وقال في «الخصائص الكبرى» 2 ص184 أوتي يوشع حبس الشمس حين قاتل الجبّارين، وقد حُبست لنبيّنا (صلى الله عليه وآله) في الإسراء، وأعجب من ذلك ردُّ الشمس حين فات عصر عليّ (رضي الله عنه).
ورواه في «اللآلئ المصنوعة» 2 ص174-177 عن أمير المؤمنين وأبي هريرة وجابر الأنصاري وأسماء بنت عميس من طريق ابن مندة والطحاوي والطبراني وابن أبي شيبة والعقيلي والخطيب والدولابي وابن شاهين وابن عقدة. وذكر شطراً من رسالة أبي الحسن الفضلي في الحديث، وقال: الحديث صرَّح جماعةٌ من الأئمَّة والحفّاظ بأنَّه صحيحٌ.
وروى في «اللآلئ» 1 ص176 من غير غمز في سنده عن أبي ذرّ أنَّه قال: قال عليُّ يوم الشورى: «أُنشدكم بالله هل فيكم من رُدَّت له الشمس غيري حين نام رسول الله وجعل رأسه في حجري»؟! إلخ.
وقال في «نشر العلَمين» ص13 بعد ذكر كلام القرطبي المذكور قلت: وهو في غاية التحقيق، واستدلاله على تجدّد الوقت بقصَّة رجوع الشمس في غاية الحسن، ولهذا حكم بكون الصلاة أداءً وإلاّ لم يكن لرجوعها فائدةٌ، إذ كان يصحُّ قضاء العصر بعد الغروب.
وذكر هذا الإستدلال والإستحسان في «التعظيم والمنّة» ص8.
ـ نور الدين السمهودي الشافعي المتوفّى 911هـ والمترجم 1ص133(165)، قال في «وفاء الوفاء» 2 ص33 في ذكر مسجد الفضيخ المعروف بمسجد الشَّمس: قال المجد: لا يظنُّ ظانَّ أنَّه المكان الذى أُعيدت الشَّمس فيه بعد الغروب لعليٍّ (رضي الله عنه); لأنَّ ذلك إنَّما كان بالصهباء من خيبر.
ثمّ روى حديث القاضي عياض وكلمته وكلمة الطحاوي فقال: قال المجد: فهذا المكان أولى بتسميته بمسجد الشَّمس دون ما سواه. وصرَّح ابن حزم بأنَّ الحديث موضوعٌ، وقصَّة ردِّ الشَّمس على عليٍّ (رضي الله عنه) باطلةٌ بإجماع العلماء، وسفَّه قائله. قلت: والحديث رواه الطبراني بأسانيده، قال: الحافظ نور الدين الهيتمي: رجال أحدها رجال الصحيح غير أبراهيم بن الحسن وهو ثقةٌ، وفاطمة بنت عليِّ بن أبي طالب لم أعرفها.
وأخرجه ابن مندة وابن شاهين من حديث أسماء بنت عميس، وابن مردويه من حديث أبي هريرة، وإسنادهما حسنٌ، وممَّن صحَّحه الطحاوي وغيره. وقال الحافظ ابن حجر في فتح البارى بعد ذكر رواية البيهقي له: وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده في الموضوعات.
ـ الحافظ أبو العبّاس القسطلاني المتوفّى 923هـ والمترجم 1ص134(166)، ذكره في «المواهب اللدنيَّة» 1 ص358 من طريق الطحاوي، والقاضي عياض، وابن مندة، وابن شاهين، والطبراني، وإبي زرعة من حديث أسماء بنت عميس، ومن طريق ابن مردويه من حديث أبي هريرة.
ـ الحافظ ابن الدبيع المتوفّى 944هـ، والمترجم 1ص134(167) رواه في «تمييز الطيِّب من الخبيث» ص81 وذكر تضعيف أحمد وابن الجوزي له، ثمَّ استدركه بتصحيح الطحاوي وصاحب «الشفاء» فقال: وأخرجه ابن مندة، وابن شاهين وغيرهما من حديث أسماء بنت عميس وغيرها.
