سُنّة التعميمفي القرن وتطبيقاتها فيثورة الاءمام الحسيـن(ع)الشيخ محمّد مهدي الصفي - دراسات و بحوث مؤتمر الامام الحسین (ع) جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

دراسات و بحوث مؤتمر الامام الحسین (ع) - جلد 1

مجمع العالمی لاهل البیت (ع)

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



سُنّة التعميمفي القرن وتطبيقاتها فيثورة الاءمام الحسيـن(ع)الشيخ محمّد مهدي الصفي

(لَقَدْ سَمِع اللّه قَوْل الَّذِين قَالُوا اءِن اللّه فَقِيرٌ وَنَحْن أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُب مَا قَالُواوَقَتْلَهُم الاَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَق وَنَقُول ذُوقُوا عَذَاب الْحَرِيق* ذ'لِك بِمَا قَدَّمَت أَيْدِيكُم وَأَناللّه لَيْس بِظَلاَّم لِلْعَبِيدِ* الَّذِين قَالُوا اءِن اللّه عَهِدَ اءِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِن لِرَسُول حَتَّي' يَأْتِيَنَابِقُرْبَان تَأْكُلُه النَّارُ* قُل قَدْ جَاءَكُم رُسُل مِن قَبْلِي بِالْبَيِّنَات وَبِالَّذِي قُلْتُم فَلِم قَتَلْتُمُوهُماءِن كُنتُم صَادِقِينَ).شان نزول اليات:


روي سعيد بن جبير في شان نزول هذه الية انّه، لمّا نزل قوله تعالي:(مَن ذَا الَّذِي يُقْرِض اللّه قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَه لَه أَضْعَافاً كَثِيرَة... )


قالت اليهود: يا محمّد، افتقر ربّك، فسال عباده القرض، فانزل الله:(لَقَدْ سَمِع اللّه قَوْل الَّذِين...).دلالة اليات علي سنّة التعميم:


تُدين هذه اليات اليهود المعاصرين لرسول الله(ص) بامرين قولهم:(اءِن اللّه فَقِيرٌ وَنَحْن أَغْنِيَاءُ).


(وَقَتْلَهُم الاَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ).


وقد سمع الله قولهم:(اءِن اللّه فَقِيرٌ وَنَحْن أَغْنِيَاءُ).


واوعدهم ان يكتب عنهم ما قالوا من الاءفك ويدينهم بما قالواوبقتلهم الانبياء بغير حق.


(سَنَكْتُب مَا قَالُوا وَقَتْلَهُم الاَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ).


ويذيقهم عذاب الحريق بما نطلقوا من الاءفك وبما صنعوا من قتلالانبياء بغير حق.


(وَنَقُول ذُوقُوا عَذَاب الْحَرِيقِ).


وتؤكّد الية الكريمة لليهود المعاصرين لرسول الله(ص) انّهم اءنّمااستحقوا عقوبة عذاب الحريق بما قدّمت ايديهم من الاءفك والاءثم وليسالله بظلام للعبيد.


(ذ'لِك بِمَا قَدَّمَت أَيْدِيكُم وَأَن اللّه لَيْس بِظَلاَّم لِلْعَبِيدِ).


ثم تحكي عنهم الية الكريمة انّهم طلبوا من رسول الله(ص): ان ياتيهمبقربان تاكله النار، حتّي يؤمنوا برسالته وقال اءن الله عهد اءليهم بذلك.


( الَّذِين قَالُوا اءِن اللّه عَهِدَ اءِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِن لِرَسُول حَتَّي' يَأْتِيَنَا بِقُرْبَان تَأْكُلُهُالنَّارُ).


فتُحاججّهم الية الكريمة بمن قد جاءهم من قبل، من الرسلبالبيّنات، وبالذي طلبوا من القربان الذي تاكله النار...


ومع ذلك فلم يؤمنوا، واصرّوا علي اللجاج والعناد، وقتلوهمبغيرحق.


(قُل قَدْ جَاءَكُم رُسُل مِن قَبْلِي بِالْبَيِّنَات وَبِالَّذِي قُلْتُم فَلِم قَتَلْتُمُوهُم اءِن كُنتُمصَادِقِينَ).


وليس من شك ان المخاطبين في هذه اليات من سورة ل عمران هماليهود المعاصرون لرسول الله(ص)، والضمائر كلّها تعود اءليهم.


فهم الذين قالوا: (اءِن اللّه فَقِيرٌ وَنَحْن أَغْنِيَاءُ).


وهم الذين قالوا: (اءن اللهَ عَهد الينا اءلاّ نؤمن...).


والخطاب موجّه اءليهم في هذا السياق وليس في ذلك شك، وقراءةسريعة لليات الكريمة من ل عمران تكفي لتاكيد هذه الحقيقة.


ومع ذلك، فاءن الله تعالي يدينهم ويوعدهم بعذاب الحريق بجرائمبائهم في قتل الانبياء من بني اءسرائيل بغير حق، ولم يكن لهم اي دور فيذلك بالنظرة السطحية التي ينظر الناس من خلالها التاريخ والمجتمع.


واليات الكريمة صريحة في الاءدانة وفي العقوبة معاً.


(سَنَكْتُب مَا قَالُوا وَقَتْلَهُم الاَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَق وَنَقُول ذُوقُوا عَذَاب الْحَرِيقِ).


فيدينهم الله تعالي ويعاقبهم بـ (ما فعلوا) وما (لم يفعلوا). ثمتُحاججّهم الية الكريمة بما يلزم باءهم من قتل الانبياء بغير حق.. وهذهحجّة تُلزم باءهم الذين قتلوا الانبياء. اما الابناء الذين طلبوا منرسولالله(ص) ان ياتيهم بقربان تاكله النار فلم يقتلوا نبيّاً. ولم يعاصروهمفكيف تُحجّهم الية الكريمة بما لم يفعلوا، ولم يكن لهم فيه دور وشان؟


وجواب هذه الاسئلة جميعاً في (سنّة التعميم).


فقد عمّم الله تعالي مسؤولية الباء في قتل الانبياء علي الابناء، كماعمّم الله تعالي عقوبة الباء في هذه الجريمة علي الابناء، ثم عمّم اللهالحجّة التي تُلزم الباء علي الابناء وهذه التعميمات جميعاً تتبع سنّة اءلهيةعامّة هي سنّة التعميم.


وهذه السنّة الاءلهية هي دليل هذه الاءدانة والعقوبة والاءحتجاج.


