صلاة التراويح سنة أم بدعة
مقدّمة:
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين...
لقد حظيت مسألة حقيقة التشيّع ونشأته باهتمام الكثير من المؤلفينوالباحثين قديماً وحديثاً، وتضاربت فيها الاراء والافكار، حيث كان معظم المؤلفين فيها ينظرون الى الشيعة على أنها فرقة من الفرق التي ظهرت في فترة الانقسامات العقائدية، التي شملت شرائح واسعة من الاُمة الاسلامية، بسبب الاختلافات العقائدية التي ظهرت كنتيجة للانقسامات السياسية بعد مرور أقل من نصف قرن على بدء الهجرة النبوية، وحدوث فتن أدت الى انقسام المسلمين الى معسكرات متحاربة يستبيح فيها المسلم دم أخيه، وصارت كل فرقة تعتقد أو توحي على أنها هي صاحبة الحق وخصمها هو المبطل، ولاجل ذلك صارت الفرق الاسلامية تتسابق لتجسيد نظرياتها، من خلال تأوّل بعض النصوص القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة، ثم استفحل الامر أكثر من ذلك عندما بدأ منظّرو هذه الفرق ومتعصّبوها بالتجرّؤ على الحديث النبوي الشريف، فبدأت بوضع وتلفيق بعض الاحاديث التي تدعم وجهة نظرها من جهة، ووضع أحاديث اُخرى في ذم الفرق الاُخرى، فظهرت أحاديث مكذوبة من أمثال: سيكون في اُمتي قوم لهم نبز يقال لهم الروافض ، اقتلوهم فإنهم مشركون.
مع أنّ من المتعارف عليه عند المؤلفين في الفرق أن اسم الروافض قد اطلقه زيد بن علي بن الحسين(ع) على الذين فارقوه أثناء ثورته على الاُمويين، وأن هذه المفردة وغيرها من الاسماء التي اُطلقت على الفرق المخالفة للجمهور لم تكن معروفة في زمن النبي(ص) .
ومن الاحاديث التي اكتسبت صفة شبه التواتر بعدما روتها كل الفرق حديث انقسام الاُمة الى ثلاث وسبعين فرقة، كلّها هالكة إلاّ واحدة، فحاولت كل فرقة أن تثبت أنها هي المعنيّة بالفرقة الناجية وأنّ ما عداها هالك في النار!
وممّا زاد الطين بلّة أنّ هذه العقائد قد بدأت تترسخ على مرّ الايام، ودخلت هذه الاحاديث المكذوبة في المجاميع الحديثية وصارت تلقّن على انّها من كلام النبي(ص) ، مع أنّ هذه الاسماء والمصطلحات لم تكن معروفة في عصر الرسالة ومابعدها بقليل، ولم تبدأ بالانتشار إلاّ بعد أن بدأت المعارك الكلامية تحتدم بين المسلمين بعد انفتاحهم على الثقافات الاجنبية للاُمم التي دخلت في الاسلام، أو التي تمّ ترجمة تراثها الى العربية، وبدأت كل مدرسة تكوّن لها فلسفة خاصة في العقيدة، مستفيدة من المصطلحات التي أغنتها بها فلسفة وفكر اليونان، والفرس، والهنود وغيرهم.
وعندما بدأ عصر التدوين بالازدهار، وأدلى المفكرون المسلمون بدلوهم في مختلف العلوم والفنون ، كان أتباع مدارس الكلام قد بدأوا ينظّرون النظريات في الخلافة والامامة واُسلوب الحكم. وكانت الطامة عندما بدأت الكتابة في الفرق والمذاهب والاديان، فقد كان معظم الكتّاب في هذا المضمار، كالشهرستاني والبغدادي وغيرهما من الجمهور، الذي يمثّل هوى ورأي الاكثرية في الاُمة الاسلامية، والذي اصطلح فيما بعد على تسميته بأهل السنة والجماعة، فكانت هذه المؤلفات كلّها تركز على نقطة معينة، وهي محاولة حصر الفرق الاسلامية بثلاث وسبعين فرقة، ثمّ بيان ضلال اثنتين وسبعين منها وإثبات أنّ الفرقة التي تمثّل الجمهور هي الفرقة الناجية، وأنّ بقية الفرق ـ ومنها الشيعة ـ هي ليست إلاّ فرقاً من المبتدعة الزائغة عن جادة الصواب. ولاجل إثبات ذلك فقد تضاربت الاراء في نشأة هذه الفرقة وعقائدها، فنسبت تارة الى أنها أتباع ابن سبأ وتستمد عقائدها من اليهودية، وتارة الى أنّها فارسية تستمد أفكارها من عقائد المجوس، واُخرى الى أنّها فرقة تكوّنت كردّ فعل على ما جرى على أهل بيت النبيّ(ص)من بلاء، كواقعة كربلاء واستشهاد الحسين(ع) ، ومن قبله استشهاد علي بن أبي طالب(ع).
