<a name=aaa11> </a> 11 ـ دور الامام المنتظر - تأملات فی دعاء الأفتتاح نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تأملات فی دعاء الأفتتاح - نسخه متنی

سید محمد تقی مدرسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فكيف كانت سيرة علي ـ الحاكم؟

لنلق الضوء على نقطة واحدة من هذه السيرة ثم نقارنها بوضوح حكام المسلمين اليوم:

كان الامام علي خليفة رسول الله، وحاكماً على كل الامة الإسلامية، وفي ذات الوقت كان قائداً للقوات المسلحة، وكان يعيش حالة حرب مع معاوية الذي كان قد تمرد على الامام الشرعي، في هذه الظروف التي كانت الاخطار فيه تحدق بالامام، وكان خطر الاغتيال قائماً، باعتبار ان هناك متمردين في صفوف جيشه ولم تكن حادثة اغتيال الامام علي اول حادثة اغتيال في الاسلام، ولا اول حادثة اغتيال الحاكم، بالرغم من كل ذلك، فان الامام علياً يخرج من بيته وحده إلى المسجد لاداء صلاة الفجر، واول ما يفعله في المسجد هو الاذان، فمن هو ويؤذن أذان الصبح ويوقظ المسلمين للصلاة.

أما في الليل فيخرج الامام إلى اطراف الكوفة يفتش عن المكروبين والمستضعفين واصحاب المآسي، لكي يحل لهم مشاكلهم، واما حياته الشخصية، فانه يذهب إلى السوق ويشتري ما يحتاج اليه، ويحمل متاعه بنفسه إلى بيته، وحينما يعترضه احد المؤمنين ويحاول ان يحمل عنه المتاع، يرد عليه الامام بانه هو الذي يحمل اثقاله يوم القيامة ولا احد غيره.

هذه هي سمات الحاكم الاسلامي يجسدها الامام علي (ع) ويتحول بذلك إلى (حجة) علينا، اذ انه لا يخاف في الله لومة لائم.

يذكر التاريخ ان شخصاً من القيادات العسكرية في جيش الامام اُدين بشرب الخمر، فجاء به إلى مسجد الكوفة، ثم اقام عليه الحد (ثمانين جلدة) وبعد ان تمت العملية، قام الرجل ونظر إلى الامام وقال يا امير المؤمنين، صحبتك ذل ولكن مفارقتك كفر. فاجابه الامام: هذا هو العز.

اذن فالامام علي هو مثال حي للحاكم الاسلامي. ونحن نحتاج إلى مثالٍ يقتدى به السجين المسلم، فنجده في الامام موسى بن جعفر عليه الصلاة والسلام، فالكثير منا قد يتعرض لسجون الطغاة. وقد يتأفف في البداية على دخوله السجن، اذ انه سيخسر عمره، ولا يكون قادراً على الانتاج والعطاء، إلا انه حينما يقتدي بالامام موسى بن جعفر الذي قضى ردحاً طويلاً في سجون الطغاة، يجد ان الامام يشكر الله على انه وفر له فرصة لعبادته وهكذا يستغل فترات السجن في عبادة الله وصقل شخصيته الايمانية عبر هذا الطريق.

ونحن نحتاج إلى من يقدم دمه في سبيل الله، فنقتدي في ذلك بالامام الحسين عليه الصلاة والسلام. ونحتاج إلى فقيه يربي العلماء والمفكرين ويوجه الامة إلى تفاصيل الشريعة الإسلامية، فنقتدي بالامام الباقر والامام الصادق عليهما السلام، ونحتاج إلى من يمثل دور الشخصية الثانية في الدولة الاسلامية، فنقتدي بالامام علي بن موسى الرضا عليه الصلاة والسلام، وهكذا نجد اننا نحتاج في ظروف حياتنا المختلفة إلى ائمة نقتدي بسيرتهم وهداهم. ولان الظروف مختلفة، والاشخاص مختلفون، فاننا نحتاج إلى ائمة لمختلف الظروف، ولا شك ان الائمة ليسوا لنا فقط، بل هم لكل الاجيال القادمة، فالاسلام سوف ينتشر ويعم الارض كلها، وسوف تواجه الامة قضايا جديدة ودقيقة، وسوف تطرح على الساحة مشاكل حضارية وعميقة، حينئذٍ يتجلى بعض دور الائمة عليهم الصلاة والسلام.

اذن فالائمة هم حجج الله على العباد، أي انهم قدوات يجب ان تهتدي الامة بهداهم، وان تقتفي مسيرتهم حسب اختلاف الظروف والازمنة.

وهنا يجب ان نشير إلى ان العنصر النسوي الذي يشكل نصف المجتمع البشري، وهو بحاجة إلى حجة يقتدي بسيرتها في مختلف الظروف، فبالرغم من ان المرأة تقتدي بسيرة الائمة عليهم الصلاة والسلام، في الظروف والقضايا المشتركة بين الرجال والنساء، إلا انها تحتاج إلى قدوة نسائية للظروف والقضايا الخاصة بالمرأة، لذلك فقد جعل الله تعالى للامة الاسلامية حجة نسائية متمثلة في شخصية فاطمة الزهراء (عليها افضل الصلاة والسلام).

من هنا يتضح دور (الحجة) في حياة الامة، والسر في تعدد (حجج الله على عباده) وهم الرسول الاعظم، وابنته الزهراء، والائمة الاثنا عشر (عليهم افضل الصلاة والسلام)، لذلك نجد ان هذه الفقرة من الدعاء تأتي بعد الصلاة على النبي، لتذكر المسلمين بالحجج والقدوات عبر الصلاة عليهم.

«.. وَصَلِّ عَلى الصِدِّيِقةِ الطاهِرَة، فاطمةَ الزهراء، سَيدِةِ نساءِ العالمين. وَصَلِّ على سِبْطَي الرحمة، وامامَي الهُدى:اَلْحَسَنِ وَاْلحُسَيْنِ، سَيِّدَي شبابِ اَهلِ اْلجَنَّةِ. وَصَلِّ على اَئِمةِ المسلمين: عَلِّيِ بْنِ اَلحُسَيْنَ، ومُحَّمدِ بْنِ عَلِّيِ، وَجَعْفرِ بْنِ مُحَمَّدِ، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَلِّيِ بْنِ مُوسى، وَمُحمَّدِ بْنِ عَلِّي، وَعَلِّي بْنِ مُحَمِّدٍ، وَاْلحَسَنِ بْنِ عَلِّيٍ، وَالخَلَف اْلهادي اْلمهْدِيَ، حُجَجِكَ على عِبادِك، وأمنائِك في بِلادك.. صلاة كثيرةٌ دائمةً..»

11 ـ دور الامام المنتظر

«اَللَّهْمَّ وَصَلِّ عَلى وَليّ امرِكَ القائِم المُؤَمَل، والعَدلِ المُمنتظَر، وحُفّهُ بملائكَتِك المُقَربين، واَيّدهُ بِرُوح القدُسِ يا ربَ اْلعالمينَ.

اَللَّهْمَّ اجْعَلْهُ الداعِيَ إلى كتابِك، والقائَمِ بديِنِك، اِسْتَخْلفهُ في الارض كما استَخْلَفْتَ الذينَ مِن قَبله، مَكِّن له دينه الذي ارتضْيتَه له، اَبْدِلهً من بَعدِ خوفه اَمناً، يَعْبُدُكَ لا يُشْرِكُ بكَ شيئاً.

اللهم اَعِزَّه واَعْزِز به، وانصُرْهُ وانتَصِر به، واْنُصرهُ نَصْراً عَزِيزاً، واَفْتَح له فتحاً يسيراً، واجعل له من لَدُنْكَ سُلطاناً نصيراً، اللهم اظهر به دينكَ وَسُنةَ نَبِيك، حتى لا يَسْتَخفِيَ بِشَيء من الحقِ، مَخافَةَ اَحَدٍ منَ الخَلْق.

اللهمُ اِنا نَرْغَبُ اليكَ في دولةٍ كريمةٍ تُعِزُّ بها الاسلامَ واَهلَه، وتُذِلً بِها النِفاقَ واَهله، وتَجْعَلُنا فيها من الدُعاةِ إلى طاعَتِك، والقادَةِ إلى سَبيِلِك، وترزُقُنا بها كرامةَ الدنيا والاخرة.

اللهم ما عَرَفتنا من الحق فَحَّملناه، وما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلّغْنَاهُ..»

ما هو دور الامام الحجة؟

ان يكون للانسان قائد الهي يرتبط به قلبياً ونفسياً وعقلياً وخطياً، ان ذلك ليعتبر وسيلة لتكامل الانسان كفرد أو كمجتمع، وتوجهه المستمر نحو النموذج السماوي المرسوم والمعين له، وهذا بعض من فلسفة ايماننا نحن بالامام المهدي (صلوات الله عليه) الذي نؤمن به اماماً شاهداً علينا وقريباً منا، ومطلعاً ورقيباً على اعمالنا، ويتجلى هذا الايمان في ليلة القدر حيث تتنزل الملائكة والروح بمقادير العباد.