ومعني التعميم في هذه الية الكريمة اءن الله تعالي يشرك الابناءفي مسؤوليات الباء وجرائمهم وعقوباتهم وما يُلزمهم ويُحجهم.عامل التعميم:ـ الرضاء والسخط:


والرضا والسخط من الحب والبغض.


فاءذا رضي الاءنسان بعمل قوم اُشرك في عملهم، من خير او شرّ.عوقب عليه اءن كان شراً، واُثيب عليه، اءن كان خيراً.


واءذا سخط الاءنسان علي قوم تبرّا منهم.


فالحب والرضا يلحقان الاءنسان بالخرين الذين يحبّهم ويرضيعنهم.


والبغض والسخط يفصلان الاءنسان عن الخرين الذين يبغضهمويسخط عليهم.


فهو عامل للوصل والفصل.


وحيث كان اليهود المعاصرون لرسول الله(ص) راضين بفعل بائهم فيقتل الانبياء.. فاءن الله تعالي يُحمّلهم مسؤولية جرائم بائهم ويدينهم بهاويعاقبهم عليها، ويُلزمهم الحجّة بذلك، مع انّهم لم يعاصروا اُولئك الانبياءولم يدركوهم فضلاً من ان يكون لهم دور في قتلهم.


روي عن ابي عبدالله الصادق(ع):اءن الله حكي عن قوم في كتابه (لن نؤمن لرسول حتّي ياتينا بقربان تاكله النار*قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبيّنات وبالذي قلتم: فلم قتلتموهم اءن كنتمصادقين).


قال: بين القاتلين والقائلين خمسمائة عام، فالزمهم الله القتل برضاهم مافعلو.


وعن محمّد بن الارقط عن ابي عبدالله الصادق(ع):


قال: تنزل الكوفة؟


قلت: نعم.


قال: فترون قتلة الحسين بين اظهركم؟


قال: قلت: جعلت فداك ما رايت منهم احداً.


قال: فاءذن انت لاتري القاتل اءلاّ من قتل او مَن وَلي القتل؟الم تسمع اءلي قول الله (قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم: فلمقتلتموهم اءن كنتم صادقين) .فاي رسول قتل الذين كان محمّد(ص) بين اظهرهم؟ولم يكن بينه وبين عيسي(ع) رسول.اءنّما رضوا قتل اُولئك، فسمّوا قاتلين.ـ الاءشراك بـ (الرضا):


فالرضا يشرك الراضي في فعل مَن يرضي عنه، من خير او شرّ،مارس الفعل ام لم يُمارسه، وفي كل الثار: في المثوبة والعقوبة،والمسؤولية والاءدانة.


عن امير المؤمنين(ع)، برواية الشريف الرضي(في نهج البلاغة):ايّها الناس، اءنّما يجمع الناس الرضا والسخط، واءنّما عقر ناقة ثمود رجل واحد،فعمّهم الله بالعذاب، لمّا عموّه بالرض.


قال سبحانه:(فعقروها، فاصبحوا نادمين).


فما كان اءلاّ ان خارت ارضهم بالخسفة خوار السكة المحماة فيالارض الخوارة.


وعن امير المؤمنين(ع): الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم. وعلي كلداخل في باطل اثمان: اثم العمل به، والرضا به.


والاءمام(ع) يحلّل: في هذه الكلمة العناصر التي تتركب منها الجريمةالتي اءثمين: اءثم العمل واءثم الرضا به.


ولا يختص امر هذا التعميم علي الباطل والاءثم، بل يعم الحقوالثوابايضاً.ـ المشاركة في التاريخ بالرضا والسخط:


ورد في بعض النصوص الجامعة في زيارة الائمة:: الشهادة بانّا قدشاركنا اولياءهم وانصارهم والمقاتلين بين ايديهم في قتال الناكثينوالقاسطين والمارقين وهي شهادة غريبة لا يفقهها اءلاّ مَن يفقه سنّة اللهفي التعميم واءليك هذا النص من بعض النصوص الجامعة لزيارة ائمةاهلالبيت::


فنحن نشهد انا قد شاركنا اولياءكم وانصاركم المتقدّمين في اءراقةدماء الناكثين والقاسطين والمارقين وقتلة ابي عبدالله (ع) سيّد شباب اهلالجنة بالنيّات والقلوب والتاسّف علي فوت تلك المواقع.


فهذا باب واسع من الفقه في هذا الدين هو فقه الرض والسخط،واءنطلاقاً من هذا الفقه فنحن قد شاركنا اءبراهيم(ع) رائد التوحيد في دعوةالتوحيد، وفي تحطيمهم الاصنام ومقاومة طاغية عصره نمرود، وشاركناموسي(ع) وعيسي بن مريم(ع) في دعوة التوحيد ورفض طغاة عصرهم،وشاركنا رسول الله(ص) في حربه وغزواته ونشارك الصلحاء والاولياءوائمة التوحيد والدعاة الهداة والذاكرين المسبّحين لله تعالي عبر التاريخفي الدعوة اءلي الله والنصيحة لعباد الله والذكر والتسبيح واللام والهموموما ارقوا من دماء الظالمين وما اُريق لهم من الدماء وماهدموا من اركانالظلم والشرك وما اشادوا ومن اركان التوحيد والعدل...


وهذا باب واسع من الفقه والمعرفة لا يسعه هذا المقال.


وقد روي بطرق كثيرة: المرء مع مَن احب.ـ كسب الاُمة وكسب الفرد:


نلتقي في القرن، ربّما لاوّل مرّة في تاريخ الثقافة بفهم جديد للاُمة.


واءنطلاقاً من هذا الفهم الجديد للاُمة، ليست الاُمة بمعني تجمع كميمن الناس، وانّما هي حالة بشرية كيفيّة فلا تساوي الاُمة مجموعة الافرادولا يساوي فعل الاُمة واثرها وقوّتها مجموع افعال الافراد وثارهموقوّتهم. وليست الاُمة من حيث الاساس من مقولة الكم، واءنّما هي منمقولة الكيف.


فلا تكون قوّة الجماعة مجموعة قوّة الافراد.. بل يد الله عليالجماعة و مع الجماعة و يد الله امر خر غير المجموعة الكميّةلقوّة الافراد. ولا يختلف في ذلك الاُمة المؤمنة عن غيرها، فاءن للاُمة فيالقرن احكاماً وثاراً غير ما لمجموع الافراد من الاحكام والثار.