وهكذا تضاربت الاقوال في تاريخ نشأة التشيّع، فعزا البعض نشأتها الى ما بعد حادثة السقيفة، وآخرون أرّخوها بعصر
عثمان وأحداث الفتنة، وآخرون عزوها الى بدء معركة الجمل، أو صفين، أو الى ما بعد استشهاد الحسين(ع).
وكان سبب هذه النظرة الغائمة الى نشأة التشيع ، هو عدم معرفة حقيقة التشيّع كخط يمثّل حقيقة الاسلام بكل مظاهره وعقائده، وأنه ليس حدثاً طارئاً على فكر الاُمة الاسلامية أو عقيدة مستوردة من إحدى الاُمم، بل هي عقيدة إسلامية بكل معنى الكلمة، بذر بذرتها الاُولى النبيّ الاكرم(ص) ، واستمرت في النموّ يوماً بعد يوم يُغذّيها أهل البيت(ع) ، ويبيّنون ملامحها ويدرءون عنها الشبُهات ويحاربون المتطفّلين والمتسللين إليها، ويفضحون المتستّرين بأهل البيت(ع) للوصول الى أغراض اُخرى تستهدف هدم الاسلام.
ومن هنا جاء الخلط عند البعض، فحاولوا أن ينسبوا عقائد اُولئك المتسللين الى الشيعة على أنها تمثّل الفكر والاتجاه والعقيدة الشيعية ، ملصقين بالشيعة عموماً تهمة التحريض والتآمر على الاسلام، حتى قالوا بأن التشيّع أصبح ملاذاً لكل الافكار الهدّامة، التي تستهدف القضاء على العروبة والاسلام. على ذلك سار الاوّلون وتبعهم الاخرون.
ومن المؤسف حقاً أن ينبري الباحثون المعاصرون للطعن في الشيعة والتشيّع بالاعتماد على ما قيل فيهم من خصومهم، دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء البحث عن الحقيقة والاطلاع على عقيدة كلّ فرقة من خلال تراثها. وبخاصة فإنّ العصر الحديث قد أتاح كلّ ذلك وهيّأ أدوات البحث العلمي لكلّ من أراد الوصول الى الحقيقة بتجرّد.
إنّ سلامة النيّات هي التي تحدّد اتجاه الباحث عن الحقيقة، فإذا فقد هذا الشرط فإنّه لا أمل في ظهور الحقيقة على كتاباته.
على أن الزمن لم يعدم عدداً من الباحثين ـ ومن بينهم بعض المستشرقين ـ ممن لا يتوخّون سوى الحقيقة، فاكتشفوا وكشفوا عن وجه الحقيقة أو بعضها، كما انبرى مؤلفو الشيعة وباحثوها ،الى تصنيف الكتب وتدوين أبحاثهم في هذا المجال، لكي تكون سابلاً لمن يريد أن يتصدى للبحث في هذا الموضوع طلباً للحقيقة.
وبحثنا هذا هو إحدى هذه المحاولات المتواضعة ، عسى الله أن ينفع بها من يريد أن ينتفع أو يلقي السمع وهو شهيد، والله من وراء القصد.
الاسـلام والتسليـم
قال ابن منظور : الاسلام والاستسلام : الانقياد.
والاسلام من الشريعة: إظهار الخضوع واظهار الشريعة والتزام ما أتى به النبي(ص) ، وبذلك يحقن الدم ويستدفع المكروه،
وما أحسن ما اختصر به ثعلب ذلك فقال: الاسلام باللسان
والايمان بالقلب.
وأما الاسلام : فإنّ أبا بكر محمد بن بشار، قال: يقال فلان مسلم، وفيه قولان: أحدهما هو المستسلم لامر الله، والثاني هو المخلص لله العبادة([1]).
