وقد تثير الام الحديثة العهد بالولادة سؤالاً حول إمكانية توزيع الإهتمام على كل الأبناء في وقت يأخذ الرضيع كل اهتمام الأم ووقتها نحن ننصح مثل هذه الأم التي حين تهتم برضيعها ، يقف الاكبر ينظر متالماً من الزائر الجديد الذي عزله عن والديه .. أن تعالج الموضوع كما يلي :1 ـ إشعار الطفل بأنّه كبير :إنّ الام وهي ترضع صغيرها بإمكانها أن تتحدث مع الكبير قائلة : كم اتمنى أن يكبر أخوك ويصبح مثلك يأكل وحده وله أسنان يمضغ بها ويمشي مثلك و.. و.. حتى أرتاح من رضاعته وتغييّر فوطته، ولكنه مسكين لا يتمكن من تناول الطعام او السيطرة على معدته .وتقول لطفلها الاكبر حين يبكي الرضيع وتهرع إليه : نعم جئنا اليك فلا داعي للبكاء .. إن أخاك سوف يعلمك أن تقول اني جوعان بدل الصراخ والضجيج. وبهذه الكلمات وغيرها من التصرفات يمكن اشعاره بأنّه كبير. والصغير يحتاج الى هذه الرعاية.2 ـ لا تقولي له لا تفعل :وحتى نجنبه الغيرة من الرضيع يحسن بالأم ان لا تقول للطفل الكبير لاتبك مثل أخيك الصغير.. أو لا تجلس في حضني مثل الصغار .. أو لا تشرب من زجاجة الحليب العائدة لأخيك الصغير.3 ـ إعطاؤه جملة من الإمتيازات :لابدّ من إشعار الطفل بأنّه كبير وإنّ الإهتمام بالصغير لعجزه وعدم مقدرته إضافة الى اعطائه جملة من الامتيازات لأنّه كبير .. فلا يصح الاهتمام بالوليد دون أن يحصل هو على امتيازات الكبار.. ولا بدّ من الحرص على إعطائه بعض الاشياء لأنّه كبير، مثل أن تخصّـيه بقطعة من الحلوى مع القول له : هذه لك لأنّك كبير، ولا تعطيها لأخيك لأنّه صغير .. وهذه اللعبة الجميلة لك لأنّك كبير، أمّا هذه الصغيرة فهي للصغير .. وكذلك يجب الحذر من إعطائه لعبة بعنوان انّها هدية له من أخيه الوليد .. لأنّ هذا التصرّف يوحي له بالعجز عن تقديم هدية لأخيه مثلما فعل الاصغر منه .. وتزيد غيرته منه.4 ـ إرفضي إيذاءه واقبلي مشاعره :لابدّ ان تمنعي بحزم محاولة الطفل الكبير إيذاء أخيه الصغير بأن يرفع يده ليهوى بها عليه .. بأن تمسكي يديه أو الحاجة التي يحملها لضربه .. ومع ذلك إمسكيه واحضنيه بعطف واحمليه بعيداً عن أخيه .. لأنّ الطفل بالحقيقة لا يريد إيذاء اخيه، ولكن سوء تعامل الوالدين واهتمامهم بالرضيع دونه دفعه الى هذا الفعل .. لذا ينبغي على الام ان تمنع الاذى وتقبل مشاعره الغاضبة عنده لأنه لا يملك القدرة على التحكم بها .5 ـ الشجار بين الأخوة :أمّا الخصام بين الاخوة .. فيمكن علاجه كالتالي :يجدر بالوالدين عدم التدخل في الخلافات بين الابناء ... مادام التدخل لا فائدة مرجوّة منه بسبب الغيرة التي هي وقود النزاع بين الاخوة والتي تحتاج الى علاج كما أسلفنا.. هذا إن كانت الخلافات لا تتعدى الإيذاء الشديد بأن يكسر أحدهما يد الآخر .. أو يكون أحدهما ضعيفاً يتعرض للضرب الشديد دون مقاومة... إنّ الأفضل في مثل هذه الحالة إيقاف النزاع .. ولو إن عدم تدخل الوالدين تنهي الخلاف بشكل أسرع ، ولكن لعل نفاد صبر الوالدين يجعلهم يتدخلون في النزاع ، وهنا يجدر بهم ان لا يستمعوا الى أي احد من أطراف النزاع .. ولا الوقوف مع المظلوم او العطف عليه.. لأنّ الاستماع وابداء الرأي وابراز العواطف لاحد دون آخر يزيد في الغيرة التي تدفعهم الى العراك .. كما يجدر بالوالدين عدم إجبار طفلهم الذي انفرد باللعب ان يشارك اخوته الذين يريدون اللعب معه او بلعبته .. إنّ إجباره يولّد حالة الشجار فيما بينهم أيضاً.