والاُمة الواحدة لا يحصرها الزمان والمكان ولا يضرّ بوجدتها تعددالمكان والزمان، والقرن يعبّر عن هذه الاُمة المباركة بانّها ملّة اءبراهيم(ومَن احسن ديناً وممّن اسلم وجهه لله، وهو محسن، واتّبع ملّة اءبراهيم حنيفاً).


وعن اءبراهيم(ع) بان الاب الاوّل لهذه الاُمة (ملّة ابيكم اءبراهيم هوسمّاكم المسلمين).


وعن هذه الوحدة التي تطوي الزمان والمكان يقول تعالي: (واءنهذه اُمتكم اُمة واحدة وانّا ربّكم فاتقون).


ويقول تعالي: (اءن هذه اُمتكم اُمة واحدة وانّا ربّكم فاعبدون).


واءنطلاقاً من هذا كلّه فاءن القرن يقرّر ان للاُمة فعل و كسب غيرفعل الفرد وكسبه ونتائج كسب الاُمة تعم الاُمة كلّها في لاخير والشر، حتّيمَن لم يشارك ولم يكن له دور في هذا الكسب...


اءذا كان يشاركهم في الرضا والسخط، وامّا نتائج كسب الافرادفتخصّهم وحدهم ولا تعم غيرهم.


الطائفة الاُولي من الكسب ما يتعلّق بالاُمة مثل الشعائر والاعرافوالاعمال الجمعيّة. وما يرضي عنه الناس ويقرّوه ويدعموه بالتاييد،وتعم ثار هذه الاعمال الناس جميعاً مَن شارك فيها ومَن لم يشارك فيالخير والشر معاً.


والطائفة الثانية من الكسب وما يخص الافراد، ولا يكون له مردودعلي الهيئة الاءجتماعية بشكل واضح في الدنيا والخرة، وعن هذه الطائفةيقول تعالي: (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَة وِزْرَ اُخْرَي').


ويقول تعالي: (واءن ليس للاءنسان اءلاّ ما سعي، واءن سعيه سوف يُري'، ثميُجزاه الجزاء الاوفي).


وعن كسب الاُمة الذي يعم الاُمة كلّها يقول تعالي: (تلك اُمة قدخلت لها ما كسبت، ولكم ما كسبتم ولا تُسالون عمّا كانوا يفعلون).


لكل اُمة ما كسبت من خير او شر ولا تسال اُمة عمّا كسبت اُمةاُخري، ولا يخص كسب الاُمة الذين شاركوا في هذا الكسب. واءنّمايعمّهم جميعاً اءذا عمّوه بالرضا.


اءن الخير والشر الذي تكسبه الاُمة يعم الاُمة جميعاً العاملين وغيرالعاملين اءذا عمّوه بالرضا، وهذه السنّة سنّة عامّة في الدنيا والخرة.


هذه السنّة تجمع وتفرق، وتُوصل وتفصل تَجمع الناس من بقاعشتّي من الارض، وفي فترات متباعدة من التاريخ فتجعل منهم اُمة واحدةعند ما يجمعهم الرضا والسخط والولاء والبراء.


ويفرق الاُسرة الواحدة والبيت الواحد اءلي اُمتين وجبهتين لا تلتئمانولا تجتمعان اءذا افترقا في الرضا والسخط وفي الولاء والبراء.


وهذه السنّة تصل فرداً بخر، لا تجمعهم لغة ولا اءقليم ولا زمان ولاتعارف، وتفصل الاخ عن اخيه الشقيق معه في بيت واحد اُسرة واحدة.


فيكسب الاءنسان في الحالة الاُولي ممن لا يعرفه ولا يجمعه به بيتاو مكان او زمان اول لسان، ولا يشاركه في اصل او رحم.. يكسبالاءنسان منه صالح اعماله جميعاً. او سيئات اعماله جميعاً، اءذا كان يجمعهبه الرضا والسخط.


وينتظر في الحالة الثانية الاُسرة الواحدة والبيت الواحد، في السعادةوالشقاء فيعد احدهم بالجنّة ويشقي الخر في النار، خالدين فيها، اءذا كانيفترقان في الرضا والسخط.موارد التعميم:


سنّة التعميم سنّة عامّة شاملة، تشمل الدنيا والخرة وتعم الخير والشرّومواردها ومصاديقها وانحاؤها فيحياة الناس كثيرة.


ونحن نذكر اءن شاء الله فيما يلي بعض انحاء ومواد هذه السنّة الاءلهيةفي حياة الناس في ضوء النصوص الاءسلامية من الكتاب والسنّة:1 ـ التعميم في الاءدانة والمسؤولية والعقوبة:


اءذا ارتكب قوم جريمة وعمّهم الخرون بالرضا عمّتهم المسؤوليةوالاءدانة.


وقد سبق ان اشرنا اءلي ذلك بداية هذا الحديث في تفسير الياتالكريمة (182 ـ 184) من ل عمران.


(سَنَكْتُب مَا قَالُوا وَقَتْلَهُم الاَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَق وَنَقُول ذُوقُوا عَذَاب الْحَرِيقِ).


ووجدنا ان الله تعالي يُدين الابناء بجرائم الباء، ويعاقبهم بها، ويقولذوقوا عذاب الحريق.


وقرانا كلمة امير المؤمنين(ع) في نهج البلاغة: واءنّما قتل ناقة ثمودرجل واحد، فعمّهم الله بالعذاب لمّا عموّه بالرضا، فقال سبحانه (فعقروها فاصبحوانادمين)


ولا تُغيّر في السنّة الاءلهية في تعميم الاءدانة والمسؤولية والعقوبة كثرةالراضين بها، فاءن الاءدانة والمسؤولية واستحقاق العقوبة يشملهم جميعاًمهما كثروا، اءذا كانوا راضين بالجريمة.


عن ابي سعيد الخدري: وُجد قتيل علي عهد محمّد رسول الله(ص)فخرج(ص) مغضباً، فحمد الله واثني عليه، ثم قال يقتل رجل من المسلمين، لا يُدريمن قتله، والذي نفسي بيده لو ان اهل السم'وات والارض اجتمعوا علي قتل مؤمن اورضوا به لادخلهم الله النار.


وعن سليمان بن خالد عن ابي عبدالله(ع):لو ان اهل السم'وات والارض لم يحبّوا ان يكونوا شهدوا مع رسول الله(ص)لكانوا من اهل النار.


ولا يُغيّر هذه السنّة الاءلهية تباعد المكان، فلو ان رجلاً قتل خر ظلماًبالمشرق فرضي به خر في المغرب لاستحق بذلك النار.