ـ السيِّد عبد الرَّحيم بن عبد الرَّحمن العبّاسي المتوفّى 963هـ، ذكر في «معاهد التنصيص» 2 ص190 من مقصورة ابن حازم:
فيالها من آية مبصرة
واعتورته شبهةٌ فضلَّ عن
وظنَّ أنَّ الشمس قد عادت له
والشمس ما رُدَّت لغير يوشع
لمّا غزا ولعلّي إذ غفا
أبصرها طرفُ الرقيب فامترى
تحقيق ما أبصره وما اهتدى
فانجاب جنح الليل عنها وانجلى
لمّا غزا ولعلّي إذ غفا
لمّا غزا ولعلّي إذ غفا
لأمير المؤمنين (عليه السلام)وقال: وحديث ردِّها صحَّحه الطحاوي والقاضي في «الشفاء»، وحسَّنه شيخ الإسلام أبو زرعة وتبعه غيره وردّوا على جمع قالوا: إنَّه موضوعٌ. وزعم فوات الوقت بغروبها فلا فائدة لردِّها(170) في محلِّ المنع، بل نقول: كما أنَّ ردَّها خصوصيَّة كذلك إدراك العصر الآن أداءً خصوصيَّةٌ وكرامةٌ. ثمَّ ذكر قصَّة أبي المنصور المظفَّر بن أردشير العبادي المذكورة.
وقال في شرح همزيَّة البوصيري ص121 في حديث شق القمر: ويُناسب هذه المعجزة ردُّ الشمس له (صلى الله عليه وآله) بعد ما غابت حقيقةَ لمّا نام (صلى الله عليه وآله) ـ إلى أن قال ـ : فرُدَّت ليصلّى ـ عليُّ ـ العصر أداءً كرامةً له (صلى الله عليه وآله). وهذا الحديث اختلف في صحَّته جماعةٌ، بل جزم بعضهم بوضعه، وصحَّحه آخرون، وهو الحقُّ. ثمَّ صرَّح بأنّ إحدى رواية أسماء صحيحةٌ وأُخرى حسنةٌ.
ـ الملاّ علي القارىء المتوفّى 1014هـ قال في «المرقاة» شرح «المشكاة» 4 ص287: أمّا ردُّ الشمس (صلى الله عليه وآله) فرُوي عن أسماء ـ ثمَّ ذكر الحديث ـ وقال بعد ذكر كلام العسقلاني المذكور: وبهذا يُعلم أنَّ ردَّ الشمس بمعنى تأخيرها، والمعنى أنَّها كادت أن تغرب فحبسها، فيندفع بذلك ما قال بعضهم: ومن تغفّل واضعه أنَّه نظر إلى صورة فضيلة ولم يلمح إلي عدم الفائدة فيها، فإنّ صلاة العصر بغيبوبة الشمس تصير قضاءً ورجوع الشمس لا يعيدها أداءً.
مع أنَّه يمكن حمله على الخصوصيّات، وهو أبلغ في باب المعجزات، والله أعلم بتحقيق الحالات.
قيل: يعارضه قوله في الحديث الصحيح: لم تحبس الشمس على أحد إلاّ ليوشع.
ويُجاب بأنّ المعنى لم تحبس على أحد من الأنبياء غيري إلاّ ليوشع(171).
ـ نور الدين الحلبي الشافعي المتوفّى 1044هـ والمترجم 1ص139(172)، قال في «السيرة النبويَّة» 1 ص413: وأمّا عود الشمس بعد غروبها فقد وقع له (صلى الله عليه وآله) في خيبر، فعن أسماء بنت عميس ـ وذكر الحديث ـ ثمَّ قال: قال بعضهم: لا ينبغي لمن سبيله العلم أن يتخلّف عن حفظ هذا الحديث لأنَّه من أجلَّ أعلام النبوَّة، وهو حديثٌ متَّصلٌ، وقد ذكر «في الإمتاع» أنَّه جاء عن أسماء من خمسة طرق وذكرها.
وبه يردُّ ما تقدَّم عن ابن كثير بأنَّه تفرَّدت بنقله امرأةٌ من أهل البيت مجهولةٌ لا يعرف حالها(173).
وبهُ يردّ على ابن الجوزي حيث قال فيه: إنَّه حديثٌ موضوعٌ بلا شك.
ثمَّ ذكر عن «الإمتاع» خامس أحاديثه، وحكى عن سبط ابن الجوزي قصّة أبي المنصور المظفَّر الواعظ 412.
