الحق من دون أن نشعر بأنها عين الباطل.
وجود المنافقين قبل موت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
ما ذكرنا من النصوص كانت متعرضة لحال الصحابة بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم). وأمّا حالهم في حياته، فلا شبهة في وجود منافقين كثيرين فيما بين أصحابه، ولا عِلْمَ لجميع الصحابة بهؤلاء المنافقين، بل قال الله تبارك وتعالى: ( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لاَْ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ )(1) .
قال فخر الدين الرازي: والمعنى أنهم تمردوا في حرفة النفاق فصاروا فيها أستاذين، وبلغوا إلى حيث لا تعلم أنت نفاقهم مع قوة خاطرك وصفاء حدسك و نفسك.
ونقل أبو حيان الاندلسي في البحر قريباً من كلامه عن الزمخشري(2) .
ولا يخفى أنّه إذا كان حال المنافقين مجهولاً بهذا الشكل في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فسيكون مجهولاً ومخفياً على التابعين بطريق أولى، وهم يحسبونهم من الصحابة وأهل السبق والفضل عليهم، ويروون عنهم الاخبار
1 ـ سورة التوبة: 101.
2 ـ مفاتيح الغيب: 16 / 173، البحر المحيط: 5 / 496.