روي ان رسول الله(ص):لو ان رجلاً قُتل بالمشرق وخر رضي به في المغرب كان كمن قتله وشرك فيدمه.


ودائرة الرضا دائرة واسعة تطوي الزمان والمكان، وتعم الناس فياوسع مساحة يتصوّرها الاءنسان.


وقد روي: اءن الراضين بقتل الحسين شركاء قتله الا واءن قتلته واعوانهمواشياعهم والمقتدين بهم براء من دين الله.


وروي: اءن القائم(عج) يقتل ذراري قتلة الحسين(ع) لرضاهم بذلك..2 ـ التعميم في الحجّة:


قرانا بداية هذا البحث ان الله تعالي الزم اليهود المعاصرينلرسولالله(ص) بفعل بائهم، واتّخذه حجّة عليهم عندما طالبوا رسولالله(ص)بان ياتيهم بقربان تاكله النار ليؤمنوا به، فحاججهم القرن بمن جاءهم قبلرسول الله(ص) من الانبياء بالبيّنات وبالقربان فقتلوهم ولم يؤمنواب بهم.


(الَّذِين قَالُوا اءِن اللّه عَهِدَ اءِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِن لِرَسُول حَتَّي' يَأْتِيَنَا بِقُرْبَان تَأْكُلُه النَّارُ)


قل: (قَدْ جَاءَكُم رُسُل مِن قَبْلِي بِالْبَيِّنَات وَبِالَّذِي قُلْتُم فَلِم قَتَلْتُمُوهُم اءِن كُنتُمصَادِقِينَ).


وفي سورة البقرة (291 ـ 292) يحاجج القرن اليهود المعاصرينلرسول الله(ص) بانّهم اءذا دعوا اءلي الاءيمان بما انزل الله تعالي علي رسولهقالوا نؤمن بما اُنزل علينا، ويكفرون بما وراء ذلك مما انزل الله عليرسوله محمّد(ص) بعد ذلك.


فيامر الله تعالي رسوله(ص) ان يحاججهم في ذلك (فَلِم قَتَلْتُمُوهُم اءِنكُنتُم صَادِقِينَ).


وكيف يصح دعواهم بانّه يؤمنون بما انزل عليهم فقط دون غيرهم،اءذ كانوا يقتلون الانبياء الذين اُرسل اليهم؟


فيلزم القرن الابناء بالحجّة التي تلزم الباء.


تامّلوا في هذه اليات من سورة البقرة.


(واءذا قيل لهم منوا بما انزل الله).


قالوا: (نؤمن بما اُنزل علينا)


(ويكفرون بما وراءه، وهو الحق، مصدقاً لما معهم).


(قل: فلم تقتلون انبياء الله من قبل اءن كنتم مؤمنين).3 ـ التعميم في الثواب:


وكما تعم المسؤولية والعقاب، يعم الثواب وحسن الجزاء، العاملينوالراضين وهو من ابواب رحمة الله تعالي علي عباده، فتحها علي عبادهيشركهم معه خلالها، في ثواب اعمال الصالحين وجهادهم ودعوتهم اءليتوحيد الله وقيامهم وركوعهم بين يدي الله وذكرهم وتسبيحهمومواقفهم... وهو من يقينيات الثقافة الاءسلامية.


روي المحدث القمّي في كتابه القيّم (نَفَس المهموم) بسند صحيحعن الريّان بن شبيب ؛ حال المعتصم.


قال: دخلت علي ابي الحسن الرضا(ع) في اوّل يوم من محرم. فقاليابن شبيب اصائم انت؟ فقلت: لا، فقال: اءن هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكرياربّه عزّ وجل فقال: (رب هَب لي من لدنك ذريّة طيبة اءنّك سميع الدعاء) فاستجابالله له وامر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلّي في المحراب: (اءن الله يُبشّركبيحيي') فمن صام هذا اليوم، ثم دعا الله عزّ وجل، استجاب الله له كما استجابلزكريا.


ثم قال: يابن شبيب، اءن المحرم هو الشهر الذي كان اهل الجاهلية فيما مضييُحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته. فما عرفت هذه الاُمة حرمة شهرها، ولا حرمةنبيّها(ص). لقد قتلوا في هذا الشهر ذرّيته وسبوا نساءه، وانتهبوا ثقله، فلا غفر الله لهمذلك ابداً.يابن شبيب اءن كنت باكياً لشيء فابك للحسين بن علي بن ابي طالب(ع). فاءنّه ذُبحكما يُذبح الكبش، وقُتل معه من اهل بيته ثمانية عشر رجلاً ما لهم شبيهون فيالارض...يابن شبيب اءن سرّك ان تلقي الله عزّ وجل ولا ذنب عليك فزر الحسين(ع) يابنشبيب اءن سرّك ان تسكن الغرف المبنيّة في الجنّة مع النبي(ص) فالعن قتلةالحسين(ع).يابن شبيب اءن سرّك ان يكون لك من الثواب مثل لمن استشهد مع الحسين(ع)فقل متي ما ذكرته: يا ليتني كنتم معهم فافوز فوزاً عظيماً.يابن شبيب اءن سرّك ان تكون معنا في الدرجات العلي' في الجنان فاحزن لحزننا،وافرح لفرحنا وعليك بولايتنا، فلو ان رجلاً تولي' حجراً لحشره الله تعالي يومالقيامة.


وروي في بشارة المصطفي عن عطية العوفي:


قال: خرجت مع جابر بن عبدالله الانصاري؛ زائرين اءلي قبرالحسين بن علي بن ابي طالب(ع) فلمّا وردنا كربلاء دَن جابر من شاطيالفرات فاغتسل ثم اتز باءزار وارتدي بخر، ثم فتح صرّة فيها سعد فنثرهاعلي بدنه، ثم لم يخط خطوة اءلاّ ذكر الله حتّي اءذا دنا من القبر، قال المسنيه،فالمسُته فخرّ علي القبر مغشياً عليه فرششت عليه شيئاً من الماء فافاق.


ثم قال: يا حسين ثلاثاً، ثم قال حبيب لا يجيب حبيبه، ثم قال: وانّيلك بالجواب وقد شُحطت اوداجك علي اثباجك، وفرّق بين بدنكوراسك، فاشهد انّك ابن النبيين وابن سيّد المؤمنين. وابن حليفالتقويوسليل الهدي و خامس اصحاب الكساء وابن سيّد النقباء. وابنفاطمة الزهراء سيّد النساء، ومالك لا تكون هكذا، وقد غذّتك كف سيّدالمرسلين وربيت في حجر المتقين، ورضعت من ثدي الاءيمان،


وفُطمت بالاءسلام، فطبت حيّاً وميتاً، غير ان قلوب المؤمنين غير طيّبةبفراقك ولا شاكّة في الخيرة لك. فعليك سلام الله ورضوانه، واشهد اءنّكمضيت علي ما مضي عليه اءخوان يحيي بن زكريا.