بسم الله الرحمن الرحيم

* أنا أنزلناه في ليلة القدر* وما أدراك ما ليلةُ القدرِ* ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألف شهر* تنزلُ الملائكةُ والروح فيها بأذنِ ربهم من كل أمر* سلامٌ هي حتى مطلع الفجر*

(1 ـ 5/ القدر)

في هذه الليلة المباركة تنزل الملائكة بتقديرات حكيمة:

*فيها يفرق كل امر حكيم*

(4/الدخان)

ان كل التطورات التي يجب ان تحدث خلال العام الواحد تُقدر من قبل الله تعالى في ليلة القدر، ان صحة الانسان ومرضه وفقره وغناه، وكرامته بين الناس أو ذلته، وكذلك تقدم الامة وتخلفها، حضارتها أو جاهليتها.. كل هذه المقادير ترسم وتحدد في ليلة القدر:

*فيها يُفْرَقُ كلُّ اَمرٍ حكيم. أمراً مِن عندنا*

(4 ـ 5/الدخان)

ولكن السؤال هو: على مَن تتنزل الملائكة بمقادير الحياة والعباد؟

في الجواب نقول: ان من تكريم الله لبني آدم هو ان جعل من انفسهم حججاً لله على الخلق تتنزل عليهم الملائمة، ففي كل عصور التاريخ ومنذ آدم حتى هذا اليوم فان الملائكة تنزل في ليلة القدر على (بشر)، ففي عهد ادم كانت تنزل على آدم، ثم بعده على شيث، وبعده على ادريس، وبعده على ابراهيم، وموسى، وعيسى، والنبي محمد عليه الصلاة والسلام، ثم بعد الرسول على اوصيائه الائمة المعصومين الواحد بعد الاخر، اما الان فانها تتنزل على الامام المهدي المنتظر، لانه حجة الله على عباده، والدعاء حينما يصلي على الامام الحجة، انما لكي يعمق العلاقة بين المؤمنين وبين حجة الله:

«اللهم وصلِّ على ولي امرِك القائم«10» المؤمل، والعدلِ المُنتظر، وحُفَّة بملائكتِك المُقرَبين، واَيِدهُ بِرُوح القُدُسِ يا رب العالمين»

وروح القدس هنا قد يعني تلك الروح التي تتنزل في ليلة القدر، وهو الذي ايد الله به عباده المؤمنين، والانبياء والاوصياء وهو الذي قال عنه ربنا سبحانه وتعالى:

*يسألونك عن الروح قل الروح من امر ربي*

(85/الاسراء)

يقول الدعاء: «ولي امرك القائم المؤمل..»، فالامام الحجة يقوم بالامر.. (فيها يفرق كل امر حكيم* امراً من عندنا)، ولكن ماذا يعني (الامر) هنا؟

ان لله تعالى قضاء وقدراً وله امراً وسنةً، وسنن الله تعالى هي القوانين التي وضعها للكون، ثابتة لا تتغير، ولكن امر الله فوق قوانين الكون، والامام الحجة هو مكلف من قبل الله وباذن الله وبتفويض من الله، وبقدرة الله وباسم الله، ان يكون له الامر.[11]

الاهداف الحقيقية للانسان:

لكل انسان في هذه الدنيا اهداف يبذل من اجل تحقيقها مساعيه الجادة، وهدف الانسان ـ سواء كان شريفاً ام وضيعاً، سليماً ام سقيماً ـ هو الذي يحدد مسار حياته ومساعيه التي يبذلها، فمن كان هدفه الوصول إلى نقطة معينة، فان كل حركته وكل جهده سوف ينصب باتجاه تلك النقطة.

اما اذا كان هدفه هو الوصول إلى نقطة تقابل تلك النقطة في الاتجاه، فان الحركات والتوجهات والجهود هي الاخرى سوف تتوجه إلى تلك النقطة، وليس سواءاً: التحرك شمالاً أو جنوباً، شرقاً أو غرباً، كذلك هدف الانسان هو الذي يحدد مسار حياته. ولكن مشكلة الانسان انه لا يعرف بالضبط ما هو الهدف السليم الذي ينبغي السعي اليه، أو بتعبير افضل، ان مشكلة الانسان، إنه ليس هو الذي يحدد هدفه في الحياة! إنما الاخرون هم الذين يملون عليها اهدافاً ليست من اهدافه الحقيقية، وانه بعد فترة ليست بالقصيرة يكتشف زيف تلك الاهداف، وان كل مساعيه وحركاته انما كانت باتجاه نقطة خاطئة، وبذلك فهو لم يخدم نفسه انما خدم الاخرين أو خدم الشيطان:

«قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالاً* الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً»

(130 ـ 104/الكهف)

ان الذين ينقادون لابواق الاعلام الغربية أو الشرقية، ويتبعون ما تقوله اجهزة الدعاية الحكومية لهم، سوف يكتشفون ان هذه الاجهزة لم تكن امينة معهم، اذ جعلتهم في وضع استهدفوا غايات لم تكن في مصلحتهم، مثلاً ان الكثير من الذين غرّر بهم صدام وساقهم إلى جبهات القتال، ضد الاسلام يكتشفون بعد الموت أو قبله، بان العملية كانت خدعة كبرى تعرضوا لها! وانهم تحركوا وبذلوا جهودهم ودماءهم ولكن ليس في سبيل خيرهم وما ينفعهم، وانما في سبيل اهواء حاكم طاغية.

اذن، فالمشكلة الأولى للانسان هي ان اهدافه لا تكون ـ في الغالب ـ اهدافاً حقيقية، اما المشكلة الأخرى فهي ان اهداف الانسان قد لا تكون منسجمة مع فطرته، وطاقاته.

فالكثير منا يلخص كل حياته في قوالب ضيقة، واهداف محدودة جداً، لانه لا يعرف نفسه ولا يعرف حجم ما اودعه الله فيه من طاقات. لقد خلقه الله لكي يصبح سيد الطبيعة وسيد الكون وملكاً في الجنة تخدمه الملائكة! ولكن النظرة الضيقة إلى الذات، تجعل الإنسان ينتخب لنفسه هدفاً ضيقاً يسعى بكل ما يملك من مساعي في سبيل الوصول اليه، وهذا هو الآخر يخسر نفسه. ومن الناس من تكون اهدافه وتطلعاته عالية، إلا انها تكون شخصية، فكل هدفه ـ مثلاً ـ ان يُصبح ثرياً! ويمتلك الاموال والعقارات، أو يكسب شهرة واسعة، أو ان يصبح سلطاناً، ثم ماذا؟ماذا بالنسبة للآخرين؟ لا شيء! وحينما يكون هدف الانسان شخصياً فان هذا الهدف سوف يتعارض ويصطدم باهداف الآخرينّ وبالتالي يؤدي إلى نشوب صراع اجتماعي يكون البقاء فيه للاقوى.

والادعية المأثورة تحاول ـ من خلال معانيها الحميدة ـ تصحيح هدف الانسان ومسيرته في الحياة، وذلك عبر ترسيخ القناعات التالية في الإنسان:

أولاً: إن عليك ان تحدد لنفسك هدفك.

ثانياً: أن تكون انت الذي ترسم هذا الهدف لنفسك وليس الاخرون هم الذين يملونه عليك.

ثالثاً: إن هذا الهدف يجب أن يكون هدفاً عالياً وليس دانياً.

رابعاً: أن يكون هدفاً مشتركاً بينك وبين الاخرين ولا يكون هدفاً ذاتياً، فبدل ان ترهق نفسك لكي تصبح سلطاناً، الافضل ان تعمل انت والمجموعة التي تعرفها، انت والمجتمع الذي تعيش فيه، تعملون معاً من اجل سلطان عادل، فحينما يكون هناك سلطان عادل، فان خيره سوف يكون عميماً، وبدل ان تسعى من اجل اكتساب الثروة التي قد تأتي عن طريق تخلف الامة وانتشار الفقر، وترسيخ تبعية الامة للاجنبي، بدل ذلك اسعوا جميعاً في بناء حضارة ينعم الجميع بخيراتها، اعملوا من اجل ان تكون بلادكم بلاداً متقدمة صناعية لكي يستفيد الكل منها، وبدل ان تعمل من اجل ان تعيش انت وحدك في حياة مرفهة، حاول ان تنشر الاخلاق الفاضلة في المجتمع، فاذا انتشرت الاخلاق الفاضلة فان الجميع سوف يعيشون حالة جيدة، في اطمئنان وسكينة.

اذن، فان من اهداف الدعاء هو تصحيح مسار الإنسان واهدافه العظمى، وحينما يرسم الانسان لنفسه تلك الاهداف العظمى فانه ينسجم مع الاخرين، اولاً، ثم انه يبذل قصارى جهده من اجل تحقيق تلك الاهداف.

فحينما يكون هدف الانسان هدفاً ذاتياً، كأن يصبح ثرياً، فانه سوف يتكاسل ويتقاعس عن العمل لانه لا يشعر بشخصيته الحقيقية.

أما حينما يكون الهدف اقامة حكم الله في الارض، فان الانسان يبذل كل جهوده من اجل تحقيق الهدف، ومهما طال المسير فانه يزداد عزماً واصراراً، لذلك فانه يفجر كل طاقاته، فيكون بذلك الإنسان المتكامل، الانسان اللامنتهي، الانسان اللامحدود، لانه يعرف بانه حتى لو بلغ الثمانين من العمر فان امامه أهدافاً لا بد ان يحققها، فيكون نشيطاً على الدوام، حتى لو كان شيخاً كبيراً، اذ انه يملك طاقة نفسية هائلة، لذلك نرى رجلاً كسليمان بن صرد الخزاعي (رضوان الله عليه) يقود معركة فدائية وقد جاوز عمره التسعين سنة دون ان يرهقه الشيب! والسبب لانه يمتلك شعلة الهدف العالي في ضميره، فتدفعه نحو تفجير طاقاته، وفي نهاية دعاء الافتتاح، نقرأ ما يرسم لنا اهدافنا الحقيقية في الحياة وتطلعاتنا، ويتمحور الدعاء حول مولانا وامامنا الحجة بن الحسن المهدي عجل الله تعالى فرجه وجعلنا من انصاره واعوانه:

«اللهم اجعله الداعي إلى كتابك والقائمَ بدينك، اِستَخْلِفهُ في الارض كما اسْتَخْلَفت الذين من قبله، مكن لَه دينه الذي ارتضَيْتَه له، اَبْدِلهُ مِن بَعدِ خوفِه اَمناً، يَعْبُدُك لا يُشرِك بكَ شيئاً»

وهنا يجب ان نشير إلى عدة ملاحظات:

أولاً: اذا دعوت انت وانا وكل المؤمنين فان الله سبحانه وتعالى قد يجيب دعواتنا، فنحن لنا اثر بقدر معين في مسيرة هذا الكون وفي مستقبله.