ـ شهاب الدين الخفاجيّ الحنفيّ المتوفّى 1069هـ والمترجم 1ص140(174)، قال في شرح الشفا 3 ص11: ورواه الطبراني بأسانيد مختلفة رجالُ أكثرها ثقاتٌ.
وقال: اعترض عليه بعض الشّراح وقال: (إنَّه موضوعٌ ورجاله مطعونٌ فيهم كذّابون ووضّاعون). ولم يدرِ أنَّ الحقَّ خلافه، والّذي غرَّه كلام ابن الجوزي، ولم يقف على أنَّ كتابه أكثره مردودٌ، وقد قال خاتمة الحفّاظ السيوطي وكذا السخّاوي: إنَّ ابن الجوزي في موضوعاته تحامل تحاملاً كثيراً حتّى أدرج فيه كثيراً من الأحاديث الصحيحة، كما أشار إليه ابن الصَّلاح.
وهذا الحديث صحّحه المصنِّف (رحمه الله) أشار إلى أنَّ تعدُّد طرقه شاهد صدق على صحَّته، وقد صحّحه قبله كثيرٌ من الأئمَّة كالطحاوي، وأخرجه ابن شاهين، وابن مندة، وابن مردويه، والطبراني في معجمه وقال: إنَّه حسنٌ وحكاه العراقيُّ في التقريب (ثمَّ ذكر لفظه فقال): وإنكار ابن الجوزي فائدة ردِّها مع القضاء لا وجه له، فإنَّها فاتته بعذر مانع عن الأداء وهو عدم تشويشه على النبيِّ (صلى الله عليه وآله) وهذه فضيلةٌ أيَّ فضيلة، فلمّا عادت الشمس حاز فضيلة الأداء أيضاً.
إلى أن قال:
إنَّ السيوطي صنَّف في هذا الحديث رسالةً مستقلّة سمّاها «كشف اللبس عن حديث ردِّ الشمس». وقال: إنَّه سبق بمثله لأبي الحسن الفضلي أورد طرقه بأسانيد كثيرة وصحَّحه بما لا مزيد عليه، ونازع ابن الجوزي في بعض مَن طعن فيه من رجاله.
وقال في قول الطحاوي: (لأنَّه من علامات النبوَّة): وهذا مؤيِّدٌ لصحَّته، فإنَّ أحمد هذا من كبار أئمَّة الحديث الثقات، ويكفي في توثيقه أنَّ البخاري روى عنه في صحيحه، فلا يُلتفت إلى مَن ضعَّفه وطعن في روايته.
وبهذا أيضاً سقط ما قاله ابن تيميِّة وابن الجوزي من: أنّ هذا الحديث موضوعٌ. فإنَّه مجازفةٌ منهما. وما قيل من: أنَّ هذه الحكاية لا موقع لها بعد نصِّهم على وضع الحديث وإنّ كونه من علامات النبوَّة لا يقتضي تخصيصه بالحفظ، خلطٌ وخبطٌ لا يُعبأ به بعد ما سمعت، وذكر من الهمزيَّة:
رُدَّت الشمس والشروق عليه
ثمَّ ولّت لها صريرٌ وهذا
لفراق له الوصال دواءُ
لعليٍّ حتّى يتمَّ الأداءُ
لفراق له الوصال دواءُ
لفراق له الوصال دواءُ
ـ أبو العرفان الشيخ برهان الدين إبراهيم بن حسن بن شهاب الدين الكردي الكوراني ثمَّ المدني المتوفّى 1102هـ، ذكره في كتابه «الأُمم لايقاظ الهمم» ص63 عن «الذريَّة الطاهرة» للحافظ ابن بشير الدولابي، قال: قال: حدَّثني إسحق بن يونس، حدّثنا سُويد بن سعيد، عن مطلب بن زياد، عن إبراهيم بن حيّان، عن عبد الله بن الحسين، عن فاطمة بنت الحسين، عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: «كان رأس رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجر علّي وكان يوحى إليه، فلمّا سرى عنه قال لي: يا عليُّ صلّيت الفرض؟! قال: لا، قال: أُللّهم أنك تعلم أنُه كان في حاجتك وحاجة رسولك فردَّ عليه الشمس، فردَّها عليه فصلّى وغابت الشمس».