ثم جال ببصره حول القبر وقال: السلام عليكم ايّها الارواح التيحلّت بفناء الحسين واناخت برحله اشهد انّكم اقمتم الصلاة وتيتم الزكاة،وامرتم بالمعروف ونهيتهم عن المنكر، وجاهدتم الملحدين، وعبدتم اللهحتّي اتاكم اليقين.


والذي بعث محمّداً بالحق لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه.


قال عطية: وكيف؟ ولم نهبط وادياً ولم نعل جبلاً، ولم نضرببسيف، والقوم قد فُرّق بين رؤوسهم وابدانهم، واوتمت اولادهم،وارملت الازواج.


فقال: يا عطية سمعت حبيبي رسول الله(ص) يقول: مَن احب قوماً حُشرمعهم، ومَن احب عمل قوم اُشرك في عملهم، والذي بعث محمّداً بالحق نبيّاً اننيّتي ونيّة اصحابي علي ما مضي عليه الحسين واصحابه، خذوا بي نحوابيات كوفان، فلمّا مررنا في بعض الطرق فقال لي: يا عطية هل اوصيك؟


وما اظن اءنّني بعد هذه السفرة ملاقيك! احب محب ل محمّد مااحبّهم، وبغض مبغض ل محمّد ما ابغضهم، واءن كان صواماً قواماً، وارفقبمحب محمّد و ل محمّد فاءنّه، اءن تزل لهم قدم بكثرة ذنوبهم تثبت لهماُخري بمحبّتهم. فاءن محبّهم يعود اءلي الجنّة ومبغضهم يعود اءلي النار.4 ـ التعميم في نسبته في العمل:


والله تعالي ينسب جرائم الباء، في قتلهم للانبياء اءلي الابناء في اليهودالمعاصرين لرسول الله(ص) وليس فقط، يُحمل الابناء مسؤولية جرائمالباء ويُدينهم بها ويعاقبهم عليها، واءنّما ينسب فعل الباء اءلي الابناءمباشرة وبالصراحة.


قال: (فَلِم قَتَلْتُمُوهُم اءِن كُنتُم صَادِقِينَ).


والخطاب لليهود المعاصرين لرسول الله(ص) بالتاكيد: قل: (قُل فَلِمتَقْتُلُون أَنْبِيَاءَ اللّه مِن قَبْل اءِن كُنْتُم مُؤْمِنِينَ).


وافصح واصرح من ذلك كلّه قوله تعالي في خطابه لليهودالمعاصرين لرسول الله (ذ'لِك بِما قَدّمت ايديكم واءن الله ليس بظلاّم للعبيد)والخطاب لليهود المعاصرين لرسول الله(ص) (الابناء) من غير شك.5 ـ التعميم في الشهود والحضور:


وتتجاوز هذه السنّة الاءلهية في التعميم حدود المسؤولية والاءدانةوالثواب والنسبة، وتشمل الشهود والحضور فتنسب اءلي الغائبين الحضوروالشهود للموقع الذي غابوا عنه وتفصله عنهم مئاة السنين والمسافاتالممتدة الطويلة.


والشهود والحضور اعمق مراتب التعميم.


يقول الشريف الرضي في (نهج البلاغة): لمّا اظفر الله تعالي اميرالمؤمنين(ع) باصحاب الجمل قال له بعض اصحابه: وددت ان اخي فلاناًكان شاهداً ليري' ما نصرك الله به علي اعدائك.


فقال(ع): اهوي اخيك معنا؟


قال: نعم.


فقال: فقد شهدنا، ولقد شهدنا في عسكرنا هذا قوم في اصلاب الرجال وارحامالنساء، سيرعف الزمان بهم، ويقوي بهم الاءيمان.


وفي النهروان بعد ان استتبّت المعركة، وانتهت فتنة الخوارج تمنّياحد اصحابه ان يكون قد حضر اخ له المعركة.


فقال(ع): لقد شهد في هذا الموقف اُناس لم يخلق الله باءهم.


رحم الله السيّد الحميري يعكس هذا الوعي العميق للتاريخ واءرتباطالخلف بالسلف وتعميم الحضور في تاريخ الباء للابناء.. في ابيات منالشعر كلّها وعي ومعرفة، يقول رحمه الله:


انّي ادين بما دان الوصي بهيوم الربيضة من قتل المحلّينا


وبالذي دان يوم النهر دنت بهوصافحت كفّه كفي بـ (صفينا)


تلك الدماء جميعاً رب في عنقيومثلها معها مين مينا


من شهد امراً فكرههكان كمن غارب عنه


ومن غاب عن امرٍ فرضيهكان كمن شهده


ان (الرضا) يُحضر الغائب البعيد عبر القرون و(السخط) يغيبالحاضر الشاهد.


وعن الرضا(ع): مَن غاب عن امرٍ فرضي به كان كمن شهده وانساه.6 ـ التعميم في النتائج والسنن الاءلهية في المجتمع والتاريخ:


للطاعة والعصيان ثار ونتائج في حياة الناس الاءجتماعية.


يقول تعالي: ( وَلَوْ أَن أَهْل الْقُرَي' مَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَات مِنالسَّماءِ وَالْاَرْض وَل'كِن كَذَّبُوا فَاَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).


ويقول:(كَدَأْب ل فِرْعَوْن وَالَّذِين مِن قَبْلِهِم كَفَرُوا بِيَات اللّه فَاَخَذَهُم اللّهبِذُنُوبِهِم اءِن اللّه قَوِي شَدِيدُ الْعِقَاب* ذ'لِك بِاَن اللّه لَم يَك مُغَيِّراً نِعْمَة أَنْعَمَهَا عَلَي' قَوْمحَتَّي' يُغَيِّرُوا مَابِاَنْفُسِهِم وَأَن اللّه سَمِيع عَلِيمٌ).


ويقول تعالي: (قَدْ خَلَت مِن قَبْلِكُم سُنَن فَسِيرُوا فِي الْاَرْض فَانْظُرُوا كَيْفكَان عَاقِبَة الْمُكَذِّبِينَ).


وهذه النتائج والثارتجري في حياة الناس بموجب سنن الله تعاليوهي سنن حتميّة تجري بامر لله.