السلوك الحسن لدى الطفل
كلُّ أم تطمح في أن يكون طفلها ذا سلوك حسن مع أفراد أسرته وجيرانه وأقربائه.. وتشعر بالخجل فيما لو أساء التصرف بكلمة بذيئة او مشينة.. إضافة الى ان الطفل السيّ السلوك يكون منبوذاً محتقراً لدى الآخرين، مما يؤدي الى تعاسة الطفل وشقائه.. لذا كان من الضروري ان يتحلى اطفالنا بالسلوك المهذب.. أما كيف نخطو نحو السلوك المهذَّب؟إنّ السلوك المهذب لدى الطفل في مرحلته الاولى أمر يأتي بطبيعته تماماً كما أنه بطبيعته يمشي على قدميه دون يديه.. ولكن نحتاج معه الى أمرين :الأول ـ التعليم والإرشاد :
إنّ الطفل في المرحلة الاولى من عمره يحتاج الى تعليمه الآداب والأسس التي يتعامل بها مع الآخرين كباراً وصغاراً.. وعلى تعليم هذه المرحلة من العمر تقوم أخلاقه في المرحلة الثانية.. ولذا جاء في الحديث الشريف عن الصادق (ع) : (دع إبنك يعلب سبع سنين ويؤدب سبعاً ).وقد يهمل بعض الآباء ضرورة تعليم وإرشاد أبنائهم في السبع سنوات الاولى من عمرهم بحجة انشغالهم بأمور أخرى مهمة لطلب الدين او الدنيا.. فيأتي التوجيه من المربي الاسلامي للآباء :عن النبي (ص) انه قال : (لئن يؤدب أحدكم ولداً خيرٌ له من أن يتصدق بنصف صاع كل يوم ( بحار الانوار : ج 101 باب فضل الاولاد.ومع تأديب الطفل وتعليمه السلوك في المرحلة الاولى من عمره لا يحتاج الى وقت بقدر ما يحتاج الى وعي ومراقبة لسلوك الطفل والتدخل في الوقت المناسب مع مراعاة الشروط اللازمة، وهي :1 ـ ممارسة الوالدين للآداب :إنّ تعليم الطفل في المرحلة الاولى من عمره آداب السلوك لا يأتي عن طريق إلقاء المحاضرات عليه وطرق أسماعه بجملة من النصائح بقدر ما يأتي عن طريق التزام الوالدين بالسلوك.. ولا يمكن لأيِّ فرد صغيراً او كبيراً ان يلتزم بنصيحة المربي قبل ان يلزم نفسه بها.. ولذا نلحظ رسول الرحمة محمداً (ص) يرفض طلب ام في نصيحة ابنها بعدم تناوله للتمر بسبب تناوله (ص) للتمر في ذلك اليوم، وطلب منها ان تأتيه يوم غد حتى يمتنع صلوات الله عن تناول التمر ليمكنه نصيحة الطفل.نعم إنّ من الصعب جداً ان تطلب الام من طفلها أن يعير لعبته الى ضيفه الزائر ليلهو بها بعض الوقت.. ويجدها تمتنع من الاستجابة لطلب الجيران لماكنة فرم اللحم.. إنّ الطفل يتعلم من تصرف أمه هذا، إنّه ينبغي الحرص على ما يملك ولذا تصرّف، وكما تعلّم من والديه، بهذا الشكل مع الآخرين.. وهكذا ايضاً حين يدخل على ابيه مع ضيوفه ولا يؤدي التحية لهم.. فيطلب الاب منه باصرار ان يسلم، في وقت يجد الطفل اباه لايؤدي التحية حين دخوله البيت... ومن هنا اكدت التربية الاسلامية على ضرورة الالتزام بما يريدون من الابناء والقرآن الكريم يوجهنا الى هذه الحقيقة
﴿ كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون ﴾ (الصف : 3).2 ـ تعليم الطفل دون غضب وتوتّر :
قلنا سابقاً ان الوالدين عليهما تعليم أولادهما أدب السلوك حتى يلتزموا به.. لأنّ الكائن البشري قابل للتعلم بخلاف الحيوان : ﴿ علّم الانسان ما لم يعلم ﴾ (العلق : 5 ). فالإنسان لا يمكنه النطق والتكلم بدون تعليم ولو ترك وحيداً لما تعلم الكلام واللغة.. أما الحيوان فيعجز عن النطق حتى مع التدريب والتعليم.. وكذلك لو تركنا صغير الإنسان في غرفة مع صغير الحيوان ووضعنا بجانبهما ناراً تشتعل.. نلحظ أنّ الصغير يتوجه اليها متصوراً إنّها لعبة جميلة، ويحذرها صغير الحيوان لإدراكه بالفطرة.. أما الانسان فيدركها من خلال التعلم والتجربة.ومن هنا كانت مسؤولية الآباء تعليم اطفالهم شريطة ان يكون بدون غضب وتوتّر.. فكما انّ الأم ترفض من زوجها قوله لها غاضباً حانقاً : كان يجب ان تقومي بزيارة للجيران.. كذلك الطفل يرفض التعلم مع الغضب والتوتر.. فلا يصح أن تقولي له وانت غاضبة : من المفروض ان تحافظ على ملابسك من الاتساخ، والاولى ان تقولي له بهدوء : كم هو جميل ان نحافظ على ملابسنا من الاتساخ.. إن الطريقة الاولى تجعل الطفل معانداً للتعلم والعمل، بعكس الثانية التي توصلنا وبسرعة الى الهدف المطلوب.