عثمان ردحا من أيامه ثم حداه عيه عن تلفيق الخطبة بصورة مرضية، فكانت الناس تتفرق
عن استماعها، إلى تقديمها على الصلاة ليمنعهم انتظارهم لها عن الانجفال، ثم اقتص أثره
عماله والمتغلبون على الأمة من بعد من بني أبيه وإن افترقت العلة فيهم عنها فيه، فإنهم
لما طغوا في البلاد طفقوا يسبون أمير المؤمنين عليا عليه السلام في خطبهم، فكان الحضور لا
يستبيحون ذلك فيتفرقون، فبدا لهم تقديمها لإسماع الناس.
وأول من أحدث أحدوثة السب هو معاوية، فالشنعة عليه في المقام أعظم ممن بدل
السنة قبله، فإنه وإن تابع البادي على البدعة غير أنه قرنها بأخرى شوهاء شنعاء، فأمعن
النظرة في تطبيق هذه البدعة بصورتها الأخيرة على ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله من قوله:
من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله (1) وقوله صلى الله عليه وآله: لا تسبوا عليا فإنه
ممسوس بذات الله (2) ثم ارجع البصر كرتين إلى أنه هل يباح لأي مسلم أن يجتهد بجواز
سب مولانا أمير المؤمنين تجاه نص الكتاب العزيز في تطهيره وولايته ومودته وكونه نفس
النبي الأقدس صلى الله عليه وآله، تجاه هذا النص الجلي الخاص له عليه السلام والنصوص العامة الواردة
في سباب المؤمن مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: سباب المسلم فسوق؟! (3) وهل يشك مسلم أن أمير
المؤمنين أول المسلمين وأولاهم بهم من أنفسهم وهو أميرهم وسيدهم؟!
11 -حد من حدود الله متروك
ذكر الماوردي وآخرون: إن معاوية أتى بلصوص فقطعهم حتى بقي واحد من
بينهم فقال:
يميني أمير المؤمنين أعيذها
يدي كانت الحسناء لو تم سترها
فلا خير في الدنيا وكانت حبيبة
إذا ما شمالي فارقتها يمينها
بعفوك أن تلقى نكالا يبينها
ولا تعدم الحسناء عينا يشينها
إذا ما شمالي فارقتها يمينها
إذا ما شمالي فارقتها يمينها
(1) أخرجه الحفاظ بإسناد رجاله كلهم ثقات صححه الحاكم والذهبي.
(2) حلية الأولياء 1: 68.
(3) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة والنسائي والحاكم والدارقطني وغيرهم
في الصحاح والمسانيد.