اءلاّ ان هذه السنن لا تخص العاملين والحاضرين فقط، واءنّما تشملالحاضرين والغائبين، اءذا كان يجمعهم الرضا والسخط.


تامّلوا في اليات المباركات من سورة البقرة (61) ول عمران(112) حيث يذكر الله تعالي العقوبات التي عاقب بها اليهود عليجرائمهم الكثيرة وقتلهم للنبيين.


وهذه العقوبة هي الذل والمسكنة والبدء بغضب الله. وهذه الذلّةوالمسكنة تجري في حياتهم السياسية والاقتصادية والاءجتماعيةبموجب سنن الله تعالي، في اءذلال العصاة والمتمردين.


ولكن الله تعالي عاقب اجيال الابناء من اليهود، بهذه السنّة بجرائمالباء، فعمّتهم العقوبة الاءلهية في الدنيا.


تامّلوا في هاتين اليتين من سورة البقره و ل عمران:


(وَضُرِبَت عَلَيْهِم الذِّلَّة وَالْمَسْكَنَة وَبَاءُوا بِغَضَب مِن اللّه ذ'لِك بِاَنَّهُم كَانُوايَكْفُرُون بِيَات اللّه وَيَقْتُلُون النَّبِيِّين بِغَيْرِ الْحَق ذ'لِك بِمَا عَصَوا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ).


( ضُرِبَت عَلَيْهِم الذِّلَّة أَيْن مَا ثُقِفُوا اءِلاَّ بِحَبْل مِن اللّه وَحَبْل مِن النَّاس وَبَاءُوابِغَضَب مِن اللّه وَضُرِبَت عَلَيْهِم الْمَسْكَنَة ذ'لِك بِاَنَّهُم كَانُوا يَكْفُرُون بِيَات اللّه وَيَقْتُلُونالْاَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَق ذ'لِك بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ).


وليس من شك ان هذه العقوبة التي سنّها الله تعالي لهم لم تخصاجيال اليهود الذين كانوا يقترفون جرائم قتل النبيّين بل تعم اجيال اليهوداينما ثقفو وهي من مصاديق سنّة التعميم.


(ع) ـ التعميم في النتائج والسنن الاءلهية في نفس الاءنسان:


تتحقق السنن الاءلهية في حياة الناس في مساحتين:


مساحة المجتمع والتاريخ.


وفي مساحة النفس.


وقد تحدثنا عن سنّة التعميم في السنن الاءلهية في مساحة المجتمعوالتاريخ ونقول الن ان سنّة التعميم، تشمل السنن الاءلهية في مساحةالنفس البشرية كذلك.


ففي سورة البقرة يحدثنا القرن عن مسلسل طويل من تعنّت بنياءسرائيلوكفرهم بانعم الله وعنادهم ولجاجتهم وتشكيكهم في يات اللهوقتلهم للنبيّين وعصيانهم وتمرّدهم.


ثم يقول القرن الكريم بعد ذلك في بيان سنّة الله تعالي في عقوبةبني اءسرائيل بعد كل هذا الجحود والكفران والعصيان:


(ثُم قَسَت قُلُوبُكُم مِن بَعْدِ ذ'لِك فَهِي كَالْحِجَارَة أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً).


ولاشك ان هذه القسوة في قلوبهم والتي يصفها الله تعالي بتحجّرالقلوب او اشد من ذلك كانت نتيجة لتلك الجرائم والجحود والمعاصيوتعبير القرن دقيق (ثُم قَسَت قُلُوبُكُم مِن بَعْدِ ذ'لِكَ) اي: من جرّاء هذهالمعاصي.


ولاشك ان المخاطبين بهذه الية اليهود المعاصرون لرسول الله(ص)بدليل سياق يات سورة البقرة وبدليل ضمير الخطاب في الية الكريمة(ثُم قَسَت قُلُوبُكُمْ).8 ـ تعميم اللعن والبراءة:


من مصاديق التعميم.. تعميم اللعن والبراءة للقتلة والمجرمينوالراضين بجرائمهم.


وفي النصوص الماثورة عن اهل البيت في زيارة الحسين(ع) نتلقيهذا التعميم بوضوح وصراحة.


ففي النص المعروف بزيارة وارث نقرا:لعن الله اُمّة قتلتك..ولعن الله اُمّة ظلمتك..ولعن الله اُمّة سمعت بذلك فرضيت به.


وهو نص عجيب، يستوقف الاءنسان للتامّل والتفكّر.


فهذه طوائف ثلاثة تعمّهم اللعن والبراءة من القتلة، والذين ايّدواالقتلة بالدعم والاءسنادة، والذين رضوا عنهم.اللعن والبراءة:


واللعن والبراءة هو اءعلان الفصل والبينونة الكاملة ولا يصح ولايجوز اللعن اءلاّ عند ما ينقطع خر الخيوط من وشائج الولاء في هذه الاُمّة.


فاءذا انقطعت هذه الخيوط خيطاً بعد خيط ووشيجة بعد وشيجة، عندذلك يكون كل من الفريقين اُمّة منفصلة عن الفريق الخر، فاءذا كانتاءحدي الاُمتين موضع رحمة الله مرحومة فلا محالة تكون الاُمّةالاُخري موضع غضب الله ملعونة. وهذا هو الحد الفاصل والحاسمبينهما.


فاءن الله تعالي قد وصل بين المسلمين بوشيجة الولاء، فقال تعالي:(والمؤمنون بعضهم اولياء بعض).


وهي اقوي الوشائج الحضارية في تاريخ البشرية، ومَن يدخل فيمساحة الولاء من المؤمنين يستحق من اعضاء هذه الاُسرة الكبيرة،النصر والسلام والعصمة، واقصد بالعصمة ان يحفظوا دمه وعرضهكرامته وماله، وقد اعلن رسول الله(ص) حق المسلم علي المسلمين فيالعصمة في خطاب عام القاه علي المسلمين في مسجد الخيف بمني،في خر حَجّة حجّها رسول الله(ص) بالمسلمين فقال: يا ايّها الناس اسمعوا مااقول لكم واعقلوه فانّي لا ادري لعلي لا القالكم بعد عامنا هذ. ثم قال: اي يوماعظم حرمة؟ قالوا: هذا اليوم. قال: فاي شهر اعظم حرمة؟ قالوا: هذا الشهر.قال: فاي بلد اعظم حرمة؟ قالوا: هذا البلد. قال: فان دماءكم واموالكم عليكمحرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا اءلي يوم تلقونه. فنسالكماعمالكم، الا هل بَلَغت قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد الا مَن كانت عنده امانة فليؤدهافاءنّه لا يحل دم امري مسلم ولا ماله اءلاّ بطيبة نفسه ولا ترجعوا بعدي كفّار.