ومن هنا يمكن أن نتبيّن أنّ هناك فرقاً قد لا يبين لاوّل وهلة بين الاستسلام لامر الله، وبين الاخلاص للعبادة، فالمعنى الاوّل هو أكثر استيعاباً لحقيقة الايمان الذي يحكم علاقة الفرد بربّه، فإنّ الاستسلام لامر الله يتضمن التعبّد المطلق لكل أوامر الله ونواهيه، دون أن يكون للفرد أي إرادة أمام إرادة المولى سبحانه وتعالى، وتبعاً لذلك فإنه يخضع خضوعاً تاماً لكلّ ما جاء به النبي(ص) ، باعتباره مبلِّغاً عن الله، وإيماناً منه بأنّ النبيّ لا ينطق عن الهوى، بل بوحي من الله سبحانه، وهذا ينسحب على كلّ ما يأمر به أو ينهى عنه النبي(ص)، سواء ما كان يتعلق بالاحكام التشريعية وأداء العبادات، أو حتى ما يتعلق بالخصومات والخلافات التي قد تقع بين أفراد الاُمة، وذلك عملاً بقوله تعالى: (وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)([2])، وقوله تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردّوه الى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر)([3])، وقوله تعالى: (فلا وربّك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً ممّا قضيت ويسلّموا تسليما)([4]).
فمن هنا يتبين أن الاسلام الذي يريده الله سبحانه من عباده، هو المتضمن لكل معاني التسليم لقرارات النبي(ص) ، حتى لو كانت هذه المقررات ممّا يخالف ما تهواه نفس الانسان وتصبو إليه، أو
كان الفرد يعتقد أنّ المصلحة تقتضي غير ذلك، فأخبر الله سبحانه وتعالى أنّ التسليم لامر الله ورسوله مقدّم على مقتضيات المصلحة، التي يراها الفرد باجتهاد منه أو تبعاً لبعض الاعراف السائدة، وأنّ الاسلام الحقيقي يجب أن يتضمن الخضوع والاستسلام المطلق لارادة النبي(ص) أيضاً،باعتباره مبلّغاً عن الله وأن طاعته هي امتداد لطاعة الله سبحانه.
أما الاصطلاح الثاني الذي هو الاخلاص لله في العبادة، فهو يتضمن اخلاص التعبد لله في المسائل الشرعية التي تتضمن العبادات المتعلقة بأداء الجوارح، كالصلاة والصوم والحج وما الى ذلك، وهي في مفهومها أضيق من مفهوم التسليم المطلق لاوامر النبي(ص) ونواهيه، لانّ التعبد بالاحكام الشرعية قد يتساوى فيه كثير من الناس ويجتهدون فيه، إلاّ أن الفرد منهم قد لا يتحمل التعرض لاي فتنة، أو بلاء، أو قد لا يسلم لحكم يعتقد أنّ المصلحة في غيره.
لقد عبّر القرآن عن هذين المفهومين وميّز بينهما ، فسمى الاوّل إيماناً والثاني إسلاماً، عندما خاطب الاعراب، بقوله: (قالت الاعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الايمان في قلوبكم)([5]) ، وهذا يعني أن الاعراب ربّما لم يقصّروا في تأدية التكاليف الشرعية المفروضة عليهم. إلاّ أنّ القرآن قد نبّههم على أنّ ذلك ليس هو الايمان الذي يتضمّن معنى التسليم المطلق لله تعالى وللرسول(ص)، وقد تبيّن ذلك من مواقفهم، أو مواقف البعض منهم في غزوة تبوك، مثلاً عندما تخلّفوا عن النبي(ص) ،ونزل القرآن بذمّهم، لانهم اعتقدوا المصلحة في عدم الامتثال لامر النبي(ص) وظنّوا أن في الامر سعة وتساهلاً قد يبرّر تخلّفهم، فنزل القرآن بتوبيخهم وتوبيخ بعض الصحابة الذين نهجوا نهجهم، وكان موقف القرآن شديداً منهم.
