كانت أُمّ عثمان أروى
بنت كريز ، وقصة توليته البصرة ; أنّ شبل بن خالد دخل على عثمان (رض) حين
لم يكن عنده غير أموي فقال : ما لكم معشر قريش أما فيكم صغير تريدون أن
ينبل أو فقير تريدون غناه أو خامل تريدون التنويه باسمه؟

علامَ أقطعتم هذا الاشعري العراق ـ يعني أبا موسى الاشعري ـ يأكلها خضماً؟
فقال عثمان : ومن لها فأشاروا بعبد الله بن عامر وهو ابن ست عشرة سنة
فولاّه حينئذ .

اللفظ لعبد البرّ في ترجمته لشبل بن خالد في الاستيعاب الترجمة رقم
(2613) .

(104) الطبري 5 / 114 ، وط . أوربا 1 / 2982 ، والبلاذري 5 / 47 ـ
48 ، والرياض النضرة 2 / 123 ، وابن الاثير 3 / 70 ، وابن أبي الحديد 1 /
165 ، وابن كثير 7 / 175 ، والاصابة 1 / 253 ، والخميس 2 / 260 .

(105) جهجاه الغفاري اختلفوا في نسبه . شهد بيعة الرضوان الى بني
المصطلق تناول العصا التي كان يخطب عليها عثمان فكسرها على ركبته فدخلت
منها شظية في ركبته وبقي الجرح فيها حتّى مات بعد قتل عثمان بسنة .

ترجمته في أسد الغابة .

(106) أنساب الاشراف 5 / 103 .

(107) أنساب الاشراف 5 / 81 .

(108) عبد الرحمن بن عتاب بن اسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد
شمس . قتل يوم الجمل تحت راية عائشة وقطعت يده فاختطفها نسر وفيها خاتمه
فطرحها ذلك اليوم باليمامة ، فعرفت يده بخاتمه . (187 ـ 193 جمهرة نسب
قريش) .

(109) هذه الزيادة في تاريخ اليعقوبي 2 / 124 .

(110) هذه الزيادة في تاريخ اليعقوبي 2 / 124 .

(111) أخـرج هذه الرواية كل من البلاذري في الانساب 5 / 75 ، وابن أعثم ص
155 من تاريخه وابن سعد في الطبقات ط . ليدن 5 / 25 بترجمة مروان ، وذكر في
من أتى عائشة زيد بن ثابت . والغرارة : الجوالق .

(112) عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشي ، كنّي
بأبيه العباس وهو أكبر ولده ، وأمّه لبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن
الهلالية ولد والنبيّ بالشعب ; قبل الهجرة بثلاث . شهد مع عليّ الجمل وصفين
والنهروان ثمَّ ولاّه البصرة ، وترك البصرة في آخرخلافة عليّ وذهب الى
مكّة ، ولمّا وقعت الفتنة بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك ألّحّ ابن
الزبير عليه وعلى محمّد بن الحنفية ان يبايعا . فأبيا فجمع الحطب على دورهم
حتّى بلغ رؤوس الجدر ليحرقهم فجاءتهم أربعة آلاف فارس من الكوفة . وانقذتهم
وخاف ابن الزبير فتعلّق باستار الكعبة وقال : أنا عائذ بالبيت فمنعهم عنه
ابن عباسّ . وتوفيّ بالطائف سنة ثمان وستين أوسبعين وهو ابن سبعين أو احدى
وسبعين سنة .

الاستيعاب 372 ـ 374 ، الترجمة رقم 1591 ، وأسد الغابة 3 / 192 ـ 195 ،
والإصابة 2 / 22 ـ 26 .

(113) الصُلصُل : من نواحي المدينة على مسيرة أميال منها : الحموي .

(114) أزعيلا : الازعيل : الذلق ، وفي القاموس النشيط .

(115) وفي الانساب 5 / 75 .

(116) الطبري 5 / 140 ، وط . أوربا 1 / 3040 ، وابن أعثم ص 156 ،
واللفظ للطبري والبلاذري .

(117) أنساب الاشراف 5 / 78 ، وقد أورد محاورة عثمان وعليّ كلّ من
الطبريّ 5 / 154 ، وابن الأثير 3 / 64 ، والكنز 6 / 389 الحديث 5965 ، وقد
تخيّرنا لفظ ابن الأثير لانّه أتمّ وأخصر ، وراجع الكامل للمبرّد ص 11 ط .
ليدن وزهر الآداب 1 / 75 ط الرحمانية وابن أعثم 156 ـ 157 .