ثمَّ رواه من طريق الطبراني عن أسماء بنت عميس بلفظها الآتي ثمَّ قال: قال الحافظ جلال الدين السيوطي في جزء «كشف اللبس في حديث ردّ الشمس»: إنَّ حديث ردِّ الشمس معجزةٌ لنبيِّنا محمّد(صلى الله عليه وآله)، صحّحه الإمام أبو جعفر الطحاوي وغيره، وأفرط الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي فأورده في كتاب الموضوعات، وقال تلميذه المحدِّث أبو عبد الله محمّد يوسف الدمشقي الصالحي في جزء «مزيل اللبس عن حديث ردّ الشمس»: إعلم أنَّ هذا الحديث رواه الطحاوي في كتابه «شرح مشكل الآثار» عن أسماء بنت عميس من طريقين وقال: هذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات، ونقله القاضي عياض في «الشفاء»، والحافظ ابن سيِّد الناس في «بشرى اللبيب»، والحافظ علاء الدين مغلطاي في كتاب «الزهر الباسم»، وصحَّحه الحافظ ابن الفتح(176) الأزدي، وحسَّنه الحافظ أبو زرعة ابن العراقيِّ، وشيخنا الحافظ جلال الدين السيوطي في «الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة». وقال الحافظ أحمد بن صالح ـ وناهيك به ـ : لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلّف عن حديث أسماء، لأنَّه من أجلِّ علامات النبوَّة.
وقد أنكر الحفّاظ على ابن الجوزي ايراده الحديث في كتاب الموضوعات، فقال الحافظ أبو الفضل ابن حجر في باب قول النبي(صلى الله عليه وآله): «أُحلّت لكم الغنائم» من فتح الباري بعد أن أورد الحديث: أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في الموضوعات إنتهى، ومن خطّه نقلت، ثمَّ قال: إنَّ هذا الحديث ورد من طريق أسماء بنت عميس، وعليّ بن أبي طالب، وإبنه الحسين، وأبي سعيد، وأبي هريرة رضي الله عنهم(177). ثمَّ ساقها وتكلّم على رجالها ثمَّ قال: قد علمت ممّا أسلفناه من كلام الحفّاظ في حكم هذا الحديث وتبيّن حال رجاله انّه ليس فيه متَّهمٌ ولا من أُجمع على تركه، ولاح لك ثبوت الحديث وعدم بطلانه، ولم يبق إلاّ الجواب عمّا أُعلّ به، وقد أُعلّ بأُمور، فساقها وأجاب عن الأُمور التي أُعلّ بها بأجوبة شافية.
ـ أبو عبد الله الزرقاني المالكي المتوفّى 1122هـ والمترجم 1ص142(178)، صحّحه في «شرح المواهب» 5 ص113-118 وقال: أخطأ ابن الجوزي في عدِّه من الموضوعات. وبالغ في الردِّ على ابن تيميّة وقال: العجب العجاب إنمّا هو من كلام ابن تيميَّة. وقال بعد نقل نفي صحَّته عن أحمد وابن الجوزي قال الشامي: والظاهر أنّه وقع لهم من طريق بعض الكذّابين ولم يقع لهم من الطرق السابقة وإلاّ فهي يتعذَّر معها الحكم عليه بالضعف فضلاً عن الوضع، ولو عرضت عليه أسانيدها لاعترفوا بأنَّ للحديث أصلاً وليس بموضوع. قال: وما مهّدوه من القواعد وذكر جماعة من الحفّاظ له في كتبهم المعتمدة وتقوية من قوّاه يردُّ على من حكم بالوضع.
وقال: وبهذا الحديث أيضاً بان أنَّ الصلاة ليست قضاء بل يتعيَّن الأداءُ، وإلاّ لم يكن للدعاء فائدةٌ.
ثمَّ قال: ومن القواعد أنَّ تعدُّد الطريق فيه يُفيد أنَّ للحديث أصلاً، ومن لطائف الإتِّفاقات الحسنة أنَّ أبا المنصور المظفَّر الواعظ، وذكر القصِّة كما مرَّت.