فباستطاعة الواحد منا ان يعمل من اجل قرب فرج الامام الحجة (ع)، وذلك عبر الدعاء بروح الامل، وليس بروح اليأس والقنوط.

ثانياً: الدعاء يتضمن في نفس الوقت نوعاً من التطلع، أي ان على الانسان ان يجعل في برامج حياته: العمل المستمر من اجل الوصول إلى هذا الهدف، من اجل تهيئة الوسائل وتمهيد الطرق لظهور الامام الحجة بن الحسن العسكري عجل الله تعالى فرجه. فالدعاء في الحقيقة هو تعبير عن برنامج تطلعات المؤمن واهدافه.

ثالثاً: حينما يدعو الانسان لامامه المنتظر، فانه بذلك يؤدي جزءاً من حقه عليه.

كما يؤدي ذلك إلى ترسيخ علاقة الاقتداء والتبعية بالامام.

«اللهم اجعله الداعي إلى كتابك والقائمَ بدينك، اِستَخْلِفهُ في الارض كما اسْتَخْلَفت الذين من قبله، مكن لَه دينه الذي ارتضَيْتَه له»

هذا الدين هو دين الإسلام ولكنه الإسلام الكامل، الإسلام غير المشوه وغير المزيف، والذي يعمل الامام الحجة على نشره في ارجاء الارض، وتمكينه من قلوب البشرية.

«اَبْدِلهُ مِن بَعدِ خوفِه اَمناً، يَعْبُدُك لا يُشرِك بكَ شيئاً»

فالامام الحجة هو في حالة خوف ووجل على مصير هذا الدين.

وهو يترقب لمئات السنين لحظة الظهور التي يأذن بها الله تعالى، فهو يعيش حالة التشرد والهجرة الدائمة بانتظار اللحظة الموعودة، وكذلك الإنسان المؤمن يجب ان يتحمل الصعاب والمشاكل ريثما يحقق اهدافه وتطلعاته.

«اللهم اعزه واعزز به، وانصره وانتصر به، وانصره نصراً عزيزاً، وافتح له فتحاً يسيراً، واجعل له من لدنك سلطاناً نصيراً»

اننا نقرأ في القرآن:

*وقلْ ربي اَدخلني مُدَخَل صِدْق، واَخْرجني مخْرجَ صِدْق، واَجْعَل لي مِن لَدُنك سلطاناً نصيراً*

(80/الأسراء)

فنحن نطلب من الله ان يجعل لنا سلطاناً ويجعل لنا قوة، ولكن ليس قوة ذاتية، وإنما قوة الهية، بعيدة عن الشهوات والاهواء وتراكمات السلبيات في المجتمع، وهكذا نطلب من الله في هذا الدعاء ان يجعل للامام الحجة سلطاناً نصيراً.

«اللهم اظهر به دينك، وسنة نبيك، حتى لا يستخفي بشيء من الحق، مخافة احد من الخلق»

اننا نتجرع الالام حينما نرى ان سنن رسول الله قد محيت، وان معالم الرسالة قد درست، وان احكام الله تخالَفُ جهراً في كل البلاد الاسلامية، وفي كثير من الاوقات نضطر إلى السكوت تقية، إلا اننا هنا نسأل الله سبحانه وتعالى ان يُظهر الامام الحجة حتى لا تكون هناك تقية، حتى يكون الإسلام هو السائد.

ثم يبدأ الدعاء برسم خريطة الاهداف الحقيقية للانسان في الحياة، فالهدف ليس هو امتلاك العقار، والزوجة والاولاد، والتمتع بهذه الامور، انما الهدف الاساسي هو ان يكون للانسان دور فعال وبناء في تصحيح مسيرة الحياة:

«اللهم إنّا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام واهله، وتذل بها النفاق واهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدنيا والاخرة»

اذن، فالهدف الاول هو: اقامة حكومة اسلامية حقيقية، ليس حكومة اسلامية منافقة تطبق اسلاماً مزيفاً ينسجم مع مشتهيات الغرب أو الشرق.

والهدف الثاني: هو ان يكون للانسان في هذه الحكومة الدور الطليعي، فلا ننتظر ان يأتي غيرنا لبناء الدولة الاسلامية. انما نحن الذين نبني، نحن الدين نقوم بهذا الدور الطبيعي: (وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك)، يكون لنا دور طليعي قولاً وعملاً، فالدعوة إلى طاعة الله، هو الدور الطليعي قولاً، اما القيادة إلى سبيله، فيعني الدور الطليعي عملياً وميدانياً.

(وترزقنا بها كرامة الدنيا والاخرة)، هذا هو هدف الدولة الاسلامية، والكرامة تعني الاستقلال والخير والفضيلة، فالهدف الاسمى للدولة الاسلامية ليس الوصول إلى تقدم مادي حتى ولو كان هذا التقدم على حساب الاستقلال، أو على حساب الفضيلة، أو على حساب الاحسان إلى الناس. ولنضرب مثلاً بالامريكيين الذين تقدموا حضارياً، ولكن على حساب الشعوب، على حساب الفضيلة، و«اسرائيل» ايضاً متقدمة حضارياً، ولكن على حساب استقلالها؛ باعتبارها دويلة ذيلية مرتبطة بالغرب، بلغاريا ايضاً متقدمة ولكن على حساب استقلالها لانها تابعة للشرق، اما الدولة الاسلامية فانها تنشد التقدم ولكن إلى جانب الاستقلال، تريد الاستقلال والى جانبه الفضيلة.

«اللهم ما عرفتنا من الحق فحملناه، وما قصرنا عنه فبلغناه»

ولكن كيف نصل إلى الهدف المقدس؟

عبر وسيلتين:

الوسيلة الاولى: (ما عرفتنا من الحق فحملناه)، نتحمل مسؤولية مقدار ما نعرفه من الحقائق، فاذا كنت اعرف ان الجهاد واجب، فعليّ ان اتحمل مسؤوليته.

الوسيلة الثانية: (وما قصرنا عنه فبلغناه)، فاذا كنت اشعر بنقص في معلوماتي وثقافتي الدينية، كان عليّ ان اسعى لكي اسد هذا النقص، فبمقدار ما يعرف الانسان من دينه عليه ان يطبق، والمقدار الذي لا يعرفه، عليه ان يبحث عنه حتى يعرفه.

12 ـ اسس الدولة الاسلامية

«اَللَّهُمَّ اَلُمُمْ بِهِ شَعثنا، واَشعَبْ به صَدْعَنا، واَرْتُق به فَتْقَنا، وكَثِّر به قِلِّتَنا، واَعزِزْ به ذِلَتَنا، واَغنِ به عائلَنا، واقْضِ به عن مُغَرَمِنا، واَجْبُر به فَقْرَنا، وَسُدَ به خَلَتَنا، وَيَسِّر به عُسْرِنا، وَبِّيض به وُجُوهنا، وفُكَ به اَسْرَنا، واَنجِح به طَلِبَتَنا، واَنجِز به مَواعِيدَنا، واسْتَجب به دَعْوَتَنا، واَعْطِنا به سْؤلَنا، وَبَلغْنا به من الدنيا والآخرة آمالنا، واَعْطِنا به فوقَ رَغْبَتِنا، يا خيرَ المسؤولين، واَوْسَعَ المُعْطِين، اِشْفِ به صُدُورَنا، واَذْهِب به غَيْضَ قلوبنا، وَاْهدِنا به لما اْختُلِفَ فيه من الحقِ باذنِك اِنكَ تَهْدِي من تشاء إلى صراط مستقيم، وَاْنصُرنا بهِ على عَدُوِكَ وَعَدُوْنا اله الحقِ آمين، اَللَّهُمَّ إنّا نَشكُو اليكَ فَقْدَ نبينا، صلواتُكَ عليهِ وآلهِ، وغيَبَةَ وَلينا، وكَثْرَة عَدُوِّنا، وِقلّةَ عَدَدِنا، وشِدّة الفتن بنا، وتَظاهُرَ الزمانِ علينا، فَصَلِّ على محمد وآله، وِاَعِنا على ذلك بِفَتْح منك تُعَجِّلُه، وبِضُرٍّ تَكشِفُه، وَنَصْرٍ تُعزِّه، وَسُلطانِ حقٍ تُظهِرُه، ورحمةٍ مِنكَ تُجلِلُناها، وعافيةٍ منكَ تُلْبِسُناها برحمتك يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ»

الدولة الإسلامية الحقة هي التي تقوم على اسس الهية، وابرز هذه الاسس هو تمحور الدولة حول قيادة ربانية، ولذلك فهي تعطي للمجتمع الانساني النتائج التي ذكرت في نهاية دعاء الافتتاح، وهذه النتائج هي في ذات الوقت تطلعات ينبغي على كل مؤمن ان يسعى من اجل تحقيقها بكل ما يملك من امكانات.