الاجتهاد في مواقف بعض الصحابة
إنّ استعراض تاريخ فترة الرسالة يؤكد لنا حقيقة مفادها: أنّ الصحابة لم يكونوا كلّهم على درجة واحدة من التسليم لاوامر النبي(ص) ، فقسم منهم كان يتلقى أوامر النبيّ ونواهيه ووصاياه على أنها من المسلّمات التي لا ينبغي تجاوزها بأي شكل من الاشكال ـ وهم أقلية ـ بينما كان هناك من يرى أنّ تعليمات النبي(ص) يمكن مناقشتها([6])، بل وحتى مخالفتها إذا اعتقدت ضرورة تستدعي ذلك([7])، أو أنّ في ذلك مصلحة ، أو حتى من باب التنزّه عن بعض ما يفعله النبيّ(ص)، وقد جاءت بذلك أخبار كثيرة، منها:
أن النبيّ(ص) عندما خرج بأصحابه في طلب قافلة أبي سفيان، وما كان من تدبير أبي سفيان وقدرته على النجاة من أيدي المسلمين، وما أعقبه من خروج مشركي مكة للدفاع عن أموالهم، حيث وجد المسلمون أنفسهم وجهاً لوجه أمام قريش في خيلها وسلاحها، وكانت رغبة النبيّ(ص) واضحة في مناجزة القوم، خصوصاً وأنّ زعماء المشركين وعلى رأسهم أبو جهل كانوا مصرّين على مقاتلة المسلمين(وظنّهم انّها) فرصة لاستئصال شأفتهم والاستراحة من النبي(ص) ومن دعوته الى الابد، وكان رجوع النبي(ص) مع المسلمين دون مناجزة يعدّ فراراً من القتال، بل ربّما شجّع المشركين على غزو المسلمين في عقر دارهم،
وفي ذلك خطر عظيم. ولكن الصحابة رغم معرفتهم برغبة النبيّ(ص) في القتال، إلاّ أن الكثير منهم لم يؤيد الفكرة، حتى قال له بعضهم : هلاّ ذكرت لنا القتال حتى نتأهّب له! إنا خرجنا للعير، وفي رواية: يا رسول الله! عليك بالعير ودع العدو، فتغيّر وجه رسول الله(ص). قال أبو أيوب: وفي ذلك أنزل الله تعالى: (كَمَا أخرَجَكَ رَبُّكَ
مِن بيتِكَ بِالحَقِّ وإنّ فَرِيقاً مِن المُؤْمنِينَ لَكَارِهُون)([8]).
وحينما خرج النبيّ(ص) الى بدر ـ وكان ذلك في شهر رمضان ـ فصام يوماً أو يومين ثم رجع ونادى مناديه: يا معشر العصاة، إني مفطر فافطروا! وذلك أنه كان قد قال لهم قبل ذلك: افطروا فلم يفعلوا([9]).
بل إنّ البعض كان موقفه مثبّطاً للنبيّ(ص) في عزمه على القتال، فلما استشار النبي(ص) أصحابه قام عمر بن الخطاب، فقال: يا رسول الله! إنّها والله قريش وعزُّها، والله ما ذلّت منذ عزّت ، والله ما آمنت منذ كفرت، والله لا تُسلم عزّها أبداً ولتقاتلنّك. فأعرض عنه النبي(ص)([10])...
وفي الطرف الاخر نجد صحابة آخرين كان موقفهم مغايراً لموقف اُولئك ، فإنّ المقداد بن عمرو قام، فقال: يار سول الله!
امضِ لامر الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيّها: (فاذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون)([11])، ولكن اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون، والذي بعثك بالحقّ لو سرت بنا الى برك الغماد لسرنا معك، فقال له رسول الله(ص)خيراً.
وقام سعد بن معاذ من الانصار فكان ممّا قاله للنبي(ص): ... إنّا قد آمنّا بك وصدّقناك، وشهدنا أنّ كلّ ما جئت به حقّ، وأعطيناك مواثيقنا وعهودنا على السمع والطاعة، فامضِ يا نبيّ الله، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك ما بقي منّا رجل، وصِلْ من شئت، واقطع من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، وما أخذت من أموالنا أحبّ إلينا ممّا تركت، والذي نفسي بيده ما سلكت هذا الطريق ومالي بها من علم، وما نكره أن يلقانا عدوّنا غداً، إنّا لصُبّر عند الحرب، صدق عند اللقاء، لعلّ الله يريك منّا ما تقرّ به عينك([12]).
فمن هذه الكلمات تتبيّن مواقف الصحابة التي كانت تتأرجح بين التسليم وعدمه.
وبالاضافة الى ذلك فقد بدأت تظهر على مواقف بعض الصحابة نظرة جديدة تتمثل بتغليب آرائهم على رأي النبي(ص) ، أو بتعبير آخر الاجتهاد في مقابل النصّ النبوي، والذي قد يؤدي بالنتيجة الى عدم الامتثال لامر النبي(ص)، وقد بدا ذلك في مناسبات عديدة، فعن أبي سعيد الخدري: أنّ أبا بكر جاء الى رسول الله(ص) فقال:
يا رسول الله إني مررت بوادي كذا وكذا فإذا رجل متخشّع حسن الهيئة يصلي، فقال له النبيّ(ص): اذهب فاقتله .