ـ شمس الدين الحنفي الشافعيّ المتوفّى 1181هـ والمترجم 1ص144(179)، قال في تعليقه على « الجامع الصغير» للسيوطي 2ص293 في قوله (صلى الله عليه وآله): «ما حُبست الشمس على بشر إلاّ على يوشع بن نون»: لا ينافيه حديث ردِّ الشَّمس لسيِّدنا عليٍّ (رضي الله عنه); لأنّ ذلك ردُّ لها بعد غروبها، وما هنا حبسٌ لها لا ردٌّ لها بعد الغروب، والمراد ما حُبست على بشر غير يوشع فيما مضى من الزَّمان; لأنَّ (حُبس) فعل ماض، فلا ينافي وقوع الحبس بعد ذلك لبعض أولياء الله تعالى.
ـ ميرزا محمَّد البدخشي المذكور في ج1 ص143 قال في «نزل الأبرار» ص40: الحديث صرَّح بتصحيحه جماعةٌ من الأئمَّة الحفّاظ كالطحاوي والقاضي عياض وغيرهما. وقال الطحاوي: هذا حديثٌ ثابتٌ، رواته ثقاتٌ. ثمَّ نقل كلام الطحّاوي وذكر حكاية أبي المنصور المظفَّر الواعظ وقال: إنّ للحافظ السيوطي جزء في طرق هذا الحديث وبيان حاله.
ـ الشيخ محمَّدالصبّانالمتوفّى1206هـ والمترجم 1 ص145، عدَّه في إسعاف الراغبين ص62 من معجزات النبيِّ (صلى الله عليه وآله)ومن كرامات أمير المؤمنين (عليه السلام)وذكر الحديث ثمَّ قال: وصحَّحه: الطحاوي، والقاضي في «الشفاء»، وحسَّنه شيخ الإسلام أبو زرعة وتبعه غيره، وردّوا على جمع قالوا: إنَّه موضوعٌ، وزعم فوات الوقت بغروبها فلا فائدة لردِّها في محلِّ المنع لعود الوقت بعودها كما ذكره ابن العماد واعتمد غيره وإن اقتضى كلام الزركشي خلافه; وعلى تسليم عدم عود الوقت نقول: كما أنَّ ردَّها خصوصيَّةٌ كذلك إدراك العصر أداءً خصوصيَّةٌ.
ـ الشيخ محمَّد أمين بن عمر الشهير بإبن عابدين الدمشقي إمام الحنفيَّة في عصره المتوفّى 1252هـ قال في حاشيته1ص252 عند قول المصنِّف: لو غربت الشمس ثمِّ عادت هل يعود الوقت؟ الظاهر: نعم بحث لصاحب النهر حيث قال: ذكر الشافعيَّة أنَّ الوقت يعود لأنّه عليه الصّلاة والسّلام نام في حجر عليٍّ(رضي الله عنه)حتّى غربت الشمس فلمّا استيقظ ذكر له إنّه فاتته العصر. فقال: «اللهمَّ إنَّه كان في طاعتك وطاعة رسولك فارددها عليه»، فردَّت حتّى صلّى العصر، وكان ذلك بخيبر، والحديث صحَّحه الطحاوي وعياض، وأخرجه جماعةٌ منهم الطبراني بسند صحيح، وأخطأ مَن جعله موضوعاً كإبن الجوزي، وقواعدنا لا تأباه.
ثمَّ قال: قلت: على أنَّ الشيخ إسماعيل ردَّ ما بحثه في النهر تبعاً للشافعيَّة بأنَّ صلاة العصر بغيبوبة الشَّمس تصير قضاء ورجوعها لا يعيدها أداءً، وما في الحديث خصوصيَّةٌ لعلّي كما يُعطيه قوله (عليه السلام): «أنَّه كان في طاعتك وطاعة رسولك».
ـ السيِّد أحمد زيني دحلان الشافعي المتوفّى 1304هـ والمترجم 1 ص147(181) قال في «السيرة النبويَّة» هامش «السيرة الحلبيَّة» 3 ص125: ومن معجزاته(صلى الله عليه وآله) ردُّ الشمس له، روت أسماء بنت عُميس (وذكر الحديث ورواية الطحاوي وكلام أحمد بن صالح المصري فقال): وأحمد بن صالح من كبار أئمَّة الحديث الثقات وحسبه أنّ البخاري روى عنه في صحيحه. ولا عبرة بإخراج ابن الجوزي لهذا الحديث في الموضوعات، فقد أطبق العلماء على تساهله في كتاب الموضوعات حتّى أدرج فيه كثيراً من الأحاديث الصحيحة، قال السيوطي:
ومن غريب ما تراه فاعلمِ فيه حديثٌ من صحيح مسلمِ
ثمّ ذكر كلام القسطلاني في «المواهب اللدنيَّة» وجملة من مقال الزرقاني في شرحه ومنها قصَّة أبي المنصور الواعظ وشعره، ثمَّ حكى عن الحافظ ابن حجر نفي التنافي بين هذا الحديث وبين حديث: «لم تُحبس الشمس على أحد إلاّ ليوشع بن نون» بأنَّ حبسها ليوشع كان قبل الغروب، وفي قصَّة علّي كان حبسها بعد الغروب. ثمَّ قال: قيل: كان علم النجم صحيحاً قبل ذلك فلمّا وقف الشمس ليوشع (عليه السلام) بطل أكثره، ولمّا رُدِّت لعليٍّ (رضي الله عنه) بطل جميعه.
