الفصل الثالث
في ذكر صفة المسجد
الحرام ، وأبوابه وأسمائها وأساطينه ، وما فيه من القباب في صحن
المسجد ، وما على رواقه ، وصفة زمزم المكرم ، والصفا
والمروة .
اِعلم أيّها الأخ
اللبيب ، جعلني الله وإياك في جوار المعصومين(عليهم السلام) أن المسجد
الحرام أيضاً بعض جوانبه أطول من بعض ، وهو متسع مُحصَّبٌ إلاّ خلف
المقام ، وحيث يوقف درجة البيت والمنبر ، وبين يدي زمزم فإنه مفروش
مرّخم ، وطوله أربعمائة ذراع ، وعرضه مائتان وسبعون ذراعاً سوى
الزيادتين الآتي ذكرهما ، وجدرانه عالية ، وشراريفه بادية ،
وفي كلّ ركن من الأربعة منارةٌ طويلةٌ ، وما بين جدار العرض الذي في
مقابل وجه الكعبة أيضاً منارتان ، وما بين جدار الطول الذي في مقابل
العرض الشامي الذي فيه الميزاب أيضاً منارة ، والكعبة في وسط المسجد
كالعروس ، وجملة عدد منائر المسجد سَبعُ منائر ، وفيه زيادتان
خارجتان من تربيعه :
فالأولى في الطول المقابل
للعرض الشامي .
والثانية في جانب عرضه
لظهرها .
وأما أبوابه : فتسعة عشر
باباً .
الباب الأول : باب
السلام وله ثلاثة منافذ .
الباب الثاني : باب
الدريبة وله مدخلٌ واحد .
الباب الثالث : باب
السُّويقة ، وهو في الزيادة الأولى ، له أيضاً ثلاثة
منافذ .
الباب الرابع : باب
الفهود ، وهو في الزيادة الأولى وله مدخلٌ
واحد .
الباب الخامس : باب
العجلة ، وهو مشهور بباب الباسطية وله مدخلٌ
واحد .
الباب السادس : باب
السُّدة وله مدخلٌ واحد ، ولجنبه من جهة اليمين بيت الفقير ،
ومتصلٌ به مسكني وله شبابيك تجاه الكعبة الشريفة ، والحمدلله الذي جعلني
من جيران بيته الحرام .
الباب السابع : باب
العُمرة وله مدخلٌ واحد .
الباب الثامن : باب
إبراهيم ، وهو في الزيادة الثانية وعليه قصرٌ عال ، وله مدخلٌ
واحد .
الباب التاسع : باب
حزورة ، وهو في الزيادة الثانية وعليه قصر عال ، وله مدخلٌ واحد
الى حزورة ، وعوام الناس يُسمونه عزورة
بالعين المهملة ، وهو غلطٌ; لأن صاحب «النهاية» ذكر في كتابه حزورة
بالحاء المهملة>39 ،
وذكر حديث عبدالله بن الحمراء أنه
سمع رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهو واقفٌ بالحزورة من مكّة ، وهو
موضع عند باب الحنّاطين .
روى رئيس الطائفة محمد بن
الحسن الطوسي(رحمه الله) في كتاب (التهذيب) الحديث هكذا : الحسن بن
سعيد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله(عليه
السلام)قال : «خَطّ إبراهيم(عليه السلام) بمكّة ما بين الحَزورة الى
المسعى»>40
وله مدخلان .
الباب العاشر : باب أمّ
هاني ، له مدخلان .
الباب الحادي عشر : باب
الرحمة ، وله مدخلان .
الباب الثاني عشر : باب
المجاهدية ، وله مدخلان .
الباب الثالث عشر : باب
جياد ، وله مدخلان .
الباب الرابع عشر : باب
الصَّفا ، وله خمسة منافذ .
الباب الخامس عشر : باب
البغلة ، وله مدخلان .
الباب السادس عشر : باب
بازان ، وله مدخلان .
الباب السابع عشر : باب
أمير المؤمنين ، وإمام المتّقين ، ويَعسوبُ المسلمين ، وقائد
الغُرّ المحجّلين ، قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، أسد
الله الغالب ، علي بن أبي طالب(عليه السلام) وله ثلاثة
منافذ .
الباب الثامن عشر : باب
العباس ، وله ثلاثة منافذ .
الباب التاسع عشر : باب
الجنائز ، وله مدخلان .
فجملة منافذه ومداخله تسع
وثلاثون .