قال: فذهب إليه أبوبكر فلمّا رآه على تلك الحال كره أن يقتله، فرجع الى رسول الله(ص) ، قال: فقال النبي(ص) لعمر: اذهب فاقتله. فذهب عمر فرآه على تلك الحال التي رآه أبو بكر، فكره أن يقتله، فرجع، فقال: يا رسول الله اني رأيته يصلّي متخشّعاً فكرهت أن أقتله. قال: يا علي إذهب فاقتله قال: فذهب عليّ فلم يره، فرجع علي، وأخبر رسول الله بأنّه لم يره. فقال النبي(ص): إنّ هذا وأصحابه يقرأون القرآن ما يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم في فوقه فاقتلوهم، هم شرّ البرية([13]).
وفي صلح الحديبية أعطى النبيّ(ص) لقريش كل ما طلبوا منه ، بينما صرّح بعض الصحابة بأنه إعطاء الدنيّة، رغم أنّ النبيّ(ص) قد أمضاه وهو أعلم بالمصلحة فيه من غيره، ولا يمكن تصوّر أنّ النبيّ(ص) يقدم على أمر فيه ضرر على الاسلام والمسلمين، ورغم ذلك فإنّ بعض الصحابة اعتقد أنّ له الحقّ في الاعتراض على القرار النبويّ، حتى قال عمر بن الخطاب للنبي(ص) معترضاً ـ كما ذكرالبخاري عن لسان عمر نفسه ـ ، فقلت: ألستَ نبيّ الله حقاً؟! قال: بلى، قلت: ألسنا على الحقّ وعدوّنا على الباطل؟! قال: بلى، قلت: فَلِم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟!
قال(ص): إنّي رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري. قلت: أوليس كنت تحدّثنا أنّا سنأتي البيت فنطوف به؟! قال: بلى ، أفأخبرتك أنّا
نأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنّك آتيه ومطوّف به . قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبيّ الله حقاً؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحقّ وعدوّنا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: أيّها الرجل، إنّه لرسول الله وليس يعصي ربّه وهو ناصره فاستمسك بغرزه فوالله إنّه لعلى الحق.
فقلت : أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنّك آتيه ومطوّف به . قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً.
فلمّا فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله(ص) لاصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا. قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلمّا لم يقم منهم أحد دخل على اُمّ سلمة فذكر لها مالقي من الناس، فقالت اُم سلمة: يا نبيّ الله، أتحبُ ذلك؟ اُخرج ثم لا تُكلّم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بُدنك وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلّم أحداً منهم حتى فعل ذلك. نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه ، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتى كاد
بعضهم يقتل بعضاًغمّاً...([14]).
وهذه الحادثة تدلّنا على غرابة مواقف بعض الصحابة، فبعد أن أخبر النبيّ(ص)عمربن الخطاب بأنّه رسول الله(ص) الذي لا يعصي ربّه، وكفى ذلك في إثبات صحة موقف النبيّ، وبعد أن أخبره أيضاً بأنّه سيأتي البيت ويطوف به في غير هذا العام، فإنّ جواب النبي(ص) لم يكن كافياً لاقناع عمر بضرورة الامتثال دون مناقشة، إذ إنه ذهب الى أبي بكر وأعاد عليه نفس المسألة، وتبدّى الامر بشكل أفظع حين امتنع الاصحاب من طاعة النبي(ص) عندما أمرهم بالنحر والحلق!
وتكرّرت مخالفات الصحابة لاوامر النبيّ(ص) بعد ذلك حتى بدأ النبيّ(ص) يشكو علناً مما يلقاه من الاذى من مخالفاتهم واعتراضاتهم المتكررة عليه.
فعن عائشة أنّها قالت: قدم رسول الله(ص) لاربع مضين من ذي الحجة أو خمس فدخل عليَّ وهو غضبان، فقلت من أغضبك يا رسول الله؟ أدخله الله النار! قال: أوما شعرت أ نّي أمرت الناس بأمر فإذا هم يتردّدون ، ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي معي حتى اشتريه ثم أحلّ كما حلّوا([15]).
وجاء عنها أيضاً أنّها قالت: صنع النبي(ص) شيئاً ترخّص فيه، وتنزّه عنه قوم فبلغ ذلك النبي(ص)فحمد الله ثم قال: ما بال أقوام يتنزّهون عن الشيء أصنعه؟! فوالله انّي أعلمهم بالله وأشدّهم له خشية([16]).