إن الادعية المأثورة تنعكس في ضمير الانسان الذي يدعو بها في صورة تطلعات وبرامج عملية يندفع لتحقيقها في الواقع الخارجي، فحينما ترفع يدك ـ في شهر رمضان ـ ضارعاً إلى الله، وتقول: (اللهم اَدْخِل على اَهلِ القُبورِ السُرور، اللهم اَغنِ كُلَ فاسدٍ من اُمورِ المسلمين، اللهم غيِّر سوء حالِنا بِحُسن حالك..) حينما تدعو الله سبحانه وتعالى بهذه الدعوات، فان ذلك لا يعني فقط انك تحرك لسانك بهذه العبارات، أو تتمنى تحقيق هذه الامور، وانما يعني ايضاً ان تجعل هذا برنامج حياتك، فتسعى من اجل ان تُدخِلَ السرور إلى قبور الموتى وذلك بمزيد الطاعة التي نبعث بثوابها اليهم، وبمزيد من الانسجام والتعاون فيما اذا كان الشهيد أو الراحل رجلاً يتطلع إلى الانسجام كما لو كان قائداً واماماً.

وحينما تقول: (اللهم اَشْبع كلّ جائع) فانك تسعى من اجل سد جوعة الناس الجائعين، وكذلك حينما تقول: (اللهم اَصلح كلَ فاسدٍ من امور المسلمين) فانك يجب ان تسعى باصلاح بين الناس بصورة منتظمة، اذن فان الادعية كما هي من العبد المسكين، من المخلوق الضعيف إلى الخالق القوي لكي يستجيب له ويحقق ذلك بصورة غيبية، فهو ايضاً برنامج عملي يجب ان يطبقه الانسان ويسعى من اجل تحقيقه.

ثم من جهة أخرى قد تعيش بعض المجتمعات البشرية في اوحال التخلف والظلم والاستضعاف إلى درجة تفقد معها حتى مجرد الطموح والامل، ومجرد الامنية والحلم في ان تصل إلى مستوى متقدم من العيش والحياة.

مثلاً: المجتمعات التي تعيش في بعض بلاد آسيا النائية، أو في بعض مناطق افريقيا، أو مناطق اميركا اللاتينية، هذه المجتمعات المستضعفة لا تفكر في ان تمتلك في يوم من الايام قنبلة نووية أو ان تحصل استقلالاً كاملاً في مواجهة الشرق والغرب، فمن اجل اعادة الانسان إلى انسانيته، وتذكيره بانك ايها الانسان تستطيع ان تبني حياة رفيعة، وان تغيرها، لا بد ان تتحدى الظروف التي جعلتك تعيش هذه الحياة سواءاً كشخص تصارع الطبيعة، أو كمجتمع تصارع سائر المجتمعات من اجل الحصول على حياة حرة.. من اجل تذكير الانسان بهذه الحقيقة نحن بحاجة إلى الادعية التي تقول لنا: اذا اصبحت حياتك صعبة، وظروفكم معقدة، واوضاعكم شاذة واذا ادبرت الدنيا عنكم، فلا يعني ذلك انكم فعلاً اصبحتم لا تستحقون التقدم، ولا تستحقون الكرامة، ولا يعني ان ترضوا بهذه الحالة، وبالعكس، عليكم دائماً ان تسألوا الله ان افضل من هذا الواقع ممكنة، وتسعون من اجل الوصول اليها، وهكذا لا تنطفيء فيكم جذوة الامل، ولا تموت في انفسكم روح التقدم، ونحن نقرأ الفقرة الأخيرة من دعاء الافتتاح ضمن هذا الاطار ونقول: (اللهم المم به شَعَثَنا) والشَعث يعني: التناثر والتشرذم والتشتت الذي يمزق المجتمع بعضه عن البعض الآخر، اللهم المم به هذا التشرذم والتشتت حتى تصبح امتنا وحدة واحدة.

(واشعب به صدعنا) فحصون بلادنا مهدمة، فيها ثغرات يتسلل منها العدو، ولا تسد هذه الثغرات إلا بالتضرع إلى الله سبحانه وتعالى بالسؤال (واشعب به صدعنا) هذا الصدع في جدار بلادنا وامتنا لا نستطيع ان نسده إلا بعون الله ونصره، وبنظرة واحدة إلى العالم الإسلامي نهتدي إلى عمق التشتت الموجود في كل مكان، فكل جماعة تتمزق إلى قوميات واقليميات ووطنيات مزيفة، حتى ان كل قرية تعيش بنفسها دون ارتباط جذري ببقية اجزاء الامة. هذا هو التشتت، اما الصدع فهو اقوى من التشتت، أي انه اظهر للعين، «فاسرائيل» صدع، وروسيا في افغانستان صدع، وماركوس في الفلبين صدع.

(وارتق به فتقنا) الفتق هو أقل من الصدع إلا انه بدوره شيء يُرى، ونستطيع ان نعتبر وجود الانظمة العميلة في البلاد الاسلامية نوعاً من الفتق الذي يجب ان تتحرك الامة لرتقه بعون الله تعالى.

(وكثِّر به قلتنا) نحن قد نكون كثيرين مشتتين فنحتاج إلى الوحدة، وقد نكون قليلين نحتاج إلى زيادة عددية، ان القلة ـ بحد ذاتها ـ لا تُعتبر نقطة سلبية لو كانت مجتمعة القلوب ومتآلفة النفوس، إلا ان هذه القلة المتآلفة يجب ان تزداد وتتضاعف حتى تشمل كل فئات الامة الإسلامية، لذلك فاننا ندعو الله بقولنا: (وكثر به قلتنا).

(وأعزز به ذلتنا) إنّ مشكلة الانسان الذليل هي انه شيئاً فشيئاً يشعر وكأنه خُلِق ذليلاً فلا يقاوم الظلم، والعدوان، والاذلال، ان الاستكبار العالمي يسعى اليوم في شتى بقاع الارض لاذلال المسلمين واستعبادهم، لذلك فانه يستخدم المواد الكيمياوية لابادة المسلمين على جبهة الحرب العدوانية العراقية ضد الاسلام، كما يستخدم الروس ابشع الاساليب لتقتيل عشرات الالوف من المسلمين في افغانستان، و«اسرائيل» تهتك حرمات المسلمين في جنوب لبنان، والنظام العراقي يمارس اشنع الوسائل لتحطيم معنويات الشعب المسلم في العراق، اليست كل هذه الممارسات العدوانية بحق المسلمين هي اساليب جهنمية لاذلال المسلمين؟ واذا لم نقاوم كل هذه الممارسات، واذا لم نتحول إلى امة مجاهدة لكسب العزة والكرامة، فان الذلة ستنغرس في نفوسنا: (واعزز به ذلتنا).

(واَغنِ به عائِلنا) تُعتبر البلاد الاسلامية من بين البلاد الاكثر تخلفاً في العالم، وقد قرأت مرة تقريراً كان يصف (بنغلادش) بانها من اكثر البلاد تخلفاً في العالم، ومن الذي يعيش في هذا البلد غير الملايين من المسلمين؟ وهكذا الامر بالنسبة لكثير من البلاد الاسلامية وبالذات الافريقية منها والتي تعيش شعوبها حياة المسكنة والتخلف المريع. اننا يجب ان نعرف ان الله لم يخلقنا حتى نعيش بهذا الشكل من الفقر والتخلف، وان هناك اساليب ووسائل يجب ان نبحث عنها ونتبعها حتى نقضي على حياة المسكنة والتخلف: (واَغن به عائلنا، واقضِ به عن مغرمنا، واجبر به فقرنا) هناك فرق بين المسكنة التي يعبر عنها هذا الدعاء بكلمة (عائلنا) وبين الفقر، والمسكنة تعني ان لا يملك الانسان حتى قوت يومه، بينما الفقر يعني ان حياة الفرد غير متوازنة مع حياة سائر الناس، فالفقير قد يملك بيتاً واثاثاً جيداً، إلا انه يُعتبر فقيراً لانه لا يمتلك سيارة اذا كان يعيش في مجتمع كل افراده يمتلكون السيارات الخاصة، ان بلادنا بشكل عام تُعتبر من البلاد الفقيرة. وحينما يريدون تضليلنا يطلقون علينا اسم «البلاد النامية» بينما في الحقيقة بلادنا لا تنمو كما يجب، فمعدلات النمو في بلادنا اقل من المعدل الذي ينبغي ان يكون عليه. ان نمو السكان هو اكبر من نمو الاقتصاد، اذن فان بلادنا ليست نامية، والدليل هو وجود الفجوة الواسعة بين الجنوب والشمال، ويجب ان نعترف باننا فقراء حتى نسعى للقضاء على الفقر: (واجبر به فقرنا. وسُدّ به خَلّتنا) أي مواضع الفقر (ويَسِّر به عسرنا) يجب على الانسان ايضاً ان يسعى وبعون الله إلى تيسير ما تعسّر من حياته، وهذا الدعاء يدفع الانسان لكي يرفض الاستسلام إلى واقعه الصعب وحياته العسيرة بل عليه ان يسعى للتغيير نحو الافضل: (وبيض به وجوهنا).

(وفُكَ به اَسرنا، واَنجِح به طلبتنا) حقق تطلعاتنا عبر وليك الغائب الذي تبعثه لانقاذنا (وانجز به مواعيدنا) لقد وعدنا الله بان ينصرنا على الاعداء، ونحن بحاجة إلى القيادة التي نلتف حولها لينقذنا الله بها، وينجز وعده بنصرنا (واستجب به دعوتنا واعطنا به سؤلنا وبلغنا به في الدنيا والآخرة آمالنا) ان كل آمالنا ستتحقق، ولا يجوز ان ييأس الانسان ويقنط من ذلك، وانما تحقق الامال يحتاج إلى الوسيط وهو الحجة الغائب ومن ينوب عنه.

