المستكبرون عبر التاريخ : نماذج ومصاديق - کعبة المشرفة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

کعبة المشرفة - نسخه متنی

عبدالسلام زین العابدین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

المستكبرون عبر التاريخ : نماذج ومصاديق


ثمّ تبدأ فقرات
الخطبة باستعراض المصاديق الصارخة لأولئك الذين نازعوا الله رداء العزّة
والكبرياء ، فعاشوا الاستكبار والاستعلاء ، منذ مرحلة التمهيد
للخلافة (دور جنة آدم(عليه السلام)) وهي مرحلة ما قبل هبوط آدم ، إلى
الأرض ، إلى (الناكثين) و(القاسطين) و(المارقين) الذين قاتلهم عليّ(عليه
السلام) ، وجاهدهم ودوّخهم!


المصداق الأوّل : إبليس إمام
المتعصّبين وسلف المستكبرين; لذا فإنّ خطبة القاصعة تبدأ بمصداق الاستكبار
الأوّل إبليس الذي هو أوّل من قال (أنا) ، فأسّس الأنيّة
والأنانية : {أنا خيرٌ منه خلقتني من
نار وخلقته من طين} ، لذلك أبى السجود بقوله :
{أأسجدُ لمن خلقت
طيناً} ، {أأسجد لبشر
خلقته من صلصال من حمإ مسنون} :


«ثمّ اختبر
بذلك ملائكته المقرّبين ، لتميزَ المتواضعين منهم من المستكبرين ،
فقال سبحانه وهو العالم بمضمرات القلوب ، ومحجوبات
الغيوب :


{ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِين* فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ
رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ
الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ*
إِلاَّ إِبْلِيسَ} اعترضته الحميّة فافتخر على آدم
بخلقه ، وتعصّب عليه لأصله . فعدّه الله إمام المتعصّبين ،
وسلف المستكبرين ، الذي وضع أساس العصبية ونازع الله رداء
الجبريّة ، وادّرع لباس التعزّز ، وخلع قناع التذلّل . ألا
ترون كيف صغّره الله بتكبّره ، ووضَعَه بترفّعه ، فجعله في الدنيا
مدحوراً ، وأعدَّ له في الآخرة سعيراً؟!» .


ولم يكن إبليس
شخصاً عادياً ، فله تأريخٌ عبادي طويل ، ترسمه خطبة (القاصعة)
بأبلغ وصف :


«فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذْ أحبط عمله الطويل ، وجهدهُ
الجهيد ، وكان قد عبد الله ستّة آلاف سنة ، لا يُدرى أمِنْ سِني
الدُّنيا أم من سِني الآخرة ، عن كبر ساعة واحدة» .


ثمّ يتساءل
أمير المؤمنين(عليه السلام) محذِّراً :


«فمن ذا
بعد إبليس يسلمُ على الله بمثلِ معصيته؟ كلاّ»


المصداق الثاني : قابيل


«ولا تكونوا
كالمتكبّر على ابن أمّه من غير ما فضل جعله الله فيه سوى ما ألحقت العظمة
بنفسه من عداوة الحسد ، وقدحت الحميّة في قلبه من نار الغضب ، ونفخ
الشيطان في أنفه من ريح الكبر الذي أعقبه الله به الندامة ، وألزمه آثام
القاتلين إلى يوم القيامة» .


المصداق الثالث : فرعون الطاغية


وفي سياق
التحذير من طاعة السادات والكبراء والأدعياء «الذين تكبّروا على حسبهم ،
وترفّعوا فوق نسبهم» ، والاعتبار «بما أصاب الأمم
المستكبرين . . . من بأس الله وصولاته ووقائعه ومثلاته»4 ،
يذكر الإمام(عليه السلام)مصداقاً صارخاً للطاغية المستكبر الذي ما فتئ يدقُّ
على طبل «أنا ربّكم الأعلى» و«ما علمت لكم من إله غيري» :


«ولقد دخل موسى
بن عمران ومعه أخوه هارون(عليهما السلام) على فرعون وعليهما مدارع الصوف
وبأيديهما العِصيّ فشرطا له إنْ أسلم بقاء ملكه ودوام عزّه ،
فقال : «ألا تعجبون من هذين يشرطان لي دوام العزّ وبقاء الملك وهما بما
ترون من حال الفقر والذلّ ، فهلاّ أُلقي عليهما أساوِرةٌ من ذهب»؟
إعظاماً للذهب وجمعه ، واحتقاراً للصوف ولبسه! . ولو أراد الله
لأنبيائه حيث بعثهم أنْ يفتح لهم كنوز الذِّهبان5 ،
ومعادن العِقيان6 ،
ومغارس الجنان ، وأن يحشر معهم طيور السماء ، ووحوش الأرض
لفعل ، ولو فعل لسقط البلاء7 ،
وبطل الجزاء8 ،
واضمحلّت الأنباء9 ،
ولما وجب للقابلين أجور المبتلين ، ولا استحقّ المؤمنون ثواب
المحسنين10 ،
ولا لزمت الأسماء معانيها»11 .


«ولكنّ الله
سبحانه جعل رسله أولي قوّة في عزائمهم ، وضعفة فيما ترى الأعين من
حالاتهم ، مع قناعة تملأُ القلوب والعيون غنًى ، وخصاصة تملأُ
الأبصار والأسماع أذًى» .


وفي هذا
السياق; سياق الحديث عن الابتلاء في ساحة الصراع ، وميدان المواجهة بين
المترفين والأنبياء ، وسرّ ما يعيشه الأنبياء(عليهم السلام) ، على
مرّ التاريخ ، من استضعاف ومحنة ومعاناة وخصاصة ، لأسباب ومقاصد
عديدة . . عرّج الإمام(عليه السلام)على مكّة المكرّمة والكعبة
المشرّفة كمصداق من مصاديق الاختبار والابتلاء ، من خلال طبيعة المادّة
والبناء أوّلا ، وطبيعة الموقع الجغرافي الصعب ثانياً .


/ 10