فكأنّ القوم كانوا يجهلون أنّ النبيّ(ص) كان أشدّهم تقوى ومخافة من الله! وما بالهم يظنّون به الظنون ويتوهمون أنّ فعله قد يكون مخالفاً لامر الله حتى يتنّزهوا عنه ويستنكفوا منه!
وبلغ الامر بالبعض الى مخالفة أوامره ونواهيه الصريحة، سواء منها في صغائر الاُمور أو أكابرها، وكأنّهم ظنّوا أنّ لهم الحقّ في التصرف والافتاء بما يخالف قول النبيّ(ص)، فعن جابر أنّه قال: نهانا رسول الله(ص)أن نطرق النساء، فطرقناهن بعد!([17])
تفاقم الامر
لقد أدّت جرأة بعض الصحابة على أوامر النبي(ص) وتعليماته، الى استفحال الظاهرة حتى تكوّنت قناعة لدى البعض بأنّهم ملزمون باتّباع النبيّ(ص) فيما يبلغهم من الوحي عن الله سبحانه، وفيما يتعلق باُمور العبادة فقط، أما الاُمور التي تتعلق بالقيم الاجتماعية الموروثة، أو ببعض العادات والاعراف، أو حتى فيما يتعلق باُمور التنظيم السياسي وشكل نظام الحكم من بعد النبي(ص)، فقد رأوا أنّ من حقّهم أن يبتّوا فيها بأنفسهم وأن يخالفوا النصوص النبويّة إذا ماتصوروا أنّ المصلحة في غيرها . وقد ظهر ذلك جليّاً في موقفهم من تأمير اُسامة بن زيد، رغم أنّ النبي(ص)كان هو الذي قد ولاّه قيادة الجيش وعقد له اللواء بيديه الشريفتين، فإنّ ذلك لم يمنع بعض الصحابة من الاعتراض على فعل النبي(ص)، والطعن في إمارة اُسامة زعماً منهم أنّ حداثة سنّه لا تؤهّله لكي يتأمّر على مشيخة المهاجرين والانصار، وفيهم أمثال أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وغيرهم([18])!
حتى خرج النبيّ(ص) مغضباً، فصعد المنبر وهو في مرضه الشديد وقال:
أيّها الناس، ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري اُسامة؟! ولئن طعنتم في تأميري اُسامة، لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله، وأيمُ الله إنّه كان لخليقاً بالامارة، وإنّ ابنه من بعده لخليق بها([19]).
وعلى الرغم من تشديد النبيّ(ص) أوامره بالتعجيل ببعث اُسامة ، فقد ظلّ الناس يتثاقلون عنه حتى توفي النبي(ص) قبل أن يغادر البعث مواقعه في الجرف، بل وكاد البعث أن يُلغى، أو على الاقل يُغيّر أميره([20]).
لقد وصل موقف بعض الصحابة في عدم الامتثال لاوامره(ص)الى ذروته وذلك قبيل وفاة النبي (ص)بفترة وجيزة ، فقد أخرج جمع من المحدّثين والمؤرّخين وأرباب السّير، ـ واللفظ للبخاري ـ عن ابن عباس، أنّه قال: لما حُضِر رسول الله(ص) وفي البيت رجال فيهم عمربن الخطاب، قال النبيّ(ص): هلمّ أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده فقال عمر: إنّ النبيّ(ص) قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله.
فاختلف أهل البيت فاختصموا، منهم من يقول: قرّبوا يكتب لكم النبيّ(ص) كتاباً لا تضلّوا بعده، ومنهم من يقول ما قاله عمر، فلمّا أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي(ص)، قال لهم رسول الله(ص): قوموا عنّي فكان ابن عباس، يقول: إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله(ص)وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم([21]).
وفي لفظ آخر للبخاري عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال: يوم الخميس وما يوم الخميس، اشتدّ برسول الله(ص) وجعه فقال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً، فتنازعوا ـ ولا ينبغي عند نبيّ تنازع ـ فقالوا: ما شأنه؟! أهجر؟ استفهموه، فذهبوا يردّون عليه فقال:دعوني فالذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه، وأوصاهم بثلاث، قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت اُجيزهم وسكت عن الثالثة، أو قال فنسيتها([22]).
ولا أدري أيّ مصلحة كانت في منع النبي(ص) ، من كتابة ذلك الكتاب الذي كان سيعصم الاُمة من الضلال، حتى أنّ ابن عباس سمّاه بالرّزية وكان يبكي حتى يبلّ الحصى بدمعه، كما تذكر بعض الروايات، إلاّ أن يكون موضوع الكتاب متعلقاً بأمر يعتبره البعض متنافياً مع ما يراه من المصلحة، كما سوف يتبيّن لنا فيما بعد.