(118) أسامة مولى رسول الله وابن مولاه زيد بن حارثة وابن مولاته
وحاضنته أمّ أيمن وكان يسمى حبّ رسول الله (ص) ، أمّره رسول الله في مرض
موته على جيش كان قد انتدبهم لغزو الشام واستوعب في الجيش المهاجرين
الاولين . توفّي سنة 54 ، أو 58 ، أو 59 . ترجمته في الاستيعاب م 12 وأسد
الغابة 1 / 65 ـ 66 والإصابة .

(119) رجّاس ، الرجس : الصوت الشديد . سحاب ورعد رجّاس : شديد
الصوت .

(120) وفي رواية الطبري ط . أوربا 1 / 3071 ، منه انّ عليّاً قال
لطلحة : أنشدك الله الاّ رددت الناس عن عثمان ، قال : لا والله حتّى تعطي
بنو أميّة الحق من أنفسها .

(121) الطبري 5 / 117 ، وط . أوربا 1 / 2989 .

(122) أنساب الاشراف 5 / 81 .

123 - الاستيعاب 476 .

124 - طبقات ابن سعد 2 / ق 1 / 40 .

125 - الصواعق المحرقة ص 68 ، السيرة الحلبية 2 / 87 .

126 - طبقات ابن سعد ط .ليدن، 3 / ق 1 / 53 .

127 - مروج الذهب 1 / 433 وط بيروت دار الاندلس سنة 1385 هـ، 2 /
332 .

128 - شرح النهج لابن ابي الحديد 1 / 76 .

129 - أنساب الاشراف 5 / 27

130 - مختصر تاريخ دمشق 24 / 191 والخلاق الخطّ والنصيب من
الخير.

131 - العقد الفريد 4 / 283 .

132 - شـرح النـهـج لابـن ابـي الـحـديد 1 / 67 ، وتحقيق محمد ابو الفضل
ابراهيم 1 / 1990

(133) الاستيعاب 2 / 367 ـ 370 والإصابة 2 / 309 ـ 310 و 1 / 11 ـ 12
وأُسد الغابة 3 / 173 ـ 174 ، وأنساب الاشراف 5 / 49 والمستدرك 3 / 100
والمفسِّرون كالقرطبي وغيره في تفسيرهم الآية 93 من سورة الأنعام ، وابن
ابي الحديد في شرح نهج البلاغة، 1 / 68 .

134 - مختصر تاريخ دمشق 24 / 179 .

135 - نفس المصدر السابق 24 / 194 .

136 - نفس المصدر السابق 24 / 172 .

137 - نفس المصدر السابق 24 / 182 .

138 - نفس المصدر السابق 24 / 188، 189 .

139 - نفس المصدر السابق 24 / 184 .

140 - ابن ابي الحديد 1 / 67 .

141 - العقد الفريد 4 / 283.

142 - السيرة المكية 2 / 87.

143 - مختصر تاريخ دمشق 24 / 189.

144 - العقد الفريد 4 / 283 .

145 - انساب الاشراف للبلاذري 5 / 52، 28 .

146 - العقد الفريد 4 / 283 .

147 - انساب الاشراف 5 / 58 .

148 - تاريخ اليعقوبي 2 / 168 .

149 - انساب الاشراف 5 / 30 - 31 .

150 - العقد الفريد 4 / 306 - 307 .

151 - اليس في قول عمر تحريش على عليّ !؟

152 - طبقات ابن سعد ط اوربا 5 / 20 - 22 وط بيروت 5 / 31 - 32 .

153 - انساب الاشراف 5 / 28.

154 - انساب الاشراف للبلاذري 5 / 7 .

155 - يشير الى عثمان وكان ثالثاً بعد ابى بكر وعمر. ونافجاحضنيه:
رافعالهما،والحضن: مابين الابط والكشح. يقال للمتكبر: جاءنا، فجاحضنيه.
ويقال مثله لمن امتلأ بطنه طعاما والنثيل: الروث. والمعتلف: من مادة علف
موضع العلف وهو معروف، أى: لاهّم له إلاماذكر

156 - الخضم، على مافي القاموس: الأكل مطلقا، أو بأقصى الاضراس ، أو مل
الفم بالمأكول ، أو خاصّ بالشئ الرطب. والقضم: الأكل بأطراف الأسنان من
الخضم. والنبتة - بكسر النون - كالنبات في معناه

157 - انتكث فتله : انتفض. وأجهز عليه عمله : تمم قتله، تقول: أجهزت على
الجريح، وذففت عليه .