(واَعطنا به فوق رغبتنا) اننا نطلب من الله سبحانه وتعالى ان لا يقتصر فقط على الاستجابة لطلباتنا، ذلك لان عقل الانسان محدود، وطلباته ايضا تكون محدودة، فندعو الله الذي يعرف عمق حاجاتنا ان يعطينا اكثر مما نطلب وفوق رغبتنا: (واعطنا به فوق رغبتنا، يا خير المسؤولين) من افضل من الله، يسأله الانسان حاجاته؟ اذ يستطيع الانسان ان يسأله أي شيء، وفي أي وقت شاء، فلا تحجبه عن عباده المؤمنين حواجب، وبابه مفتوح للداخلين، والتقرب اليه والسؤال منه لا يحتاج إلى شفيع ولا دليل ولا تصنع، وهو فوق كل ذلك يعطي السائل اضعاف ما يطلب. فهو: (خير المسؤولين، واوسع المعطين، واشفِ به صدورنا) هذه هي قمة الطلبات، اذ قد تكون هنالك دولة اسلامية ومجتمع مسلم، دولة تحكمها قوانين اسلامية، ومجتمع يخضع في علاقاته الظاهرية لقيم الاسلام، وقد تكون هناك حالة من الحركة والغنى والتقدم والرفاه والعزة، ولكن يظل القلب مريضاً، فلا يستفيد الانسان من كل تلك النعم، لان القلب لا يتمتع بالعافية، والصفاء، والاطمئنان، تماماً كالانسان الحسود الذي وان امتلك كل ما في الدنيا من نعم، إلا انه لا يرتاح له بال لانه يحسد الآخرين على ما يمتلكون من نعم الله.

اذن، فاننا نحتاج إلى شيء اعظم من كل النعم، إلا وهو: شفاء الصدور والقلوب.

(وأذهب به غيظ قلوبنا) وشفاء الصدور لا يعني فقط ان يجعلك الله صابراً وقانعاً وراضياً ولا يعني فقط ان يصبح قلبك صافياً من الحسد والحقد. بل وايضاً ان يخلو قلبك من كل غيض، فاذا كنت تحمل في قلبك عقدة سقوط الاستكبار، واعداء الدين والانسان مثلاً: فانك تطلب من الله ان يذهب هذا الغيظ من قلبك وذلك باسقاط اعداء الانسانية ودحر الحكومات الشيطانية والقوى المستكبرة في العالم.

(واهدنا به لما اختلف فيه من الحق باذنك) من فوائد الحكومة الاسلامية والقيادة الرسالية انها تحسم الخلافات القائمة على اساس الهداية إلى الحق والصواب: (وآهدنا به لما اختلف فيه من الحق باذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم وآنصرنا به على عدوك وعدونا إله الحق آمين) بالتالي مهما تكون هناك دولة اسلامية وحكومة اسلامية فانه تبقى هناك مجموعات من الاعداء، نأمل في الانتصار عليها، ونطلب من الله ان يعيننا في ذلك.

وفي نهاية دعاء الافتتاح نشكو إلى الله من المستكبرين: اصحاب القوة، واصحاب السلطان الذين يظلمون ويقهرون المستضعفين الذين يعيشون حياة التخلف والتمزق، فنقول: (اللهم إنّا نشكو اليك فقد نبينا صلواتك عليه وآله، وغيبة ولينا، وكثرة عدونا، وقلة عددنا، وشدة الفتن بنا) نشكو إلى الله من الفتن الكثيرة التي تهجم على الامة من كل صوب، أليست «اسرائيل» والانظمة الطاغوتية ومن ورائهما قوى الاستكبار العالمي هي فتن هذه الامة؟

(وتظاهر الزمان علينا) فروسيا تغزو امتنا من جهة، واميركا تتامر من جهة اخرى، وفرنسا من جهة ثالثة وبريطانيا من جهة رابعة، وهكذا تتحالف كل قوى الشر ضدنا.

«وتظاهر الزمان علينا فصلٍّ على محمد وآله واعنَنا على ذلك بفتح منك تعجله، وبضر تكشفه، ونصر تعزه، وسلطان حق تظهره، ورحمة منك تجللناها، وعافية منك تلبسناها، برحمتك يا ارحم الراحمين].

13 ـ الايمان بالآخرة

«اللهم بِرَحَمتِك في الصالحين فَاَدْخِلنا، وفي عِليين فَارْفَعنا، وبِكَأس مِن مَعِين من عَيْنٍ سَلْسَبيل فَاسْقِنا، ومِنَ الحُوِر العِيْن بِرَحمِتك فَزَوِّجنا، ومِنَ الوِلدانِ المُخَلَّدِين كَأنهم لؤلؤ مَكنَون فَأخْدِمنا، ومِن ثِمارِالجَنَّةِ، وَلُحوم الطَيْرِ فَاَطْعِمْنا، ومِن ثِيابِ السُنْدُسِ وَالحَرِير والأسْتَّبْرَقِ فَاَلبِسْنا، وَليلةَ القَدْرِ،، وَحَجَّ بَيْتِكَ الحرام، وَقَتْلاً في سَبيِلكَ فَوَفِق لنا، وصالِحَ الدُعاءِ وَالمَسْألةِ فَاسْتَجِبْ لنا، واذا جَمَعْتَ الأوَلين والآخِرين يَوْمَ القِيامَةِ فارحمنا، وَبَراءةً من النار فَاكْتُبْ لَنا، وفي جَهَنَّمَ فَلا تَغُلنَّا، وفي عذابِكَ وَهَوانِك فلا تَبْتًلِنا، ومِنَ الزَّقُوم وَالضَرِيع فلا تُطْعِمُنا، وَمَعَ الشياطِين فَلا تَجْعَلنا، وفِي النارِ عَلى وُجُوهِنا فلا تكْبُبْنا، ومن ثياب النارِ، وسَرابيلِ القَطِرانِ فلا تُلْبِسْنا، ومِن كلِّ سُوءٍ يا لا إلهَ إلاّ أنْتَ بحقِ لا أله إلا أنت فَنَجِّنا..»[12]

ان الايمان بيوم البعث هو جزء اساسي من العقائد الإسلامية التي تؤكد الادعية ـ في بعض جوانبها ـ على ترسيخها في النفس، وتجدر الاشارة إلى ان هنالك فرقاً بين ترسيخ العقيدة وبين شرحها وبيانها، فشرح العقيدة، قد يكون عبر حديث عقلائي، بينما ترسيخ العقيدة لا يكون إلا عبر معاناة نفسية وتفاعل نفسي بين الإنسان وبين تلك العقيدة، مثلاً هناك فرق واضح بين أن تؤمن بالاخرة ايماناً مبنياً على البراهين والادلة العقلية، وبين ان تؤمن بها عبر تصور مشاهد الآخرة. فتتصور مشهدك وانت محمول على اكتاف الاصدقاء إلى مثواك الاخير، لا تعرف ما هو مصيرك، وتتصور نفسك وانت مفترش على لامغتسل تقلبك ايدي الصالحين من اخوانك أو جيرانك، وتتصولا تلاشي جسمك في القبر، ثم خروجك من قبرك عرياناً ذليلاً لا تعرف إلى اين تتجه، تقف خمسين الف عاماً في صحراء المحشر، تلك الصحراء المحفوفة بالمخاطر والاهوال وهكذا تتصور النار والجنة، وتتصور العقاب والنعيم.

ان كل هذه التصورات هي التي ترسخ العقيدة في ذهنك وليس مجرد الاعتقاد استدلالي البرهاني، ان الايمان بالاخرة يجب ان يترسخ في النفس إلى درجة يجعل الإنسان هذا الايمان جزءً من تفكيره وتوجهاته.

يقول احد علماء الغرب واسمه (براتراتسن) في كتابه المسمى (في التربية):

«إن رجال الكهنوت يربون أولادهم على الايمان بالآخرة والعمل من أجلها».

ثم يضيف الكاتب:

أنا شخصياً لا أؤمن بالاخرة، لكن الذي يؤمن بالاخرة يؤمن بانه سيعيش هناك طويلاً، خالداً، أما في النار والعذاب واما في الجنة والنعيم، لا بد ان يربى ابنه على هذا الاساس، لان الدنيا بالنسبة إلى ذلك اليوم لا شيء، فما هي قيمة سبعين سنة اذا قيست بملايين السنين؟ هي لحظة واحدة فقط، اذن الذي يؤمن بالاخرة لا يمكنه أن يعيش كما يعيش الذي لا يؤمن بها، فهناك إختلاف واسع بين حياتهما.

جاء في بعض الاحاديث:

(عجبت لمَن أيقنَ بالموت كيف يضحك؟)

ان تصور الموت وحده، وتصور هذه النهاية التي لا عودة منها، يكفي لكي يجعلك لا تضحك ابداً في حياتك، فكيف بتصور ما وراء الموت، والموت هو من ابسط مراحل يوم القيامة، ان الموت الذي يخافه الانسان في دنياه، يتمناه اهل النار يوم القيامة، لانه اسهل بكثير من اهوال العذاب والنار، تقول الاية الكريمة:

*ونادوا يا مالك ليقضِ علينا ربك قال انكم ماكثون*

(77/الزخرف)

وفي المجمع عن أمير المؤمنين (ع) في تفسير هذه الآية قال: ان اهل النار ولضعفهم لم يتلفظوا القول بالتمام ولذلك اختصروا فقالوا ليقضِ علينا ربك يعني: سلْ ربك أن يقضي علينا، أن يميتنا، قال انكم ماكثون لا خلاص لكم بموت وغيره.

