المسألة في ضوء السنّة النبوية
وهكذا يتّضح من خلال دلالات آيةالصوم أن القول بالعزيمة هو الرأي الطبيعي
في المسألة، وأن القول بالرخصة أقل ما
يقال فيه أنّه يحتاج إلى تكلّف، وأن دوران
المسألة بين القولين دوران بين رأي طبيعي
وآخر يحتاج إلى تكلّف واصطناع . هذا من
الزاوية القرآنية.وإذا جئنا إلى السنّة النبوية
وجدنا فيها طائفتين من الروايات، طائفة
تؤيّد القول بالعزيمة ، واُخرى تؤيد القول
بالرخصة، والموقف العلمي بشأنها يتم في
مرحلتين:في المرحلة الاُولى تتم دراسة
سند ودلالة كل حديث من أحاديث الطائفتين،
وفي ضوء هذه الدراسة; فإن اتّضح ما إذا كان
الصواب مع القول بالعزيمة أم مع القول
بالرخصة، وزال التعارض بين الطائفتين
بانتصار احداهما على الاُخرى، يكون
المطلوب قد تحقق. وإن لم يتحقق ذلك وظلّ
التعارض بين الطائفتين مستحكماً بين
طرفين يتمتع كل منهما بقوة سندية ودلالية
كافية انتقلنا إلى المرحلة الثانية.وفي المرحلة الثانية نعود إلى
القرآن الكريم كحَكَم له كلمة الفصل،
وكمرجع نعرض عليه ما وصلنا من أحاديث
الرسول(صلى الله عليه وآله)فنأخذ بما
وافقه منها ونترك ما خالفه منها طبقاً
للأحاديث الصحيحة الواردة عنه(صلى الله
عليه وآله) التي تأمرنا بعرض الأحاديث على
الكتاب والأخذ بما وافقه وترك ما خالفه،
والتي يعبر عنها الاُصوليون بقاعدة العرض
على الكتاب في بحوث التعادل والتراجيح.وبعد هاتين المقدمتين ننظر في
أدلة القائلين بالرخصة .