158 - البطنة - بكسر - البطر والأشر والكظة (أى: التخمة والاسراف في
الشبع)، وكبت به: من كبا الجواد إذا سقط لوجهه

(159) أنساب الاشراف 5 / 90 .

(160) الطبري 5 / 113 .

(161) أنساب الاشراف 5 / 68 ـ 69 .

(162) مـجمع بـن جـارية بـن عـامر الأنصاري الاوسي وكان أبوه ممّن
اتخذ مسجد الضرار وكان هو غـلاماً حدثاً قد جمع القرآن على عهد رسول الله
(ص) إلاّ سورة أو سورتين . ترجمته في أسد الغابة 5 / 303 ـ 304 .

(163) أنساب الاشراف 5 / 74 .

(164) الطبري 5 / 122 ، وط . اوربا 1 / 3000 ، وابن الأثير 3 / 73 .

(165) هو عبد الرحمن بن عديس البلوي .

وكان ممّن بايع النبيّ تحت الشجرة وشهد فتح مصر واختط بها . وكان ممّن سار
الى عثمان من مصر . وسجنه معاوية بعد بفلسطين وقتل سنة 36 هجري بعد أن هرب
من السجن . الإصابة ، حرف العين ، القسم الاول 4 / 171 .

(166) أنساب الاشراف 5 / 25 ـ 26 .

(167) الـطـبري 5 / 114 ـ 115 ،وط .أوربا 1 / 2983 ، وابن الأثير 5/ 70
وابن أبـي الـحـديد 1 / 165 .

وإنّما ذكرنا كتب أصحاب النبيّ الى أهل الامصار وموافاتهم بالموسم خلال
بحثنا عن تأثير المحمدين في مصر وتحريضهما اياهم على عثمان لصلة الحوادث
بعد هذا بعضها ببعض .

(168) أنسـاب الاشـراف 5 / 60 وراجـع الـطبري 5 / 96 ـ 97 وابن الأثير 3 /
63 وابن ابي الحديد 1 / 303 وابن كثير 7 / 168 وابي الفداء 1 / 168 .

(169) أ ـ زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري الخزرجي ثمَّ النّجاري ، أمّه
النوار بنت مالك . وكان يكتب لرسول الله ، ثمَّ كتب لابي بكر وعمر ،
واستخلفه عمر وعثمان على المدينة في سفرهما الى الحجّ ، وكان على بيت المال
لعثمان ودخل عثمان يوما على زيد فسمع مولاه وهيباً يغنّي ففرض له عثمان
ألفاً وكان زيد عثمانياً اختلفوا في وفاته من سنة 42 الى سنة 55 وصلى عليه
مروان بن الحكم . (أسد الغابة) وجاء في الاستيعاب بترجمته أن عثمان دخل
عليهم بيت المال فأبصر وهيباً يغنيّهم في بيت المال فقال : من هذا؟ فقال
زيد : هذا مملوك لي ، فقال عثمان : أراه يعين المسلمين وله حق وإنّا نفرض
له . ففرض لهُ ألفين ، فقال زيد : والله لا نفرض لعبد ألفين ، ففرض له ألف
(الاستيعاب / 1 / 189) .

ب ـ أبو أسيد الساعدي مالك بن ربيعة بن البدن الأنصاري الخزرجي شهد بدراً
وما بعدها عُمِيَ قبل أن يقتل عثمان . اختلفوا في وفاته .

ج ـ كعب بن مالك الخزرجي وامّه ليلى بنت زيد من بني سلمة شهد المشاهد مع
رسول الله خلا بدر وتبوك .

راجع تراجمهم في الاستيعاب وأسد الغابة والاجابة ، أمّا حسان فستأتي
ترجمته إن شاء الله تعالى .

(170) مـابيـن الـقـوسين من النص منقول من الطبري ط . المطبعة الحسينية
المصرية ، 5 / 97 .

(171) يرفأ : اسم غلام عمر .

(172) أنسـاب الاشـراف 5 / 69 ، وذكـر فعـل محمد بن أبي بكر هذا
بألفاظ أخرى ، وط . أوربا 1 / 3021 ، كـل مـن الطبري في 5 /
، و ابن الأ ثير في تـاريخ الكامل 3 / 68 ـ 70 .

(173) ابن أبي الحديد 2 / 404 .

(174) الطبري ج 5 / 122 .

(175) أنساب الاشراف 5 / 69 ـ 70 .

(176) الطبري 5 / 143 ـ 144 ، وط . أوربا 1 / 3046 ، وابن الأثير 3
/ 76 ، وابن أعثم 159 ، وراجع الرياض النضرة 2 / 131 ـ 132 .

/ 223