إذن، فالايمان المجرد بوجود الآخرة، يختلف عن تصور الإنسان وعن المراحل التفصيلية لها. وربما تشير إلى ذلك كلمة الظن في الآية الكريمة التالية، حينما يقول ربنا:

*واستعينوا بالصبر والصلاة وانها لكبيرة إلا على الخاشعين* الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم، وانهم اليه راجعون*

(45 ،46/البقرة)

ان كلمة (الظن) ربما تهدي إلى هذا (التصور) أي ان تصورك للقاء الحافل الحاسم الذي يجري بينك وبين الله سبحانه وتعالى، هذا التصور يهز ضميرك، يهزك من الاعماق، والادعية المأثورة تخلق لنا هذا التصور حينما تتعرض لمسألة الاخرة، وتفاصيل الموت والحشر والعذاب والنعيم.

والدعاء التالي الذي سنتأمل فيه قد جاء في سياق ترسيخ الايمان بالاخرة:

(اللهم برحمتك في الصالحين فادخلنا وفي عليين فارفعنا)، وليس المهم ان يُكتب اسمك في الجرائد والمجلات، أو يُبث اسمك في الاذاعة، انما المهم ان يُدخلك الله سبحانه وتعالى في جبهة الصالحين، وان يرفعك في اعلى عليين، فكم يحتاج الانسان إلى ترسيخ ايمانه ويقينه، حتى يربي في نفسه هذه الصفة، حتى لا يفكر في من يتكلم عنه، لا يفكر في الشهرة، لا يفكر في اقوال الناس حوله، وانما يفكر ـ فقط ـ في موقف الله منه، وكيف ينظر الله اليه، وهل يرفعه في عليين أم لا؟

ان التاريخ يشهد ان اناساً ملكوا العالم كله، إلا انهم اندحروا وانتهوا لانهم لم يكونوا من الصالحين.

فرعون كان في عصره اقوى من أمريكا وروسيا اليوم،واقوى من كل دول العالم في عصره، ولكن اين هو فرعون اليوم؟ لم يبقَ منه إلا جسده المحنط في متاحف القاهرة والذي جعله الله عبرة للاخرين.

إذن، فليست الشهرة الدنيوية في المهمة، انما المهم هو ان يرتفع شأنك عند الله سبحانه وتعالى.

ومثال قرآني آخر: هل يعرف احد اسماء السحرة الذين امنوا برب موسى، وتمردوا على فرعون، وضحوا من اجل ايمانهم؟ لا احد يعرف شيئاً عنهم إلا ان الله رفعهم في اعلى عليين.

«وبكأس من معين من عين سلسبيل فاسقنا»

قرأت في بعض الاحاديث ان هناك حوض ماء يشرب منه المؤمنون قبل الدخول في الجنة، وهو الذي يسمى (بحوض الكوثر) وهذا الماء ـ حسب الروايات ـ يحمل عدة خصائص، من أهمها:

1 ـ حينما يموت الانسان، فان جسمه سيتغير كثيراً، ثم حينما يُبعث من جديد وينتشر في صحراء المحشر المحفوف بالاهوال، والذي يقول عنه ربنا سبحانه وتعالى:

*فكيف تتقون ان كفرتم يوماً يجعل الولدان شيباً*

(17/المزمل)

فان جسمه يصاب بتغيرات اكثر ويصبح مشوهاً وذلك لان صحراء المحشر رغم انها كبيرة وواسعة جداً، إلا انها مزدحمة بمليارات البشر، وفيها تلال وحفر وعقارب ونيران وعذاب وظلمة، ومن جهة ثالثة فان اكثر الناس يدخلون نار جهنم ولو لفترات قصيرة جداً:

*وان منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً*

(71/مريم)

وذلك من اجل تطهير الناس من ذنوبهم، اذا لم تكن قد مُحيت بالاستغفار في الدنيا، وحينما يخرج هذا الجسم من النار يحمل، بلا شك، (ومن الحور العين برحمتك فزوجنا)، الحور جمع (حوراء) وهي تعني المرأة ذات العين التي اشتد سواد سوادها، وبياض بياضها، أي لم يخالط البؤبؤ لون آخر غير السواد، كما لم يخالط البياض اية الوان أخرى، و(العين) جمع (عيناء) وهي تعني المرأة ذات العينين الواسعتين. اذن، فان كلتا الصفتين تعودان إلى العين باعتبار عين الانسان تحمل الكثير من معالم الجمال بل وتجسد جمال الانسان، باعتبار الروح تتجلى عبر العين (ومن الحور العين برحمتك فزوجنا، ومن الولدان المخلدين كانهم لؤلؤ مكنون فاخدمنا)، والولدان المخلدون هم مجموعات كبيرة من الشباب الصغار الذين يسخرهم الله لخدمة المؤمنين في الجنة، وتهيئة كل وسائل الراحة، والرفاه لهم، فهم يقدمون للمؤمن كل الخدمات التي يطلبها، (ومن الولدان المخلدين كأنهم لؤلؤ مكنون فاخدمنا)، واللؤلؤ هو شيء جميل جداً، ولكن قد صورة مشوهة وعاهات مؤلمة، ولكي يتخلص الانسان المؤمن من تغيرات القبر، وتشوهات صحراء المحشر، وعاهات وامراض جهنم، فانه يشرب من هذه الماء قبل دخول الجنة.. هذا الماء الذي يُعيد جسم الانسان إلى اجمل صورته في ريعان الشباب ثم بعد ذلك يدخل الجنة.

2 ـ ان هذا الماء هو ماء الحياة، ومن يشرب منه فانه لا يصيبه الموت ولا يصيبه تعب ولا نصب ولا مرض، ومن هنا فان المؤمن يدخل الجنة شاباً جميلاً معافى من جهة، ومحصناً ضد اية سلبيات وامراض جسمية من جهة ثانية بفضل هذا الماء، يقول الدعاء: (وبكأس من معين، من عين سلسبيل فاسقنا).

يعتريه شيء من الغبار، اما اللؤلؤ الذي كان مكنوناً فانه يتألق بياضاً وجمالاً حينما يخرج إلى النور، كذلك هم الولدان المخلدون (ومن ثمار الجنة ولحوم الطير فاطعمنا)، وفي الجنة ثمار ولحوم مختلفة تقدم للانسان حسبما يشتهي، اما بالنسبة إلى الطير فان المستفاد من الروايات هو ان طيور الجنة تحلق في الاجواء في اسراب جماعية، وحينما يشتهي المؤمن واحداً منها، يكفي ان يشير اليه حتى يحضر امامه فوراً وعلى صورة طبق مشوي، والاغرب من ذلك، هو انه بعد ان يأكل المؤمن منه، فان الطير تتجمع اجزاؤه ويعود إلى الطيران من جديد مفتخراً على سائر الطيور لان المؤمن قد أكل منه.

وفي الحقيقة فان المؤمن مَلِك في الجنة، وتصبح الملائكة، والحور، والولدان، والطيور، والاشجار، والانهار، وكل شيء رهن اشارته. وحسب ما جاء في بعض الاحاديث، فان المؤمن يملك في الجنة من الارض والخدم، ومن القاعات والبيوت والخيل والاشجار ما يمكنه ان يدعو جميع اهل الارض إلى وليمة طعام في يوم واحد.

(ومن ثياب السندس والحرير والاستبرق فالبسنا)، الثوب الحرير معروف، اما السندس فهو الديباج الرقيق، واما الاستبرق فهو الديباج الغليظ، أو الحرير المنسوج مع خيوط الذهب.

كانت هذه هي تطلعات المؤمن في الآخرة، اما للوصول اليها فنحن بحاجة إلى توفيق الهي في الدنيا، يكون طريقاً للوصول إلى الجنة ونعيمها الدائم، وهو كالتالي:

(وليلة القدر، وحج بيتك الحرام، وقتلاً في سبيلك فوفق لنا) فالذي يوفقه الله تعالى لتغيير نفسه في ليلة القدر والبدء بحياة جديدة، يكون فيها رضا الله سبحانه وتعالى، وثم يحج بيت الله الحرام، معلناً بذلك رفضه لكل الآلهة المزيفة على الارض والطواغيت الذين يجعلون من انفسهم انداداً لله، ثم تدركه الشهادة مجاهداً في سبيل دينه وربه، فانه يكون من اهل الجنة بلا شك، والانسان لا بد ان يدركه الموت، ولكن ما احلى الموت حينما يأتي عبر الشهادة، وان اهم فوائد الشهادة في سبيل الله، هو غفران ذنوبه كلها، لان الله تعالى يشهد للقتيل في سبيله بالجنة.

(وصالح الدعاء والمسألة فاستجب لنا)، إننا ندعو الله كثيراً، ولكن بعض هذه الادعية قد لا تكون مفيدة لنا، اذن فاننا نسأل الله أن يستجيب الدعاء الصالح من دعواتنا.

(واذا جمعت الاولين والاخرين يوم القيامة فارحمنا)، تقول الروايات ان الله سبحانه وتعالى قسم رحمته إلى مئة جزء، نشر جزءً واحداً منها على اهل الدنيا، وادخر تسعة وتسعين جزءً منها ليوم القيامة، فرحمة الله واسعة في هذا اليوم، ولولا رحمة الله لهلك الناس اجمعون، وربما نستطيع ان نقول: لولا رحمة الله لما دخل في الجنة احد. ونشير هنا إلى قصة ذلك الرجل العابد الزاهد الذي كان متفرغاً للعبادة والصلاة والابتهال، وكان يدعو الله دائماً ان يُدخله الجنة بعمله هو، وليس برحمته سبحانه.