ـ السيِّد محمَّد مؤمن الشبلنجي، عدَّه في «نور الابصار» ص28 من معجزات رسول الله (صلى الله عليه وآله).
لفظ الحديث
عن أسماء بنت عميس، أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلّى الظهر بالصهباء من أرض خيبر، ثمَّ أرسل عليّاً في حاجة، فجاء وقد صلّى رسول الله العصر، فوضع رأسه في حجر علّي ولم يحرِّكه حتّى غربت الشَّمس، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «اللّهمَّ إنَّ عبدك عليّاً احتبس نفسه على نبيّه فردَّ عليه شرقها»، قالت أسماء: فطلعت الشَّمس حتّى رفعت على الجبال، فقام عليٌّ فتوضَّأ وصلّى العصر، ثمَّ غابت الشَّمس.
وهناك لفظٌ آخر نصفح عنه روماً للإختصار.
ويُعرب عن شهرة هذه الآثار بين الصحابة الأقدمين إحتجاج الإمام أمير المؤمنين بها على الملأ يوم الشورى بقوله: «أُنشدكم الله أفيكم أحدٌ ردَّت عليه الشَّمس بعد غروبها حتّى صلّى العصر غيري»؟ قالوا: لا(182).
وأخرج الخوارزمي في «المناقب» ص260 عن مجاهد عن ابن عبّاس قال: قيل له: ما تقول في عليِّ بن أبي طالب؟! فقال: ذكرت والله أحد الثقلين، سبق بالشهادتين، وصلّى بالقبلتين، وبايع البيعتين، وأُعطي السبطين، وهو أبو السبطين الحسن والحسين، وردَّت عليه الشمس مرَّتين بعد ما غابت من الثقلين.
ووردت في شعر كثير من شعراء القرون الأُولى حتّى اليوم، يوجد منه شطرٌ مهمٌّ في غضون كتابنا. راجع ج2 ص293(183) ج3 ص29، 57(184).
فبهذه كلّها نعرف قيمة ابن حزم وقيمة كتابه، ونحن لايسعنا إيقاف القارئ على كلِّ ما في «الفِصَل» من الطامّات، ولا على شطر مهمٍّ منه، إذ جميع أجزائه ولاسيَّما الجزء الرابع مشحونٌ بالتحكّم والتقوُّل والتحريف والتدجيل والإفك والزور، وهناك مذاهب مختلقة لا وجود لها إلاّ في عالم خيال مؤلِّفه.
وأمّا من القذف والسباب المقذع فلا نهاية له، بحيث لو أردنا إستيفاءه لكلّفنا ذلك جزءً، ولا يسلم أحدٌ من لدغ لسانه لا في فِصَله ولا في بقيَّة تآليفه، حتّى نبيُّ العظمة قال في «الأحكام»: قد غاب عنهم «يعني الشيعة» إنَّ سيِّد الأنبياء هو ولد كافر وكافرة(185).
أيُساعده في هذه القارصة أدب الدين؟! أدب التأليف؟! أدب العلم؟! أدب العفَّة؟!
(أأُلقي الذِّكرُ عَليه مِنْ بينِنا بَلْ هُوَ كذّابٌ أشِر * سيَعلمونَ غداً مَنِ الكذّابُ الأشرِ)(186).
الرأي العام في ابن حزم الأندلسي
ما عساني أن أكتب عن شخصيّة أجمع فقهاء عصره على تضليله، والتشنيع عليه، ونهي العوام عن الإقتراب منه، وحكموا بإحراق تآليفه ومدوّناته مهما وجدوا الضلال في طيّاتها، كما في لسان الميزان 4 : 200.
