بیشترلیست موضوعات «التقوي» فيقبال «الفجور» إما سعيد و إما شقي علاقة الاخلاق بالعقيدة ماالنفس و ماالروح؟ الحكمة فيوجود الفجور التزكية طريق السعادة توضیحاتافزودن یادداشت جدید
إذا اخذنا (فَأَلْـهَمَها) بالمعني الثاني، فذلك يعني ان هذه الدوافع الفطرية موجودة فيطبيعة الانسان، أيالامور التي يري الاسلام انها تسيربالانسان نحوالفجور والتحلل. و لإدراك هذاالمعني فيالفجور يمكن الرجوع الي الآية الكريمة: أَيَحْسَبُ الإنْسانُ أنْ لَنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ، بَلي قادِرينَ عَلَي أنْ نُسَوّيَ بَنانَهُ، بَلْ يُريدُ الإنسانُ لَيَفجُرَ أَمامَهُ (سورة القيامة / 3 ـ4) و هو يجيب بنفسه راداً و يقول: كلا، هؤلاء لايقولون ان الله ليس بقادر، إذ إن من يعرف الله و يقبله، يعلم أن قدرة الله ليست محدودة، فلماذا اذن ينكرالمعاد؟ بَلي قادِرِينَ علي أنْ نُسَوّيَ بَنانَهُ نعم نحن قادرون علي إحياءالإنسان و أن نعيد حتي الخطوط فيانامله سوية كما كانت. اذن فسبب عدم قبول المعاد و إنكاره سبب نفسي. إنه لايريد أن يؤمن بذلك، لالأن عقله ينكره، بل إن عقله يعلم ذلك، و لكن ارادته لاتريده يُريدُالإِنْسانُ لَيَفْجُرَ أَمامَهُ. انه يريدان يكون حراً من دون ان تعيق حياته حدود و موانع، يريد ان يفعل ما يشاء. و هذا هوالتحلل بعينه. إن من لايلتزم فيحياته حداً و لا يضع قيداً علي سلوكه، يكون أدعي إلي إنكارالاسس العقائدية و ذلك لأن من يؤمن بيوم القيامه و الحساب لا يمكن أن يتحلل من الحدود والقيود، لأنه يعلم انه سوف يحاسب علي دقائق أعماله، و أن هناك ثواباً و عقاباً علي ذلك، و عليه فانه يكون حذراً و يراقب اعماله، و يلتزم الحدود اكثر من غيره. أما الذي لا يرغب أن يكون مقيداً ملتزماً، فإنه ينكر منذالبداية أصل الموضوع و يقول: ليس ثمة قيامة اطلاقاً.
إما سعيد و إما شقي
إن ما يلفت النظر في هذا الأمر هوأن هذه الآيات تلقي مزيداً من الضوء علي أهمية تزكية النفس و تهذيب الاخلاق. إننا فيالعادة نتصور أن مسألة تهذيب الاخلاق تأتي فيالدرجة الثانية من الاهمية، كالمستحبات تقريباً و هذا ما يتصوره المسلمون و من لهم علم بالكتاب و السنة. أما غير هؤلاء فأمرهم مختلف. إننا نحسب تزكية الاخلاق و تهذيب النفس تأتيان فيالمرتبة الثانية، أي إن الانسان بعدان يُعني بشؤون حياته و معيشته، من المستحسن أن ينشغل بالامورالاخلاقية والتزكية والتهذيب، و اما اذا لم يتح له الوقت الكافي لذلك، فان له اموراً أوجب، كما أن عليه أن يهتم بشؤون الحياة.بيدأن لهذه الآية تعبيراً عجيباً لايترك أمام الانسان غير طريقين اثنين، فهي تقول: أيهاالانسان إن هذه النفس تقع تحت ارادتك و اختيارك، و عليك ان تنتخب طريقاً من اثنين: فإما تزكيتها و إما تدسيسها، و لا ثالث لهما. فاذا انتخبت التزكية فانت ممن «قدافلح» و تلك السعادة و الفلاح. أما اذا اخترت الطريق الثاني، فانت ممن «قدخاب» فا قطع أملك من المستقبل و من الوجود، اذلاسعادة لك بهذا الاختيار.
علاقة الاخلاق بالعقيدة
اذن فتزكية النفس ليست قضية قليلة الاهمية حتي لايكون لوجودها او عدمه اهمية تذكر، بل يستفاد من هذه الآية أن «التزكية» علي رأس اهم قضايا الانسان الحياتية، و ذلك لأن العلاقة بين «الاخلاق» و «العقيدة» علاقة قوية لا تنفصم. عندما تكون «العقيدة» من اهم الاسس فيالاسلام، كذلك تكون «الاخلاق» من اهم الاسس الحياتية فيالاسلام ايضا. و الأ هم من هذين هي«العقيدة» اولاً و من ثم «الاخلاق». و لكننا اذا تمعنّا فيالأمر نلاحظ اننا اذا لم نزكّ اخلاقنا، فقد نفقد عقيدتنا ايضا.هذه حقيقة كشف القرآن عنها الحجاب. اننا لا نستطيع أن نصل الي ذلك من دون الاستعانة بالقرآن الكريم، بل قد نتصور أن هناك حاجزاً بين الاخلاق والعقيدة، إذ إن موضع العقائد هوالعقل و القلب والروح، و للاخلاق و الصفات النفسية و كما لاتها مكان آخر. أماالسلوك فظاهر علينا. فقد نقول إن هذا القسم يخص العقائد و علم الكلام، و هذا القسم الآخر يخص الاخلاق. و هناك الفقه و امثاله ونقول انها لارابط يربط بينها، و لكننا عندما نرجع الي القرآن و الروايات الواردة في تفسير آياته نجدأن بعض ضروب الخُلق و العادات و الطبائع تحول بين المرء و الإيمان.فمثلا، عندما قدم نصاري نجران للمباحثة مع الرسول(ص). بلغ الأمر بينهم الي حد المباهلة، و لكنهم امتنعوا عن المباهلة.عندئذ قال الرسول (ص) ما مفاده: ان ما منع هؤلاء من قبول الاسلام و نبذ المسيحية ليس عدم ادراكهم أحقية الاسلام، بل هو العلاقة التي تربطهم بشرب الخمور و اكل الخنازير، لأنهم اذا آمنوا بالاسلام فعليهم ان يمتنعوا عن كل ذلك. فهذه العلاقة منعتهم من الاقبال علي الايمان بالاسلام.يتبين من كلام رسول الله(ص) أن ليس ثمة حد بين الاخلاق و العقائد، أي ليس الأمر أن تحصل العقائد عن طريق العقل و الدليل و حدهما، و تبقي الاخلاق خاصة بالملكات النفسية فحسب، بل إن هناك تعاملا بينهما، فالخلق الحسن يمكن ان يكون ارضية صالحة لقبول الايمان، مثلما كان بعض الناس يؤمن بمجرد رؤية امارات الصدق علي رسول الله (ص)، و هذا لحسن اخلاقهم و حميد صفاتهم. يقول القرآن فيما يتعلق بالمسحيين الذين كانوا يسرعون الي الايمان: لَتَجِدَنّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ قالُوا إنّا نَصاري ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قسيسينَ وَ رُهْباناً وَأَنَّهُمْ لايَسْتَكْبِرُونَ. وَ إذا سَمِعُوا ما أُ نزِلَ إلي الرَّسُولِ تَري أعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمعِ مِمّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ. (سورة المائدة / 82 ـ 83) هكذا القرآن يثني عليهم.