وفي احدى الليالي رأى في الحلم ان القيامة قد قامت، وقد جاء دوره للحساب، ونُصب امامه الميزان ثم وضعت أعماله في احدى كفتي الميزان، فاذا بها كثيرة، من صلوات وابتهالات وعبادات وما إلى ذلك، اما الكفة الثانية فلم توضع فيها ذنوب، اما لانه لم تكن له ذنوب تُذكر، أو ان الله كان قد غفر له ذنوبه، وانما وضعت فيها رُمانة واحدة كان قد اكلها في حياته، وكانت هي ـ بالطبع ـ نعمة واحدة من ملايين نعم الله الأخرى عليه، واذا بكفة الرمانة ترجح على كفة الاعمال الصالحة الكثيرة، فاكتشف الرجل خطأ تصوره، اذ ان كل اعماله في الدنيا لم تكن تساوي رمانة واحدة من نعم الله عليه.

اذن، فاننا مهما نكون صالحين ومطهرين من الذنوب والمعاصي، فاننا نكون بحاجة إلى رحمة الله في الاخرة، تماماً كما في الدنيا.

(وبراءة من النار فاكتب لنا)، نفهم من هذا ان الذين لا يدخلون النار ينبغي ان تكون لديهم (براءة) مخصوصة تكون بمثابة بطاقة دخول الجنة، ويبدو من بعض الاحاديث ان نار جهنم تفصل بين صحراء المحشر، وبين الجنة، والذي يدخل الجنة لا بد ان ينطلق عبر جهنم، فالذي يملك (براءة) من النار فانه يعبر جهنم عن طريق الجسر المسمى بـ (الصراط) وهناك من يتمتع بامتيازات كبيرة فانه يعبر جهنم في فترة قصيرة جداً، وقبل ان يرتد اليه طرفه. اما الذي لا يملك بطاقة (البراءة) فانه يجب ان يدخل نار جهنم ثم يخرج منها شاقاً طريقه إلى الجنة.

اذا دخل من هذا الجانب متى يخرج؟ الله العالم، حسب ذنوبه، اما انه اذا دخل في جهنم فمتى يخرج منها؟ فان هذا يرتبط بحجم ذنوبه وأعماله الصالحة والسيئة، وتقول الروايات ان بعض الناس يمكث في جهنم ثلاثمائة ألف عام، لكي تُصفى اجسامهم، وتُزكى نفوسهم من آثار الذنوب والمعاصي، ثم يدخلون بعد ذلك الجنة، اذن فاننا ندعو الله: (وبراءة من النار فاكتب لنا، وفي جهنم فلا تغلنا)، وفي جهنم اغلال من نار تحيط باصحابها، والغل قد يكون سبعين ذراعاً بحيث يُلف به الانسان من قدمه إلى رأسه.

(وفي عذابك وهوانك فلا تبتلنا)، أي لا تمتحننا بتسليط العذاب والهوان علينا، (ومن الزقوم والضريع فلا تطعمنا)، ان الزقوم هو نوع من اشجار النار كما تشعر بذلك الآيات القرآنية التالية التي تصف الزقوم:

*انها شجرة تخرج من أصل الجحيم* طلعُها كأنه رؤوس الشياطين* فانهم لآكلون منها فمالئون منها البطون*

(64 ـ 66/الصافات)

والزقوم ـ كما قيل ـ اسم شجرة صغيرة الورق، مرة، كريهة الرائحة، ذات لبن اذا اصاب جسد الانسان ادى به إلى اورام خبيثة.

أما الضريع فهو نوع اخر من طعام اهل النار، تشير اليه الآية السادسة من سورة الغاشية:

*ليس لهم طعام إلاّ من ضريع لا يُسمن ولا يغني من جوع*

(5 ـ 6/الغاشية)

وقيل: الضريع هو اخبث وابشع انواع الشوك.

(ومع الشياطين فلا تجعلنا)، كل انسان في النار يجد إلى جانبه شيطانه الذي كان يوسوس له في الدنيا، والشيطان يلاقي جزاءه في النار ويُعذَّب، إلا انه يؤذي صاحبه في نفس الوقت أيضاً.

(وفي النار على وجوهنا فلا تكببنا)، ان الله وضع نار جهنم اساساً في مكان عميق جداً، لذلك فان المجرمين يكبون على وجوههم في النار، وبعض المجرمين يُلقى بهم في نار جهنم وتستغرق فترة سقوطهم حتى وصولهم إلى قعر جهنم مدة سبعين سنة، فنسأل الله ان لا يكبنا على وجوهنا في النار.

(ومن ثياب النار وسرابيل القطران فلا تلبسنا)، القطران هي مادة سوداء نتنة تطلى بها اجسامهم فتصير كالسرابيل عليهم.

والنيران تحيط باهل النار حتى تصبح وكأنها الثياب تغطيهم.

(ومن كل سوء يا لا اله إلا انت، بحق لا اله إلا انت فنجنا)، فالله تعالى هو القادر على ان ينجينا من كل سوء في الدنيا والاخرة، ولكن علينا نحن ان نسأل الله بجد والحاح ان يفعل ذلك بنا.

دعاء الأفتتاح

وفي الختام نسأل الله العلي القدير ان يوفقنا للتبتل اليه عبر الادعية المأثورة، وفي طليعتها دعاء الافتتاح الذي نثبت فيما يلي النص الكامل له ولدعاء الصالحين اتماماً للفائدة.

