امام محمد الجواد (ع) سیرة و تاریخ نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
(16)وينقل لنا الرواة والمؤرخون أيضاً كيف أنّ الاِمام الرضا عليه السلام كان يترقب وبشوق بالغ ، ولهفة عجلى مولد ابنه محمداً ، فلما ولد كان عليه السلام يلازم مهده ، وفي بعض الاَحيان كان يناغيه وهو في مهده طول ليلته (1)؛ بل إنّ علقته بطفله الرضيع بلغت حداً أنّه عليه السلام كان يلازم مهده لعدة ليالٍ حتى إن أحد شيعته كلمه في أن يكف عن كثرة ملازمته لمهد وليده قائلاً له : جُعلت فداك ، قد وُلد للناس أولاد قبل هذا ، فكل هذا تعوّذه ؟ لقد ظن هذا المعترض أن الاِمام أبا الحسن عليه السلام ، ولشدة حبّه لمولوده ، فإنّه يخاف عليه من عيون الحسّاد؛ لذلك فهو يعوّذه طوال هذه المدة . لكن الاِمام عليه السلام أجاب المستفهم بأن حنوّه على ولده ليس لغرض التعويذ ، بل إنّه عليه السلام يلقي إليه أمر الاِمامة وعلومها ، بقوله :« ويحك ليس هذا عوذة ، إنّما أغرّه بالعلم غرّاً » (2) ، كما كان يطعمه بنفسه ، وما كان يفارقه طويلاً ، حتى إنّه عليه السلام ليصطحبه في سفره وتنقلاته داخل المدينة وخارجها تنويهاً به عليه السلام ، وزيادة في إعظامه وإكرامه .وأما تعظيم الاِمام الرضا عليه السلام لمولوده المبارك ، فإنّه ما كان يناديه إلاّ بكنيته منذ نعومة أظفاره ، فقد تحدّث محمد بن أبي عبّاد وكان يكتب للرضا عليه السلام ، ضمه إليه الفضل بن سهل ، قال : ما كان عليه السلام يذكر محمداً ابنه إلاّ بكنيته ، ويقول : كتب إليّ أبو جعفر . . وكنت أكتب إلى أبي جعفر . . وهو صبيّ بالمدينة ، فيخاطبه بالتعظيم ، وترد كتب أبي جعفر عليه السلام في نهاية البلاغة والحُسن ، فسمعته يقول : « أبو جعفر وصيي وخليفتي في أهلي من