ويحق عليه تجاه المسلمين العزة والسلام والعصمة ونقصد بالسلامان يسلم المسلمون من يده ولسانه.


فقد روي عن رسول الله(ص) في ذلك: المسلم من سلم المسلمون من يدهولسانه.


ولا نعرف فيما نعرف من العلاقات الحضارية علاقة اقوي وامتن،وفي نفس الوقت ارق من علاقة الولاء.


ويدخل في دائرة الولاء، هذه كل مَن يشهد ان لا اءله اءلاّ الله وان محمّداًرسول الله، فاءذا اشهدها دخل في عصمة الولاء وعصم من المسلمين دمهوماله وعرضه.


واءذا انقطع ما بينهما من العصمة كان كل فريق منهما اُمة ورحم اللهزهير بن القين كان واعياً لهذه الحقيقة لمّا خاطب جيش بني اُمية يومعاشوراء فقال لهم: يا اهل الكوفة نذار لكم من عذاب الله نذار. ان حقاًعلي المسلم لنصيحة اخيه المسلم، وحن حتّي الن اُخوة علي دين واحد مالم يقع بيننا وبينكم السيف فاذا وقع السيف انقطعت العصمة، وكنا اُمةوانتم اُمة.


وهذا وعي دقيق لحقيقة كبري من حقائق هذا الدين، فاءن العصمة اءذاارتفعت بين فريقين من المسلمين ووقع بينهما القتل، وبغي احدهماعلي الخر، كان كل فريق منهما اُمّة فاءذا كانت اءحداهما مرحومة كانتالاُخري ملعونة لا محالة.الطوائف الملعونة في زيارة (وارث):


نعود اءلي الطوائف الثلاثة التي ورد اللعن عليهم في زيارة وارث وهم:


القتلة، والمؤيّدين لهم، والراضين من فعلهم والنص كما يلي:لعن الله اُمّة قتلتكم..ولعن الله اُمّة ظلمتكم..ولعن الله اُمّة سمعت بذلك فرضيت به.


والطائفة الاُولي محدودة بمن حضر كربلاء، في محرم سنة61هجرية.


والطائفة الثانية اوسع من الطائفة الاُولي لانّها تشمل كل الذين دعمواوايّدوا القتلة وظلموا الحسين(ع)، حضروا كربلاء يوم عاشوراء سنة 61هجرية ام لم يحضروا كربلاء في هذا التاريخ.


والطائفة الثالثة اوسع هذه الطوائف جميعاً وتمتدّ علي اءمتداد التاريخوتتصل حلقاتها اءلي يومنا الذي نعيش فيه.


ومن العجيب ان هذه الطائفة تستحق من اللعن والعذاب والبراءة ماتستحقه الطائفة الاُولي والثانية.


وكان الحسين(ع) اءذا طلب النصرة من احد فلم يستجب له ينصحه انيبتعد عن الموقع لئلا يسمع استغاثته، فلا يغيثه، وكان يقول لهم مَن سمعواعينا فلم يعتنا، كان حقاً علي الله ان يكبّه علي منخره في النار.


وينعكس هذا الوعي للتاريخ وربط الحاضر بالمّاضي والاجيالبعضها ببعض في زيارة عاشوراء بصورة واضحة وبنصوص مؤثّره.وفيما يلي: ننقل بعض هذه النصوص:لعن الله اُمّة اسّست اساس الظلم والجور عليكم اهل البيت، ولعن الله اُمّةدفعتكم عن مقامكم وازالتكم عن مراتبكم التي رتّبكم الله فيها، ولعن الله الممهّدينلهم بالتمكين من قتالكم، برئت اءلي الله واءليكم منهم ومن اشياعهم واتباعهمواولياءهم: اءنّي سلم لمن سالمكم، وحرب لمن حاربكم اءلي يوم القيامة.عاشوراء في خارطة الولاء والبراءة:


الحياة ساحة صراع، والصراع هو العمود الفقري للتاريخ.


ولا نستطيع ان نعرّف التاريخ بافضل من هذا التعريف. فاءن التاريخهو الصراع وما عدا ذلك فهو علي هامش التاريخ وليس من صلبالتاريخ.


ولا اقصد بالصراع، الصراع الطبقي كما يقول ماركس، ولا نظريةالتحدي والاءستجابة في التنافس العسكري والاءقتصادي والسياسي واءنّمااقصد بالصراع الصراع بين التوحيد والشرك، وهو صراع الحق والباطل،وهذا هو بالذات جوهر التاريخ والعمود الفقري للتاريخ، وكل صراع خرعدا هذا الصراع، فهو علي هامش التاريخ، وليس من صلب التاريخ.


وهذا هو الصراع الذي به نهض باءمامته اءبراهيم(ع) في التاريخ وتبعهفي ذلك انبياء الله ورسله والصالحون من عباده وساحة الحياة يتقاسمهاهذا الصراع.


والناس، كل الناس، بين جبهتي هذا الصراع بدرجات ومواقعمختلفة، وتتداخل اطراف هذا الصراع وتتشابك الخطوط في الساحة حتّييصعب التمييز مَن الحق والباطل في ساحة الصراع.


ولابدّ للاءنسان الذي يريد ان يلتزم جانب الحق في هذا الصراع منمعرفة دقيقة لهذه الساحة ووعي وبصيرة نافذة لفرز الحق عن الباطل ولايستطيع الاءنسان ان ياخذ موقعه الصحيح في هذه الساحة المتشابكة منغير هذا الوعي والمعرفة.


والعامل الاهم في هذا الوعي هو التقوي.


(واتّقوا الله ويعلّمكم الله).


(وَمَن يَتَّق اللَّه يَجْعَل لَه مَخْرَجاً).


(يَا أَيُّهَا الَّذِين مَنُوا اتَّقُوا اللَّه وَمِنُوا بِرَسُولِه يُؤْتِكُم كِفْلَيْن مِن رَحْمَتِه وَيَجْعَللَكُم نُوراً تَمْشُون بِهِ).


وعاشوراء عامل دقيق للفرز بين الحق والباطل في هذه الساحةالتي طالما اختلط فيها الحق والباطل.


ولست ادري اي سرّ اودع الله تعالي في هذا اليوم العجيب من ايامالتاريخ، فقد كان عاشوراء منذ سنة 61 هجرية عاملاً اساسياً يشطر الناساءلي شطرين متميّزين شطر مع الحسين (ع)، وشطر ضد الحسين(ع).


