قال: فأبكت والله كل من كان، ويزيد ساكت،ثم قامت على قدميها، وأشرفت على المجلس،وشرعت في الخطبة، إظهارا لكمالات محمدصلّى الله عليه وآله، وإعلانا بأنا نصبرلرضاء الله، لا لخوف ولا دهشة، فقامت إليهزينب بنت علي وأمها فاطمة بنت رسول اللهوقالت: الحمد لله رب العالمين، والصلاة على جديسيد المرسلين، صدق الله سبحانه كذلك يقول:(ثم كان عاقبة الذين أساؤا السؤى أن كذبوابآيات الله وكانوا بها يستهزؤن) أظننت يايزيد حين أخذت علينا أقطار الأرض، وضيقتعلينا آفاق السماء، فأصبحنا لك في أسار،نساق إليك سوقا في قطار، وأنت علينا ذواقتدار أن بنا من الله هوانا وعليك منهكرامة وامتنانا، وأن ذلك لعظم خطرك،وجلالة قدرك، فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك(1) تضرب أصدريك فرحا (2) وتنقض مذرويك مرحا(3) حين رأيت الدنيا لك مستوسقة (4) والأمورلديك متسقة (5) وحين صفا لك ملكنا، وخلص لكسلطاننا، فمهلا مهلا لا تطش جهلا أنسيتقول الله عز وجل: (ولا تحسبن الذين كفرواإنما نملي لهم خيرا لأنفسهم إنما نملي لهمليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين). أمن العدل يا بن الطلقاء؟! تخديرك حرائركوإمائك، وسوقك بنات رسول الله سبايا، قدهتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدوا بهنالأعداء من بلد إلى بلد، وتستشرفهنالمناقل (6) ويتبرزن لأهل المناهل (7) ويتصفحوجوههن القريب والبعيد، والغائب والشهيد،والشريف والوضيع، والدني والرفيع ليسمعهن من رجالهن ولي، ولا من حماتهن حمي،عتوا منك على الله (8) وجحودا لرسول الله،ودفعا لما جاء به من عند الله، ولا غرو منكولا عجب من (1) نظر في عطفه: أخذه العجب. (2) الأصدران: عرقان تحت الصدغين (3) المذروان: أطراف الإليتين. (4) مستوسقة: مجتمعة. (5) متسقة: مستوية. (6) تستشرف: تنظر. (7) المناهل: مواضع شرب الماء في الطريق. (8) عتوا: عنادا.