المرجعيـّـة الدينيّــة
إنّ المرجعية الدينية عند الاُمم السالفة كانت منحصرة في الغالب بأيدي رجال الدين أو الكهنة إذا صح التعبير، وكانت السلطة الزمنية منفصلة عن السلطة الدينية، فكان فراعنة مصر رغم اعتبارهم أنفسهم من نسل الالهة، إلاّ أنّ ذلك كان في الحقيقة لقباً تشريفياً لهم أكثر منه واقعياً، فالملوك لم يكونوا يتولون من الاُمور الدينية إلاّ بعض أشكال شعائرها التي كان الكهنة في الغالب يقومون بتحضير طقوسها، وكان هؤلاء الكهنة هم المرجع الديني لاهل البلاد، وكان ملوك مصر يحكمون في الغالب في الاُمور التي تتعلق بسياسة الملك وإدارة البلاد، بينما كان الكهنة في معابدهم يتولون الاُمور المتعلقة بشعائرهم الدينية، ويقال مثل ذلك عن معظم الاُمم الاُخرى.
وفي الديانات السماوية تحوّلت الوظائف الدينية الى أيدي الحاخامات في الديانة اليهودية، والبابوات في الديانة المسيحية، حيث كانت السلطة السياسية منحصرة في أيدي الساسة الذين كانوا يتولون ادارة البلاد، وإن كانوا ـ حرصاً على موالاة الشعب ـ يتظاهرون بتمسّكهم بتعاليم رجال الدين ويضفون عليهم هالات التقديس والتعظيم، تاركين لهم التصرف في الشؤون المتعلقة بالدين، بينما ينصرفون هم الى تدعيم ملكهم وممارسة سلطاتهم الزمنية.
وعندما هاجر النبيّ(ص) الى يثرب تشكّلت نواة دولته الاسلامية فيها، وأصبح النبيّ(ص) جامعاً للسلطتين الدينية والزمنية معاً، فهو المعلّم والمرشد في كل ما يتعلق باُمور الشريعة، وبيان الاحكام الشرعية داعياً أتباعه للاستنان بسنّته في كلّ ماله علاقة بالدين، حتى قال لهم: صلّوا كما رأيتموني اُصلي ، وهو في الوقت ذاته القائد السياسي الذي ينظّم شؤون دولته، كما تجلّى ذلك في الصحيفة التي كتبها في بدء هجرته وعلى أساسها تمّ تنظيم العلاقة بين أتباعه من جهة، وبينهم وبين سكان المدينة الاخرين ممن لم يتّبعوه كاليهود وغيرهم من جهة اُخرى، وكان هو القائد العام للجيش الذي قاد المعارك الكبرى، وكان يبعث السرايا ويُؤمّر عليها بعض أصحابه كلّما دعت الحاجة الى ذلك، فكان النبيّ(ص) هو قائد المجتمع بكلّ معنى الكلمة، الماسك بزمام السلطتين معاً.
لقد فهم المسلمون من تدابير النبي(ص) أنّ هذا الامر مستمر بعده، وأنّ الذي سوف يخلفه يجب أن يقتدي به ، فهو الامام المتّبع الموكّل بحفظ الشريعة المتمثّلة بالحكم بكتاب الله وما في سنّة النبي(ص)، الى جانب كونه الحاكم الذي يدير اُمور الدولة الاسلامية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، فالدين في الاسلام لا ينفصل عن السياسة العامة للدولة الاسلامية، والذي يخلف النبيّ(ص) ينبغي أن يعمل وفق هذا الخط، وبما أنه لا يمكن أن يتساوى أفراد المجتمع الاسلامي في درجة الكفاءة للقيام بمثل هذه المهمة البالغة الخطر، فلابد إذاً من أن تجتمع في الخليفة صفات ومواهب خاصة تمكّنه من القيام بعمله وحفظ الشريعة وصيانة الدولة من أيِّ خطر يتهددها في كلّ مجال.