ويُعرِّفه الآلوسي عند ذكره بقوله: الضالّ المُضلّ، كما في تفسيره 21 : 76.
ما عساني أن أقول في مؤلِّف لا يتحاشا عن الكذب على الله ورسوله، ولا يبالي بالجُرأة على مقدَّسات الشرع النبويِّ، وقذف المسلمين بكلّ فاحشة، والأخذ بمخاريق القول وسقطات الرأي.
ما عساني أن أذكر عن بحّاثة لا يُعرف مبدؤه في أقواله، ولا يستند على مصدر من الكتاب والسنّة في آرائه، غير أنّه إذا أفتى تحكّم، وإذا حكم مان، يعزو إلى الاُمّة الإسلاميّة ما هي بريئةٌ منه، ويضيف إلى الأئمّة وحفّاظ المذهب ماهم بُعداء منه، تعرب تآليفه عن حقِّ القول من الرأي العام في ضلاله، وإليك نماذج من آرائه:
قال في فقهه (المحلّى) 10 : 482، مسألة: مقتولٌ كان في أوليائه غائبٌ أو صغيرٌ أو مجنون، اختلف الناس في هذا. ثمَّ نقلَ عن أبي حنيفة أنّه يقول: إنَّ للكبير أن يَقْتُلَ ولا ينتظر الصغار، وعن الشافعي: إنَّ الكبير لا يستقيد حتى يبلغ الصغير. ثمّ أورد على الشافعية بأنّ الحسن بن علي قد قتل عبد الرحمن بن ملجم ولعليّ بنون صغار، ثمَّ قال: هذه القصّة ـ يعني قتل ابن ملجم ـ عائدةٌ على الحنفيّين بمثل ما شنّعوا على الشافعيِّين سواء سواء; لأنَّهم والمالكيِّين لايختلفون في أنَّ مَن قتل آخر على تأويل فلا قَود في ذلك، ولا خلاف بين أحد من الاُمَّة في أنَّ عبد الرحمن بن ملجم لم يقتل عليّاً (رضي الله عنه) إلاّ متأوِّلاً مجتهداً مقدِّراً على أنَّه صواب، وفي ذلك قول عمران بن حطّان شاعر الصفريَّة:
يا ضربةً من تقيٍّ ما أراد بها
إنّي لأذكره حيناً فأحسبه
أوفى البريَّة عند الله ميزانا
إلاّليبلغ من ذيالعرش رضوانا
أوفى البريَّة عند الله ميزانا
أوفى البريَّة عند الله ميزانا
فهلمّ معي نُسائل كلُّ معتنق للإسلام أين هذه الفتوى المجرَّدة من قول النبيِّ (صلى الله عليه وآله) في حديث صحيح لعليّ (عليه السلام): «قاتلك أشقى الآخرين» ـ وفي لفظ: «أشقى الناس»، وفي الثالث: «أشقى هذه الاُمة» ـ كما أنَّ عاقر الناقة أشقى ثمود؟! أخرجه الحّفاظ الأثبات والأعلام الأئمّة بغير طريق، ويكاد أن يكون متواتراً على ما حدّد ابن حزم التواتر به، منهم:
إمامالحنابلة أحمد في المسند 4 : 263، والنسائي في الخصائص : 39، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة 1 : 135، والحاكم في المستدرك عن عمّار 3 : 140، والذهبيُّ في تلخيصه، وصحّحاه، ورواه الحاكم عن ابن سنان الدؤلي : 113، وصحَّحه وذكره الذهبيُّ في تلخيصه، والخطيب في تأريخه عن جابر بن سمرة 1: 135، وابن عبد البرّ في الإستيعاب (هامش الإصابة) 3 : 60 ذكره عن النسائي ثمّ قال: وذكره الطبري وغيره أيضاً، وذكره ابن إسحاق في السير، وهو معروف من رواية محمّد بن كعب القرظي عن يزيد بن جشم(188) عن عمّار بن ياسر، وذكره ابن أبي خيثمة من طرق، وأخرجه محبُّ الدين الطبريُّ في رياضه عن عليّ من طريق أحمد وابن الضحاك، وعن صهيب من طريق أبي حاتم والملا.