وأمّا أساطينه التي هي خارجة
عن الجدار ، خمسمائة أسطوانة ، ففي طوله المقابل لعرضها اليماني
ثلاثة صفوف ، وفي طوله المقابل لعرضها الشامي ـ وفيه الزيادة
الأولى كما تقدم ـ ثلاثة صفوف أيضاً ، وفي بعضه أربعة . وفي عرضه
المقابل لوجه الكعبة ثلاثة صفوف ، وفي
عرضه المقابل لظهرهاثلاثة صفوف أيضاً.
فجملة الخمسمائة في هذه
الصفوف الإثني عشر ، والتي غير خارجة تقرب من ستين
أسطوانة ، والله أعلم .
وأما الذي في صحن المسجد من
القباب فثلاث :
القبة الأولى :
قبة العباس(رضي الله عنه) وهي مربعة حسنة البناء ، ولها شراريف ،
ولها ستة شبابيك حديد من جهاتها ، وملصقٌ الى ظهرها قبة صغيرة قد ضمّها
تربيعاً حتى صارتا كالقبة الواحدة لم يفترقا إلاّ في المدخل . وفي وسطها
حوضٌ مستدير متوسط العظم من ألواح رخام مضلّعة بالرصاص ، وفي وسطه قصبة
لدخول الماء .
القبة الثانية : قبة الفراشين ، وهي
مربعة أيضاً ، ولها ستة شبابيك ، وفي زاويتها الشرقية حجر فيه أثر
قدم النبي(صلى الله عليه وآله) والله أعلم .
القبة الثالثة : قبة زمزم ، وهي مربعة
عالية،ولهاثمانية شبابيك حديدمن جهاتها الثلاث ، وسقفها
منفرجٌ وملصق اليها من جهتها التي تقابل باب الصَّفا فيه [فتحة] صغيرة
مستطيلة، لها ثلاثة شبابيك حديد وعلى سطح الكبير رواق
مزخرف،يؤذنون فيه،وعليه قبةٌ لها هلال ، وله درجٌ أوله
عند الباب وآخره على عجزالقبة، وفي رأس الدرج باب
صغيرٌ .
وأمّا بئر زمزم : وهو في وسط هذه
القبة أي الكبيرة ، وطوله أربعون ذراعاً وعليه خرزة من ألواح رصاص لها
أضلاع ، بين كلّ ضلع منها والآخر لوح رخام ، وعلى دوريها طوقان من
حديد بينهما أميال من حديد ، بين كلّ ميلين لوحٌ من نحاس مستديرة
كاستدارتها ، وارتفاع هذه الخرزة ذراع وثُلثا ذراع ، وعرضها شبرٌ
وثلاثة أصابع ، ودورها عشرون ذراعاً ، وهي عظيمة الهيكل ،
هائلة المنظر ، وعليه بكراتٌ في الخشبتين المغروزتين ، أحد طرفيهما
في جدار الباب ، وطرفهما الآخر في الجدار المقابل له ، الذي ينتهي
اليه طرف المطاف ، وعلى الخشبتين خشبتان اُخريان لتغليق
البكرات .
وأمّا القباب اللاّتي على رواق المسجد :
مائة وعشرون قبة ، واللاّتي على الزيادتين إحدى وثلاثون قبة ، ست
عشرة في الأولى ، وخمس عشرة في الثانية .
وأما الأمكنة المُبتدعة>41
لكلّ إمام فلا حاجة الى
ذكرها .
وأما الصّفا : كما روي
عن المعصومين(عليهم السلام) أن المصطفى ـ آدم ـ نزل عليه; لأن الله تعالى قال
في كتابه العزيز : {إنّ اللهَ اصْطَفى آدمَ وَنوحًا وَآلَ إبراهيمَ
وَآلَ عِمْرانَ عَلى العالمين}>42 وعليه بيوت لأهل مكّة . وفي أصل الجبل دكوك مبنية وثلاثة من العقود
المتصلة بعضها الى بعض :
الدّكة الأولى : لها
ثلاث دُرج .
والثانية : لها أربع
دُرج .
والثالثة : لها أربعُ
دُرج .
والرابعة : لها
درجتان .
وأما المروة : أيضاً
جَبَلٌ نزلت عليه حواء(عليها السلام) ووجه تسميته هو أنّ المرأة نزلت
عليه ، كما روي أيضا عنهم(عليهم السلام) ، وعليه أيضاً بيوت أهل
مكّة ، وفي أصل الجبل دكّة واحدة أرفع من أرض المسعى
بدرجتين .
وبين الصّفا والمروة سوق
للعطّارين وغيرهم ، ليس عليه سقف ، ومن وقف على الصفا يرى المروة
وبالعكس .
ومن الصفا الى المروة خمسمائة
وثلاثون خطوة إنسان معتدل القامة .
* * *