فلسفة الحج و أسرار مناسکه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فلسفة الحج و أسرار مناسکه - نسخه متنی

عباسعلی عمید الزنجانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




الحجّ دافِعٌ لنهضة العالَم


لتوضيح البعد
السياسي للحجّ، نعتمد سنداً أفضل ونصّاً أوضح وأصلاً أثبت، وهو كلام الله
المجيد في القرآن الكريم، والذي يُعرّف الكعبة صراحة على أنّها العامل
والدافع لقيام النّاس ونهضتهم

{ جَعَلَ
الله الكعبة البيت الحرامَ قياماً
للنّاس }99.

إنَّ الوجود
والاستقلال والحركة والسلطة والاعتماد أو الاتّكال على النفس، ونبذ التبعيّة
للآخر، وإنّ التكتُّل والمساواة والمشاركة الفعّالة تعدّ كلّها من أهمّ
مقومات المفاهيم السياسية في العصر الحاضر وما تحتاجه الشعوب الإسلامية
بإلحاح. إنّ كلّ تلك المفاهيم اجتمعت في كلمة واحدة ألا وهي (القيام) كما هو
الحال مع بيت الله الذي جعل ملاذاً وأمناً: {وإذ جعلنا البيت مثابة للنّاس
وأمنا }100 ويتضمّن مفاهيم سياسية
كبيرة.

إنّنا نرى جانباً
من المحاكاة والانسجام في حكمة السعي بين الصفا والمروة ونموذجاً للكفاح
المتواصل101، وحين يُزاحم الشيطان
هذا الكفاح وتلك المحاكاة والانسجام يهرول إبراهيم (عليه السلام) للفرار
من براثنه ومن الوقوع في حبائله102. ولهذا
يقوم الكلّ بالسعي فينهار الجبابرة والحاقدون بذلّ وخِزْي، كما يوضحه لنا
الإمام الصادق (عليه السلام)

«ما مِنْ بُقعة
أحبُّ إلى الله عزّوجلَّ مِنَ المَسْعى لأنَّهُ يَذِلُّ كلُّ
جبّار»103.

وفي ليلة العيد
تندفع الجموع نحو المشعر الحرام ذاكرين الله سبحانه

{ فإذا
أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر
الحرام }104، لكن العدو ما يزال
يترصّدنا محاولا النَّيل من ذكر الله ومنع لعن عدوّ الله، ذلك أن المشعر هو
مكان الشعور والإحساس والمعرفة المكتسبة فلا يتّسع عرفات لكلّ هذا الشعور،
إنّه الشعور الذي يجبر الإنسان على القيام بوظيفته والدعوة إلى الجهاد مع
وجود متقابل بين تينك العلاقتين. وفي أرض الشعور هذه يستيقظ الجميع ويستعدّ
لمحاربة الشيطان غداً فيفكّرون في السلاح اللازم لذلك، وجيش التوحيد العظيم
والسلاح ينتظران الصباح للذهاب نحو أرض الفداء ليريقوا دم الهَدي مُؤدّين
بذلك عملا إبراهيميّاً آخر105معلنين عبوديّتهم للباري
عزّوجلّ من خلال تنفيذه أمره، وهذه القرابين هي الّتي ستكون مركب نجاتنا
ونجاحنا غداً106 حيث اعتبرها الله تعالى
من الشعائر: { والبُدن جعلناها
لكم من شعائر الله }107 وإراقة دم القربان عامل
من عوامل الحسّ واليقظة الخالدة للإسلام، الذي يفرض علينا الطواف والمسلخ
معاً والمسجد والجهاد على حدّ سواء.

وفي الجمرات حيث
مأوى العدو، وقبل إعطائه فرصة الاعتداء والتسلّط، تبدأ الحملة المسلحة ضدّه،
فالكلّ يضرب ويسدّد حجره نحو العدو، لالمرة واحدة بل لسبع مرات متواصلة
ولمدّة ثلاثة أيّام متوالية، يضربون الشيطان الأكبر والمتوسّط وكذلك، صغار
الشياطين والعدو الذي لم يُضرب بعد لن يبقى في المكان نفسه على أيّة
حال.

إنَّ على الحجّ
اليوم أن يكون مثالا للحجّ زمن إبراهيم والرسول (صلى الله عليه وآله
وسلم)ومليئاً بالشعور السياسي والعسكري متمثّلاً في السيل الجارف للحجّاج،
وانعكاس هذا الشعور بصورته المصغرة في أرض الواقع في المجتمع الإسلامي
الملياري في كلّ العالم يحيل وحدتهم في الحجّ ووعيهم إلى واقع ملموس في
حياتهم اليومية.

