وإن كان المراد أنّهم يدعون الله عزوجلّ لقضاء الحاجات،
ويدعون أولياءه ليكونوا شفعاء لديه سبحانه، فاختلفت جهتا الدعوة،
فهذا حقّ وصدق، ولا مانع منع أصلاً.
بل الوهّابيّة ما قدروا الله حقّ قدره إذ قالوا: لا ضرورة في
استنجاح الحاجة عنده إلى شفيع! ولا حسن في ذلك، ويرون ذلك أمراً
مرغوباً مطلوباً بالنسبة إلى غيره سبحانه!
فإذا كان لهم حاجة إلى الناس، يتوسّلون في نجاحها إلى
المقرّبين لديهم، ولا يرون في ذلك بأساً!
فما بال الله عزّ وجلّ يقصر به عمّا يصنع بعباده؟!
الجهة الثانية:
إضافة الدعوة إلى الضرائح
والحال أنّهم لا يدعون الضريح للشفاعة، بل يدعون صاحبالضريح؛ لأنّه ذو مكان مكين عندالله وإن كان متوفّىً (ولا تحسبن
الّذين قتلوا في سبيل الله امواتاً بل أحياءٌ عند ربّهم يُرزقون * فرحين
بما آتيهُمُ الله....)(72) .
وبالجملة:
فالتوسّل وطلب الشفاعة من أولياء الله أمر مرغوب فيه عقلاً
وشرعاً، وقد جرت سيرة المسلمين عليه قديماً وحديثاً.
* فعن أنس بن مالك، أنّه قال: «جاء رجل إلى رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، هلكت المواشي وتقطّعت
(72) سورة آل عمران 3: 169 و 170.