«اللهم اِنّي أفْتَتِحُ الثَّناَءَ بَحمدِك، وانت مُسددٌ للصواب بمنِك، وأيقنتُ أنك أنتَ أرحمُ الراحمين في مَوضع العفوِ والرحمة، وأشد المعاقبين في موضوع النكال والنقمة، واعظم المتجبرين في موضع الكبرياء والعظمة، اللهم أذنت لي في دُعائك ومسألتِك، فأسمع يا سميعُ مدحتي، وأجب يا رحيمُ دَعوتي، وأقل يا غفورُ عَثرتي، فكم يا إلهي مِن كُربَةٍ قد فرجتها، وهموم قد كشفتها، وعثرةٍ قد أقلتهاـ ورَحمةٍ قد نَشرتها، وحلقةِ بلاء قد فَككتها، الحْمَدُ لله الَّذي لَمْ يَتَّخذْ صاحِبةً ولا وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شريكٌ في المُلكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيُّ مِنَ الذلِ وكبره تكبيراً، والحمدُ لله بجميع محامده كلها، على جميع نعمه كلها، الحمد لله الذي لا مضاد له في ملكه، ولا منازع له في امره، الحمد لله الذي لا شريك له في خلقه، ولا شبيه له في عظمته، الحمد لله الفاشي في الخلق امرُه وحمدُه، الظاهر بالكرم مجده، الباسط بالجُودِ يَدَهُ، الذي لا تنقصُ خزائنه، ولا تزيدُهُ كثرةُ العطاء إِلا جُوداً وكرَماً، انه هو العزيزُ الوهاب، اللهم اني اسألكَ قليلاً من كثير، مع حاجة بي اليه عظيمة، وغناكَ عنه قديمٌ، وهو عندي كثير، وهو عليك سهل يسير، الله ان عفوكَ عن ذنبي وتجاوزك عن خطيئتي، وصَفحِك عن ظُلمي، وسترَكَ على قبيح عملي، وحلمك عن كثير جُرمي، عندما كان من خطأي وعمدي، اطمعني في ان اسألك ما لا استوجِبُه منك الذي رزقتني من رحمتك، واريتني من قُدرتك، وعرّفتني من اجابتك، فصرت ادعوك امناً، واسألك مستأنساً، لا خائفاً ولا وجلاً، مدِلاً عليك فيما قصدْتُ فيه اليك، فان ابطأ عني عتبتُ بجهلي عليك، ولعل الذي ابطأ عني، هو خير لي لعِلمِك بعاقبة الامور، فلم ارَ مولىً كريماً اصبر على عبدٍ لئيم منك عليّ يا رب، انكَ، تدعوني فاولي عنك، وتتحببُ الي فاتبغضُ اليك، وتتوددُ اليّ فلا اقبلُ منك، كأن لي التطول عليك، فلم يمنعك ذلك من الرحمة لي، والاحسانِ اليّ والتفضل عليّ بجودك وكرمكَ، فارحم عبدك الجاهل، وجُد عليه بفضل احسانك انك جوادٌ كريم. الحمدُ لله مالك الملك، مجري الفلك، مسخر الرياح، فالق الاصباح، ديان الدين، رب العالمين. الحمدُ للهِ على حلمه بعدَ علمه، والحمدُ للهِ على عفوه بعد قدرته، والحمدُ لله على طول اناته في غضبه، وهو قادرٌ على ما يريد، الحمدُ لله خالقِ الخلق، باسط الرزق، فالقِ الاصباح، ذي الجلال والاكرام، والفضل والانعام، الذي بَعُد فلا يُرى، وقرُبَ فشهِد النجوى.. تبارَك وتعالى، الحمدُ لله الذي ليس له منازع يعادله، ولا شبيه يشاكله، ولا ظهير يعاضده، قهر بعزَّته الاعزاء، وتواضع لعظمته العظماء، فبلغَ بقدرته ما يشاءُ، الحمدُ للهِ الذي يُجيبُني حِين اُناديه، ويَسْتُرُ عليّ كُلَ عَوْرَةٍ وَاَنا اَعْصيه، وَيُعَظّمُ النعمةَ عليّ فلا اجازيه، فَكَم مِن مَوْهِبَة هَنيئةٍ قَدْ اَعْطاني، وعَظيمَة مَخُوفَةٍ قَدْ كفاني، وبَهْجْةِ مُونقَةٍ قَدْ اَراني، فَُثني عليهِ حامداً، وَاَذكُرُه مُسَبِّحاً، الحمدُ للهِ الذي لا يُهْتَكُ حِجابُه، ولا يُغْلَقُ بابه، ولا يُرَدُّ سائِلُه، ولا يُخَيَّبُ آمِلُهُ، الحمدُ للهِ الذي يُؤمنُ الخائفين، ويُنَجِّي الصالِحين، ويَرْفَعُ المُستَضعَفِين، ويَضَعُ المُستُكُبرين، وَيُهْلِكُ مُلُوكاً وَيَسْتَخْلِفُ آخَرين، والحمدُ للهِ قاصِم الجَبارين، مُبِيِر الظالمِيِن، مُدرِكِ الهاربِيِن، نكالِ الظالِميِن، صَرِيِخ المُسْتَصْرِخِين، مَوْضِعِ حاجاتِ الطالِبِين، مُعْتَمَدِ المؤمِنين، اَلحَمْدُ للهِ الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها، وترجف الارض وعماّرها وتموج البِحارُ، وَمَنْ يَسْبَحُ في غَمَراتِها. اَلحَمدُ لله الذي هَدَانا لِهذا وما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لولا اَنْ هَانا الله، الحَمْدُ للهِ الذي يَخْلُقُ وَلَمْ يُخْلَق، وَيَرْزُقُ ولا يُرْزَق، وَيُطعِمُ ولا يُطعَمْ، وَيُمِيتُ الاحياء، وَيُحيي المَوْتى، وَهو حَيُّ لا يَمُوت، بِيَدِه الخير، وَهو عل كلِ شَيءٍ قّديرٌ، اَللَّهُمَّ صَلِّ على محمدٍ عبدِك،ورَسولِك، وَاَمينِك، وصفيَّك، وحَبيبك، وخِيرَتك من خلقك، وحافِظِ سِرَّك، وَمُبَّلِغِ رِسالاتِكَ، اَفضَلأ واَحسَن واَجَمل واَكَمل واَزكى واَنمى واَطيبَ واَطهَرَ واَسْنَى واَكَثْرَ ما صَلَيْتَ وباركْتَ وتَرحَّمْتَ وتَحَنَّنْتَ وسَلَّمْتَ على احدٍ من عبادِك وانبيائِك ورُسُلِك وصِفْوتكَ، واَهلِ الكرامةِ عليكَ مِنْ خَلقِكَ، اَللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلى عَلِيٍّ اَميرِ اْلمُؤْمِنينِ، وَوَصيِ رسولِ ربِ العالمين، عَبْدِكَ وَوَليكَ، واَخي رسولِك، وَحُجَّتِكَ على خلقِك، وآيَتِك الكُبرى، والنَبَأِ اْلعظيمِ، وَصَلِّ عَلى الصِدِّيِقةِ الطاهِرَة، فاطمةَ الزهراء، سَيدِةِ نساءِ العالمين. وَصَلِّ على سِبْطَي الرحمة، وامامَي الهُدى:اَلْحَسَنِ وَاْلحُسَيْنِ، سَيِّدَي شبابِ اَهلِ اْلجَنَّةِ. وَصَلِّ على اَئِمةِ المسلمين: عَلِّيِ بْنِ اَلحُسَيْنَ، ومُحَّمدِ بْنِ عَلِّيِ، وَجَعْفرِ بْنِ مُحَمَّدِ، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَلِّيِ بْنِ مُوسى، وَمُحمَّدِ بْنِ عَلِّي، وَعَلِّي بْنِ مُحَمِّدٍ، وَاْلحَسَنِ بْنِ عَلِّيٍ، وَالخَلَف اْلهادي اْلمهْدِيَ، حُجَجِكَ على عِبادِك، وأمنائِك في بِلادك.. صلاة كثيرةٌ دائمةً، اَللَّهْمَّ وَصَلِّ عَلى وَليّ امرِكَ القائِم المُؤَمَل، والعَدلِ المُمنتظَر، وحُفّهُ بملائكَتِك المُقَربين، واَيّجهُ بِرُوح القدُسِ يا ربَ اْلعالمينَ، اَللَّهْمَّ اجْعَلْهُ الداعِيَ إلى كتابِك، والقائَمِ بديِنِك، اِسْتَخْلفهُ في الارض كما استَخْلَفْتَ الذينَ مِن قَبله، مَكِّن له دينه الذي ارتضْيتَه له، اَبْدِلهً من بَعدِ خوفه اَمناً، يَعْبُدُكَ لا يُشْرِكُ بكَ شيئاً، اَللَّهُمَّ اَعِزَّه واَعْزِز به، وانصُرْهُ وانتَصِر به، واْنُصرهُ نَصْراً عَزِيزاً، واَفْتَح له فتحاً يسيراً، واجعل له من لَدُنْكَ سُلطاناً نصيراً، اللهم اظهر به دينكَ وَسُنةَ نَبِيك، حتى لا يَسْتَخفِيَ بِشَيء من الحقِ، مَخافَةَ اَحَدٍ منَ الخَلْق، اللّهم اِنا نَرْغَبُ اليكَ في دولةٍ كريمةٍ تُعِزُّ بها الاسلامَ واَهلَه، وتُذِلً بِها النِفاقَ واَهله، وتَجْعَلُنا فيها من الدُعاةِ إلى طاعَتِك، والقادَةِ إلى سَبيِلِك، وترزُقُنا بها كرامةَ الدنيا والاخرة، اَللَّهْمَّ ما عَرَفتنا من الحق فَحَّملناه، وما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلّغْنَاهُ، اَللَّهُمَّ اَلُمُمْ بِهِ شَعثنا، واَشعَبْ به صَدْعَنا، واَرْتُق به فَتْقَنا، وكَثِّر به قِلِّتَنا، واَعزِزْ به ذِلَتَنا، واَغنِ به عائلَنا، واقْضِ به عن مُغَرَمِنا، واَجْبُر به فَقْرَنا، وَسُدَ به خَلَتَنا، وَيَسِّر به عُسْرِنا، وَبِّيض به وُجُوهنا، وفُكَ به اَسْرَنا، واَنجِح به طَلِبَتَنا، واَنجِز به مَواعِيدَنا، واسْتَجب به دَعْوَتَنا، واَعْطِنا به سْؤلَنا، وَبَلغْنا به من الدنيا والآخرة آمالنا، واَعْطِنا به فوقَ رَغْبَتِنا، يا خيرَ المسؤولين، واَوْسَعَ المُعْطِين، اِشْفِ به صُدُورَنا، واَذْهِب به غَيْضَ قلوبنا، وَاْهدِنا به لما اْختُلِفَ فيه من الحقِ باذنِك اِنكَ تَهْدِي من تشاء إلى صراط مستقيم، وَاْنصُرنا بهِ على عَدُوِكَ وَعَدُوْنا اله الحقِ آمين، اَللَّهُمَّ إنّا نَشكُو اليكَ فَقْدَ نبينا، صلواتُكَ عليهِ وآلهِ، وغيَبَةَ وَلينا، وكَثْرَة عَدُوِّنا، وِقلّةَ عَدَدِنا، وشِدّة الفتن بنا، وتَظاهُرَ الزمانِ علينا، فَصَلِّ على محمد وآله، وِاَعِنا على ذلك بِفَتْح منك تُعَجِّلُه، وبِضُرٍّ تَكشِفُه، وَنَصْرٍ تُعزِّه، وَسُلطانِ حقٍ تُظهِرُه، ورحمةٍ مِنكَ تُجلِلُناها، وعافيةٍ منكَ تُلْبِسُناها برحمتك يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ»

«اللهم بِرَحَمتِك في الصالحين فَاَدْخِلنا، وفي عِليين فَارْفَعنا، وبِكَأس مِن مَعِين من عَيْنٍ سَلْسَبيل فَاسْقِنا، ومِنَ الحُوِر العِيْن بِرَحمِتك فَزَوِّجنا، ومِنَ الوِلدانِ المُخَلَّدِين كَأنهم لؤلؤ مَكنَون فَأخْدِمنا، ومِن ثِمارِالجَنَّةِ، وَلُحوم الطَيْرِ فَاَطْعِمْنا، ومِن ثِيابِ السُنْدُسِ وَالحَرِير والأسْتَّبْرَقِ فَاَلبِسْنا، وَليلةَ القَدْرِ،، وَحَجَّ بَيْتِكَ الحرام، وَقَتْلاً في سَبيِلكَ فَوَفِق لنا، وصالِحَ الدُعاءِ وَالمَسْألةِ فَاسْتَجِبْ لنا، واذا جَمَعْتَ الأوَلين والآخِرين يَوْمَ القِيامَةِ فارحمنا، وَبَراءةً من النار فَاكْتُبْ لَنا، وفي جَهَنَّمَ فَلا تَغُلنَّا، وفي عذابِكَ وَهَوانِك فلا تَبْتًلِنا، ومِنَ الزَّقُوم وَالضَرِيع فلا تُطْعِمُنا، وَمَعَ الشياطِين فَلا تَجْعَلنا، وفِي النارِ عَلى وُجُوهِنا فلا تكْبُبْنا، ومن ثياب النارِ، وسَرابيلِ القَطِرانِ فلا تُلْبِسْنا، ومِن كلِّ سُوءٍ يا لا إلهَ إلاّ أنْتَ بحقِ لا أله إلا أنت فَنَجِّنا»


/ 5