ولاريب في أنّ
مثل هذا الشعور السياسي موجود في كلّ المحاولات في حياة المسلمين في العالم،
والمسلمون قادرون على خلق هذا الشعور لامحالة، وتشكيل وحدة تجمعهم وتحضّرهم
وتدفعهم إلى كسر الأغلال والعبودية السياسية والعسكرية.

فلو عرَّفنا
السياسة بأنّها حسن التدبير لأمور مجتمع ما أو كيفيّة تنظيم العلائق
الاجتماعية، أو وعي الإنسان لمحيطه وبيئته ومجتمعه. والمصير المشترك والحياة
المشتركة له وبمجتمعه الذي يعيش فيه وينتمي إليه، أو أيّ تعريف آخر، ومهما
يكن ذلك التعريف فإنَّ أيَّ سياسة وأيّ حادثة سياسية تحتاج إلى التدبير
والتفكّر، وأنَّ أيّ تدبير عاقل يجب أن يُبنى على الأمل والرّجاء.

ويستغرق الإنسان،
الذي يروم التفكير والعمل الجدّي للمجتمع غداً، أقول: يستغرق لأيّام في وادي
الآمال والأمنيات في (منى) في موسم الحجّ، فعليه أن يُشبع أفكاره ويغذّي روحه
ويتزوّد من الوليمة المبسوطة عند اهداء الدم ورجم الخونة الكبار والصغار،
وعند النضال ضد الشياطين، كما أوصى إبراهيم (عليه السلام) في منى: «هناك
يا إبراهيم تمنّ على ربّك ما شئت»108 ولذلك
سُمّي الوادي بوادي (منىً)109، فلا شك في أن الحياة
الإنسانية تذبل وتموت بموت الآمال وتحطّم
الأمنيات110.

ويتطلّع ويطّلع
المسلمون في اجتماع الحج على المشاكل السياسية والآلام الاجتماعية لكلّ منهم،
فيصلون إلى الحلول المناسبة بالمشاركة الوجدانية والانسجام والتعاون، حلول
مبينية على الأصول والمعايير الإسلامية111، ويسعون
إلى استئصال جذور المشاكل السياسية وعلى رأسها التبعيّة للتسلّط الشيطاني
للعدوّ الخارجي، ويتّخذون التدابير اللازمة للحيلولة دون وقوع المؤآمرات
المتواصلة للاستكبار العالمي، عدوّ الإسلام والشعوب الإسلامية الذي لايُصالح،
وإيجاد التعاون فيمابين المسلمين كافّة.

إنَّ الكثير من
المسلمين المقتدرين من الناحية الجسمية والحالة المادية والعقلية الممتازة
يرون ويشهدون كلّ سنة تجلي الوحدة الإنسانية في مراسم الحجّ، ويتوصّلون إلى
أنَّ حقيقة الإنسانية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالفطرة والإيمان والقيم العليا
وهي موجودة بالطبع في هذه الجموع. ويستنتجون مدى الظلم الذي تفرضه الامتيازات
والعنصرية القائمة على أساس العرق واللّون واللغة والمحيط وغير
ذلك.

إنّهم يدخلون
دورة تعليمية سياسية فيخلصون إلى الصعوبة التي تكمن وراء تنفيذ مشروع الأمّة
والإمامة مع وجود كلّ عوامل الفرقة والانفصالية.

ويتعرّف جميع
المسلمين المستطيعين والمقتدرين على التحقّق الواقعي (بشكل رمزي) للأمّة
الواحدة والحركة المشتركة ووحدة الهدف والتكتُّل وعلى انموذج من الإمامة مرّة
واحدة على الأقلّ في عمرهم.

والحقّ أنَّ
اتّحاد المجتمع الإسلامي الكبير الذي يُعدّ أحد أسمى القيم والأهداف السياسية
والاجتماعية للإسلام يُكتسب أثناء قيام المراسم العظيمة للحجّ وبصورة عينية،
فيتجسّد للمسلمين الطريق الأمثل لمحاربة عوامل التفرقة، كأنّي بهم وهم
يشتركون باللباس والعمل والحديث والأصل والهدف والشكل، يتدرّبون على الاتّحاد
في جميع نواحي حياتهم112.

/ 12