والشطر الاوّل هو الشطر الذي وقف علي اءمتداد التاريخ مع الانبياءوالمرسلين وهو شطر الصالحين من الناس.


والشطر الثاني هو الشطر الذي تصدّي لدعوة الانبياء في التاريخوهو شطر المجرمين والمفسدين من الناس.


ذلك اءن الحسين وارث الانبياء والمرسلين، ودعوة الحسين(ع)اءمتداد لدعوة الانبياء، ويزيد كان علي نهج الطغاة في التاريخ، يرث عنهمبطغيانهم وطيشهم وصدّهم عن سبيل الله، وكبرياءهم وخُيلاءهم.


وهذا الشطران من الناس منتشران علي كل مساحة التاريخ، ولذلكفهما يصبغان كل التاريخ بصبغتهما الخاصة، فكل مَن ورث التوحيدوقِيَمه وكان مع الحق كان راضياً بموقف الحسين(ع)، وساخطاً عليموقف بني اُمية في عاشوراء. كان مع الحسين، وعلي خط الانبياءوالمرسلين.


وكل مَن ورث بطر بني اُمية وثرائهم واءستكبارهم وخروجهم عليحدود الله واحكامه وصدّهم عن سبيل الله، وسخطهم علي الحسين(ع) فيعاشوراء فهو ضد الحسين(ع) وعلي خط الطغاة والمستكبرين فيالتاريخ.


وعاشوراء، علامة فارقة بين هذين الشطرين من التاريخ والمجتمع،يشطر التاريخ والمجتمع اءلي شطرين متميّزين.


وكل احداث الصراع بين الحق والباطل يمكن ان تكون علاقة فارقةبين الحق والباطل في التاريخ والمجتمع، ولكن الله تعالي خص عاشوراء،من بين احداث كثيرة بهذه الميزة العظيمة الواضحة.


الموقف من هذين الشطرين الولاء و البراء، الولاء للشرطالاول والبراءة للشطر الثاني والحسين(ع) هو العلامة الفارقة والفاصلةبين هذا الشطرين.اءنّي سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم وولي لم والاكم وعدوّلمنعاداكم.


وتمتد مساحة كل من هذين الشطرين علي اءمتداد التاريخ والمجتمع،وهي اوسع المساحات جمعاً في حياة الناس.


ذلك ان عامل الرض والسخط يدخل في تلوين هذه الساحةبلون الولاء والبراءة والاولياء والاعداء.الولاء والبراءة بالموقف والعمل وليس بالنيّة:


والولاء و البراءة ليس بمعني ان يضمر الاءنسان الحبوالبغض والاءقبال والاءدبار، واءنّما هما موقفان بكل ما في الموقفمنمعني.


ولربّما يكون اصدق كلمة في التعبير عن هذين الموقفين هذهالجملة القوية والمؤثّرة في زيارة عاشوراء: اءنّي سلم لمن سالمكم وحربلمن حاربكم وولي لم والاكم وعدوّ لمن عاداكم.


ومساحة هذا السلم و الحرب من اولياء الحسين(ع) واعداءالحسين(ع) ليست عاشوراء او كربلاء فقط، واءنّما مساحة التاريخوالمجتمع... وعامل هذا البسط والسعة هو الرض والسخط، فنفهممن زيارة عاشوراء، هذا الوعي الدقيق للموقف من التاريخ والمجتمع.لعن الله اُمّة قتلتكم ولعن اللهالممهّدين لهم بالتمكين.


وهاتان طائفتان تمتدان علي مساحة واسعة من المجتمع. وتضيفزيارة وارث طائفة ثالثة اءلي دائرة اللعن والبراءة.ولعن الله اُمّة سمعت بذلك فرضيت به.


فلا يبقي بعد هذه التوسعة مساحة من التاريخ او المجتمع لا يشملهاموقف السلم و الحرب و الولاء و البراءة الذي تحدثنا عنه.


عاشوراء اءذن بطاقة اءنتهاء اءلي كل من هاتين الجبهتينالمتصارعين علي اءمتداد التاريخ، جبهة الحق وجبهة الباطل، وجبهةالتوحيد وجبهة الشرك.


والاءنتهاء اءلي كل من هاتين الجهتين يتم من خلال عاملين، همالعمل و الرض.الرضا الضحل والرضا العميق:


هذا كل اءذا كان الرض صادقاً، فان الاُمنية الكاذبة، والرغبة الكاذبة،والحب الضحل لا يُدخل الاءنسان في دائرة الولاء ولا يخرجه عن دائرةالبراءة.


ولا يكون الرضا السخط صادقين اءلاّ اءذا اقترنا بالعزم والعمل.


اما عند ما يكون الرض و السخط مجردين عن الموقفوالعزم والعمل فلا قيمة لمثل هذا الرضا والسخط.


وكان الشاعر الفرزدق ؛ دقيقاً في وعي هذه الحقيقة عندما سالهالحسين(ع) عما وراءه في العراق بعد ان غادر الحسين(ع) الحجاز اءليالعراق في ذي الحجة سنة ستين هجرية، فاجابه علي الخير وقعتقلوبهم معك، وسيوفهم عليك.


فان القلوب اءذا افترقت عن السيوف. فكانت القلوب في جانبالحسين(ع) والسيوف في جانب بني اُمية وخاضعة لاءرادتهم وسلطانهم..فسوف لن يكون بوسع هذه القلوب.


ان تُخرج اصحابها من دائرة اعداء الله وتُدخلهم في دائرةاولياءالله.


وقد وجدنا ان هذا الحب الضحل والضعيف الذي كان يضمره الناسفي العراق يومئذٍ للحسين(ع) لم يخرجهم من جبهة بني اُمية ولم يُدخلهميومئذٍ في جبهة الحسين(ع).


وليس بوسعنا نحن ان نضع (ولاءنا) في التاريخ والمجتمع في مثلهذا الموضع الضحل من الرضا والسخط والحب والبغض، واءنّما نواليالذين صدقوا في رضاهم وحبّهم لاولياء الله وصدقوا في سخطهم وبغضهملاعداء الله.


نسال الله تعالي ان يرزقنا حب اوليائه والرضا بمواقفهم وبغضاعدائه، والسخط عليهم، وان يرزقنا الصدق في هذا الرضا والسخطوالحب والبغض جميعاً.


المجمع العالمي لاهل البيت: قم المقدسة


/ 13