وإذا كانت بعض الشؤون المتعلقة بالسلطة الزمنية قابلة للاجتهاد فيها حسب مقتضيات المصلحة، فإنّ الاُمور المتعلقة بالناحية الشرعية لا تقبل مثل هذا الاجتهاد الذي قد يقود الى الاستخفاف والتهاون بالشريعة شيئاً فشيئاً، ممّا يعرّض المرجعية الدينية الى عواصف قد لا تصمد أمامها على مرّ الايام فينشأ من هناك الخطر من وقوع التحريف في هذه الشريعة، وبالتالي ضياع كثير من الاحكام الشرعية، وتكثر العثرات في تطبيقها. لذا يمكن القول بأنّ للمرجعية الدينية شروطاً لا يمكن لمن لم تتوفر فيه أن يتصدى لتولّي هذه المرجعية بما يحمله ذلك من الخطر عليها، ومن هنا تبرز أهمية أن نعرف ما إذا كان النبيّ(ص)قد حدّد خطوط هذه المسألة، وبيّن شروط المتصدّي لها، ونصّ على شخص أو أشخاص بعينهم، أم أنّه ترك الامر للاُمة لكي تقرّر ذلك وتبيّن الاصلح للتصدّي لهذه المرجعية حسب مقتضيات ما تراه من المصلحة.
([1]) لسان العرب: 12/293 .
([2]) الحشر (59) : 7 .
([3]) النساء (4): 59 .
([4]) النساء (4): 65 .
([5]) الحجرات (49): 14 .
([6]) و (2) السيرة النبوية والاثار المحمدية بهامش السيرة الحلبية : 1/370 ـ 373 .
([8]) السيرة النبوية والاثار المحمّدية ، لاحمد زيني دحلان بهامش السيرة الحلبية: 1/371، والاية في سورة الانفال: 5 .
([9]) المغازي للواقدي: 1/47 ـ 48 .
([10]) المصدر السابق .
([11]) المائدة (5): 24 .
([12]) المغازلي للواقدي: 1/47 ـ 48 .
([13]) مسند احمد: 3/15 .
([14]) صحيح البخاري: 2/81، كتاب الشروط ، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، صحيح مسلم: باب صلح الحديبية.
([15]) صحيح مسلم: 4/34، سنن ابن ماجة: 2/993، مسند احمد: 4/286 و6/175، وفي رواية البراء بن عازب أن النبي قال: اجعلوا حجكم عمرة فقال الناس: يا رسول الله، كيف نجعلها عمرة وقد أحرمنا بالحج؟ قال: انظروا الذي آمركم به فافعلوه، فردّدوا عليه القول... الخ. قال الذهبي: هذا حديث صحيح من العوالي، أخرجه ابن ماجة، سير اعلام النبلاء: 8/498.
([16]) صحيح البخاري: 8/145 .
([17]) المصنف لابن أبي شيبة : 7/727، مسند الحميدي: 2/543، مسند أحمد: 3/308، مسند أبي يعلى: 3/373.
([18]) الطبقات الكبرى لابن سعد: 2/190، تاريخ اليعقوبي: 2/74 ط بيروت، الكامل لابن الاثير: 2/317، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي: 1/53، السيرة الحلبية: 3/207، السيرة النبوية لدحلان بهامش السيرة الحلبية: 2/339، كنز العمال: 5/312، انساب الاشراف: 1/474، ترجمة اُسامة من تهذيب تاريخ دمشق.
([19]) الطبقات الكبرى لابن سعد: 2/190، تاريخ اليعقوبي: 2/74 ط بيروت، الكامل لابن الاثير: 2/317، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي: 1/53، السيرة الحلبية: 3/207، السيرة النبوية لدحلان بهامش السيرة الحلبية: 2/339، كنز العمال: 5/312، انساب الاشراف: 1/474، ترجمة اُسامة من تهذيب تاريخ دمشق، وانظر المغازي للواقدي: 3/1119 .
([20]) تاريخ الطبري: 3/226، الكامل: 2/335، السيرة الحلبية: 3/209.
([21]) صحيح البخاري: 1/22، كتاب العلم.
([22]) صحيح البخاري: 5/137 باب مرض النبيووفاته، ووردت بلفظ مقارب في الجزء الرابع ؤصفحة 65 من صحيح البخاري كتاب الجزية باب إخراج اليهود من جزيرة العرب، والسكوت عن الوصية الثالثة من جانب ابن عباس أو إدعاء سعيد نسيانها توحي بخطوره موضوعها وهو ما سوف يتبيّن في الابحاث القادمة، وانظر أيضاً صحيح البخاري : 8/61، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة باب كراهية الخلاف ، وصحيح مسلم: 5/75 كتاب الوصية، ومسند أحمد: 4/356 ح 2992، بسند صحيح وغيرها من المصادر.